عام من الجهاد الكفائي.. الحشد الشعبي يعمم الإرهاب

التطيف الحربي عامل أساسي في استمرار سيطرة «داعش» على 90 % من مساحة الأنبار

مقاتلون في قوات «الحشد الشعبي» يرفعون علم العراق وعلم أحد مكونات الحشد قرب مدينة بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون في قوات «الحشد الشعبي» يرفعون علم العراق وعلم أحد مكونات الحشد قرب مدينة بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

عام من الجهاد الكفائي.. الحشد الشعبي يعمم الإرهاب

مقاتلون في قوات «الحشد الشعبي» يرفعون علم العراق وعلم أحد مكونات الحشد قرب مدينة بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون في قوات «الحشد الشعبي» يرفعون علم العراق وعلم أحد مكونات الحشد قرب مدينة بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)

يعيش العراق ومعه محيطه الإقليمي على وقع السنة الأولى من فتوى «الجهاد الكفائي»، بقيادة ميليشيات الحشد الشعبي. وقد وضع المرجع الديني الشيعي السيستاني يوم الثالث عشر من شهر يونيو (حزيران) 2014، العراق أمام حالة جديدة أدت لتعميم الإرهاب، بأدوات ينظر إليها طائفيا أنها الذراع الواقية للدولة من «داعش» الإرهابية. إلا أن كثيرا من المراقبين يتفقون أن هذه الأشهر القليلة من عمر الميليشيات العراقية تؤكد أنها تنظيمات «فوق الدولة»، وليست جزءا من بنيتها العسكرية والأمنية، كما تزعم السلطة العراقية الحالية.
ولا يظهر ذلك فقط في مبادرات الهادي العماري، أو يحيى المهندس، أو الناطق الرسمي باسم الحشد الشعبي كريم النوري، القيادي البارز في منظمة بدر، بل يظهر كذلك في كيفية تعاطي الولايات المتحدة الأميركية مع هذه الميليشيات، من خلال التغاضي عن أعمالها الإرهابية، وعدم تقديم أفرادها للمحاكم.
والواقع أن الأعمال الإرهابية «لميليشيات الحشد الشعبي» لم تأخذ بعد ما تستحقه من الإدانة والانتقاد من التحالف الدولي ضد الإرهاب، ومن اهتمام الإعلام العالمي. فنادرا ما يتطرق للأعمال الوحشية التي ترتكب باسم الجهاد الكفائي، كما أن تناولها يكون عابرا ولا يعتبر الأفعال الوحشية المرتكبة أعمالا إرهابية، سواء تعلق الأمر بذبح المدنيين أو حرقهم، أو تهجيرهم قسريا.
وغير خافٍ أن هذا التعامل المحلي والدولي ينتج ردود فعل معاكسة، مثال ذلك ما أقدم عليه مجلس شيوخ عشائر قضائي الفلوجة والكرمة يوم 4-6-2015، حيث أعلن ولاءه للتنظيم الإرهابي، ومبايعة أبو بكر البغدادي «على السمع والطاعة»، مبررا ذلك بما ترتكبه الميليشيات الشيعية من أعمال إرهابية يغض الطرف عنها، ويتضح من ردة الفعل هذه أن التطيف الحربي باسم الجهاد الكفائي، هو عامل مركزي في تعميم الإرهاب وإطالة أمده فوق التراب العراقي، كما أنه عامل أساسي في استمرار سيطرة «داعش» على 90 في المائة من مساحة الأنبار التي يجد الجيش العراقي والميليشيات الشيعية صعوبة بالغة في إحراز تقدم ملموس لإخضاعها للسلطة المركزية.
فحسب البيان الذي تلاه الشيخ أحمد درع الجميلي المتحدث الرسمي باسم مجلس البيان، فإن قرار مبايعة تنظيم داعش، «كان نتيجة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها الميليشيات بحق أبناء السنة في محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار، والقصف المستمر الذي يطال أغلب المدن السنية ويخلف الآلاف من القتلى والمعاقين».
وأن «هذا القرار جاء بعد المداولة والاجتماعات المتعددة بين شيوخ ووجهاء قضائي الفلوجة والكرمة، والخروج بقرار موحد مفاده الوقوف مع تنظيم داعش، كونه القوة الوحيدة التي تقف بوجه الحكومة الصفوية وميليشياتها».
يأتي هذا في الوقت الذي يقود فيه شباب العراق حملة دولية لوقف ما أطلقوا عليه الإرهاب الإيراني في العراق. وقد أوضح محمد الدراجي، مؤسس ومنسق عام هذه الحملة الدولية أنه «انطلقت حملتنا بعد أن أصبح الإرهاب الإيراني في العراق يحظى بدعم دولي بحجة محاربة الإرهاب (..) لذا أصبح لزاما إطلاق حملة تستهدف أولا توعية العالم العربي والإسلامي بخطورة الإرهاب الذي وصل إلى بعض هذه البلاد، والضغط على بعض الجهات الداعمة أو المتواطئة مع هذا الإرهاب».
وقبل أيام قليلة، اعترف جلال محمد مستشار رئيس الجمهورية العراقي، بواحدة من الأعمال الإرهابية المثيرة لميليشيا الحشد الشعبي، حيث عمدت وحدات من الميليشيا إلى اختطاف أربعة من حراس فؤاد معصوم وهم في طريقهم من كركوك إلى بغداد، واحتجزتهم في مكان مجهول، فيما طلبت من رئاسة الجمهورية 70 ألف دولار فدية لكل فرد من أفراد الحراسة. ومن المثير للانتباه أن يقف رئيس جمهورية العراق عاجزا أمام أمراء «الجهاد الكفائي» وميليشياته، و«الأغرب» من ذلك أن يتوجه الرئيس فؤاد معصوم صوب وساطة السلطة الإيرانية لإطلاق سراح حراسه الأربعة.
إن هذا السلوك الرئاسي هو تعبير صادق عن خروج «الحشد الشعبي» من دائرة السيطرة الرسمية، رغم ما تدعيه السلطة العراقية. كما يدل الفعل الإجرامي المشار إليه أعلاه على أن الحشد الشعبي قادر على تجاوز كل السلط السياسية بالعراق. من جانب آخر يتضح أن الميليشيات صاحبة المبادرة الميدانية، وأنها تملك من الوسائل ما يؤهلها لفرض أجندتها على الدولة وليس العكس.
فرغم ما يقال من تحوّل «الحشد الشعبي» إلى هيئة رسمية معترف بها من قبل مجلس الوزراء، وأن ميليشياته تابعة رسميًا لرئيس الوزراء حيدر العبادي، بصفته قائدًا عامًا للقوات المسلحة، فإن الواقع يؤكد أن هذه المجامع العسكرية كيان مواز لقوة الدولة، ولاعب شرس لأدوارها بشكل طائفي، وأنه يتقوى برهان الدولة عليه، في الوقت الذي تحمل المنظمات المشكلة له، مشاريع عقدية، وسياسية، لا تبالي بالمصالحة السياسية العراقية، والتوافق الوطني، وإنما تركز على القيام بأدوار الدولة، وإرفاق ذلك بالتجييش الطائفي، وأنه لا صوت يعلو فوق دور هذه الميليشيات التي صرح رئيس الوزراء حيدر العبادي مرارا بأن «مقاتلي الحشد الشعبي يمثلون العمود الفقري في المعركة ضد داعش».
لا تقوم هذه الميليشيات بالدور العسكري فقط، بل إنها تسيطر على المدن وتقوم بإدارتها، ولا تستطيع السلطات الرسمية التصرف إلا وفق طريقة الإدارة المحلية التي تطبقها الميليشيات؛ فبتاريخ 4-6-2015م، رفض «الحشد الشعبي» عودة نازحي مدينة تكريت من كركوك وغيرها، رغم أن هناك قرارا رسميا بذلك، حيث صرح أحد أعضاء الحكومة المحلية في صلاح الدين بأنه «كانت السلطات على علم بحقيقة الأوضاع حين قطعت وعودها السابقة للنازحين التي نصت على إعادتهم قبل حلول شهر رمضان المبارك، لكنها تراجعت عن جميع الوعود بعد قرار صارم من قيادات ميليشيا الحشد الشعبي».
ولا يتعرض المواطن العراقي لمثل هذه الممارسات فقط، بل إن الحشد الشعبي ينافس «داعش» في الأعمال الإرهابية؛ ففي نحو أسبوع فقط قامت عناصر من هذه الميليشيا بحرق عدد غير محدد من المدنيين السنة، ومارست ذلك بسادية وبشاعة، مما يؤكد ما سجله العديد من المراقبين من كون الجهاد الكفائي ما هو إلا تأسيس جديد لنوع من الإرهاب، لا يختلف عن إرهاب «داعش» من حيث الممارسة ومنطلقاته العقدية.
فقد أكد مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان، مهند العيساوي، أن قوات من الحشد الشعبي قامت بعد دخولها لمناطق سيد غريب والنباع جنوب صلاح الدين بحرق عدد من المواطنين أحياء، وقد أكد شهود عيان بهذه المناطق أن الحشد الشعبي عمد لإخفاء الجريمة، عبر تجميع الجثث في منازل وبعد ذلك قام بتفجيرها. يأتي هذا في الوقت الذي انتشرت فيه أشرطة مصورة تظهر الميليشيا وهي تحرق شابا سنيا في نفس المنطقة المشار إليها، ويظهر الشاب ممددا على الأرض والنار تلتهم نصفه السفلي.
أما العملية التي أثارت نوعا من الاستياء الدولي هذا الأسبوع، فقد تعلقت بتعليق شاب سني وإحراقه بنفس الطريقة التي تعتمد للشواء، فقد تداول على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي شريط يظهر حرق شاب سني في محافظة الأنبار، من طرف عناصر ميليشيا شيعية، ويظهر بالفيديو أن عناصر من كتيبة «الإمام علي» الشيعية هم من قاموا بهذا العمل الإرهابي. وكان ناشطون وبعض السياسيين العراقيين قد تداولوا منذ أربعة أشهر فيديو آخر، يظهر قيام عناصر من الحشد الشعبي بإحراق أربعة من الشباب السنة بالرمادي. وتكرار هذه العملية يدل بما لا يدع مجالا للشك على أن «داعش» لم يعد يحتكر العمل الإرهابي، وأن فتوى الجهاد الكفائي تشكل مرجعية جديدة لإرهاب جديد بصبغة طائفية.

* أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».