تجدد القتال في تيغراي... وتقاذف اتهامات بين أديس أبابا والمتمردين

سلاح الجو الإثيوبي يعلن إسقاط طائرة تنقل أسلحة عبرت من السودان

قوة من الجيش الإثيوبي في تيغراي 8 مايو 2021 (أ.ب)
قوة من الجيش الإثيوبي في تيغراي 8 مايو 2021 (أ.ب)
TT

تجدد القتال في تيغراي... وتقاذف اتهامات بين أديس أبابا والمتمردين

قوة من الجيش الإثيوبي في تيغراي 8 مايو 2021 (أ.ب)
قوة من الجيش الإثيوبي في تيغراي 8 مايو 2021 (أ.ب)

تقاذفت الحكومة الإثيوبية الاتهامات مع المتمردين في منطقة تيغراي، أمس الأربعاء، حول الجهة التي انتهكت الهدنة التي كان تم التوصل إليها منذ خمسة أشهر بين الطرفين. وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن الصدمة إزاء استئناف أعمال العنف بعد الهدنة، داعياً إلى وقف إطلاق النار «فورا». فيما أعلن سلاح الجو الإثيوبي إسقاط طائرة قال إنها كانت تحمل أسلحة لتسليمها لـ«جبهة تحرير شعب تيغراي»، وإنها خرقت المجال الجوي للبلاد عبر السودان.
وقالت الحكومة الإثيوبية في بيان إن متمردي تيغراي «تجاهلوا عروض السلام العديدة التي قدمتها الحكومة الإثيوبية وشنوا هجوماً اليوم (أمس) في منطقة تقع جنوب تيغراي وانتهكوا الهدنة».
وتابعت الحكومة في بيانها «تصدت قوات دفاعنا الباسلة وجميع قواتنا الأمنية بانتصار وبطريقة منسقة على هذا الهجوم»، داعية المجتمع الدولي إلى ممارسة «ضغوط شديدة» على سلطات المتمردين في تيغراي.
وأفادت وكالة الأنباء الإثيوبية «إنا» بأن سلاح الجو الإثيوبي أسقط أمس الأربعاء طائرة قال إنها كانت تحمل أسلحة لتسليمها لـ«جبهة تحرير شعب تيغراي». ونقلت الوكالة الرسمية عن الجنرال تيسفايي أيالو قوله إن «الطائرة التي انتهكت مجالنا الجوي من السودان... وكانت تهدف إلى إمداد المجموعة الإرهابية بالسلاح أسقطتها قواتنا الجوية البطلة» دون تحديد تاريخ الحادث. وأضاف أن الطائرة «يعتقد أنها ملك للأعداء التاريخيين الذين يريدون ضعف إثيوبيا والذين يدعمون منذ سنوات جبهة تحرير شعب تيغراي»، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
بيان الحكومة جاء بعيد اتهام أطلقته «جبهة تحرير شعب تيغراي» في وقت سابق أمس للجيش الإثيوبي بشن «هجوم واسع» على جنوب تيغراي الأربعاء.
وقال المتحدث باسم «الجبهة» غيتاشيو رضا لوكالة الصحافة الفرنسية في نيروبي في رسالة مقتضبة: «شنوا الهجوم في ساعة مبكرة هذا الصباح (أمس) حوالى الساعة الخامسة. ونقوم بالدفاع عن مواقعنا».
وكتب في تغريدة على «تويتر» إن الجيش الإثيوبي وقوات خاصة وميليشيات من منطقة أمهرة المجاورة، شنوا الهجوم «واسع النطاق» على «مواقعنا في الجبهة الجنوبية».
وقال سكان إن قتالاً بين قوات من منطقة تيغراي وقوات الحكومة المركزية اندلع في محيط بلدة كوبو.
وقال مزارع في كوبو طلب عدم نشر اسمه لـ«رويترز» «أسمع دوي أسلحة ثقيلة منذ الصباح. في الأسبوع الماضي، رأيت قوات أمهرة الخاصة وقوات فانو (ميليشيا متطوعة) تتجه إلى الجبهة بالحافلات».
وأكد اثنان آخران من السكان أنهما سمعا صوت نيران أسلحة ثقيلة منذ الصباح الباكر. وأكدا أنه خلال اليومين الماضيين كانت هناك تحركات كبيرة إلى المنطقة من قوات ميليشيا فانو المحلية وجنود الجيش الإثيوبي والقوات الخاصة من منطقة أمهرة المجاورة.
وأصدرت قوة الدفاع الوطني الإثيوبية الثلاثاء بياناً اتهمت فيه «الجبهة» بالسعي لـ«تشويه سمعة» الجيش بإعلانها أن القوات الحكومية الإثيوبية تتقدم باتجاه مواقعها أو تقصفها بأسلحة ثقيلة.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس إلى وقف إطلاق النار «فوراً» في إثيوبيا. وقال للصحافيين «أشعر بصدمة وحزن عميقين للأنباء عن استئناف القتال في إثيوبيا»، مضيفاً «أناشد بقوة من أجل وقف فوري للقتال والعودة لمحادثات السلام».
ويشكل القتال ضربة كبيرة لمحاولات بدء محادثات سلام بين حكومة رئيس الوزراء أبيي أحمد و«الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي». كما يمثل نهاية وقف إطلاق النار الذي تم الالتزام به منذ مارس (آذار)، عندما وصل الجانبان إلى طريق مسدود في قتال دام وأعلنت الحكومة هدنة إنسانية.
وكان النزاع في تيغراي بدأ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 عندما أرسل رئيس الوزراء أبيي أحمد الجيش الفيدرالي إلى المنطقة لإطاحة السلطات المحلية التي تحدت سلطته لأشهر واتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية في الإقليم.
وتسبب القتال في ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان إلى نزوح الملايين ودفع بأجزاء من تيغراي إلى شفا المجاعة وأودى بحياة الآلاف من المدنيين.
وفي يونيو (حزيران)، شكلت حكومة رئيس الوزراء أبيي أحمد لجنة للتفاوض مع «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي». وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قالت الحكومة إنها تريد عقد محادثات «دون شروط سابقة»، بينما اشترطت حكومة تيغراي إعادة الخدمات للمدنيين أولاً.
وظلت تيغراي دون خدمات مصرفية وخدمات اتصالات منذ انسحاب الجيش في نهاية يونيو (حزيران). وتوجد قيود على واردات الوقود مما يحد من توزيع المساعدات.
وقال برنامج الأغذية العالمي في تقرير الأسبوع الماضي إنه منذ الأول من أبريل (نيسان)، دخل تيغراي 20 في المائة فقط من الوقود اللازم لتوزيع الإمدادات الإنسانية.
كما قالت الأمم المتحدة إن ما يقرب من 90 في المائة من سكان المنطقة بحاجة إلى مساعدات، محذرة من أن معدلات سوء التغذية «ارتفعت بشكل كبير»، ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءا حتى موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول).
وأشار الأطباء في مستشفى إيدر ريفيرال، أكبر مستشفى في تيغراي، إلى وجود نقص في بعض المعدات الطبية والعديد من الأدوية لعلاج أمراض شائعة مثل داء الليشمانيات الحشوي المعروف بالكالازار.


مقالات ذات صلة

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

العالم ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

أثار عدم التوصل إلى اتفاق، بعد محادثات سلام أولية بين الحكومة المركزية الإثيوبية، ومتمردي إقليم «أوروميا»، تساؤلات حول مستقبل تلك المحادثات، واحتمالات نجاحها، وأسباب تعثرها من البداية. ورأى خبراء أن «التعثر كان متوقعاً؛ بسبب عمق الخلافات وتعقيدها»، في حين توقّعوا أن «تكون المراحل التالية شاقة وصعبة»، لكنهم لم يستبعدوا التوصل إلى اتفاق. وانتهت الجولة الأولى من المحادثات التمهيدية بين الطرفين، دون اتفاق، وفق ما أعلنه الطرفان، الأربعاء.

العالم رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

أعلن رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد اليوم (الخميس) مقتل مسؤول الحزب الحاكم في منطقة أمهرة الواقعة في شمال البلاد. وقال آبي أحمد عبر «فيسبوك»، إنّ «أولئك الذين لم يتمكّنوا من كسب الأفكار بالأفكار، أخذوا روح شقيقنا جيرما يشيتيلا». واتهم أحمد، وفقا لما نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية»، «متطرّفين يتسمون بالعنف» بالوقوف وراء هذا العمل الذي وصفه بـ«المخزي والمروّع».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
العالم محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

تنطلق في تنزانيا، الثلاثاء، محادثات سلام غير مسبوقة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ومتمردي إقليم أوروميا، ممثلين في «جبهة تحرير أورومو» التي تخوض معارك مع القوات الحكومية بشكل متقطع منذ عقود. وتسعى أديس أبابا لإبرام اتفاق سلام دائم مع متمردي الإقليم، الذي يشغل معظم مناطق وسط البلاد، ويضم مجموعة من الفصائل المسلحة التابعة لقومية الأورومو، على غرار ما حدث في «تيغراي» شمالاً، قبل 5 أشهر، خشية دخول البلاد في حرب جديدة مع تصاعد التوتر بين الجانبين. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار مدينة نكيمتي بالإقليم مؤخراً، أن «جولة مفاوضات ستبدأ معهم (جيش تحرير أورومو) الثلاثاء في تنزانيا»، في أ

محمد عبده حسنين (القاهرة)
شمال افريقيا هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

عاد الخلاف الحدودي بين إثيوبيا والسودان، بشأن منطقة «الفشقة»، إلى الواجهة، بعد أنباء سودانية عن نشاط «غير اعتيادي» للقوات الإثيوبية ومعسكراتها، في المنطقة المتنازع عليها، منذ بداية الاضطرابات الأخيرة في السودان.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
أفريقيا إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

أظهر متمردو إقليم «تيغراي» شمال إثيوبيا، «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام، الموقَّع قبل نحو 5 أشهر، مع الحكومة الفيدرالية بأديس أبابا، وذلك بتسليمهم مزيداً الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم ودمج مقاتليه في الجيش الوطني. وحسب نائب مفوض «إعادة التأهيل الوطني»، العميد ديريبي ميكوريا، اليوم (الخميس)، فإن «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي سلمت الدفعة الأولى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة المتنوعة التي تم جمعها حول منطقة دينقولات في إقليم تيغراي». وأنهى اتفاق السلام، الموقّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حرباً عنيفة استمرت عامين، راح ضحيتها الآلاف، حسب منظمات دولية.

محمد عبده حسنين (القاهرة)

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.