صادرات جنوب آسيا تحت نير الأزمة الاقتصادية

وسط صراع لفرض السيطرة بين الصين والهند

تعد بنغلاديش نموذجا للدول الصغيرة التي شهدت نموا فائقا قبل أن تهبط بقوة إثر الأزمات الاقتصادية العالمية الحالية (رويترز)
تعد بنغلاديش نموذجا للدول الصغيرة التي شهدت نموا فائقا قبل أن تهبط بقوة إثر الأزمات الاقتصادية العالمية الحالية (رويترز)
TT

صادرات جنوب آسيا تحت نير الأزمة الاقتصادية

تعد بنغلاديش نموذجا للدول الصغيرة التي شهدت نموا فائقا قبل أن تهبط بقوة إثر الأزمات الاقتصادية العالمية الحالية (رويترز)
تعد بنغلاديش نموذجا للدول الصغيرة التي شهدت نموا فائقا قبل أن تهبط بقوة إثر الأزمات الاقتصادية العالمية الحالية (رويترز)

رصدت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، والتي تفاقمت بسبب أزمتي جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، والعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، وذلك على قطاع التصدير في دول جنوب آسيا وتزايد المخاوف من أزمة طاقة شديدة.
واستشهدت الصحيفة في ذلك بدولة بنغلاديش، التي أوضحت أنها كانت في السابق واحدة من أفقر دول العالم قبل أن تصبح ثالث أكبر مصدر للملابس بعد الصين وفيتنام، وفقاً لبيانات منظمة التجارة العالمية، ما عاد بالإيجاب على الدخل والتعليم والصحة هناك، ففي جنوب آسيا، وهي منطقة يبلغ تعداد سكانها ما يقرب من ملياري شخص في جميع أنحاء الهند وباكستان وسريلانكا، تميزت بنغلاديش بتطورها ونجاحها في تعزيز قطاع تصدير سلع تتنافس عالمياً مع البلدان الكبرى.
ولكن الآن، إلى جانب معظم جيرانها في جنوب آسيا، أكدت الصحيفة أن بنغلاديش، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 160 مليون نسمة، تعيش في خضم أزمة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء في أعقاب جائحة كوفيد -19 والحرب في أوكرانيا. وقد أدى ذلك إلى نقص في الطاقة وارتفاع فواتير الاستيراد التي أدت، في بعض الحالات، إلى إجهاد قدرتها على مواكبة مدفوعات الديون.
وذكرت الصحيفة أن الأزمة الاقتصادية الإقليمية في جنوب آسيا ظلت تتأرجح في خسائرها، حيث تكبدت البلدان التي اتبعت حكوماتها سياسات إنفاق متهورة، مثل سريلانكا، الخسائر الأكبر بنحو أصبح يهدد الآن بعكس المكاسب التي تحققت بشق الأنفس وإضعاف الأجيال التي حققت نجاحات في منطقة الأسواق الناشئة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، والتي تقع عند التقاطع الجيوسياسي حيث تلتقي المصالح الهندية والصينية. وتُعد بكين من بين الدائنين الرئيسيين لكل من سريلانكا وباكستان، أما الهند، التي تشعر بالقلق من تأثير الصين على جيرانها الأصغر، تراقب مؤشرات على أن الأزمة قد تسمح لها بتقوية نفوذها.
تعليقا على ذلك، قال مارك مالوك براون، المسئول السابق في الأمم المتحدة والبنك الدولي والذي يرأس الآن مؤسسة المجتمع المفتوح الدولية- في تصريحات خاصة لـ«فاينانشيال تايمز»: «إن الأزمة الراهنة تعاقب البلدان من خلال مجموعة من العروض والنماذج الاقتصادية المختلفة. فبنغلاديش، الاقتصاد الذي يتميز بالتبعية الدولية وبقوة قطاع الملابس فيه في وقت واحد، تتكبد خسائر مهولة أينما حلت الأزمات الاقتصادية في أماكن أخرى من العالم.»
وأضافت الصحيفة أن سريلانكا أصبحت في مايو (أيار) الماضي أول دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ تتخلف عن سداد الديون منذ عقدين، حيث أدى سوء الإدارة الاقتصادية للرئيس السابق غوتابايا راجاباكسا إلى اندلاع احتجاجات حاشدة في شوارع العاصمة كولومبو، وأجبرته على الفرار من البلاد على متن طائرة عسكرية في يوليو (تموز).
كما يبدو أن باكستان، التي اتهمت زعيمها السابق عمران خان بارتكاب جرائم، تدخل أيضاً فترة من التقلبات السياسية المتزايدة، حتى في الوقت الذي تسعى فيه إلى تقليص التمويل من صندوق النقد الدولي والدائنين الثنائيين أملا في أن يسمح لها ذلك بتجنب التخلف عن السداد. كما أن نيبال الصغيرة وجزر المالديف باتت عرضة لتداعيات التضخم العالمي.
وتابعت «فاينانشيال تايمز» بأن بنغلاديش كانت حتى وقت قريب معزولة بشكل أفضل عن الصدمات الاقتصادية الأخيرة، ويرجع ذلك جزئياً إلى قطاع التصدير الناجح. لكن حكومة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة طلبت في يوليو الماضي من صندوق النقد الدولي الحصول على قرض لمحاولة تعزيز احتياطياتها من العملات الأجنبية ومساعدة الدولة على بناء قدرتها على الصمود في مواجهة تغير المناخ. وتسعى بنغلاديش إلى الحصول على حوالي 4.5 مليار دولار من الصندوق، وما يصل إلى 4 مليارات دولار من مقرضين آخرين، بما في ذلك البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي. فبالإضافة إلى رفع أسعار الوقود، الذي أثار الاحتجاجات الشعبية، قلصت حكومة بنغلاديش ساعات الدراسة والعمل للحفاظ على الطاقة وفرضت قيوداً على استيراد السلع الكمالية لحماية احتياطياتها الأجنبية.
وأخيراً، أوضحت الصحيفة البريطانية أن بلدان جنوب آسيا تشترك في الكثير من القواسم المشتركة مع الأسواق الناشئة الأخرى مثل غانا وإثيوبيا وتشيلي، حيث وصلت المشاكل المزمنة إلى ذروتها في عام شهد تفاقم أزمات الديون السيادية بشكل لم يحدث منذ ثمانينيات القرن الماضي. كما تعتمد العديد من دول جنوب آسيا بشكل كبير على واردات موارد الطاقة، مثل النفط الخام والفحم والمواد الغذائية، بما في ذلك زيت الطهي. وبنغلاديش، على سبيل المثال، اضطرت إلى إغلاق بعض محطات توليد الطاقة التي تعمل بالديزل في يوليو بسبب نقص الواردات.


مقالات ذات صلة

أوزبكستان تجري استفتاء لتعديل دستوري «يرسّخ» سلطة الرئيس

آسيا أوزبكستان تجري استفتاء لتعديل دستوري «يرسّخ» سلطة الرئيس

أوزبكستان تجري استفتاء لتعديل دستوري «يرسّخ» سلطة الرئيس

تجري أوزبكستان استفتاء دستورياً (الأحد) سيتيح بقاء الرئيس الأوزبكي شوكت ميرزيوييف في السلطة، في البلد الذي يضم أكبر عدد من السكان بين دول آسيا الوسطى وشهد قمعاً لمظاهرات العام الماضي، رغم ما يبديه الرئيس من رغبة في الانفتاح، وفقاً لوكالة «الصحافة الفرنسية». وتجاوزت نسبة المشاركة 73 في المائة بعد 7 ساعات على فتحها، بحسب اللجنة الانتخابية الأوزبكية. وقالت السلطات الأوزبكية إن تعديل ثلثي الدستور سيتيح إرساء الديمقراطية وتحسين مستوى معيشة 35 مليون نسمة. ومن بين أبرز الإجراءات هناك، الانتقال من ولاية مدتها 5 سنوات إلى فترة 7 سنوات وعدم احتساب ولايتين رئاسيتين، ما سيتيح نظرياً للرئيس الحالي (65 عاما

«الشرق الأوسط» (طشقند)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا دوري أبطال آسيا: الهلال لتعزيز سطوته القارية... وأوراوا للقب ثالث

دوري أبطال آسيا: الهلال لتعزيز سطوته القارية... وأوراوا للقب ثالث

بعد أكثر من سنة على انطلاقها، سيسدل الستار على نسخة 2022 من دوري أبطال آسيا في كرة القدم، عندما يلتقي الهلال السعودي مع أوراوا ريد دايموندز الياباني السبت في ذهاب النهائي في الرياض، قبل مواجهتهما إياباً في سايتاما في 6 مايو (أيار) المقبل. حجز أوراوا بطاقة النهائي قبل نحو تسعة أشهر، فيما ساهمت نهائيات كأس العالم 2022 في قطر والتعقيدات الناجمة عن جائحة «كوفيد - 19» بإقامة الدور النهائي بعد أكثر من سنة على انطلاق البطولة القارية. يبحث حامل اللقب الهلال وصاحب الرقم القياسي بعدد الألقاب (4)، عن تعزيز سطوته، فيما يرغب أوراوا في لقب ثالث بعد 2007 و2017. وأظهر الهلال قدرته على المنافسة قارياً وحتى دول

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد دراسة تُظهر خروقات واسعة لسقف أسعار النفط الروسي في آسيا

دراسة تُظهر خروقات واسعة لسقف أسعار النفط الروسي في آسيا

قال فريق من الباحثين إنه من المرجح أن سقف أسعار النفط المحدد من جانب مجموعة السبع شهد خروقات واسعة في آسيا في النصف الأول من العام، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقام فريق الباحثين بتحليل بيانات رسمية بشأن التجارة الخارجية الروسية إلى جانب معلومات خاصة بعمليات الشحن، حسبما نقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، اليوم (الأربعاء). وفي ديسمبر (كانون الأول)، فرضت مجموعة الدول الصناعية السبع حداً أقصى على أسعار النفط الروسي يبلغ 60 دولاراً للبرميل، مما منع الشركات في تلك الدول من تقديم مجموعة واسعة من الخدمات لا سيما التأمين والشحن، في حال شراء الشحنات بأسعار فوق ذلك المستوى. ووفقاً لدراسة التجارة وب

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أميركا ودول آسيا الوسطى لحل النزاعات دبلوماسياً

أميركا ودول آسيا الوسطى لحل النزاعات دبلوماسياً

أعلنت الولايات المتحدة وخمس دول رئيسية في آسيا الوسطى، أنها توافقت على تعاون متعدد الأبعاد اقتصادياً وبيئياً، بما يشمل مصادر الطاقة، مشددة على مواجهة التحديات الأمنية ومكافحة الإرهاب، وعلى «صون السلم والأمن وحلّ النزاعات بالطرق الدبلوماسية» طبقاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، في إشارة ضمنية إلى رفض دول المنطقة، التي كانت يوماً من الجمهوريات السوفياتية، لغزو روسيا لأوكرانيا. وأصدر وزراء الخارجية: الأميركي أنتوني بلينكن، والكازاخستاني مختار تليوبردي، والقرغيزستاني جنبيك كولوباييف، والطاجيكستاني سيروج الدين محيي الدين، والتركمانستاني رشيد ميريدوف، والأوزبكستاني بختيار سيدوف، بياناً مشتركاً في ضوء

علي بردى (واشنطن)

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ارتفعت حصيلة هجومين استهدفا، أمس (الخميس)، موكبين لعائلات شيعية في شمال غربي باكستان، الذي يشهد عنفاً طائفياً، إلى 43 شخصاً من بينهم 7 نساء و3 أطفال.

وقال جاويد الله محسود، المسؤول المحلي في كورام؛ حيث وقع الهجومان، إنه بالإضافة إلى القتلى «أُصيب 16 شخصاً، منهم 11 في حالة حرجة».

وأكد شرطي في الموقع هذه الحصيلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول محلي آخر في باراشينار، معقل الشيعة في كورام، إن «السكان أقاموا اعتصاماً في أثناء الليل في السوق المركزية يتواصل حتى الآن».

ورداً على ذلك «قُطعت شبكة الهاتف الجوال، وفُرض حظر تجول على الطريق الرئيس» و«عُلّقت» حركة المرور.

من جهته، أشار محسود إلى أن مجلساً قبلياً «عُقد من أجل إعادة فرض السلام والنظام».

منذ يوليو (تموز)، خلّفت أعمال العنف بين القبائل الشيعية والسُّنِّية في هذه المنطقة الجبلية أكثر من 70 قتيلاً، بحسب اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية مدافعة عن الحريات في البلاد.

وتندلع بشكل دوري اشتباكات قبلية وطائفية، ثم تتوقف حين يتم التوصل إلى هدنة من قبل مجلس قبلي (الجيرغا). وبعد أسابيع أو أشهر تتجدد أعمال العنف.

وشهدت كورام في يوليو، وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) حوادث سقط فيها قتلى.

منذ ذلك الحين تواكب الشرطة العائلات التي تنتقل إلى المناطق التي يسكنها أتباع الديانة الأخرى.

وتتعلق النزاعات بين القبائل ذات المعتقدات المختلفة، خصوصاً بمسألة الأراضي في المنطقة؛ حيث تكون قواعد الشرف القبلية قوية، وغالباً ما تسود على النظام الذي تكافح قوات الأمن للحفاظ عليه.