غضب يمني اثر تصفية قاضٍ رفيع واغتيال نائب سابق

القاضي محمد حمران (تويتر)
القاضي محمد حمران (تويتر)
TT

غضب يمني اثر تصفية قاضٍ رفيع واغتيال نائب سابق

القاضي محمد حمران (تويتر)
القاضي محمد حمران (تويتر)

لم يكد سكان صنعاء وغيرها من المناطق اليمنية يستوعبون الصدمة جراء اختطاف وتصفية قاض رفيع في المحكمة العليا الخاضعة للميليشيات الحوثية، حتى فوجئوا الخميس باغتيال نائب سابق في البرلمان وقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وسط اتهامات لقادة حوثيين بالوقوف وراء الحادثين.
الأوساط اليمنية ولا سيما الناشطين والقضاة تابعوا منذ الثلاثاء الماضي حادثة اختطاف القاضي محمد حمران من سيارته في صنعاء واقتياده إلى مكان مجهول من قبل عصابة يرجح أنها على صلة بقادة حوثيين، قبل أن يقوم الخاطفون بتصفيته عبر إطلاق وابل من الرصاص على رأسه.
كما تلقى الشارع اليمني إثر ذلك بساعات نبأ مقتل النائب السابق في البرلمان والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي العام» عبد الله الكبسي برصاص مسلحين أطلقوا عليه النار أمام منزله في حي الحصبة شمال العاصمة صنعاء، وسط مؤشرات أولية على تورط قادة حوثيين في عملية التصفية.
وفي أول رد رسمي على اختطاف وتصفية القاضي حمران، استنكر وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني، بأشد العبارات هذه الجريمة متهما من وصفها بـ«عصابة مسلحة تابعة لأحد قيادات ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران» بالوقوف خلف عملية التصفية بعد أن اختطفته من أمام منزله في العاصمة صنعاء.
وقال الإرياني في تصريح رسمي «هذه الجريمة النكراء جاءت بعد عملية تحريض ممنهج ضد القاضي حمران من وسائل إعلام تابعة للميليشيات، وسلسلة هجمات استهدفت عددا من القضاة، حيث تعرض القاضي شمس الدين المليكي رئيس محكمة الحشا للاختطاف والإخفاء القسري، كما تم تهديد وحصار رئيس محكمة جنوب غربي الأمانة عبد الله الجابري».
وأضاف الوزير اليمني أن هذه الحوادث جاءت امتدادا «لمسلسل الاستهداف الممنهج للجهاز القضائي وكوادره التي لا تنفذ توجيهات الميليشيا الحوثية حرفيا، ومساعيها لإحكام سيطرتها على القضاء واستخدامه أداة للتغطية على جرائمها وشرعنة ممارساتها من نهب للأراضي والعقارات، وتصفية حساباتها السياسية».
وطالب الإرياني المجتمع الدولي بممارسة ضغوط حقيقية على قيادات ميليشيا الحوثي «لوقف استهدافها الممنهج للجهاز القضائي، ومحاولاتها الاستحواذ عليه، وعدم استخدام القضاء أداة لتبييض جرائمها وانتهاكاتها، وتصفية حساباتها السياسية مع معارضيها».
وأفادت مصادر محلية في صنعاء بأن القاضي محمد حمران الذي ينتمي إلى محافظة إب (190 كيلومترا جنوب صنعاء) خطف على يد مسلحين يستقلون سيارتين مساء الثلاثاء الماضي قبل أن يقوموا بتصفيته بالرصاص، وسط تهاون الأجهزة الأمنية الحوثية مع الحادث.
وأحدثت تصفية القاضي حمران غضبا واسعا في أوساط اليمنيين بمن فيهم الناشطون والسياسيون والقضاة، حيث تشير أصابع الاتهام إلى ابن عم زعيم الجماعة محمد علي الحوثي الذي كان نصب نفسه مشرفا على كافة أجهزة المنظومة العدلية في مناطق سيطرة الميليشيات، وتبنى حملة لاستهداف وفصل ومعاقبة كافة القضاة والمحامين وأعضاء النيابة العامة الذين لا يطيعون أوامره.
في غضون ذلك أفادت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» بأن القضاة في صنعاء أعلنوا إضرابهم حتى تحقيق العدالة للقاضي حمران، خاصةً بعدما حاولت الميليشيات الحوثية دفن القضية عبر إعلانها عن إلقاء القبض على خاطفيه وقتلته وتقديمهم للعدالة، بحسب ما زعمته أجهزتها الأمنية.
غداة حادثة الخطف، أصدر نادي القضاة اليمنيين في صنعاء بيان إدانة، وأوضح أنه اختطف من أمام منزله حال عودته من صلاة العشاء وتم ضربه بأعقاب البنادق واقتياده إلى جهة مجهولة. وأشار البيان إلى ما حدث من وقائع اعتداء وتعدٍ على القاضي شمس الدين المليكي رئيس محكمة الحشا من قبل إدارة أمن مدينة «القاعدة» جنوب إب وواقعة تهديد القاضي عبد الله الجابري.
وفي سياق آخر، لم تتضح بعد دوافع اغتيال النائب السابق في البرلمان عبد الله الكبسي، لكن مصادر حزبية في صنعاء قالت إن قادة الميليشيات الحوثية يسعون إلى تصفية كل المعارضين لهم، أو الذين يرفضون تنفيذ أجندة الأجنحة المتصارعة داخل الجماعة الحوثية.
وخلال الأشهر الماضية كثف محمد الحوثي ابن عم زعيم الجماعة المدعومة من إيران تحركاته لإحكام القبضة على كافة الأجهزة القضائية وأنشأ ما يسميها «المنظومة العدلية» برئاسته بغرض السيطرة على القضاء وتسخيره للاستيلاء على الأراضي والعقارات وأموال المعارضين، إلى جانب سعيه لإقصاء القضاة الذين لا يوالون الجماعة الانقلابية.
ويرى ناشطون يمنيون أن هذه الحوادث لا تشير فقط إلى إصرار الأجنحة الحوثية القادمة من صنعاء على الاستحواذ على كافة المناصب والأموال والنفوذ، وإنما تشير إلى سعيها أيضاً إلى التخلص من المناصرين لها في أقرب فرصة يتم الاصطدام معهم لأي سبب كان.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.