بعد مرور نحو 53 عاماً على أولى رحلات أميركا إلى القمر، والتي حملت اسم إله الأساطير اليونانية «أبولو»، المعني بالتنبؤ بالمستقبل، كانت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) تخطط اليوم للاحتفال، بوضع قدم على طريق لحاق «أرتميس» بتوأمها «أبولو»، ولكن جاءت «العواصف الرعدية» بما لا تشتهي «ناسا»، إذا تسببت في تسرب للوقود أجبر الوكالة الأميركية على وقف العد التنازلي للمهمة.
وكان المخطط أن تنطلق المهمة صباح الاثنين، من مركز كينيدي للفضاء التابع لـ«ناسا»، حاملة ثلاث دمى تجريبية في مهمة تدور حول القمر، وتستمر لمدة ستة أسابيع؛ وذلك تمهيداً لصعود رواد فضاء على متن الرحلة الثانية، حيث يطيرون حول القمر ويعودون في أقرب وقت في عام 2024، ويمكن أن يتبع ذلك هبوط لشخصين على سطح القمر بحلول نهاية عام 2025، وتستهدف «ناسا» تحديداً في هذه المهمة القطب الجنوبي للقمر.
وبينما كان هناك تفاؤل بأن العواصف الرعدية في منطقة الإطلاق لن تؤثر على خطط إطلاق الصاروخ، فوجئ مسؤولو المهمة بحدوث تسرب للوقود، في المكان نفسه الذي شهد تسرباً في بروفة أخرى لم يكتب لها النجاح في شهر أبريل (نيسان) الماضي.
وتعامل مراقبو الإطلاق مع العواصف الرعدية بالحرص الشديد أثناء عملية ملئ خزانات الوقود، غير أنهم اضطروا مع اقتراب الدقائق الثمينة في العد التنازلي للإطلاق إلى وقف عملية ملء خزان الصاروخ بالوقود، بسب حدوث تسرب.
وشابت تسربات وقود الهيدروجين اختبار العد التنازلي لوكالة «ناسا» في أبريل؛ مما دفع بعدد كبير من الإصلاحات، وتم تكرار الاختبار بنجاح أكبر في يونيو (حزيران)، ولكن هذا أيضاً شهد بعض التسرب.
وأجرى مراقبو الإطلاق في المحاولة الجديدة التي كان مقرر لها اليوم الاثنين، إصلاحات لهذا العطل، لكنهم قالوا في تصريحات نقلتها وكالة «أسوشييتد برس»، إنهم لن يعرفوا على وجه اليقين ما إذا كانت الإصلاحات جيدة لنجاح تحميل خزانات الصاروخ بما يقرب من مليون جالون من الوقود شديد البرودة.
وكان على مديرة الإطلاق تشارلي بلاكويل طومسون وفريقها أيضاً التعامل مع مشكلة اتصال تتعلق بكبسولة أوريون، التي سيحملها الصاروخ، والتي ستكون لاحقًا مخصصة لرواد الفضاء.
وسارع المهندسون لفهم التأخير لمدة 11 دقيقة في خطوط الاتصال بين وحدة الإطلاق والكبسولة، والتي ظهرت في وقت متأخر من يوم الأحد.
وعلى الرغم من أن المشكلة قد تم حلها بحلول صباح يوم الاثنين، فإن «ناسا» تحتاج إلى معرفة سبب حدوثها قبل الالتزام بالإطلاق.
ووفق تصريحات نقلتها وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولي الإطلاق، فإن محاولة الإطلاق التالية لن تكون قبل يوم الجمعة.
والصاروخ «أرتميس» الذي يبلغ طوله 322 قدماً (98 متراً) هو أقوى صاروخ صنعته «ناسا» على الإطلاق، حيث تفوق حتى على صاروخ (ساتورن 5) الذي حمل رواد الفضاء إلى القمر منذ نصف قرن.
وحتى مع عدم وجود أي شخص على متن كبسولة أوريون فوق الصاروخ في مركز كينيدي للفضاء التابع لـ«ناسا»، احتشد الآلاف من الأشخاص على الساحل لرؤية صاروخ نظام الإطلاق الفضائي، وهو يرتفع.
وكان الأميركيون ينتظرون بتلهف كبير هذه الرحلة الأولى لبرنامج استكشاف القمر في القرن الحادي والعشرين، والتي تأخرت كثيراً.
وأدت التأخيرات المتكررة إلى تجاوزات في الميزانية بالمليارات، حيث تتكلف هذه المحاولة التي لم تكتمل نحو 4.1 مليار دولار، وفق تقرير «أِسوشييتد برس».
ويأمل الأميركيون في استعادة تاريخ رحلات «أبولو»، عندما هبط 12 رائد فضاء على القمر من عام 1969 حتى عام 1972.
وتتطلع «ناسا» إلى إنشاء قاعدة قمرية خلال فترة «أرتميس»، حيث يدور رواد الفضاء ويخرجون لأسابيع في كل مرة، وستكون الخطوة التالية هي المريخ، ربما في أواخر الثلاثينات أو أوائل الأربعينات.