«جوا وبرا» عمل مسرحي مركب يبحث عن الثبات

رسالته التصالح مع الذات والآخر

فاطمة رجوب في مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط)
فاطمة رجوب في مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط)
TT

«جوا وبرا» عمل مسرحي مركب يبحث عن الثبات

فاطمة رجوب في مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط)
فاطمة رجوب في مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط)

علاقة الإنسان بالزمان والمكان هي خير دليل على تواصله مع الحياة، تحيي عنده ذكريات وأحاسيس ومشاعر تولد لديه قوة التركيز والغوص في الذات. كم من مرة استوقفنا مشهد معين فحرّك خيالنا وأعادنا إلى الوراء؟ أي إلى اللحظة نفسها التي عشنا فيها مجموعة صور لا تزال تحفر في أذهاننا. فنتسمرّ ونسترجع تلك الذكرى منفصلين تماماً عن عالمنا الحالي.
من هذا المنطلق تقدم جمعية «سيناريو» التي تعنى بالمجتمعات المهمشة مسرحية بعنوان «جوا وبرا» من بطولة نساء من لبنان وسوريا وفلسطين. وكما عودتنا «سيناريو» في استراتيجية تتبعها منذ تأسيسها، يعود تأليف نص أعمالها المسرحية إلى المشتركين فيها. يدوّن هؤلاء ما يخطر على بالهم من مواقف وتجارب مروا بها ويقولبونها لتصبح مادة صالحة لعمل مسرحي ينبع من الواقع. ويُعدّل النص ويُطور مع المخرج المسؤول عن تنفيذ العمل.
العمل الجديد ينجز بالتعاون مع جمعية «النساء الآن للتنمية» و«دار الأيتام الإسلامية» ويستغرق عرضه نحو 50 دقيقة. وفي مسرحية «جوا برا» التي تخرجها رويدا الغالي، نتابع عملاً مركباً، يرتكز على التواصل بين الشخص نفسه مع الآخر، ويتضمن في طياته كل ما يمكن أن يعزز هذه العلاقة ويعطيها بعداً إنسانياً قلّما نهتم به. يعرض العمل في 1 و2 سبتمبر (أيلول) المقبل على خشبة «غولبنكيان» في الجامعة اللبنانية الأميركية.
توضح الغالي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن العمل يركز على التفاعل الذي يحصل عادة داخلنا وحركة جسدنا، أي من «جوا وبرا». وتتابع: «عندما ندخل إلى ذاتنا ونتعمق فيها يولد هذا التصالح والتواصل مع نفسنا، وبالتالي مع الآخر، لنكتشف في النهاية أن هذا الآخر يشبهنا لا بل هو الـ(أنا) التي نتعاطف معها».
ينقسم العمل إلى قسمين أساسيين، تماماً كما يشير عنوانه «جوا وبرا». في السياق الأول نتوصل إلى اكتشاف التصالح مع الذات، وهو نتاج خيارات لنصوص نُوقشت في حصص تمثيلية خاصة تديرها «سيناريو». أما في السياق الثاني والمتعلق بالآخر أي الخارج، فنقف على موضوعات لها خصوصيتها وشكلها الفني.
تدور أحداث المسرحية في حديقة عامة، تحتوي على عدة منحوتات، تتحول فجأة إلى 6 نساء. ومعهنّ نبحر في مشوار ذاتي غني بالمشاعر، يزود مشاهده بالتوجه العام للمسرحية. تولد لدى المتفرج فكرة واضحة عن التواصل بين الذات والزمان والمكان، ويبدأ البحث عن الثبات الذي يمكن أن يكتنف صاحبه في وضعيات مختلفة. تشير رويدا الغالي إلى أن أسئلة عديدة تطرحها المنحوتات على بعضها البعض لاقتناص لحظات الثبات هذه. واحدة بين المنحوتات/ النساء، تسأل: «متى تشعرين أنك منحوتة أي تقفين في وضعية ثابتة؟ فترد عليها أخرى: عندما أجلس على شاطئ البحر، فأتذكر تلك المرأة بردائها الأصفر يتحرك شعرها وفستانها بفعل هواء البحر، ولكن يبقى جسدها ثابتاً مكانه». وتضيف الغالي: «عندما يتحرك الواقع تتفاعل المنحوتات في الحديقة مع زائريها وتعود إلى الذاكرة والمشاعر وتروي مواقف عن حياتها الخاصة».
بعض المنحوتات تعود إلى ذكريات الطفولة وأخرى ترتبط بالعائلة وثالثة في التقدم بالعمر وغيرها من الموضوعات التي تؤلف المسرحية.
أما النحات الذي نفّذ المنحوتات فيغيب عن المسرحية ليتحول إلى شخصية وهمية. «لأن المنحوتات هي من نحتت حياتها. لذلك فهي تمثل النحّات وأعماله في وقت واحد». تقول الغالي في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط».
العمل هو نوع من العلاج الدرامي الذي تنتهجه «سيناريو» في أعمالها المسرحية، وتحضّ على التفاعل بين مجموعات لا تعرف بعضها، ولكنها تنصهر في بوتقة واحدة على خشبة المسرح، وتولد مجتمعاً متناسقاً ومتناغماً.
ديكور المسرحية يتألف من شجرة ومقعدين والساحة حيث تدور الحوارات بين الممثلات. تعلق الغالي: «العمل لم يكن سهلاً، إذ يتطرق إلى حركة الجسد وكيفية التعبير من خلالها، وأنا ألجأ إليها بشكل مكثف. قد نلون العمل بأغنية جماعية أو رقصة تعبيرية توحّد جميع المشتركات بلوحة فنية. ولكن في النهاية نكتشف أن العالمين الداخلي والخارجي، يصبح واحداً، متشابكاً بعلاقة إنسانية واحدة».
اللبنانية ريان أبو حيدر التي تشارك في المسرحية بدور المتشردة التي تعيش في الحديقة حيث تدور أحداث العمل، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «الشخصية التي أجسدها تركت أثرها الكبير علي، فعندما أنظر إليها من بعيد ألمس مدى تبدل نظرتي للحياة. فالتشرد وعدم وجود الأمان في الحياة ليس بالأمر السهل، لذلك هذه الشخصية لمستني عن قرب».
من ناحيتها، تؤكد راميا السوس من سوريا التي تتقمص شخصية واحدة من المنحوتات الست في العمل، بأن المجتمع فرض قيوداً كثيرة على المرأة. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «يحمل دوري رسائل إنسانية عديدة، لا سيما فيما يخص المرأة والتقاليد والقيود والحرية التي ألبسها المجتمع لها دون إرادتها. كذلك يتناول دوري الصعوبات التي تواجهنا منذ نزوحنا من سوريا حتى اليوم. سعدت بمشاركتي هذه، خصوصاً أنها تترجم ما كنت أحلم به عن مستقبل امرأة تثق بنفسها».
أما فاطمة رجوب، السورية الجنسية وعمرها 27 عاماً، وهي أم لطفلين، فتأخذنا من خلال دورها كمنحوتة في المسرحية، إلى عالم الطفولة. «ذكرياتي التي أتحدث عنها في العمل تدور حول منزل جدّي الذي أزوره إثر غياب عنه دام 12 عاماً، فتحضر أمامي صورة واضحة عن التقدم في العمر، وكيف نتفاعل مع السنوات التي تمر علينا. كما أطل في دوري على أهمية الذكريات عند الإنسان والمشاعر التي تغمره بفضلها. تجربتي مع «سيناريو» علمتني الكثير، وولدت عندي وجهات نظر ورؤية مختلفة عن الحياة، كانت قد سكنتني في السابق، وأنا سعيدة جداً بها».


مقالات ذات صلة

«شي تيك توك شي تيعا»... طارق سويد يُحرز المختلف

يوميات الشرق المجتمع الذكوري والتحدّيات بين المرأة والرجل (الشرق الأوسط)

«شي تيك توك شي تيعا»... طارق سويد يُحرز المختلف

اختار طارق سويد أبطال المسرحية من بين طلابه الموهوبين في أكاديمية «بيت الفنّ» التي تديرها زميلته الممثلة فيفيان أنطونيوس...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مسرحية «كارمن» حصدت عدة جوائز (البيت الفني للمسرح)

المسرح المصري يراهن على إعادة «العروض الناجحة» لاجتذاب الجمهور

يراهن المسرح المصري على إعادة تقديم العروض الناجحة لاجتذاب الجمهور من كل الفئات، وفي هذا الصدد أعلن البيت الفني للمسرح عن أسبوع حافل بالعروض في مسارح الدولة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق النية واضحة لكنّ الخشبة تطلب أكثر من صدق الشعور (الشرق الأوسط)

«ويلة عيد»... نيّة صادقة ونتيجة خفيفة

«ويلة عيد» مسرحية خفيفة ومتقشّفة فنّياً، تحكمها نوايا إنسانية واضحة، لكنها تفتقر إلى العمق الذي يجعلها تُحسَب تجربةً مسرحيةً مُكتملة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
أوروبا بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي تصل إلى مراسم إحياء الذكرى العاشرة لهجمات إرهابية في باريس... 13 نوفمبر 2025 (أ.ب)

«قذرات غبيات»… بريجيت ماكرون تأسف إذا آذت نساءً ضحايا عنف جنسي

قالت بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنها تشعر بـ«الأسف» إذا كانت تصريحاتها قد آذت نساءً تعرّضن للعنف الجنسي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الثنائي وسام صليبا وجنيفر يمّن في «شو كارلوس أحسن منّي؟» (مسرح مونو)

مسرحية «شو كارلوس أحسن مني؟» دعوة لتقديم الحبّ على الوحدة

ليس من الضروري أن يحمل العرض المسرحي دائماً فلسفةً عميقةً أو رسائل تتطلب التحليل ليترك أثره في جمهوره. فهواة المسرح قد يستمتعون بعرض خفيف يرسم البسمة على…

فيفيان حداد (بيروت)

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)
الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس أمس (رويترز)
TT

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)
الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس أمس (رويترز)

حوّلت إسرائيلُ «الخط الأصفر» الوارد في خريطة الانسحاب من قطاع غزة، إلى ما يمكن أن يوصف بـ«مصيدة للموت»؛ تقتل من خلالها كل من يقترب منه. وخلال 24 ساعة قُتل 4 فلسطينيين في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، والتي تبعد نحو 200 متر من «الخط الأصفر» الذي يفصل القطاع إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقول مصادرُ فلسطينية إنَّ إسرائيلَ فعلياً حوَّلت «الخط الأصفر» إلى «مصيدة للموت»، تقتل الغزيين عنده بدم بارد.

وأعلنتِ الأمم المتحدة أنَّ المجاعةَ في غزة انتهت، لكنَّ السوادَ الأعظم من سكان القطاع ما زالوا يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي.


ألونسو بثقة: أحظى بدعم إدارة الريال

 ألونسو يتحدث خلال المؤتمر الصحافي (إ.ب.أ)
ألونسو يتحدث خلال المؤتمر الصحافي (إ.ب.أ)
TT

ألونسو بثقة: أحظى بدعم إدارة الريال

 ألونسو يتحدث خلال المؤتمر الصحافي (إ.ب.أ)
ألونسو يتحدث خلال المؤتمر الصحافي (إ.ب.أ)

يرغب تشابي ألونسو مدرب ريال مدريد الإسباني أن ينهي فريقه عاماً مضطرباً بنتيجة إيجابية ضد نظيره إشبيلية.

ويتأخر ريال مدريد بفارق 4 نقاط عن برشلونة متصدر ترتيب الدوري الإسباني، وتعرض لهزيمتين في دوري أبطال أوروبا أمام كل من ليفربول ومانشستر سيتي الإنجليزيين.

لكن النتائج الأخيرة أعادت الفريق للانتصارات، بعدما تغلب على ديبورتيفو ألافيس 2 / 1 بعد فوز صعب يوم الأربعاء على تالافيرا فريق الدرجة الرابعة، بكأس ملك إسبانيا 3 / 2.

وقال ألونسو في مؤتمر صحافي تقديمي لمباراة إشبيلية: «إنه اللقاء الأخير هذا العام، وهذا الجدول الصعب اضطرنا لخوض الكثير من المباريات».

وأضاف: «نريد أن ننهي العام بشكل جيد، نحصد الانتصار الثالث تواليا، ونبدأ العام الجديد بمشاعر جيدة، وطاقة وتفاؤل للتحديات القادمة».

وتابع : «نواجه منافسا صعبا، إشبيلية فريق يتطلب الكثير لمواجهته، فهم يلعبون كثيرا بطريقة واحد ضد واحد، ومتأهبون دائما للثنائيات، لكننا سنلعب على أرضنا، ونريد أن يستمتع المشجعون بالمباراة».

وتم تعيين ألونسو مدربا لريال مدريد الصيف الماضي بعد نجاحه مع باير ليفركوزن.

ولكن منصبه أصبح مهدداً بسبب الأداء المهتز، لكن المدرب الإسباني واثق من أنه لا يزال يحظى بدعم إدارة النادي.

وقال «من البداية ومن أول محادثة بيننا، ونحن على علاقة جيدة، وثقة واحترام وأعجاب».

وتابع: «نعلم ماهية هذا المشروع، والأهداف المنشودة، فالمطالب كبيرة، لكن الطريق لا يزال طويلا، لذا ستكون هناك لحظات جيدة وأخرى ليست كذلك».

واختتم تصريحه بالقول: «نحن على وشك آخر مباراة في العام، وسنبدأ العام الجديد بعزيمة.


سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

أكدت سوريا، اليوم، التزامها الثابت بمكافحة تنظيم «داعش»، مشيرة إلى أنها ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.

وتقدمت وزارة الخارجية السورية بتعازيها الحارة لعائلات الضحايا من رجال الأمن السوريين والأميركيين الذين قتلوا في الهجمات الإرهابية التي وقعت في تدمر وشمال سوريا الأسبوع الماضي. مؤكدة أنّ هذه الخسارة تبرز ضرورة تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.

وقالت الخارجية السورية عبر منصة "إكس»: «تؤكد سوريا التزامها الثابت بمكافحة تنظيم داعش وضمان عدم وجود ملاذات آمنة له في الأراضي السورية. وستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها».

عملية أمنية في مدينة تدمر عقب الهجوم الإرهابي على وفد سوري - أميركي مشترك (الداخلية السورية)

وأضافت: «تدعو الجمهورية العربية السورية الولايات المتحدة والدول الأعضاء في التحالف الدولي للانضمام إلى دعم جهود الجمهورية في مكافحة الإرهاب، بما يسهم في حماية المدنيين واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة».

و شنت طائرات تابعة للتحالف الدولي غارات على مواقع يعتقد أنها تابعة لتنظيم «داعش» في مناطق شمال وشرق سوريا.

وقالت مصادر محلية في محافظات الرقة ودير الزور، بحسب وكالة الانباء الألمانية (د ب أ)، إن «طائرات حربية أميركية شنت غارات في بادية دير الزور والرقة وسمع صوت أربعة انفجارات في منطقة البشري في ريف الرقة الجنوبي الشرقي، ليل الجمعة-السبت، وسط صوت تحليق للطائرات الحربية في سماء مناطق ريف الرقة الشرقي ودير الزور الغربي في المنطقة التي تنشط فيها خلايا تنظيم داعش منذ مطلع الشهر الحالي».