زيادة كبيرة بالطلاق ونمو طفيف للزواج... هل غيّرت «الجائحة» المصريين؟

سجلت إحصائيات الطلاق الموثق رسمياً في مصر عن العام الماضي، قفزة بلغت 14 في المائة، مقابل نمو محدود لعقود الزواج على نحو بات يطرح الكثير من الأسئلة عن أسباب وتداعيات تلك الأزمة التي تؤرق كثيرين. وقال «الجهاز المركزي للتعبئة العامـة والإحصاء» أول من أمس (الثلاثاء)، إن «عدد حالات الطلاق سجل 254777 حالة عام 2021 مقابل 222036 حالة عام 2020 بنسبة زيادة قدرها 14.7 في المائة، بينما بلغت عقود الزواج 880041 عقداً عام 2021 مقـابل 876015 عقداً عام 2020 بنسبة زيادة قدرها 0.5 في المائة».
ووفق خبراء، فإن تلك الأرقام «هي فقط ما تم توثيقه من مصادر متنوعة أبرزها المحاكم وشهادات الزواج والطلاق المسجلة عند المأذونين، لكن هناك الكثير من حالات الانفصال غير الموثق لا سيما في القرى والمناطق الريفية النائية بمحافظات الوجهين البحري والقبلي».
وشهد العام الماضي الذي تتصدى له الإحصائية، ذروة جائحة «كورونا» حول العالم، وعبّر مسؤولون رسميون في مصر عن مخاوف من «التداعيات الاقتصادية» للجائحة. غير أن استشارية العلاقات الزوجية د. خلود زين تعتقد أن «جائحة كورونا أسهمت في ارتفاع حالات الطلاق ليس في مصر فقط بل حول العالم لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا والصين»، مشيرة إلى أن «اضطرار الزوجين للجلوس معاً ساعات أطول من المعتاد جعل المشكلات التي كانت متوارية تطفو إلى السطح، ومن ثم يحدث الصدام».
وتضيف زين في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن «كورونا في حد ذاتها ليست سبباً للطلاق لكنها منعت الزوجين أو أحدهما من اتّباع سياسة (إرجاء المشكلة) وعدم المواجهة عبر الهروب خارج المنزل فترات طويلة تحت أي حجة». وتشير استشاري العلاقات الزوجية إلى بعد اقتصادي أكثر ظهوراً وتأثيراً في الدول ذات الدخل المحدود، ويتعلق بـ«تراجع فرص العمل، واستغناء الكثير من الشركات والمؤسسات والمصانع عن العاملين بها ضمن تداعيات وباء كوفيد، وهو ما خلق أعباء ضاغطة انعكست بدورها على الحياة الزوجية وجعلت شبح الطلاق يخيم على البيت المصري».
وحذّر الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً من ظاهرة ارتفاع معدلات الطلاق، داعياً إلى «سن قانون جديد وإجراء أبحاث فقهية لمحاولة عدم الاعتداد بالطلاق الشفوي، والاعتراف فقط بالانفصال الموثق للحد من الظاهرة»، مشيراً إلى أن ارتفاع معدلات الطلاق «يعد واحدة من أخطر القضايا التي تؤثر على المجتمع وتماسكه ومستقبله». وتؤكد د. سوسن فايد، أستاذ علم نفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن «وباء كوفيد جاء كعنصر إضافي ليفاقم من الأزمة في ظل أسباب متجذرة في المجتمع، حيث تعود معظم أسباب الطلاق إلى الاختيار الخاطئ من البداية، وعدم توفر عنصري التكافؤ الاجتماعي، والتوافق النفسي».
وكان الاقتصاد المصري قد تعرض لضربة قوية بسبب تداعيات أزمة وباء «كورونا» نتيجة الإغلاق الجزئي والتوقف المفاجئ بقطاع السياحة التي تسهم بنحو 12 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وتراجع إيرادات الضرائب. ويلفت الخبير الاقتصادي د. رشاد عبده، أستاذ الاستثمار والتمويل، إلى أن «الاستقرار الاجتماعي هو أولى ضحايا الأزمات الاقتصادية المفاجئة، وبالتالي كان من الطبيعي أن تتزايد معدلات الطلاق في ظل الجائحة». ويعتقد عبده أن «ارتفاع مستوى الدخول لدى قطاع كبير من النساء في مصر قبل (كوفيد – 19)، بحيث لم تعد هذه الفتاة أو تلك تتزوج بهدف تأمين حياتها المادية والبحث عن رجل يغطي نفقاتها، أسهم في أن يصبح قرار الانفصال أكثر حضوراً مع المشكلات أو الأزمات التي تعترض الحياة الزوجية».