إردوغان: اليونان ليست نداً لتركيا... ومنزعجون من مواقف بعض دول «الناتو»

تهديدات متبادلة... وأثينا تلوح بـ«تعبئة» حلفائها التقليديين ضد أنقرة

الرئيس التركي يحيي الذكرى المئوية لـ«يوم النصر» في 30 أغسطس (د.ب.أ)
الرئيس التركي يحيي الذكرى المئوية لـ«يوم النصر» في 30 أغسطس (د.ب.أ)
TT

إردوغان: اليونان ليست نداً لتركيا... ومنزعجون من مواقف بعض دول «الناتو»

الرئيس التركي يحيي الذكرى المئوية لـ«يوم النصر» في 30 أغسطس (د.ب.أ)
الرئيس التركي يحيي الذكرى المئوية لـ«يوم النصر» في 30 أغسطس (د.ب.أ)

تصاعدت حدة التوتر والتراشق بالتصريحات بين تركيا واليونان، على خلفية «التحرشات» اليونانية الأخيرة بمقاتلات تركية فوق بحر إيجه والبحر المتوسط، خلال مهام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتبارى مسؤولو البلدين الجارين في الحديث عن قوة كل منهما.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن اليونان تحدَّت «الناتو» عبر مواقفها العدائية لبلاده؛ لكنها «ليست نداً لتركيا على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية»؛ بينما ردت الحكومة اليونانية بأن أثينا لديها القوة وأدوات فعالة لردع التهديدات التركية، ويمكنها «تعبئة» حلفائها التقليديين واستخدام قوة القانون الدولي «ضد الاستفزازات التركية المتزايدة».
وخلال حفل أقيم بمناسبة الذكرى المائة للانتصار على الحلفاء والقوات اليونانية، أقيم في أنقرة ليل الثلاثاء- الأربعاء، قال إردوغان: «ندرك النية الحقيقية لمن يحاولون إضاعة وقت بلادنا وطاقتها عبر اليونان، كما حدث قبل قرن من الزمان... اليونان ليست نداً لتركيا على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية». ولفت إلى أن اليونان «تحدت (الناتو) والحلفاء عبر مواقفها العدائية التي بدأت بالتحرش بمقاتلات تركية فوق بحر إيجه، ووصلت إلى مستوى تتبع المقاتلات برادار منظومة (إس 300) روسية الصنع فوق البحر المتوسط».
وتابع: «امتنعوا (الولايات المتحدة) عن إعطائنا مقاتلات (إف 35)، وأعربوا عن استيائهم من شرائنا منظومات دفاعية روسية»، في إشارة إلى اقتناء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400»، مضيفاً: «لا يهمنا ما يبدر منهم، فلدينا القدرة على صنع أي منتج يحظرونه علينا».
وقال إردوغان إن الولايات المتحدة «اعتبرت شراء تركيا منظومة (إس 400) الروسية الذي تم بهدف تلبية احتياجاتها الأمنية، تهديداً لمقاتلاتها (إف 35). وتم فرض عقوبات على تركيا فيما يتعلق بتزويدها بمنتجات الصناعات الدفاعية، ووصل الأمر إلى الامتناع عن تسليمها مقاتلات (إف 35) بعد أن دفعت جزءاً من ثمنها». وأضاف أن «تركيا تترقب الرد الذي ستبديه الولايات المتحدة على تفعيل اليونان منظومات (إس 300) الروسية ضد قوة جوية في (الناتو)... الولايات المتحدة التي امتنعت عن تسليمنا مقاتلات (إف 35) كرمت اليونان بها، وفتحت بأيديها دخول هذه المقاتلات مع منظومات الدفاع الروسية في خندق واحد».
وأكّد الرئيس التركي انزعاج بلاده مما وصفه بـ«المواقف العدائية» لبعض الدول التي يفترض أنها حليفة لبلاده، ودعمها للجهات التي تتبنى مثل هذه المواقف؛ مشيراً إلى أن تركيا أصبحت دولة تأخذ زمام المبادرة، من خلال اتباعها استراتيجية منع التهديدات من مصدرها، ومن خلال تبادل خبراتها في مكافحة الإرهاب والصناعات الدفاعية مع أصدقائها.
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قد قال في تصريحات خلال فعالية في وزارة الدفاع التركية بمناسبة يوم النصر الذي تحتفل به تركيا في 30 أغسطس (آب)، تعليقاً على تعرض مقاتلات تركية للتحرش من منظومة دفاع جوي يونانية من طراز «إس 300» روسية الصنع: «أود التوضيح مرة أخرى أن قواتنا البرية والبحرية والجوية لم ولن تتهاون في الرد على أي تحرش يطولها»، مضيفاً أنَّ اليونان تقوم بالتحرش في بحر إيجه بالقوات التركية بطرق مختلفة. ولفت إلى أنَّ اليونان تقوم بتسليح الجزر في بحر إيجه بشكل يتناقض مع معاهدتي لوزان وباريس. وأشار إلى أنَّ اليونان قامت في 23 أغسطس بالتحرش بمقاتلات تركية عبر منظومة «إس 300»، وذلك أثناء قيامها بمهام ضمن إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مؤكداً ضرورة إزاحة الستار عما تقوم به «الجارة السيئة» (اليونان) وأنه «لا يمكن قبول هذا القدر من التهور والعربدة العلنية».
في المقابل، قالت اليونان إن لديها أدوات فعالة لردع التهديدات التركية. وأشار المتحدث باسم الحكومة اليونانية، إيوانيس أوكونومو، إلى أن بلاده يمكنها تعبئة حلفائها التقليديين، واستخدام قوة القانون الدولي، ضد ما وصفه بـ«الاستفزازات التركية المتزايدة».
وأكد أوكونومو أن القدرة الدفاعية لليونان قوية بما يكفي للرد على أي تهديد إذا لزم الأمر، مضيفاً: «حلفاؤنا إلى جانبنا، نحن على حق، يمكننا بشكل فعال ردع أي تهديد لمزاعمنا المبررة... الدبلوماسية اليونانية تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلفائها الآخرين». ويتصاعد التوتر من وقت إلى آخر بين الجارتين العضوين في «الناتو»، تركيا واليونان، حول قضايا مثل الجرف القاري في شرق البحر الأبيض المتوسط، والمجال الجوي فوق بحر إيجه، وأزمة المهاجرين، ومستقبل قبرص. وبدأت الأزمة الحالية بينهما عندما قال إردوغان، في يونيو (حزيران)، إن اليونان لا تستطيع تسليح جزرها في بحر إيجه على أساس وضعها. وتجادل تركيا بأن معاهدتي: لوزان لعام 1923، وباريس لعام 1947، أعطت الجزر لليونان، بشرط أن تظل غير مسلحة.
وسبق أن هدد إردوغان اليونان قائلاً: «أدعوكم إلى التوقف عن تسليح الجزر، أنا لا أمزح، أنا أتحدث بجدية، ونحذر اليونان مرة أخرى بالابتعاد عن الأحلام والخطابات والأفعال التي ستؤدي إلى الندم، مثلما كان منذ قرن مضى، وأنصحها بالعودة إلى رشدها». وبينما تعد تركيا تسليح الجزر في بحر إيجه تهديداً لها، تقول اليونان إن مثل هذا «الخطاب العدائي» يتعارض مع سيادتها.


مقالات ذات صلة

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

شؤون إقليمية خلال لقاء اليوم بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره اليوناني نيكوس دندياس في أضنة بتركيا (أ.ب)

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

أدى الزلزالان المدمران اللذان ضربا المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا إلى تقارب دبلوماسي حذر بين تركيا واليونان رغم العلاقات المتوترة بينهما، حسب وكالة الأنباء الألمانية. وتوجه وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس بشكل غير متوقع إلى منطقة الكارثة اليوم (الأحد)، والتقى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو. وتعانق السياسيان، كما ظهر على التلفزيون الحكومي اليوناني. وشكر جاويش أوغلو دندياس لكون بلاده واحدة من أوائل الدول التي قدمت مساعدات فورية لتركيا. وأضاف أن الدولتين ستحاولان بدء الحوار مرة أخرى وحل مشاكلهما. وشدد دندياس على أن «مساعدة اليونان للشعب التركي لا تنتهي هنا».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقات المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها وجارتها اليونان على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي منعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الاثنين مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقة المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها ومع جارتها اليونان، على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي مُنعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلّت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة، اليوم (الاثنين)، مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك، بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بالعمل على زيادة التوتر

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بتخريب المحادثات حول القضايا الخلافية

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
TT

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وافقت إسرائيل ، اليوم (الأحد)، على زيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين، قائلة إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في البيان، أن «تقوية الجولان هي تقوية لدولة إسرائيل، وهي مهمة على نحو خاص في هذا التوقيت. سنواصل التمسك بها وسنجعلها تزدهر ونستقر فيها».

وانتزعت إسرائيل السيطرة على معظم هضبة الجولان من سوريا خلال حرب عام 1967، قبل أن تضمها إليها عام 1981.

وفي 2019، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن عملية الضم لم تحظَ باعتراف معظم الدول. وتطالب سوريا إسرائيل بالانسحاب منها، لكن الأخيرة ترفض ذلك متعللة مخاوف أمنية. وباءت جهود سلام كثيرة بالفشل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان اليوم (الأحد)، لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدعيها زعماء المعارضة».

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة وافقت بالإجماع على خطة تزيد قيمتها على 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو السكاني في هضبة الجولان.

وأضاف أن نتنياهو قدم الخطة للحكومة «في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا ورغبة في زيادة عدد سكان الجولان إلى المثلين».

وقال المحلل في مركز الأبحاث الإسرائيلي (ألما) أبراهام ليفين، المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، إن نحو 31 ألفاً من الإسرائيليين استقروا في هضبة الجولان، وإن كثيراً منهم يعملون في قطاعي الزراعة، الذي يشمل مزارع الكروم، والسياحة.

وأضاف أن هضبة الجولان موطن أيضاً لما يصل إلى 24 ألفاً من الدروز السوريين.

بعيداً عن أي مغامرات غير محسوبة

وكان قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، قال إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة، في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم «أبو محمد الجولاني»، «هيئة تحرير الشام» التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهية حكم العائلة الذي استمر 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، غير أنها تقول إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

ونددت دول عربية عدة، بينها السعودية ومصر والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع، في مقابلة نشرت على موقع تلفزيون سوريا، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».