صنعاء: حزمة قرارات لاستكمال «حوثنة» قطاع الأمن العام

يمنيان يسيران بشارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)
يمنيان يسيران بشارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)
TT

صنعاء: حزمة قرارات لاستكمال «حوثنة» قطاع الأمن العام

يمنيان يسيران بشارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)
يمنيان يسيران بشارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)

كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن قيام القادة الأمنيين للميليشيات الحوثية هذا الأسبوع بإقرار حزمة جديدة من إجراءات الفصل التعسفي من الوظيفة بحق من تبقى من الضباط والجنود المنتسبين لقطاع الأمن العام غير الموالين؛ تنفيذا لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
يأتي ذلك في وقت لا يزال فيه سكان العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى يشكون من فوضى عارمة، وانفلات أمني يرافقه ارتفاع ملحوظ بنسبة الجريمة بشتى أشكالها تحت مرأى ومسمع من سلطات الانقلاب.
وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن أن قادة الانقلاب عقدوا لقاءً موسعاً في صنعاء ضم مديري أمن محافظات ومشرفين إضافة لرؤساء أقسام ووحدات أمنية بمناطق سيطرتهم هدفه اتخاذ إجراءات لتسريح من تبقى من الموظفين في قطاع الأمن العام.
وقال مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة في صنعاء إن «اللقاء أفضت مخرجاته إلى الاتفاق على تسريح بقية المشكوك في ولائهم من عناصر الأمن الرسميين، وإحلال موالين بناء على تعليمات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي».
ويأتي تكرار الاستهداف الحوثي لعناصر الشرطة وقطاع الأمن العام في سياق ما تمارسه الجماعة، منذ انقلابها، من أعمال عدائية وانتقامية بحق الآلاف من منتسبي هذا القطاع، شملت الإقصاء والفصل الوظيفي والملاحقة والاختطاف والإجبار بالقوة على حضور وتلقي دورات طائفية.
وتواصل الميليشيات منذ فترات ماضية، وضمن استكمال مخطط «الحوثنة»، تخريج عشرات الدفع الأمنية من أكاديميات ومعاهد شرطة في صنعاء ومدن يمنية أخرى تحت سيطرتها، أغلبهم ينتمون إلى مناطق معينة بمحافظة عمران ومن صعدة (المعقل الرئيسي للميليشيات).
وربطت المصادر بين توجه الانقلابيين الحالي وبين قرار سابق كانت قد فشلت الجماعة في تنفيذه بمنتصف أغسطس (آب) من العام الماضي، كان قضى وقتها بتسريح آلاف الضباط والجنود الأمنيين من وظائفهم لعدم إقرارهم بالولاء والطاعة للميليشيات.
وكانت مصادر أمنية في صنعاء أفادت بوقت سابق بأن المئات من ضباط وجنود الأمن أرغموا الميليشيات على التراجع عن قرار كانت اتخذته ويقضي بتسريحهم من وظائفهم، على خلفية الشك في ولائهم، واتهامهم بالانتماء إلى حزب «المؤتمر الشعبي».
وأفصحت المصادر عن تلقي رئيس مجلس حكم الانقلاب، مهدي المشاط، حينها رسالة احتجاج مرفقة بتوقيعات 1500 ضابط أمني توعدوا فيها بعدم الصمت إزاء قرار تسريحهم التعسفي، مهددين فيها باستقطاب المئات من الجنود والضباط الآخرين لتنفيذ اعتصامات تشمل جميع المدن الخاضعة للميليشيات.
المصادر ذاتها أفادت بأن القيادي الحوثي المشاط رضخ لمطالب الضباط الأمنيين بعد اتصالات ومشاورات عدة أجراها مع زعيم الانقلابيين وقيادات ميليشياوية أخرى.
كما سبق للجماعة أن اتخذت قرارا قضى وقتها بتسريح 3 آلاف ضابط من جهازي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) ومديري إدارات ورؤساء أقسام أمنية وإحلال عناصر موالين للجماعة تم إعدادهم لإحكام القبضة على جميع مفاصل الأجهزة الأمنية.
ومع استمرار انشغال قادة الانقلاب بـ«حوثنة» ما تبقى من مفاصل ومرافق وإدارات الأمن بغية استمرار فرض هيمنة الجماعة على حياة ورقاب اليمنيين، يشكو السكان من تدهور الأوضاع الأمنية وتصاعد جرائم القتل والاعتداء وتجارة المخدرات وغيرها.
وتشهد مناطق سيطرة الجماعة بشكل دائم جرائم قتل واختطاف وترويع واعتداء ونهب ممتلكات، وتغيب أجهزة الأمن غالباً عن أداء دورها في ملاحقة المجرمين أو ضبطهم، إما بسبب أن مرتكبي هذه الجرائم هم أفراد ومجاميع ينتسبون إلى الميليشيا الحوثية، أو بسبب أنهم نافذون ولديهم علاقات تبادل منافع مع قيادات حوثية.


مقالات ذات صلة

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن (تصوير بشير صالح) play-circle 01:15

خاص الصين تدعم الشرعية وتتحدث مع الحوثيين وترفض هجماتهم البحرية

أكد شاو تشنغ، القائم بأعمال السفير الصيني لدى اليمن، في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» أن لدى الصين تواصلاً مع جماعة الحوثيين، ودعا لوقف الهجمات البحرية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسراً (الشرق الأوسط)

مسؤول يمني يتهم الحوثيين بعرقلة صفقة تبادل الأسرى في مشاورات مسقط

اتهم مصدر يمني مسؤول الحوثيين بإفشال جولة التفاوض حول تبادل الأسرى التي أسدل ستارها، السبت، من دون التوصل لاتفاق بين الطرفين.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

محاولات إخماد الحريق مستمرة في ميناء الحديدة بعد الضربات الإسرائيلية

حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)
حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)
TT

محاولات إخماد الحريق مستمرة في ميناء الحديدة بعد الضربات الإسرائيلية

حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)
حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)

يواصل عناصر الإطفاء محاولاتهم لإخماد النيران التي اندلعت في ميناء الحديدة اليمني الذي يسيطر عليه الحوثيون، بعد ساعات من ضربات إسرائيلية تسببت باندلاع حريق هائل يوم السبت وأسفرت عن قتلى وجرحى بحسب وسائل إعلام حوثية.

وقال موظف في الميناء لم يشأ كشف هويته إن الحريق يتواصل في مستودعات الوقود ومحطة إنتاج الكهرباء، لافتاً إلى أن احتواء الحريق يتطلب أياماً عدة؛ الأمر الذي أكده أيضاً الخبراء في شؤون اليمن، كون فرق الإطفاء تفتقر إلى المعدات اللازمة.

حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)

يشكل الميناء الاستراتيجي الذي يقع غرب اليمن نقطة دخول رئيسية للوقود والمساعدات الإنسانية، والضربات هي الأولى التي تتبناها إسرائيل منذ عمليات «السابع من أكتوبر» في البلد الذي يبعد عن أراضيها نحو 1800 كيلومتر، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتوعَّد المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع بـ«رد هائل على العدوان» الإسرائيلي.

وأعلن المتحدث أن الحوثيين أطلقوا صواريخ باليستية تجاه مدينة إيلات الإسرائيلية على البحر الأحمر، فيما أفاد الجيش الإسرائيلي الأحد بأنه اعترض صاروخاً آتياً من اليمن و«كان يقترب من إسرائيل».

وكانت مقاتلات إسرائيلية أغارت، السبت، على أهداف للحوثيين في ميناء مدينة الحديدة اليمنية غداة تبني جماعة الحوثي هجوماً بمسيرة مفخخة أوقع قتيلاً في تل أبيب.

وفي منشور على منصة «إكس»، أعلنت وكالة «سبأ» بنسختها الحوثية نقلاً عن وزارة الصحة التابعة للحوثيين سقوط 3 قتلى، ولاحقا نقلت وكالات أنباء عن مصادر طبية ارتفاع الحصيلة إلى 6 قتلى.

وتوعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بعمليات أخرى ضد الحوثيين «إذا تجرأوا على مهاجمتنا».

والأحد، غطَّت سحابة كثيفة من الدخان الأسود أجواء الحديدة، وفق مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان.

وأدان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية بأشد العبارات الهجوم، وعده انتهاكاً لسيادة الأراضي اليمنية، ومخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية. وحمّل المصدر، في بيان، إسرائيل المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء الغارات الجوية، بما في ذلك تعميق الأزمة الإنسانية التي فاقمتها جماعة الحوثي بهجماتها الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، فضلاً عن تقوية موقف الجماعة المتمردة المدعومة من إيران، وسردياتها الدعائية المضللة.

وأثارت الضربات والتهديدات اللاحقة التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون، وإعلان الحوثيين استمرار الهجمات مخاوف اليمنيين من تكرار سيناريو الدمار الذي أحدثته في قطاع غزة داخل بلدهم.