لبنان: إضراب موظفي الشركتين المشغّلتين للخليوي يهدد بشل قطاع الاتصالات

الوزير جوني القرم: الأولوية لتنفيذ التزاماتنا تجاه المشتركين

TT

لبنان: إضراب موظفي الشركتين المشغّلتين للخليوي يهدد بشل قطاع الاتصالات

لا يكاد قطاع الاتصالات في لبنان يخرج من أزمة حتى يقع بأخرى. فبعد أن كان مهدداً بالانهيار التام قبل أشهر نتيجة غياب المداخيل بالدولار فيما كل المصاريف التشغيلية بالعملة الصعبة ما أدى لزيادة التعرفة، وفي ظل شح مادة المازوت ما يهدد دائماً بوقف السنترالات والخدمات في المناطق، أتى إضراب موظفي الشركتين المشغلتين للخليوي «ألفا» و«تاتش» الذي بدأ أمس (الخميس) ليهدد جدياً بشل القطاع.
ويطالب الموظفون بزيادة رواتبهم التي بعدما كانوا يتقاضونها بالدولار الأميركي قبل الأزمة المالية - الاقتصادية في عام 2019، باتوا يحصلون عليها على أساس سعر صرف 8000 ألف ليرة وهو السعر المعتمد للسحوبات في المصارف، علماً بأن سعر الصرف في السوق السوداء تجاوز أخيراً الـ34 ألفاً للدولار الواحد.
وأقفلت أمس كل فروع «ألفا» و«تاتش» ونقاط البيع في المراكز الرئيسية للشركات وفي المناطق وتوقفت عملية بيع الخطوط وبطاقات التشريج وخدمات الزبائن كما توقفت نتيجة الإضراب كل أعمال الصيانة للمحطات، ما من شأنه أن يخلق اضطراباً كبيراً في السوق ويهدد بوقف للاتصالات والإنترنت نتيجة وقف أعمال الصيانة.
وتحدث وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم عن «قلة احترافية» في مقاربة موضوع الإضراب من القيمين عليه، لافتاً إلى أن «نقيب موظفي ومستخدمي الشركات المشغلة للقطاع الخليوي بدأ بالتهجم على الإدارة والوزارة والمطالبة برواتب بالفريش دولار عبر الإعلام وفي بيانات وزعها قبل انطلاق أي مفاوضات معنا بهذا الخصوص». وشدد القرم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن أولوياته تبقى التزاماته تجاه المشتركين «الذين ينتظرون منّا بعد زيادة التعرفة تحسين الخدمة، لذلك نعقد اجتماعات أسبوعية لوضع خطة عمل مفصلة للانطلاق في هذا المسار بعد نجاحنا بوقف انهيار القطاع وتأمين استمراريته».
وأوضح القرم: «كنا قد عرضنا أن يتم تأمين 10 في المائة من رواتب العاملين في الشركتين بالفريش دولار في الشهر الأول في حال تم تحقيق أول هدف من الخطة الموضوعة للنهوض بالقطاع على أن تزداد النسبة 5 في المائة في الشهر الثاني و5 في المائة في الشهر الثالث شرط تحقيق الأهداف المنشودة، فنكون بذلك أمنّا 20 في المائة من الراتب بالدولار، لكننا تفاجأنا بمطالبتهم بهذه النسبة منذ الشهر الأول وبغضّ النظر عن تحقيق الأهداف التي وضعناها». وأشار القرم إلى أن «الرأي العام يجب أن يكون على اطلاع على ما يحصل ليعرف من يعرقل النهوض بالقطاع ويشله ومن يعمل على استمراريته وتحسين الخدمات».
وأقرت الحكومة اللبنانية رفع تعرفة الاتصالات في مايو (أيار)، فارتفعت أسعار خدمات الاتصالات الخلوية خمسة أضعاف، فيما تضاعفت أسعار الخطوط الأرضية. وردت الحكومة كما وزارة الاتصالات آنذاك قرار رفع التعرفة إلى التصدي لانهيار القطاع، باعتبار أن معظم مصاريفه بالدولار «الفريش» (أي الذي دخل لبنان بعد عام 2019 والذي تجاوزت قيمته في السوق الموازية 34 ألفاً)، فيما مداخيله كانت لا تزال قائمة على سعر الصرف الرسمي أي 1500 ليرة للدولار الواحد. وتلقائياً توقع موظفو شركتي الخليوي أن ترتفع رواتبهم مع رفع تعرفة الاتصالات وبدأوا مفاوضات مع المسؤولين عن الشركتين ووزارة الاتصالات، إلا أن النقاشات وصلت إلى حائط مسدود ما أدى لإعلانهم الإضراب.
وأشار نقيب موظفي ومستخدمي الشركات المشغلة للقطاع الخليوي مارك عون، إلى أنه «بعدما باتت الشركتان تتقاضيان القيمة الفعلية للخدمات والمنتج الذي تقدمه، نتوقع أن يتقاضى الموظفون رواتبهم بقيمتها الفعلية، لذلك بدأنا مفاوضات مع المعنيين لأن آخر ما كنا نريد الوصول إليه كان الإضراب في ظروف كالتي نمر بها وخلال الموسم السياحي»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حاولنا المستحيل كي لا نصل إلى الإضراب فخفضنا الأرقام التي كنا نطالب بها إلى حدود دنيا لكن لم يكن يحصل تجاوب معنا واستمروا بالتعاطي بتعالٍ وتكابر».
ولفت عون إلى أن «معظم الشركات ومنذ نحو عامين باتت تؤمّن مبالغ من الفريش دولار لموظفيها تتراوح ما بين 10 و50 في المائة، إلا موظفي شركتي الخليوي ظلوا حتى اليوم لا يتقاضون أي مبالغ بالفريش كما أنهم ليسوا قادرين على سحب كامل رواتبهم من المصارف التي تحدد سقوفاً متدنية للسحوبات». وأضاف: «نعلم أن الإضراب مؤذٍ للبلد، هو مؤذٍ لنا ولأهلنا وأصدقائنا لأنه يعني أن الاتصالات والإنترنت ستتأثر ولن يكون هناك إمكانية لشراء خطوط أو بطاقات تشريج وستتوقف خدمة الزبائن، لكننا مضطرون إلى هذه الخطوة لتأمين حقوقنا في ظل تجاهل المسؤولين والوزير لمطالبنا».
وبدا لافتاً عدم تطرق الاجتماع الذي عُقد أمس بين وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم والمسؤولين في شركتي «ألفا» و«تاتش» لإضراب الموظفين. وقال بيان صادر عنهم إن الاجتماع كان لمتابعة الإجراءات والخطوات المعتمدة لسير العمل ولخطة الحلّ من أجل تحسين الخدمة ونوعية الاتصال وتأمين استمرارية القطاع.
وتناول الاجتماع مؤشر جودة الخدمات ومستوى الإرسال من أجل تحقيق نسبة 95 في المائة من التغطية على كامل الأراضي اللبنانية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهي النسبة التي تحقّقت يوم الانتخابات النيابية وكانت تتحقّق عام 2018، كما بحث في نسبة الاستهلاك وعدد المشتركين. ولفت البيان إلى زيادة عدد المشتركين بنسبة 1 في المائة لدى «تاتش» وزيادة مدخول الشركة 6 أضعاف بالمقارنة مع نسبة 5.2 في المائة التي كانت متوقعة.
كما جرى البحث في موضوع المشكلات التقنية التي تواجه الشبكتين وتؤثر سلباً على عملية الإرسال وخدمات الإنترنت والاتصال، وقد أعطى القرم توجيهاته بضرورة العمل لحل أي مشكلة وتأمين الخدمة للمواطنين.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
TT

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

قال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا، الجمعة، إن هناك تقارير عن عمليات نزوح واسعة من مناطق في ريف حلب الغربي ومناطق داخل المدينة مع إعلان فصائل مسلحة دخولها مدينة حلب.

وأضاف المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا أن بعض العائلات نزحت من حلب وإدلب إلى أماكن إيواء جماعية في حماة.

وأشار المكتب إلى أنه تم إغلاق مطار حلب الدولي، وتعليق جميع الرحلات، مضيفاً أن «الوضع الأمني في حلب يتدهور بشكل سريع».

وسيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة أخرى على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، في إطار هجوم واسع تشنّه في شمال سوريا دخلت خلاله مدينة حلب.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أهمية سراقب (شمال غربي) أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق».

دخلت مجموعات مسلحة بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا، الجمعة، مدينة حلب في شمال سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته قبل يومين على القوات الحكومية، هو الأعنف منذ سنوات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لكبرى مدن الشمال السوري.

وأضاف أنّها سيطرت على خمسة أحياء في ثانية كبرى مدن البلاد، مشيراً إلى أنّ الجيش السوري «لم يبدِ مقاومة كبيرة».

وهي المرة الأولى التي تدخل فيها فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد الجيش السوري السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وأفاد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حلب بوقوع اشتباكات بين الفصائل، والقوات السورية ومجموعات مساندة لها.

كذلك، قال شاهدا عيان من المدينة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا مسلحين في منطقتهما، وسط حالة من الهلع.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصاً، وفقاً للمرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 28 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم الجيش في المعركة.

وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة تمر بها منطقة الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب الجيش النظامي في سوريا.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل سيطرت على أكثر من خمسين بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد السوري، في أكبر تقدّم منذ سنوات تحرزه المجموعات المسلحة السورية.

وكان المرصد أفاد، الخميس، بأنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» وحلفاءهم تمكّنوا من قطع الطريق الذي يصل بين حلب ودمشق.

وتعرّض سكن جامعي في مدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، بحسب وكالة «سانا» الرسمية.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر (51 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورمايات مدفعية وأحياناً أصوات طائرات»، مضيفاً: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا».

وقال ناصر حمدو البالغ (36 عاماً) من غرب حلب، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصادياً لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد».

ووصلت تعزيزات من الجيش إلى حلب، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري.

وقبل إعلان المرصد دخول «هيئة تحرير الشام» إلى المدينة، أشار المصدر الأمني إلى «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب». وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل ولن تتعرض لأي تهديد».

وتابع: «لم تُقطع الطرق باتجاه حلب، هناك طرق بديلة أطول بقليل»، متعهداً بأن «تفتح كل الطرق قريباً».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري، أدّت إلى مقتل شخص.

بدوره، أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أن قواته الجوية تقصف فصائل «متطرفة».

عناصر تتبع فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا قوله إن «القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين»، موضحاً أنها «قضت» على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.

ودعت تركيا، الجمعة، إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة في شمال غربي البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عبر منصة «إكس»، إنّ الاشتباكات الأخيرة «أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية».

أطراف دولية

يعد القتال الناجم عن هذا الهجوم، الأعنف منذ سنوات في سوريا، التي تشهد منذ عام 2011 نزاعاً دامياً عقب احتجاجات شعبية أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع الملايين إلى النزوح، وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.

وفي عام 2015، تدخلت روسيا إلى جانب الجيش السوري، وتمكنت من قلب المشهد لصالح حليفها، بعدما خسر معظم مساحة البلاد.

وخلال شهرين من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، كثّفت الدولة العبرية ضرباتها للفصائل الموالية لإيران في سوريا.

وقدمت هذه الفصائل، وأبرزها «حزب الله»، دعماً مباشراً للقوات السورية خلال الأعوام الماضية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد.

والجمعة، عدّ المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوضع في حلب «انتهاك لسيادة سوريا». وأعرب عن دعم بلاده «للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

في إدلب، عدّ رئيس «حكومة الإنقاذ» التي تدير مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» محمد البشير، الخميس، أن سبب العملية العسكرية هو حشد النظام «في الفترة السابقة على خطوط التماس وقصفه مناطق آمنة، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الآمنين».

وتسيطر «هيئة تحرير الشام» مع فصائل مسلحة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، وأعقب هجوماً واسعاً شنّته القوات السورية بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.

وشاهد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، مقاتلين من فصائل عدة في مدينة الأتارب يتقدمون إلى مشارف مدينة حلب، في ظل انسحاب الجيش ودخول دبابات وآليات تابعة للفصائل المعارضة.

وقال مقاتل ملثّم، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا مُهجَّر منذ خمس سنوات، والآن أشارك في المعارك، وإن شاء الله سنعيد أرضنا وبلدنا اللذين أخذهما النظام، وندعو إخوتنا الشباب الجالسين في منازلهم للانضمام إلينا كي نعيد البلد».