الجفاف يهدّد بموجات عنف داخلية وصراعات بين الدول

منظر لمعابد الباغودا في جزيرة لوكشينغدون Louxingdun التي عادة ما تظلّ مغمورة جزئياً تحت مياه بحيرة بويانغ التي تواجه مستويات منخفضة من المياه هذا العام بسبب الجفاف الإقليمي في لوشان بمقاطعة جيانغشي - الصين (رويترز)
منظر لمعابد الباغودا في جزيرة لوكشينغدون Louxingdun التي عادة ما تظلّ مغمورة جزئياً تحت مياه بحيرة بويانغ التي تواجه مستويات منخفضة من المياه هذا العام بسبب الجفاف الإقليمي في لوشان بمقاطعة جيانغشي - الصين (رويترز)
TT
20

الجفاف يهدّد بموجات عنف داخلية وصراعات بين الدول

منظر لمعابد الباغودا في جزيرة لوكشينغدون Louxingdun التي عادة ما تظلّ مغمورة جزئياً تحت مياه بحيرة بويانغ التي تواجه مستويات منخفضة من المياه هذا العام بسبب الجفاف الإقليمي في لوشان بمقاطعة جيانغشي - الصين (رويترز)
منظر لمعابد الباغودا في جزيرة لوكشينغدون Louxingdun التي عادة ما تظلّ مغمورة جزئياً تحت مياه بحيرة بويانغ التي تواجه مستويات منخفضة من المياه هذا العام بسبب الجفاف الإقليمي في لوشان بمقاطعة جيانغشي - الصين (رويترز)

يؤدّي الخلاف على تقاسم حصص المياه بين الدول، إلى تفاقم التوترات السياسية أو العرقية، لكنّ مسألة تقاسم المياه هذه باتت في خطر أن تصبح سبباً في حدّ ذاته للصراع، وفق مقال لجان ميشال بيزا، الصحافي في جريدة «لوموند» الفرنسيّة.
يشير بيزا إلى أنّه على الرغم من الكتلة الهائلة من المياه الموجودة على الكوكب، فإنّ كمية صغيرة منها (0.07 في المائة) صالحة للاستخدام المباشر من قِبل البشر، في حين يجب على ثلاثة أرباع الدول أن تشارك هذه المياه مع دولة جارة واحدة أو مع أكثر من دولة؛ مما يضاعف من بؤر التوتّر.
وحذّرت الأمم المتّحدة من أنّ النمو السكاني والتصنيع والتحضّر سيؤدّون إلى زيادة الطلب بنسبة 30 في المائة تقريباً على المياه بحلول عام 2050، وسيكون توزيع المياه أسوأ، وسيعاني نصف البشر البالغ الذين سيكون عددهم 9.7 مليار نسمة تقريباً، أزمة في تأمين المياه، في حين سيتعرّض 700 مليون شخص لخطر الفرار من أراضيهم الجافة بحلول نهاية هذا العقد.
ويلفت بيزا إلى أنّ الجفاف الذي كان مستشرياً منذ ربيع هذا العام في نصف الكرة الأرضيّة الشمالي، والذي تتخلّله أحياناً أمطارٌ مدمّرة، أيقظ الأوروبيين وأدهشهم لكونهم لم يعودوا بمنأى عن الجفاف.
يقول بيزا «يدرك الأوروبيون الآن أنّ جزءاً من قارّتهم القديمة، يتّجه نحو مناخ شبه جاف، بما في ذلك فرنسا، وأنّ الموارد ليست غير محدودة»، مضيفاً «لم تعد البلدان الناشئة وحدها تتأثّر بانخفاض 20 في المائة إلى 50 في المائة في المحاصيل، ولم يعد بإمكان المستثمرين التقليل من أهمية هذه المخاطر...».
ويذكّر، أنّ أزمة ندرة المياه لم يعد سببها فقط سوء إدارة المياه، حيث يُستخدم ما يقرب من ثلاثة أرباعها للزراعة، بل إنّ للاضطرابات المناخية الأخيرة دورها أيضاً بتغيير المعطيات.
ويتحدّث بيزا عن امتلاك دول المنبع للأنهار التأثير (في مسألة المياه) مثل إثيوبيا بالنسبة لنهر النيل، وتركيا لنهري دجلة والفرات، والولايات المتحدة لنهر كولورادو، والصين التي تسيطر على هضبة التيبت من أجل أنهار آسيا الكبرى، على حد وصف بيزا الّذي يعلّق على ذلك قائلاً «رغم أنّ إدارة هذه المياه غالباً ما تكون منظّمة باتفاقيات بين الدول المستفيدة من مياه هذه الأنهار، فإنّ هذه الاتفاقيّات تكون هشّة ولا يتمّ احترامها (الالتزام بها) كما يجب»، ملمّحاً إلى عدم التزام إثيوبيا بالاتفاقيات بشأن النيل، قائلاً، إنّ بناء سدّ النّهضة الإثيوبي جعل الاتفاقيات بين إثيوبيا ومصر بشأن نهر النيل موضع شكّ بفاعليّتها، في حين يغذّي النيل 250 مليون نسمة، وتعتبر القاهرة حصّتها من مياه النيل قضية «وجودية» بالنسبة لـ100 مليون مصري.
ويرى بيزا، أنّه لم يحدث أن قامت دولٌ حتّى الآن بشنّ حروب ضدّ بعضها البعض بذريعة الاستئثار بموارد المياه فقط، إلّا أنّه يتوقّع اندلاع موجات عنف داخل البلدان التي تتعارض فيها طرق استخدام المياه بين القرويين (الفلاحين إجمالاً) وسكّان المدن، معتبراً أنّ دولاً مثل الهند وإيران مهدّدة بأن تشهد عنفاً سببه المياه.
ويستشهد بكلام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي يقول «المياه يمكن أن تكون مصدر نزاع أو أداة للتعاون».
ويعتبر بيزا، أنّه يمكن للبشريّة أن تحلم بالحوكمة العالمية لتوزيع هذا الصالح العام على البشرية بشكل عادل، ولكنّه يرى أنّه «كلّما أصبحت موارد المياه شحيحة، أصبحت (المياه) قضية أمنية حيوية، فتتراجع الدبلوماسية والمعاهدات المشتركة (بين الدول)، أمام ميزان القوى (بين الدول)، وسيصبح تقاسم المياه، الذي أدّى إلى تفاقم التوترات السياسية أو العرقية، عاملاً من عوامل الصراع في حد ذاته».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء خطر «تفكك» السودان

شمال افريقيا أشخاص فروا من مخيم زمزم للنازحين داخلياً بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» يستريحون في مخيم مؤقت بالقرب من بلدة طويلة في منطقة دارفور غرب السودان التي مزقتها الحرب في 13 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء خطر «تفكك» السودان

أعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء، عن قلق المنظمة العميق إزاء خطر «تفكك» السودان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بجوار خيام أُقيمت بالقرب من أنقاض مبنى منهار في حي النصر غرب مدينة غزة 15 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: نحو 500 ألف شخص نزحوا في قطاع غزة منذ انتهاء وقف النار

قالت متحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن نحو 500 ألف فلسطيني نزحوا في قطاع غزة منذ انتهاء وقف إطلاق النار مع استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مبنى هاري إس ترومان المقر الرئيسي لوزارة الخارجية الأميركية في واشنطن (أ.ب - أرشيفية)

اقتطاعات كبيرة مرتقبة في موازنة الخارجية الأميركية

نقلت وسائل إعلام أن موازنة وزارة الخارجية الأميركية قد تخفض بمقدار النصف تقريبا وستتوقف الولايات المتحدة جزئيا عن تمويل المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والناتو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن العاصمة (أ.ب)

إدارة ترمب تقترح خفضاً حاداً في ميزانية وزارة الخارجية

اقترحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقليص ميزانية وزارة الخارجية إلى النصف، وخفض المساهمات في المنظمات الدولية، ومنها الأمم المتحدة وحلف «الناتو».

علي بردى (واشنطن)
العالم مهاجرون ينتظرون النزول من قارب خشبي بعد أن أنقذتهم سفينة خفر سواحل إسبانية يوم 18 يناير 2024 (رويترز)

«اليونيسف»: 3500 طفل مهاجر قضوا في محاولات عبور المتوسط خلال السنوات العشر الأخيرة

قضى نحو 3500 طفل مهاجر أو فُقدوا خلال السنوات العشر الماضية، لدى محاولتهم عبور البحر المتوسط للوصول إلى إيطاليا، وفق منظمة «اليونيسف».

«الشرق الأوسط» (روما)

انقطاع الكهرباء عن جزيرة بورتوريكو بالكامل

رجل يقف بجوار حاويات تحتوي على وقود ديزل بعد انقطاع التيار الكهربائي الشامل في بورتوريكو (رويترز)
رجل يقف بجوار حاويات تحتوي على وقود ديزل بعد انقطاع التيار الكهربائي الشامل في بورتوريكو (رويترز)
TT
20

انقطاع الكهرباء عن جزيرة بورتوريكو بالكامل

رجل يقف بجوار حاويات تحتوي على وقود ديزل بعد انقطاع التيار الكهربائي الشامل في بورتوريكو (رويترز)
رجل يقف بجوار حاويات تحتوي على وقود ديزل بعد انقطاع التيار الكهربائي الشامل في بورتوريكو (رويترز)

قال مسؤولون إن انقطاعا للتيار الكهربائي ضرب بورتوريكو يوم الأربعاء، بينما كانت الجزيرة الأميركية التي تقطنها أغلبية كاثوليكية تستعد للاحتفال بعيد الفصح.

وقال هوغو سورينتيني، المتحدث باسم شركة لوما للطاقة، التي تشرف على نقل وتوزيع الطاقة، لوكالة أسوشيتد برس إن جميع عملاء الجزيرة البالغ عددهم 1.4 مليون شخص من دون كهرباء. وأضاف «الجزيرة بأكملها من دون توليد للكهرباء». وفي الوقت نفسه، هناك ما لا يقل عن 78 ألف عميل من دون ماء، مع تحذير المسؤولين من أن الكهرباء لن تعود بالكامل على الأرجح قبل 48 إلى 72 ساعة أخرى.

وقال خوسيه كولون، الذي يطلق عليه قيصر الطاقة في الجزيرة والمدير التنفيذي السابق لهيئة الطاقة الكهربائية في بورتوريكو «هذا أمر غير مقبول». ولم يتضح على الفور سبب انقطاع التيار الكهربائي، وهو الأحدث في سلسلة من الانقطاعات الكبيرة في الجزيرة في السنوات الأخيرة.