برنامج ياباني يثير دهشة روّاد «نتفليكس»

أطفال يواجهون العالم بمفردهم ويحققون انتصارات صغيرة

برنامج ياباني يثير دهشة روّاد «نتفليكس»
TT

برنامج ياباني يثير دهشة روّاد «نتفليكس»

برنامج ياباني يثير دهشة روّاد «نتفليكس»

يخرج هيروكي من البيت متوجّها إلى السوق لشراء السمك المثلّج وبهارات الكاري وبعض الأزهار. شارعان يفصلان بين المنزل والسوبرماركت وعليه أن يعبر طريقاً سريعة حتى يصل إلى هناك.
نعم، وما الغريب في الأمر؟
الغريب أن عُمر هيروكي سنتان و9 أشهر. يذهب بمفرده لإنجاز المهمة الموكلة إليه من قِبَل أمه. يسير بعيداً عن عيون والدَيه، لكن تحت عدسة الكاميرا التي ترافقه خطوة خطوة.
ليس Old Enough «كبير بما فيه الكفاية» ذاك المسلسل الذي يتوقّع مشاهد منصة «نتفليكس» أن يقع عليه. فلا دراما هنا ولا مؤثرات خاصة ولا ميزانيات مليونيّة ولا خيال، لكنّ التشويق مضمون، والابتسامة كذلك.

في كواليس البرنامج
البرنامج التلفزيوني المعروف في اليابان منذ بداية التسعينات والذي اعتاد 20 في المائة من اليابانيين أن يتسمّروا أمام الشاشة لمتابعته كلّما بُثّت حلقة منه، انتقل مؤخرا إلى «نتفليكس». 20 حلقة نادراً ما تتخطى الـ20 دقيقة، توثّق مغامرات أطفال تتراوح أعمارهم بين السنتين والـ5 سنوات.
على طريقة تلفزيون الواقع، تلحق الكاميرا بالصغار الذين يخرجون من المنزل لتنفيذ مهمتهم الأولى على الإطلاق، وهي غالباً ما تكون شراء بعض الحاجيات أو إيصال أغراض إلى الجيران والأقارب، أو حتى اقتلاع الملفوف من الحديقة!
قد تبدو تلك المغامرات أقل من عادية في نظر البالغين، أما في عيون هؤلاء الصغار فتتنوّع الانطباعات بين ذعرٍ وقلقٍ وفرحٍ وفخر في الحلقة الواحدة، إزاء المسؤوليات الضخمة المُلقاة فوق أكتافهم الطرية.
بالعودة إلى هيروكي، بطل الحلقة الأولى، فهو يخرج من البيت من دون تردّد ولا دمعة. يستكشف الطريق ويعلّق على كل ما يصادفه محدّثاً نفسه «إنها سيارة إسعاف»، «هذا غصن يابس طويل يصلح لصيد السمك»... يعدّ خطواته بصوت مرتفع، يلوّح للباص العابر، ثم يصل إلى مدخل السوبرماركت ويتوقّف لبرهة محاولاً تذكّر سبب وجوده في هذا المكان! فجأة يتذكّر، فيدخل ويبحث عن السمك والأزهار... يضع الحاجيّات في سلّة، يدفع الحساب ويخرج. يسلك طريق البيت، ثم يتنبّه إلى أنه نسي الكاري، فيعود أدراجه إلى السوبرماركت. يلوّح بعَلمه الأصفر الصغير للسائقين عندما يريد عبور الطريق السريعة، ويرجع لاهثاً، إنما منتصر إلى البيت.

هي انتصاراتٌ صغيرة تمنح شعوراً بالامتلاء المعنوي وتفتح طاقة حيويّة، لمُشاهدٍ ناضج اعتاد الجلوس الطويل أمام الشاشة وبات يفكّر مائة مرة قبل أن يقرر الانتقال من الصالون إلى المطبخ لجلب كوبٍ من الماء. ففي هؤلاء الأطفال ما يكفي من الجرأة الفطريّة للخروج من دائرة الأمان الضيّقة وأحضان الأم الدافئة. لا يحدث ذلك بسلاسة دائماً كما كانت الحال مع هيروكي، فبعضهم يبكي خوفاً وتردُداً ما إن توكل المهمة إليه، قبل أن يستسلم للأمر الواقع.
صحيحٌ أنّ البرنامج على قدرٍ عالٍ من العفوية، إلا أنّ شيئاً لا يُترك للصدفة. إذ يتمّ اختيار الأطفال بالاتفاق مع الوالدَين، ويحضّر فريق العمل بالتعاون مع الأهل كل تفاصيل الحلقة: من خريطة الطريق التي سيسلكها الولد، إلى المهمة التي ستوكل إليه، كما أنهم يُعلمون كل مَن سيحتكّ بهم من أقارب وجيران وموظفي متاجر بالموضوع.
أما فريق العمل، فينقسم بين مصوّرين ومسؤولين عن الأمن. لا يحتكّون بالأطفال ولا يساعدونهم. يكتفون بتصويرهم من كل الزوايا، وبمراقبتهم تحسّباً لأي حادث. وفي حال سألهم الولد عن هويّتهم أو عمّا يفعلون حوله، يدّعون أنهم عمّال في قطاع الكهرباء وأنّ الكاميرا المغلّفة جيداً هي آلة لقياس التيار الكهربائي. لكن نادراً ما يحصل هكذا احتكاك، لا سيما أن تركيز الأطفال غالباً ما يكون مصوّبا باتّجاهٍ واحد، وهو إنجاز المهمة.
ليست كل الحلقات المعروضة بالجديدة فبعضها يعود إلى عام 2001، غير أنّ ذلك لم يخفّف من حماسة المشاهدين تجاه البرنامج. لقد تبنّاه جمهور «نتفليكس» حول العالم، ليس لخفّة ظلّ الأطفال فحسب، بل للنكهة اليابانية الطاغية عليه. يفرد Old Enough مساحة، وإن صغيرة، للتعرّف إلى بعض بلدات اليابان بطبيعتها الخضراء الساحرة، كما أنّ التقاليد العائلية والعادات الغذائية هي جزء لا يتجزّأ منه. ينطق باللغة اليابانية التي تُستخدم حروفها بكثافة على الشاشة، لكنّ الترجمة كافية للدخول في الأجواء وعدم الشعور بالغربة والاستغراب.
المُشاهد الأميركي ممتعض!
فور بدء بثّه على المنصة العالمية، أثار البرنامج الواقعي حفيظة بعض المتابعين، خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية، حيث ذهب بعض الآباء والأمهات إلى حدّ اتهام «نتفليكس» بالترويج للإهمال وللمخاطرة بحياة الأطفال. أصرّوا على المقارنة بين ما يرون على الشاشة وواقع الحال في بلدهم. ذُهلوا إلى درجة أنهم نسَوا طوق الأمان المُحكَم الذي يحيط بالأطفال خلال التصوير، ولم يتبادر إلى ذهنهم أن المناطق التي تدور فيها الأحداث هي أقرب إلى القرى النائية منها إلى المدن المكتظّة، فلا حركة مرور كثيفة هناك ولا ناطحات سحاب تبتلع الأطفال. هذا إضافة إلى أنّ اليابان تتمتّع بنسبة جريمة منخفضة جداً، وببنى تحتيّة صديقة للأطفال.
https://www.youtube.com/watch?v=qA_AUMxSZUM
لا داعي للقلق، فالبرنامج متعة للعين والروح معاً. كما أنه انعكاسٌ للثقافة التربويّة في اليابان، حيث ينشأ الأطفال على حس الاستقلالية والثقة بالنفس والمسؤولية والاتّكال على الذات. ليس الذهاب لشراء الحاجيات أو ركوب الحافلة العامة بمفردهم أمراً محصوراً في إطار البرنامج فحسب، بل هي أنشطة يتدرّب عليها الأولاد منذ سنواتهم الأولى. لا يقلقهم ذاك الكلب الشارد، ولا تلك السيارة العابرة، ولا ذلك الشخص الغريب الذي يحاول محادثتهم، بقدر ما ينشغلون ذهنياً وجسدياً بالسيطرة على مخاوفهم وعدم الاستسلام للدموع، وإنجاز ما عليهم إنجازه؛ من حفظ الطريق، وتذكّر الحاجيات المطلوبة، وتسديد النقود من دون خطأ.
يحدث في معظم الحلقات أن يشرد الطفل قليلاً خارج قائمة المهام الموكلة إليه، فيأخذ فترة استراحة أو يلهو أو يشتري سكاكر بدلاً مما هو مطلوب منه، لكنّ السرديّة تبقى ثابتة: لا يتخطّى طفلٌ مخاوفه إلا عندما يتعلّم السيطرة عليها من خلال الاتّكال على نفسه. يضبط الأهل كذلك قلقهم، في مسعى منهم لتربية أولاد أذكياء ومستقلّين ومسؤولين، من دون أن يستخفّوا بسلامتهم وأمانهم.
متسلّحين ببراءتهم ونقائهم وبفطنتهم الطبيعية، يخرج أبطال Old Enough الصغار لمواجهة العالم بمفردهم. وبحكمتهم التي لا تتخطّى السنوات الخمس، يحدّثون أنفسهم قائلين: «أنا ذكي»، «أنا قوي»، «نعم أستطيع أن أفعل ذلك».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».