دراسة: أداء الموظفين الجالسين أفضل من حيث التفكير والتركيز

رغم الفوائد الصحية للمكاتب المجهزة بمعدات الوقوف في الولايات المتحدة

احدى موظفات شركة غوغل العالمية أثناء العمل ({نيويورك تايمز})
احدى موظفات شركة غوغل العالمية أثناء العمل ({نيويورك تايمز})
TT

دراسة: أداء الموظفين الجالسين أفضل من حيث التفكير والتركيز

احدى موظفات شركة غوغل العالمية أثناء العمل ({نيويورك تايمز})
احدى موظفات شركة غوغل العالمية أثناء العمل ({نيويورك تايمز})

تتمتع المكاتب ذات المشاية بشعبية ما، في الكثير من المكاتب اليوم، لأنها تساعد أولئك الذين يلتصقون بمكاتبهم لأداء أعمالهم طوال النهار على التحرك، وحرق المزيد من السعرات الحرارية وتحسين صحتهم بشكل عام.
ولكن هناك دراسة حديثة مثيرة للاهتمام طرحت بعض المخاوف العملية حيال آثار المشي في مكان العمل وتشير إلى وجود جوانب سلبية غير معروفة من استخدام المكاتب ذات المشاية إذا ما أردت الكتابة أو التفكير أثناء العمل.
تتواصل الأدلة العلمية المؤكدة على الفوائد الصحية للجلوس أقل والتحرك أكثر أثناء اليوم. وإحدى الدراسات التي نشرت الشهر الماضي في الاجتماع السنوي للكلية الأميركية للطب الرياضي لعام 2015 في سان دييغو أفادت أن الموظفين دائمي الجلوس ممن يستخدمون المكاتب ذات المشاية لمدة ساعتين في كل يوم عمل لمدة شهرين قد تحسنت لديهم، وبشكل ملحوظ، معدلات ضغط الدم ويتمتعون بنوم أفضل أثناء الليل.
ولكن بقدر جاذبية تلك المكاتب، فلا بد من تكاملها مع جو العمل العام وينبغي اختبارها من حيث تأثيرها على الإنتاجية. ولكن المدهش أن القليل من الأبحاث تناولت ما إذا كانت المكاتب ذات المشاية تؤثر على مقدرة الفرد على إنجاز الأعمال.
ففي دراسة جديدة نشرت في شهر أبريل (نيسان) الماضي على موقع «بلوس وان» تخير الباحثون من جامعة بريغام يونغ بولاية يوتاه مجموعة بحثية من 75 شابًا وفتاة من الأصحاء، ونقلوهم إلى أماكن للعمل مجهزة بحواسيب ومقاعد أو مكاتب ذات المشاية.
ضُبطت المكاتب ذات المشاية لتعمل بسرعة 1.5 ميل/ ساعة مع انحدار صفري. ولم يكن أي من المشاركين في الدراسة قد استخدموا المكاتب ذات المشاية من قبل، ولذا فقد تلقوا بعض التعليمات حول الاستخدام والممارسة لبضعة دقائق قبل العمل. وأولئك المكلفون بالعمل على المكاتب الاعتيادية كان من المفترض أن يكونوا على دراية باستخدامها.
ثم طُلب من المتطوعين استكمال سلسلة من الاختبارات تدور حول البراعة اليدوية والعقلية.
كانت المهام اليدوية بسيطة للغاية، ومصممة لقياس الجوانب العملية للإدراك، مثل ذاكرة العمل والاستدعاء المتأخر، والمقدرة على التركيز، وكلها أمور مهمة لأداء العمل المكتبي. وفي واحدة من تلك الاختبارات، كان على المتطوعين تعلم ثم تذكر قوائم من الكلمات لاحقًا. وفي اختبار آخر، طُلب منهم تذكر قوائم من الأرقام وجمعها في رؤوسهم أثناء إضافة أرقام جديدة إلى القائمة، مما قد يثير ذكريات قديمة مقلقة تعود إلى اختبارات الجبر بالمرحلة الثانوية.
وجاءت النتائج، بعد مقارنة الباحثين بين المشاركين المستخدمين للمكاتب ذات المشاية مع أولئك الجالسين إلى مكاتبهم الثابتة، في جانب العمل أثناء الجلوس. حيث جاء أداء الموظفين العاملين أثناء المشي أسوأ بكثير على كل الجوانب تقريبًا من حيث التفكير، ومن بينها القدرة على التركيز والتذكر، مقارنة بأولئك الجالسين إلى مكاتبهم.
كما جاءت النتائج سيئة للغاية كذلك فيما يتعلق بالكتابة، حيث كان الأداء بطيئًا للغاية ويحمل الكثير من الأخطاء بالمقارنة بالموظف الجالس إلى مكتبه.
ليس للدهشة مجال حيال تدهور القدرة على الكتابة أثناء استخدام المكاتب ذات المشاية، كما يقول مايكل لارسون، أستاذ علم النفس وعلوم الأعصاب في جامعة بريغام يونغ، الذي قاد الدراسة المذكورة، حيث يقول: «إننا لسنا كائنات ثابتة. حتى لو كان مقدار التذبذب في جسدك ضئيلاً، فإنك دائمًا ما تقترب أولاً ثم تتراجع ثانيًا اقترابًا وابتعادًا عن لوحة المفاتيح طيلة الوقت. إن الأمر يشبه الكتابة أثناء التجديف». ولكن درجات الإدراك المنخفضة لدى الموظفين المستخدمين للمكاتب ذات المشاية، مقارنة بالجالسين على الكراسي، لم تكن متوقعة، حسبما أفاد الدكتور لارسون؛ حيث إن غالبية الدراسات التي تدور حول الأنشطة البدنية الإدراكية تظهر أن الحركة تحسن التفكير.
لاحظ الدكتور لارسون أن تلك الدراسات ركزت بصفة عامة على آثار التفكير بعد المشي أو التحرك، وليس على كيفية تفكير الناس أثناء المشي فعليًا. في الدراسة المذكورة، كما يتابع، يبدو أن استخدام المكاتب ذات المشاية يستهلك قدرًا من الموارد الإدراكية المتاحة لدى مجموعة المتطوعين. ومع تكريس جانب من التفكير للحفاظ على توازنهم على المكاتب ذات المشاية، فإنهم يصبحون، بصورة هامشية، أقل قدرة على التركيز والتذكر.
كان ذلك الأثر محدودًا، من حيث اختبار الناس لمرة واحدة فقط أثناء استخدام المكاتب ذات المشاية أو العمل أثناء الجلوس. ومن المرجح للغاية، كما يقول الدكتور لارسون، إنه إذا تكرر استخدام الناس للمكاتب ذات المشاية، فسوف يعتادون على آثارها ويتحسن أداؤهم في المشي والكتابة والتفكير في نفس الوقت. ومن الجدير بالذكر، كما يضيف الدكتور لارسون، أن الأداء الإدراكي للمتطوعين على المكاتب ذات المشاية، وفي حين أنه أسوأ من المجموعة الجالسة على الكراسي، إلا أنه «يبقى في حدود ما يمكن اعتباره طبيعيًا» في كل الاختبارات. فهم لا يفقدون القدرة على الجمع. لم يكونوا فقط بارعين على ذات مستوى رفقائهم الجالسين على الكراسي. والنتيجة النهائية، كما يستطرد الدكتور لارسون، تكمن في أن الشخص الذي يفكر في استخدام المكاتب ذات المشاية عليه التخطيط لفترة من التكيف وقد يكون عليه التعامل مع الآثار المتعلقة بالكتابة وربما حتى التفكير.
ولكن حتى مع ذلك التحذير، كما يقول، فإنه يعتقد أن الفوائد الصحية للمكاتب ذات المشاية ينبغي أن تتجاوز أي انخفاض في الإنتاجية، وفي واقع الأمر، فإنه يخطط لشراء جهاز منها لنفسه.
خدمة «نيويورك تايمز»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».