روسيا تقر بتباطؤ الهجوم في أوكرانيا

شويغو يدعو لتعزيز جبهة «الشركاء»... وحديث عن «دروس وثغرات» في الأشهر الستة الماضية

وزير الدفاع الروسي (د.ب.أ)
وزير الدفاع الروسي (د.ب.أ)
TT

روسيا تقر بتباطؤ الهجوم في أوكرانيا

وزير الدفاع الروسي (د.ب.أ)
وزير الدفاع الروسي (د.ب.أ)

عكست مجريات اجتماع وزراء الدفاع في بلدان «منظمة شنغهاي للتعاون»، الأربعاء، إطلاق موسكو مساعي حثيثة لتوضيح وجهة نظرها أمام «الشركاء» والسعي لتعزيز جبهة موحدة في إطار ما توصف بأنها «مواجهة مخاطر مشتركة».
وعُقد الاجتماع في العاصمة الأوزبكية طشقند، وهو يعدّ تمهيداً أساسياً لقمة «منظمة شنغهاي» المقررة الشهر المقبل في مدينة سمرقند في أوزبكستان أيضاً. وكان لافتاً التركيز الروسي على أهمية «العمل المشترك» لبلدان المجموعة و«تطوير آليات موحدة في المرحلة المقبلة»، مما عكس رغبة روسية في تعزيز «جبهة الحلفاء»، خصوصاً على خلفية أن كل البلدان المنضوية في هذه المنظمة؛ وعلى رأسها الصين، لم تعلن موقفاً مؤيداً واضحاً لـ«العملية العسكرية» في أوكرانيا، كما لم يعترف أي بلد منها بانفصال لوغانسك ودونيتسك عن أوكرانيا.
وسعى وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، خلال كلمة افتتاحية، إلى توضيح مواقف بلاده حول تطورات الحرب في أوكرانيا، خصوصاً على خلفية تحولها إلى حرب طويلة الأمد. وهو أمر برره شويغو بحرص موسكو على «تفادي وقوع خسائر كبيرة بين المدنيين»، مع تأكيده أن «العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا تسير وفقاً للخطط الموضوعة، وستحقق كل أهدافها»، وقال الوزير إن قرار موسكو تخفيف وتيرة الهجوم قبل أشهر، هو «قرار واع هدف إلى تفادي وقوع الخسائر في صفوف المدنيين». وزاد أن «استمرار إمداد أوكرانيا بالأسلحة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها يضاعف أعداد الخسائر البشرية، ويطيل أمد الصراع العسكري»، لافتاً إلى أن واشنطن و«الغرب الجماعي» مارسوا «ضغوطاً غير مسبوقة على الدول المستقلة باستخدام الابتزاز والمعلومات المضللة». وعدّ أن الصراع في أوكرانيا أصبح ذريعة جديدة للولايات المتحدة لشن حرب اقتصادية ومعلوماتية ضد روسيا. ورأى أنه «جرى اختيار أوكرانيا من قبل الغرب أداةً لحرب مختلطة ضد روسيا». وأكد أن بلاده تعمل على «إقامة حياة سلمية في الأراضي التي جرى تحريرها بينما تستخدم كييف تكتيكات الأرض المحروقة».
وفي إشارة ذات مغزى، قال وزير الدفاع الروسي إن «البرنامج البيولوجي العسكري الأميركي، الذي جرى الكشف عن تفاصيله خلال العملية الخاصة، يشكل تهديداً مباشراً لدول (منظمة شنغهاي للتعاون)». وشدد على أن دور «منظمة شنغهاي للتعاون» بوصفها «مركزاً جديداً للقوة» تنامى بشكل ملحوظ على خلفية الوضع الدولي المضطرب، مؤكداً أهمية استمرار ما وصفه بـ«المسار المستقل» للدول الأعضاء في المنظمة في حل مشكلات الأمن الإقليمي والعالمي، بصفته نموذجاً مهماً للتعاون الإقليمي والدولي.
وزاد أن بلدان المنظمة تواجه «تصاعد التهديدات، والأزمات المحلية لا تهدأ، وتظهر تحديات خطيرة جديدة»، مقترحاً عقد اجتماع لـ«وزراء دفاع الدول الصديقة»؛ بما في ذلك أعضاء «منظمة شنغهاي للتعاون» و«رابطة الدول المستقلة»، في ديسمبر (كانون الأول) المقبل لمناقشة «أمن التحالف».
على صعيد مواز، صعد المندوب الروسي لدى مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، من لهجته ضد الأمم المتحدة، ووصفها بأنها «تواصل المماطلة» في ملف إرسال لجنة أممية لتحري الوضع حول محطة زابوريجيا النووية. وأعرب عن «استغرابه» حيال «الصمت الغربي المطبق تجاه ما يحدث حول المحطة». واتهم كييف بـ«ممارسة ابتزاز نووي عبر مواصلة قصف محطة زابوريجيا بأسلحة أميركية ثقيلة، مما ينذر بكارثة إشعاعية».
في السياق، أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الإعلام الغربي حرف جوهر محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الفرنسية كاثرين كولونا حول محطة زابوريجيا.
وأفادت في بيان بأن «وزارة الخارجية الروسية تود لفت الانتباه إلى التحريف الوقح في بعض وسائل الإعلام الأجنبية للمحادثة الهاتفية التي جرت في 23 أغسطس (آب)، وبثت قنوات غربية تقارير تشوه تفسير محتوى المحادثة». وتابعت أن «لافروف وضع الأمور في نصابها بشكل واضح وصريح، وحض باريس على التأثير على من تدعمهم في كييف، والذين فقدوا عقولهم تماماً ويستمرون في قصف محطة زابوريجيا ومدينة إنرغودار والمناطق المحيطة بها».
وكانت وسائل إعلام أفادت بأن الوزيرين اتفقا على تنظيم زيارة اللجنة الأممية إلى المنشأة النووية.
إلى ذلك، نشرت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» واسعة الانتشار في روسيا تقريراً نادراً تضمن تقييم خبراء روس لمسار العمليات العسكرية، وتوقف عند عدد من «الثغرات والدروس» التي أظهرتها مجريات الحرب. وكان لافتاً أن التقرير؛ الذي نشر الأربعاء، تزامن مع مرور 6 أشهر على اندلاع القتال، وبرزت فيه تعليقات الخبير العسكري إيليا كرامنيك، الذي يعدّ بين أبرز الخبراء العسكريين في روسيا، وقال إن مجريات القتال «أظهرت الدور الحاسم للمدفعية في ساحة المعركة»، مؤكداً أن القوات الروسية نجحت في تأكيد تفوق في المدفعية وراجمات الصواريخ. وزاد أن «الدبابة غدت أخطر مركبة في ساحة المعركة». وقال إن «رجال مدرعاتنا يعملون في ظروف أُشبعت فيها تشكيلات العدو المقاتلة بعدد كبير من أنظمة الصواريخ الغربية المضادة للدبابات». وفي الاستنتاج الثاني، قال إن «الطائرات المسيرة لعبت دوراً مهماً لأن نشاطها ارتبط بالمدفعية».
ورأت الصحيفة في تقريرها أن حرب قره باغ الثانية في عام 2020 أظهرت بوضوح، كما الحرب الحالية في أوكرانيا، أن «الطائرات المسيرة الضاربة إذا جرى استخدامها بكثافة؛ بما في ذلك عبر إلقائها الذخيرة، أو باستخدام الطائرات الانتحارية، يمكن أن تؤثر بشكل خطير على نتيجة العمليات القتالية».
أيضاً؛ أشار كرامنيك إلى ثغرة مهمة أظهرها نقص أعداد المهندسين المختصين وفي تعداد سلاح المشاة، وقال: «لا يمكن أن يكون هناك فائض في عدد المهندسين (...) ودائماً هناك عدد أقل كثيراً من اللازم من المشاة»؛ مضيفاً نقطة أخرى تتعلق بضرورة أن «تكون جميع المركبات العسكرية في منطقة خط المواجهة مصفحة».
ولفت إلى ثغرة أخرى تتعلق بسلاح الاتصالات العسكرية، مشيراً إلى «التفوق الكبير للقوات المسلحة الأوكرانية في الاتصالات العسكرية؛ بما في ذلك عبر شبكة الأقمار الصناعية الأميركية من طراز (ستار لينك)».


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».