غموض وانقسام سياسي في لبنان مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد

TT

غموض وانقسام سياسي في لبنان مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد

دخل لبنان يوم أمس الخميس في الأول من سبتمبر (أيلول)، المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية والتي تمتد حتى نهاية شهر أكتوبر المقبل، موعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون. ويأتي هذا الاستحقاق في ظل غموض وإرباك يحيطان بالوضع السياسي الداخلي والخارجي ما يحول دون تأليف الحكومة التي يفترض أن تنتقل إليها صلاحيات الرئيس في حال الفراغ، وهو ما قد ينسحب على الانتخابات الرئاسية التي لا تشير المعطيات حتى الساعة إلى اتفاق حول هوية المرشح.
وبانتظار دعوة رئيس البرلمان إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، يؤكد رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الخبير القانوني الدكتور بول مرقص، أنه «يجب على رئيس البرلمان أن يدعو سريعا لجلسة للانتخاب ودون حاجة إلى استنفاد مهلة الشهرين المتبقية من أجل انتخاب رئيس»، مؤكدا في الوقت عينه أنه «ليس ما يمنع أن يمرر بري أيضاً جلسة تشريعية إذا كان ثمة قوانين إصلاحية ضرورية بحاجة لإقرارها»، موضحا «الأمور لا تحتمل التأجيل بسبب التعطيل الذي يلحق بالمرافق الدستورية في لبنان لا سيما مع استمرار عرقلة تأليف الحكومة وبالتالي يجب عدم استنفاد هذه المهل بسبب المعوقات التقليدية المعروفة».
وعن أهمية الدعوة إذا لم يكن هناك اتفاق على الرئيس وبالتالي تعطيل الجلسات بحجة تأمين النصاب كما العادة في لبنان، يقول مرقص «الدعوة لعقد الجلسة يجب أن تحصل بصرف النظر عن رغبة النواب بتسهيل الانتخاب أو عدمه على أن تكون أيضاً متتالية دون انقطاع لأيام عدة كما حصل إبان الشغور الرئاسي الأخير»، مشددا في الوقت عينه على أن «الأهم هو فتح دورات لمجلس النواب وليس جلسات، أي عدم البقاء في الدورة الأولى عينها كحجة للقول بأن أكثرية الثلثين لم تتوفر، بحسب ما ينص الدستور في الدورة الأولى، وإلا لماذا نصت المادة 49 على أن النصاب يتأمن بحضور الأكثرية العادية في الدورات التي تلي الأولى».
في غضون ذلك، وفيما تحاول الأحزاب والقوى المعارضة توحيد موقفها تجاه هذا الاستحقاق، تعلن كتلة «نواب قوى التغيير» في مؤتمر صحافي يوم غد السبت ما أسمتها «المبادرة الرئاسية الإنقاذية»، فيما لم يكشف «حزب الله» حتى الساعة عن مرشحه وإن كانت المعلومات تشير إلى إمكانية دعمه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية في موازاة المعارك السياسية التي يخوضها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي يعتبر بدوره مرشحا للرئاسة وإن لم يعلن ذلك رسميا.
وكان حليف «حزب الله» رئيس البرلمان نبيه بري شن يوم أول من أمس، هجوما على باسيل من دون أن يسميه. وقال «سنقترع للشخصية المؤمنة بوحدة لبنان وعروبته التي يجتمع عندها كل اللبنانيين... للشخصية التي تجمع ولا تطرح ولا تقسم وللشخصية التي توحد ولا تفرق»، وانتقد ما قال إنه محاولة البعض «تصوير أن نهاية الفترة الدستورية لأي سلطة هي نهاية للبنان ووضعه على شفير خطر وجودي في حين أن الطبيعي هو أن تكون الاستحقاقات محطة أمل للبنان يعكس من خلالها الجميع الحيوية السياسية لإعادة إنتاج سلطاته وتطويرها بما يتلاءم مع التحديات». وأكد أنه «ليس مشروعا الاستسلام لبعض الإرادات الخبيثة التي تعمل بجهد حثيث ومضنٍ لإسقاط البلد ومؤسساته في دوامة الفراغ».
في المقابل تحدث النائب في كتلة حزب «القوات اللبنانية» زياد حواط عن الاستحقاق الرئاسي قائلا «معركتنا اليوم إيصال رئيس جديد للجمهورية يشبه شهداءنا، وأكد أن «القوات» منفتحة على كل القوى التي تشبهنا لإيصال هكذا رئيس، والمطلوب من كل النواب والتيارات السياسية أن يكونوا على قدر أوجاع وآمال اللبنانيين».
وأضاف في حديث إذاعي «رئيس الجمهورية ميشال عون دخل بعبدا بجوانح إيرانية وسلم البلد وسياسته الخارجية لحزب الله»، سائلاً «كيف نعود إلى الشرعية العربية والدولية وما زلنا متمسكين بسلاح حزبي مرتبط مباشرة بولاية الفقيه ويتباهى بأنه يتقاضى أجراً من إيران وأن سلاحه من إيران؟».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تحييد «حزب الله» لا تدميره... كيف ترى واشنطن الحرب في لبنان؟

صورة للأمين العام لـ«حزب الله» في موقع غارة إسرائيلية على سكسكية قرب صيدا (أ.ف.ب)
صورة للأمين العام لـ«حزب الله» في موقع غارة إسرائيلية على سكسكية قرب صيدا (أ.ف.ب)
TT

تحييد «حزب الله» لا تدميره... كيف ترى واشنطن الحرب في لبنان؟

صورة للأمين العام لـ«حزب الله» في موقع غارة إسرائيلية على سكسكية قرب صيدا (أ.ف.ب)
صورة للأمين العام لـ«حزب الله» في موقع غارة إسرائيلية على سكسكية قرب صيدا (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من بدء جولة التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد «حزب الله»، يرى مسؤولون أميركيون سابقون وخبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن هدف تل أبيب «تحييد» الحزب، وليس تدميره.

ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، يرى أن الهدف الأساسي لتحرك إسرائيل الأخير هو تمكين نحو 70 ألفاً من مواطنيها من العودة إلى منازلهم في الشمال، بعدما فروا منها تحت وطأة ضربات «حزب الله» منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوات هدفها «تحييد التهديد... وليس احتلال الأراضي اللبنانية مرة أخرى، بل ضمان أن قوات (حزب الله) لم تعد في وضع يسمح لها بمحاولة غزو إسرائيل والاستيلاء على أراضٍ واحتجاز رهائن»، كما فعلت حركة «حماس» في غلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

وأشار شنكر إلى أن «هذا على وجه التحديد ما حاول فعله المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين الذي اقترح أيضاً ترسيم النقاط الحدودية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان، وإنهاء التحليق الإسرائيلي فوق لبنان». لكنه رأى أن «(حزب الله) ليس مهتماً في الوقت الحاضر بالتوصل إلى تفاهم يؤدي إلى وقف التصعيد».

إضعاف عسكري... وتمكين سياسي

وأضاف أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة «كان لها بالفعل تأثير عميق على (حزب الله)، فقد تم القضاء على صفوف القيادة العليا للتنظيم، ومقتل أكثر من 500 مقاتل».

وحين سُئل عن الضحايا المدنيين، أجاب شنكر بأن «الحزب وضع ترسانته بين جمهوره، ولهذا قُتل العديد من اللبنانيين الأبرياء بشكل مأساوي، إما بسبب الضربات الإسرائيلية أو الانفجارات الثانوية للذخائر المنتشرة في المناطق المدنية».

انفجارات عقب غارة إسرائيلية على جبل الريحان جنوب لبنان (أ.ف.ب)

غير أنه أشار إلى أنه «عندما تنتهي هذه الجولة من القتال، سيكون هناك ضرر جسيم لإسرائيل وحزب الله ولبنان. ورغم الدمار في لبنان، فلا شك أن نصر الله سيعلن مرة أخرى - وبشكل مثير للضحك - النصر الإلهي. لكن تنظيمه سيتضاءل إلى حد كبير» على المستوى العسكري.

لكن على المستوى السياسي، يعتقد شنكر بأن «(حزب الله) سيستمر، وبدعم من إيران، في الهيمنة والسيطرة على لبنان. فالانتكاسات التي منيت بها (حماس) و(حزب الله) هذا العام، وهما من القوى الوكيلة الرئيسية لإيران، تمثل تطوراً غير مسبوق لطهران. ومن المؤسف أن هذه المنظمات جلبت على طول الطريق معاناة غير ضرورية وغير مسبوقة لجمهورها».

فرض تنفيذ القرار 1701

من ناحيته يقول مايكل روبن، من معهد «اميركان إنتربرايز» في واشنطن، إن إسرائيل تريد بعملياتها الأخيرة فرض تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي اعتمد بعد حرب 2006 بين إسرائيل والحزب، ودعا إلى منطقة خالية من سلاح الحزب ومقاتليه بين خط الحدود ونهر الليطاني جنوبي لبنان. وقال روبن لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن لأي دولة أن تتسامح مع هجمات مستمرة من الجوار، كما حدث مع إسرائيل من (حزب الله)».

ويقول ماثيو ليفيت، كبير الباحثين في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، إن المسؤولين الإسرائيليين «كانوا واضحين على مدى أشهر، في أنهم يأملون بأن تنجح الجهود الدبلوماسية لحمل (حزب الله) على وقف قصف إسرائيل. لكن إذا لم يحدث ذلك فإن الجيش الإسرائيلي سيفعل ما يجب عليه لإنهاء هجماته الصاروخية وتمكين الإسرائيليين (في الشمال) من العودة». لكنه أضاف أن حكومة الحرب الإسرائيلية «لم تضع تدمير (حزب الله) هدفاً للحرب في الأسبوع الماضي».

مناصرون لـ«حزب الله» يشيعون قائد جناح النخبة المعروف بـ«قوة الرضوان» إبراهيم عقيل في ضاحية بيروت الجنوبية الأحد الماضي (أ.ف.ب)

غير أن ديفيد داود، الباحث في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن، يرى أن تحقيق إسرائيل لهدف إعادة مواطنيها «كان يعتمد على ما إذا كانت قادرة على ذلك من خلال وسائل غير الحرب. ولذلك حاول الإسرائيليون رفع الثمن الذي سيتعين على (حزب الله) أن يدفعه للحفاظ على جبهة دعمه لحلفائه في غزة».

ورأى أن هدف العمليات الأخيرة «ليس فقط استعادة الهدوء في الشمال، بل بالإضافة إلى ذلك حث الحزب على الانسحاب لمسافة كافية من الحدود لتحييد تهديد قذائفه أو توغل قواته، على غرار ما حدث في 7 أكتوبر».

هل يتحمل الحزب حرب استنزاف طويلة؟

ويرى داود أن «المشكلة هي أن ( حزب الله) حشر نفسه في الزاوية بالتزامه بمحاربة إسرائيل، والاستمرار في حرب الاستنزاف التي شنها ضدها من دون استفزاز في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول)، إلى أن توقف إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة».

وأوضح أن «قبول وقف إطلاق النار من جانب واحد من لبنان، وخاصة في ظل الضغوط العسكرية الإسرائيلية، من شأنه أن يجعل الحزب يبدو ضعيفاً في نظر أنصاره. لهذا لا يستطيع الحزب تحمل ذلك، لأن قسماً كبيراً من مؤيديه يدعمونه لأنهم يعتقدون أنه منظمة مقاومة قوية قادرة على ردع إسرائيل أو هزيمتها في الحرب، إذا لزم الأمر، وهذا ما دفع حسن نصر الله في خطابه الأخير، إلى إعلان وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية كشرط إضافي لوقف الهجمات من لبنان».

على أن داود يعتقد بأن «حزب الله» لا يريد حرباً موسعة مع إسرائيل في الوقت الحالي، «فهو ليس في وضع يسمح له بالقيام بذلك، ولذلك كانت هجماته الانتقامية على الضربات المؤلمة التي وجهتها له إسرائيل، مسرحية وتجميلية إلى حد كبير. صحيح أنهم يستهدفون الآن مناطق أعمق ويطلقون الصواريخ على، أو بالقرب من أهداف إسرائيلية ذات أهمية رمزية، لكنهم لا يطلقون وابلاً هائلاً من الصواريخ. وبهذه الطريقة، يمكن ضمان أن الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية ستعترض هجماتهم، في حين يستطيع الحزب أن يبالغ في نجاحاته في الداخل».

عناصر من خدمات الطوارئ اللبنانية يرفعون ركام بناية دمرتها ضربة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

وشدد داود على أن «الحزب لا يستطيع أن يتحمل إلى ما لا نهاية مستوى الاستنزاف الذي ألحقته به إسرائيل» في الأسبوع الماضي. لذلك، «نحن امام صراع إرادات، وقد تحولت المبادرة بشكل حاسم إلى الإسرائيليين. فإذا تمكنت إسرائيل من تحقيق أهدافها من خلال وسائل غير الحرب، فمن الممكن تجنب الحرب الموسعة».

وإذا لم يكن ذلك ممكنا، يرى داود أن «من الممكن أن تقوم إسرائيل على الأقل بمناورة برية محدودة لتحقيق أهدافها. لكن من غير المرجح أن يظل هذا الوضع تحت الاحتواء، وبقدر ما يركز مثل هذا الصراع في المقام الأول على مناطق لبنان الخاضعة لسيطرة (حزب الله)، فإنه قد يتوسع أيضاً ليشمل مناطق أخرى - وخاصة إذا كانت القوات البرية الإسرائيلية تسعى إلى الوصول إلى معاقل الحزب في جنوب بيروت أو بعلبك».

ماذا عن الدور الإيراني؟

بالنسبة إلى الدور الإيراني، يقول شنكر إن «طهران أظهرت أنها مستعدة لمحاربة أميركا وإسرائيل حتى آخر عربي. ومع ذلك، لا تريد إيران حرباً مفتوحة مع إسرائيل. إنه أمر أكثر راحة وأقل خطورة بكثير أن تستمر في قتالها ضد إسرائيل فيما يسمى المنطقة الرمادية، باستخدام وكلائها العرب».

ويرى المسؤول السابق في إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، أنه لا يوجد اتفاق جديد في المستقبل القريب بين طهران وواشنطن. ويقول: «قد تحاول إدارة (المرشحة الديمقراطية للرئاسة) كامالا هاريس، إذا فازت، العودة إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، لكن هناك بعض العقبات الحقيقية التي تحول دون تحقيق ذلك، ومن المرجح أن تعود إدارة ترمب إلى ممارسة أقصى قدر من الضغط ضد إيران للتوصل إلى اتفاق جديد، لكن هذا أيضاً سيكون صعباً».

ويقول شنكر إن «إيران راضية عن تمويل وكلائها ودعمهم، لكنهم في الأساس وقود للمدافع في حملة النظام المستمرة منذ عقود ضد إسرائيل. ومن المؤكد أن إيران ليست سعيدة لأن وكيلها الأول يفقد قدرته على الدفاع عن نظامها وبرنامجها النووي. وإيران مهتمة في المقام الأول ببقائها، الذي قد تهدده حرب مع إسرائيل».

المرشد الإيراني علي خامنئي قدم دعماً لفظياً لـ«حزب الله» خلال احتفال بذكرى الحرب العراقية - الإيرانية الأربعاء (أ.ف.ب)

وعما إذا كانت إيران مترددة في دعم «حزب الله»، يقول الباحث داود: «لا أستطيع أن أقول إن إيران مترددة في دعمه، لكن أعتقد أنهم مترددون في إطلاق العنان له أو طلب الدخول بحرب كاملة مع إسرائيل في هذا الوقت. وبالنظر إلى ما جرى مع (حماس) في غزة، فإن إيران لا تريد إلحاق الضرر نفسه بالحزب، وبالجماعات المسلحة الأخرى، والبنية التحتية العسكرية التي ساعدت في بنائها. لذا، لا أعتقد أن الأمر له علاقة بأي صفقات مع واشنطن، وبالتالي فإن (حزب الله) يشكل رصيداً حاسماً لهدف إيران المتمثل في تنمية نفوذها الإقليمي، ولذلك فهي لا تريد المخاطرة بخسارته في حرب سابقة لأوانها مع إسرائيل».

وهو ما يؤكد عليه الباحث ليفيت الذي يقول إن إيران تريد دعم «حزب الله»، لكنها «تريد أيضاً الحفاظ على ترسانته الصاروخية كرادع ضد أي هجوم على برنامجها النووي الذي عززته بشكل كبير خلال الأشهر الـ11 الماضية».