القبض على خلية إرهاب يهودية خططت لتفجيرات في بلدات فلسطينية

قائدها حفيد أحد كبار رجال الدين ويهدد قائد الشرطة الذي حقق معه

كتابة في مستوطنة موديعين عيليت تدعو إلى قتل سائقي الحافلات العرب (الشرق الأوسط)
كتابة في مستوطنة موديعين عيليت تدعو إلى قتل سائقي الحافلات العرب (الشرق الأوسط)
TT

القبض على خلية إرهاب يهودية خططت لتفجيرات في بلدات فلسطينية

كتابة في مستوطنة موديعين عيليت تدعو إلى قتل سائقي الحافلات العرب (الشرق الأوسط)
كتابة في مستوطنة موديعين عيليت تدعو إلى قتل سائقي الحافلات العرب (الشرق الأوسط)

كشفت أجهزة الأمن الإسرائيلية عن إلقاء القبض على أفراد خلية إرهاب يهودية، خططت وبدأت تعد لتنفيذ عمليات تفجير في بلدات فلسطينية في الضفة الغربية.
وقالت الإذاعة الرسمية «كان»، إن قائد المجموعة هو طالب في مدرسة دينية في مستعمرة «موديعين عيليت» الدينية القائمة على الخط الأخضر. وقد حول غرفته إلى مختبر متفجرات، وأكدت أن هذا القائد هو حفيد كبار الحاخامات الحريديين، الحاخام حاييم كانيفسكي والحاخام أهارون يهودا شتاينمان. وقد اعتُقل قبل شهر واعترف بكل ما نسب إليه «الشاباك» من شبهات وتهم، بينها «التآمر على تنفيذ جريمة على خلفية قومية، حيازة وصنع الأسلحة، المتاجرة بالأسلحة، تصنيع مواد منزلية متفجرة والتخطيط لتزويد (شبان التلال)، وهو تنظيم استيطاني متطرف، بالأسلحة». ومع ذلك فقد أطلق سراحه بقيود اعتقال منزلي.
ولكن الشرطة عادت لاعتقاله، يوم الجمعة الفائت، عقب تهديده محققاً في وحدة التحقيق والاستخبارات المركزية التابعة للشرطة، كذلك تهديده بمحاصرة المدرسة الدينية التي يدرس فيها بعبوات ناسفة.
وبحسب التقرير، كانت الخطة إنشاء خلية سرية لمتدينين يهود (حريديين)، تعمل كتنظيم إرهابي سري، وقال المتهم في اعترافاته «كل شحنة أعددناها كانت مصنوعة من بارود وقنينة غاز وعبوة برينجلز فارغة. كل شحنة تكلف نحو 40 شيقلاً (12 دولاراً). الشحنة الأولى انفجرت بيدي عندما رميتها خارج الغرفة».
وتضاف هذه الحادثة إلى نحو 30 تنظيماً إرهابياً يهودياً تم كشفها خلال 40 سنة الأخيرة، منذ أن كشف عن تنظيم إرهابي حاول اغتيال ثلاثة رؤساء بلديات فلسطينيين (نابلس ورام الله والبيرة) عام 1980. وقد حذرت أوساط سياسية وأمنية إسرائيلية عديدة من هذا النشاط الإرهابي، وخطورته على إسرائيل نفسها وليس فقط على الفلسطينيين المستهدفين من هذا الإرهاب. وفقط قبل شهرين، حذر وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، من هذا النشاط، وأدان منظمتي «لا فاميليا» و«لاهافا» اليهوديتين المتطرفتين، في أعقاب الحوادث التي تورط فيها نشطاؤهما خلال مسيرة الأعلام التي تقام في القدس، وأعلن أنه توجه إلى المستشار القضائي للحكومة بهدف دراسة إمكانية إخراجهما عن القانون.
وفي مطلع السنة، دعا الضابطان الكبيران السابقان في الشرطة الإسرائيلية، إليك رون، وديفيد تسور، الحكومة وأجهزة المخابرات والشرطة، إلى وضع حدٍ لنشاط المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين. واعتبرا هذا النشاط «إرهاباً يهودياً لا مبرر له»، وانفلاته يهدد مصالح الدولة العبرية. وأكد الضابطان الكبيران، في ندائهما، أن «المجموعة المعروفة باسم (شبيبة التلال) التي تقود حالياً اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية «أصبحت ظاهرة خبيثة للجريمة القومية اليهودية المتطرفة، التي بحسب كل الشروط، مثل خصائص النشاط والتنظيم والوسائل، تتوافق مع تعريف الإرهاب». وأوضحا أن «نشاطات هذه المجموعة تزدهر على أرضية خصبة ومسمدة من الدعم العلني والسري من جهات متطرفة، بما في ذلك قيادات سياسية وفكرية تقود مؤسسات. وهي تعتبر الإرهاب وسيلة شرعية في إطار النضال من أجل إقامة دولة يهودية واحدة من البحر إلى النهر، حتى لو كان الثمن لذلك هو فقدان الطابع اليهودي الديمقراطي لإسرائيل، والمسّ بمبادئ الأخلاق التي تقف في أساس وجودها».
وحذّر الضابطان من أن سياسة الإنكار واللامبالاة في أوساط الجمهور اليهودي، إلى جانب ضعف وتردد المستوى السياسي، تساهمان في تعزيز هذه الظاهرة. ويقول رون، إن «الحديث يدور عن 400 حادثة إرهابية فقط في العام 2021». وقال «صحيح أن الزعران اليهود ليسوا هم الدافع الرئيسي لعنف الفلسطينيين الذي توجد له دوافع كثيرة ومتنوعة، وأيضاً حجم الإرهاب الشعبي اليهودي أصغر من الإرهاب الفلسطيني، لكن الإرهاب اليهودي هو مثل الوقود الموجود في محركات الإرهاب الفلسطيني»، بحسب تعبيره. واعتبر أن العنف ضد الفلسطينيين، يعزز الشعور لديهم بعدم وجود حماية من السلطة الفلسطينية ولا من الجيش الإسرائيلي. «وهذا الشعور يسرع أكثر اختيارهم لطريق الإرهاب».
واعتبر تسور، أن تقرير لجنة «شمغار» التي حققت في مذبحة الحرم الإبراهيمي في 1994، والتقارير التي جاءت بعدها، أشارت كلها إلى أن جهاز إنفاذ القانون، سواء المدني أو العسكري، توقف عن التصرف كجسم رادع في هذه المناطق. «لذا يجب البدء في استخدام الأدوات والصلاحيات التي يعطيها القانون للقادة في الميدان، بما في ذلك فرض قيود على الحركة اليهودية المتطرفة، وضرورة الوجود في مناطق متفجرة، وإغلاق مناطق، وإصدار أوامر، وإبعاد أفراد وجماعات عن المنطقة، كما تقتضي حالة الطوارئ».
ولكن هذا لم يحدِث تغييراً في السياسة الإسرائيلية يردع هذا الإرهاب. ففي الثامن والعشرين من الشهر الماضي، تم اعتقال ثلاثة مواطنين يهود من مدينة الخضيرة وهم يحاولون إلقاء زجاجات حارقة على مواطنين عرب على الشاطئ. وفي الضفة الغربية، يواصل شبيبة التلال اعتداءاتهم على الفلسطينيين.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

7 أسباب رئيسية تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على المواجهة

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
TT

7 أسباب رئيسية تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على المواجهة

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

من الصعب التكهن، منذ اليوم، بما ستسفر عنه المحادثات حول مصير البرنامج النووي الإيراني التي ستجرى، يوم الجمعة المقبل، على الأرجح في جنيف، بين إيران و«الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) التي كانت الدافع لمجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، بدعم من الولايات المتحدة، لتبني قرار يندد بعدم تعاون طهران بشأن الملفات الخلافية بينها وبين الوكالة.

ويبدو أن طهران تحاول المزاوجة بين الرد «القوي» من خلال نشر طاردات مركزية لتسريع، ورفع تخصيب اليورانيوم وبين الرد «السلس» عبر إبداء رغبتها في الحوار مع «الترويكا»، بل الانفتاح على البحث عن اتفاق نووي جديد يكون بديلاً عن اتفاق عام 2015 الذي لم يبق منه الكثير.

ولكن بالمستطاع حل إشكالية التناقض بين الموقفين لجهة تغليب الرغبة في التفاوض على السعي للتصعيد، وذلك لمجموعة عوامل متشابكة داخلياً وإقليمياً ودولياً، مع الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي كان المحاور الرئيسي للأوروبيين بين عامين 2021 و2022، التقى هؤلاء في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

ترمب... أول التهديدات

تقول مصادر دبلوماسية في باريس، في توصيفها لتعيينات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في المناصب ذات الصلة بالشرق الأوسط، إن الخيط الجامع بينها أنها مؤيدة من غير تحفظ لإسرائيل، وأنها معادية لأقصى الحدود لإيران. وبدأت التهديدات لطهران تلوح في الأفق قبل شهرين من عودة ترمب إلى البيت الأبيض، إذ أكدت أوساطه أن «أوامر تنفيذية عدة خاصة بإيران سيتم الإعلان عنها في اليوم الأول من تسلمه الرئاسة، وأنها ستكون نافذة لأنها لا حاجة لمصادقة الكونغرس.

ولكن بالنظر لطباع ترمب وتقلباته، لا يمكن استبعاد قيام صفقة مفاجئة بينه وبين إيران تتناول النووي، غير أن مسائل أخرى تتعلق بأداء طهران في الشرق الأوسط والكيانات والتنظيمات التي تدعمها، قد تعني أنه سيكون على إيران أن تقدم تنازلات رئيسية، وأن تتخلى عن خطها الثوري وأن «تتطبع».

وهذا الاحتمال يبقى بعيداً، والأرجح أن تعود واشنطن إلى ممارسة «الضغوط القصوى» السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وربما أكثر من ذلك لإرغام طهران على المجيء صاغرة إلى طاولة المفاوضات من أجل اتفاق يزيل نهائياً إمكانية حصولها على سلاح نووي.

من هنا، فإن الطرف الإيراني يريد، من خلال التفاوض مع «الترويكا»، الاستفادة من مهلة الشهرين لتحقيق هدفين متلازمين، وهما: اختراق نووي إبان ما تبقى من ولاية الرئيس جو بادين من جهة، ومن جهة أخرى، محاولة دق إسفين بين الأوروبيين وإدارة ترمب القادمة عن طريق «إغراء» الترويكا ومنعها من «الالتحام» مع واشنطن لاحقاً.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وصل إلى الرئاسة بوعود تحسين المعيشة اليومية للإيرانيين (د.ب.أ)

مغامرة عسكرية إسرائيلية - أميركية

والحقيقة أن إيران تبحر في محيط مجهول، ويكفي لذلك الإشارة إلى أن ترمب رأى أنه كان على إسرائيل أن تضرب المواقع النووية الإيرانية في حملتها الجوية يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) على إيران، رداً على هجمات طهران الصاروخية بداية الشهر المذكور.

وسبق لترمب أن أمر بالقضاء على قاسم سليماني بداية عام 2020 لدى خروجه من مطار بغداد. ومن هذا المنطلق، فإن طهران تقوم بمحاولة «استباقية» ويزداد خوفها من ضربة عسكرية مشتركة أميركية - إسرائيلية يحلم بها رئس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ سنوات، لسببين: الأول، أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة أضعفت الدفاعات الجوية الإيرانية بعد استهداف بطاريات «إس 300» الأربعة، روسية الصنع، ما دفع نتنياهو إلى القول إن الطائرات الإسرائيلية يمكنها، راهناً، أن تسرح وتمرح في الأجواء الإيرانية من غير أن تقلق. والثاني أن إيران كانت تراهن على التنظيمات الموالية لها لتهديد إسرائيل بحرب شاملة وعلى جبهات متعددة في حال هاجمتها واستهدفت برنامجها النووي.

والحال، أن حركة «حماس» لم تعد في وضع تهدد فيه إسرائيل، وكذلك فإن «حزب الله» الذي كان يعد أقوى تنظيم غير حكومي في المنطقة أصبح مقيد اليدين، ولن يغامر بحرب «إسناد» جديدة مع إسرائيل في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بينه وبين تل أبيب؛ لذا فإن طهران أخذت تجد نفسها «مكشوفة» ومن غير ظهير فاعل، ما يدفعها لتغليب الحوار من البوابة الأوروبية.

عباس عراقي وزير الخارجية الإيراني أول من أشار في أغسطس الماضي إلى احتمال تفاوض إيران على اتفاق نووي جديد (رويترز)

بعبع «سناب باك»

لم ينص قرار مجلس المحافظين الأخير على تفعيل آلية «سناب باك» التي يعود بموجبها الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن ومعه العودة لفرض عقوبات أممية على طهران، لكن ظله كان يخيم على المحافظين. وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في باريس إن فشل جولة المفاوضات المرتقبة، وتمنع طهران عن الاستجابة لما طلبه منها محافظو الوكالة في قرارهم الأخير «سيعني الذهاب في شهر مارس (آذار) 2025، موعد الاجتماع القادم للمجلس، الذهاب إلى مجلس الأمن، وأن الأوروبيين لن يعارضوا هذه المرة، مثلما فعلوا في عام 2018، الرغبة الأميركية في فرض تنفيذ آلية «سناب باك» بحجة أن واشنطن خرجت من الاتفاق النووي لعام 2015، ومن ثم فقدت حقها في طلب تفعيل الآلية المذكورة.

ويذكر أن العمل بموجبها سيعني معاودة فرض 6 مجموعات من العقوبات الاقتصادية والمالية الدولية - وليس الأميركية وحدها - على طهران، ما سيؤثر بقوة على اقتصادها، بينما وصل مسعود بزشكيان إلى مقعد الرئاسة وهو يجر وراءه لائحة طويلة من الوعود التي أغدقها على الإيرانيين، وأولها تحسين أوضاعهم المعيشية التي ينهشها الغلاء والتضخم وغياب الاستثمارات الخارجية وخسارة العملة الإيرانية للكثير من قيمتها إزاء العملات الأجنبية. ومنذ اليوم، يمكن الرهان على أن إدارة ترمب ستسعى لخنق إيران من خلال التضييق على صادراتها من النفط موردها الأول من العملة الأجنبية، كما يمكن الرهان أيضاً على أن الأوروبيين سيستخدمون الورقة الإيرانية للتقارب مع سيد البيت الأبيض القديم ــ الجديد من أجل أغراض أكثر استراتيجية بالنسبة إليهم كمصير الحلف الأطلسي وما يعنيه من توافر مظلة نووية أميركية، بينما الطرف الروسي يواظب على التلويح باللجوء إلى السلاح النووي الذي لم يعد من المحرمات.

ولم تتردد الخارجية البريطانية في تأكيد الالتزام بفرض إجراءات عقابية إضافية على إيران «في حال لزم الأمر» في إشارة واضحة إلى «سناب باك». فالأشهر الـ13 الأخيرة غيرت كثيراً من المعادلات في منطقة الشرق الأوسط، وطالت إيران التي يبدو أن عليها التأقلم مع المعطيات المستجدة ما يفسر تأرجحها بين التصعيد والانفتاح، لكن هدفها الحقيقي والفعلي هو الخيار الأخير الأقل تكلفة.