إدارة ترمب تقترح خفضاً حاداً في ميزانية وزارة الخارجية

تشمل قطع تمويل الأمم المتحدة وعمليات حفظ السلام و«الناتو»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك وابنه «إكس إيه إكسي» وفي الخلفية وزير الخارجية ماركو روبيو (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك وابنه «إكس إيه إكسي» وفي الخلفية وزير الخارجية ماركو روبيو (أ.ب)
TT

إدارة ترمب تقترح خفضاً حاداً في ميزانية وزارة الخارجية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك وابنه «إكس إيه إكسي» وفي الخلفية وزير الخارجية ماركو روبيو (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك وابنه «إكس إيه إكسي» وفي الخلفية وزير الخارجية ماركو روبيو (أ.ب)

اقترحت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تقليص ميزانية وزارة الخارجية وما تبقى من «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» بمقدار النصف، بما يشمل إغلاق عدد من البعثات الدبلوماسية في الخارج، وخفض المساهمات في المنظمات الدولية والمتعددة الأطراف، بما في ذلك الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي «الناتو».

ووفقاً لمذكرة داخلية عُممت، الأسبوع الماضي، وضع مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض تصوراً أولياً لميزانية السنة المالية المقبلة، ومنها مخصصات إجمالية قدرها 28.4 مليار دولار لكل نشاطات وزارة الخارجية، وكذلك «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» التي تعد وكالة فيدرالية منفصلة تسعى إدارة ترمب إلى تفكيكها عبر «دائرة الكفاءة الحكومية» («دوج» اختصاراً) التي يقودها الملياردير إيلون ماسك، ودمج نشاطاتها ضمن إدارة الخارجية. ويمثل ذلك خفضاً قدره 27 مليار دولار، أو 48 في المائة، عن مستويات التمويل التي وافق عليها الكونغرس لعام 2025. أما المساعدات الخارجية المقترحة فستشمل تخفيضات بنسبة 54 في المائة، وسينخفض ​​تمويل الصحة العالمية بنسبة 55 في المائة، مع إبقاء مبالغ صغيرة مخصصة لفيروس العوز المناعي المكتسب «الإيدز» وأمراض السل والملاريا. وستكون هناك تخفيضات حادة في دعم المنظمات الدولية؛ إذ سيلغى نحو 90 في المائة من التمويل المعتاد، بالإضافة إلى إلغاء المكتب الرئيسي الذي يساعد الحلفاء الأفغان على إعادة التوطين في دول أخرى للهروب من حكم «طالبان»، وإلغاء عدد من برامج اللاجئين والهجرة، ونقلها إلى مكتب جديد للشؤون الإنسانية الدولية.

وتنص المذكرة على إنهاء تمويل الأمم المتحدة، بالإضافة إلى «خفض كلي» في تمويل بعثات حفظ السلام بسبب «إخفاقات البعثات الأخيرة»، من دون تقديم تفاصيل، فضلاً عن حلف «الناتو» و20 منظمة أخرى، بينما ستبقى المساهمات الموجهة لعدد قليل من المنظمات، بما فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهيئة الطيران المدني الدولي.

ولا يُتوقع أن يحظى الاقتراح، الذي عُرض على وزارة الخارجية، الأسبوع الماضي، ولا يزال في مرحلة أولية، بموافقة وزير الخارجية ماركو روبيو أو الكونغرس الذي يهيمن الجمهوريون على الغالبية في مجلسيه النواب والشيوخ، والذي سيُطلب منه في نهاية المطاف التصويت على الميزانية الفيدرالية بمجملها خلال الأشهر المقبلة. ويفيد مسؤولون مطلعون بأنه لا يزال يتعين على المقترحات أن تمر بجولات مراجعة قبل أن تصل بصيغتها النهائية إلى المشرعين، الذين سبق أن عدلوا طلبات ميزانية البيت الأبيض، بل رفضوها. وعلى الرغم من أن الاقتراح أولي، فإنه يشي بأولويات ترمب، ويتزامن مع تخفيضات هائلة في الوظائف والتمويل في كل أنحاء الحكومة الفيدرالية؛ من الصحة والخدمات الإنسانية ووزارة التعليم إلى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

تحديات جمهورية

وكانت مساعي ترمب لخفض الإنفاق الحكومي وتقليص القوة العاملة الفيدرالية بشكل كبير واجهت معارضة شديدة في بعض الدوائر الانتخابية للحزب الجمهوري، رغم أن عدداً قليلاً من المشرعين الجمهوريين تحدّوا الرئيس علناً.

وأفاد مسؤولون مطلعون على الأمر بأن الوزارة بقيادة روبيو، تُعدّ خطة تقليص خاصة بها، تشمل تسريح عشرات الآلاف من موظفي الوزارة البالغ عددهم 80 ألفاً، وإغلاق العديد من القنصليات والمرافق الأميركية، من دون أن يتضح أين يمكن للوزارة أن تغلق منشآتها. ومن شأن أي خطط لخفض جذري في التمويل وتسريح الموظفين أن تُضعف معنويات وزارة الخارجية أكثر، حيث توقع العديد من الموظفين العاديين أن تُحدث عودة ترمب إلى منصبه تغييراً جذرياً.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (رويترز)

ووصف مسؤول كبير مقترح مكتب الإدارة والميزانية بأنه «عدواني» من حيث خفض التكاليف، لكنه استدرك أنه مخطط أولي يعكس ما سعى رئيس المكتب راسل فوت إلى القيام به في الولاية الأولى لترمب.

وجوبهت الجهود لخفض ميزانية وزارة الخارجية بشكل كبير في الكونغرس خلال ولاية ترمب الأولى. وفشلت إلى حد كبير. ومع ذلك، سارعت إدارة ترمب في ولايته الثانية إلى تقليص حجم الحكومة الفيدرالية، وخفضت الوظائف والتمويل في كل الوكالات، ومنها «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، وسحبت تمويل ما يُسمى بمؤسسات «القوة الناعمة» الأخرى ذات الأهمية في السياسة الخارجية، مثل إذاعة «صوت أميركا»، و«إذاعة أوروبا الحرة»، وشبكات بث الشرق الأوسط، وإذاعة آسيا الحرة، وتلفزيون مارتي، الذي يبث إلى كوبا.

اعتراض ديمقراطي

وبدا أن الديمقراطيين يرفضون المقترحات الجديدة. وصرحت كبيرة الديمقراطية في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتورة جين شاهين بأنها «قلقة للغاية» من التخفيضات المقترحة. وقالت في بيان: «عندما يصبح شعار (أميركا أولاً) شعار أميركا وحدها، سيعاني اقتصادنا وأمننا وازدهارنا، بينما يملأ الخصوم الفراغ الذي تتركه إدارة ترمب». وأضافت أن «الاستثمارات في البرامج الدبلوماسية التي تعزز السلام والاستقرار، وتعزز مصالح الأمن القومي الأميركي، هي أولويات منطقية ينبغي أن تنعكس في طلب ميزانية وزارة الخارجية».

وقال عضو اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين، إن «هذه ميزانية غير جادة. أتوقع أن تواجه معارضة من الحزبين».

وفي بيان صدر بعد مراجعة المذكرة، دعت جمعية الخدمة الخارجية الأميركية الكونغرس إلى رفض أي ميزانية تقترح مثل هذه التخفيضات، ووصفت المقترح بأنه «متهور وخطير»، مشيرة إلى أنه «سيُمكّن خصوماً مثل الصين وروسيا، الذين يتوقون إلى ملء الفراغ الذي خلفه انسحاب الولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث قبل حفلة لمغني الأوبرا الإيطالي الضرير أندريا بوتشيللي في البيت الأبيض (أ.ب)

استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

ستثير الوثيقة التي صدرت الجمعة عن البيت الأبيض استياء الحلفاء التقليديين لواشنطن في أوروبا، لما تتضمّنه من انتقادات لاذعة لسياسات قادة «القارة العجوز».

أنطوان الحاج
يوميات الشرق المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)

«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساء الجمعة بالمغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي وقال إن لديه «صوت ملاك».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
رياضة عالمية أميركيون يتابعون مراسم القرعة على شاشة عملاقة في التايمز سكوير (رويترز)

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إن رياضة كرة القدم الأميركية (أميريكان فوتبول) يجب أن تُعاد تسميتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

وافقت المحكمة العليا الأميركية على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أميركي متهم بوضع قنابل قرب مقار حزبية يَمثُل أمام المحكمة للمرة الأولى

رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)
رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)
TT

أميركي متهم بوضع قنابل قرب مقار حزبية يَمثُل أمام المحكمة للمرة الأولى

رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)
رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)

مثُل أميركي للمرة الأولى أمام المحكمة بعد توقيفه بتهمة وضع قنابل بدائية الصنع قرب مقار للحزبين الديمقراطي والجمهوري في واشنطن عشية أعمال الشغب في مبنى الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.

ولم يقر بريان كول جونيور بالذنب خلال جلسة الاستماع الجمعة في المحكمة بواشنطن.

وأمرت القاضية موكسيلا أوباديايا بإبقاء كول الذي أُوقف في منزله في وودبريدج بولاية فرجينيا الخميس، قيد الاحتجاز حتى الجلسة المقبلة في 12 ديسمبر (كانون الأول).

ووجّه الادعاء إلى كول البالغ 30 عاماً تهمة نقل جهاز متفجر بين الولايات ومحاولة التدمير باستخدام مواد متفجرة.

ومثّل توقيفه أول تقدم كبير محرز في القضية التي أثارت العديد من نظريات المؤامرة في صفوف نشطاء اليمين المتطرف.

ولم تنفجر «القنابل الأنبوبية» التي وُضِعَت خارج مكاتب اللجنة الوطنية الديمقراطية واللجنة الوطنية الجمهورية في واشنطن مساء 5 يناير (كانون الثاني).

واكتشفت السلطات القنابل في اليوم التالي عندما اقتحم أنصار للرئيس دونالد ترمب مبنى الكابيتول في محاولة لمنع مصادقة الكونغرس على فوز غريمه الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات.

ونشر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) العديد من الصور ومقاطع الفيديو لمشتبه به مقنّع على مر السنوات، ورصد مكافأة مالية مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه، رفعها تدريجياً إلى نصف مليون دولار.


الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، وفق بيان صادر عنهم، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

وذكر البيان الذي نشره المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف على منصة «إكس» أن «الطرفين اتفقا على أن التقدم الحقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف أعمال القتل.


«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
TT

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)

قالت شركتا «أبل» و«غوغل» إنهما أرسلتا، هذا الأسبوع، مجموعة جديدة من إشعارات بشأن التهديدات الإلكترونية للمستخدمين في جميع أنحاء العالم، معلنتين عن أحدث جهودهما لحماية العملاء من تهديدات المراقبة والتجسس.

و«أبل»، و«غوغل» المملوكة لـ«ألفابت»، من بين عدد محدود من شركات التكنولوجيا التي تصدر بانتظام تحذيرات للمستخدمين عندما تتوصل إلى أنهم ربما يكونون مستهدفين من قراصنة مدعومين من حكومات.

وقالت «أبل» إن التحذيرات صدرت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، لكنها لم تقدم سوى تفاصيل قليلة متعلقة بنشاط القرصنة المزعوم، ولم ترد على أسئلة عن عدد المستخدمين المستهدفين أو تُحدد هوية الجهة التي يُعتقد أنها تُقوم بعمليات التسلل الإلكتروني.

وأضافت «أبل»: «أبلغنا المستخدمين في أكثر من 150 دولة حتى الآن».

ويأتي بيان «أبل» عقب إعلان «غوغل» في الثالث من ديسمبر أنها تحذر جميع المستخدمين المعروفين من استهدافهم باستخدام برنامج التجسس (إنتلكسا)، والذي قالت إنه امتد إلى «عدة مئات من الحسابات في مختلف البلدان، ومنها باكستان وكازاخستان وأنغولا ومصر وأوزبكستان وطاجيكستان».

وقالت «غوغل» في إعلانها إن (إنتلكسا)، وهي شركة مخابرات إلكترونية تخضع لعقوبات من الحكومة الأميركية، «تتفادى القيود وتحقق نجاحاً».

ولم يرد مسؤولون تنفيذيون مرتبطون بشركة (إنتلكسا) بعدُ على الرسائل.

واحتلت موجات التحذيرات العناوين الرئيسية للأخبار، ودفعت هيئات حكومية، منها الاتحاد الأوروبي، إلى إجراء تحقيقات، مع تعرض مسؤولين كبار فيه للاستهداف باستخدام برامج التجسس في السابق.