كان غريباً أن تحل جومانة هيرمز، المستشارة الإقليمية لـ«الإيدز» بمكتب شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، ضيفاً على المؤتمر الصحافي الذي نظمه المكتب الإقليمي (الثلاثاء)، لاستعراض تطورات جائحة «كوفيد-19» وطارئة «جدري القردة» في بلدان الإقليم؛ لكن الرسالة التي وجهتها هيرمز خلال المؤتمر كشفت بوضوح مبرر مشاركتها.
هيرمز التي عبرت عن أسفها على كون «الاستجابة لفيروس نقص المناعة البشرية المسبب لمرض الإيدز، لا تزال في إقليم شرق المتوسط في أدنى مستوى مطلوب»، قالت إن «السبب في ذلك، يعود إلى الخوف من الوصم والتمييز، لارتباط الإصابة في الأذهان بالعلاقات الجنسية بين الرجال».
وأوضحت هيرمز: «يجب ألا نغض الطرف عن أن هذه الفئة موجودة في مجتمعنا؛ لأن ذلك حرمنا من تطوير استجابة صحية مناسبة لفيروس نقص المناعة، وأخشى تكرار الأمر ذاته مع فيروس (جدري القردة)، للسبب نفسه، مما يؤدي لانتشار المرض بين تلك الفئة وغيرها من فئات المجتمع».
وحتى الآن، أبلغت 7 بلدان في إقليم شرق المتوسط المنظمة رسمياً عن 35 حالة إصابة بـ«جدري القردة» مؤكدة مختبرياً، ولم تُسجل أي وفيات، بينما بلغت الأعداد على الصعيد العالمي، حوالي 40 ألف حالة إصابة مؤكدة مختبرياً، منها 12 حالة وفاة.
وأضافت هيرمز: «إذا لم نطور استجابة مناسبة توازن بين المعطيات الاجتماعية والاشتراطات الصحية، فقد ندفع بعض المرضى إلى عدم طلب العلاج، خشية الوصم والتمييز».
بدوره، شدد أحمد المنظري، المدير الإقليمي للمنظمة، على الأمر ذاته، وقال إن «المرض يصيب في الغالب الرجالَ الذين يمارسون الجنس مع الرجال، ولكن يظل الجميع عرضة للخطر، وقد تلقينا تقارير عن حالات عدوى بين الأطفال والنساء في إقليمنا وفي عدة أنحاء من العالم»، لافتاً إلى أن إعلان منظمة الصحة العالمية في 23 يوليو (تموز) الماضي، «جدري القردة» طارئة صحية عامة، كان بهدف أن يدرك الجميع الخطر، ويتخذوا جميع التدابير الوقائية الممكنة؛ مشيراً إلى أن «الوصم والتمييز السلبي لن يفضيا إلا لتأخير جهود التصدي وتشتيت انتباهنا عما ينبغي عمله».
وأضاف أنه «يتعين علينا بالمقابل أن ينصب تركيزنا الجماعي على الخروج باستجابة صحية عامة فعالة، وبتصدٍّ مؤثر، من شأنه وقف سريان الفاشية واحتواؤها».
من جانبه، كشف مدير الطوارئ الصحية الإقليمي ريتشارد بيرنان، عن أن الدراسات الجارية حالياً حول النسخة الحالية من فيروس «جدري القردة»، كشفت عن وجود تغير جيني بالفيروس، مقارنة بالنسخة السابقة؛ لكن لم تتم الإجابة إلى الآن عن أسئلة تتعلق بمدى تأثير هذا الاختلاف على درجة شدة الفيروس ومقاومته للعلاج ومعدل انتشاره.
وقال إن «الإجابة عن هذه الأسئلة لن تغير كثيراً من نصائحنا المتعلقة بإجراءات الوقاية العامة، من حيث العزل المنزلي للمصابين، وتتبع المخالطين لهم، والاهتمام بالنظافة الشخصية». وشدد على أهمية الاهتمام بوجه خاص بالفئات الضعيفة والمعرضة للخطر، مضيفاً أنه «إذا كان معظم المصابين بـ(جُدري القردة) يمكن علاجهم بأمان في المنزل، فإن المرض قد يُسبب مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة لدى تلك الفئات».
وحول اللقاحات المتاحة للمرض، قال إيفان هيوتن، مدير قسم الأمراض السارية بالمكتب الإقليمي، إن اللقاح المتاح حالياً لـ«جدري القردة»، كان مُعدّاً من أجل مرض الجدري التقليدي، وجرت هندسته من أجل أن يكون ملائماً لـ«جدري القردة»، وهو غير متوفر بالقدر الكافي حتى الآن.
وأعاد هيوتن ما أشار إليه بيرنان حول إجراءات الوقاية العامة، وقال: «الأدوات المتوفرة في أيدينا الآن هي الالتزام بتلك الإجراءات لمنع انتشار وانتقال المرض».
وأشار إلى أن إرشادات المنظمة بشأن لقاح «جدري القردة» حال توفره لم تتغير، إذ توصي المنظمة بالتطعيم الموجه لمن يتعرضون أو يخالطون شخصاً مصاباً بـ«جدري القردة»، ومن يواجهون مخاطر تعرض مرتفعة كالعاملين الصحيين والعاملين في المختبرات.
من ناحية أخرى، وعلى صعيد جائحة «كوفيد-19»، أعلن المنظري اعتماد المنظمة مؤخراً لقاحاً جديداً، وهو لقاح (فالنيفا VLA2001)؛ مشيراً إلى أن هناك ثمة توصية جديدة محددة تمنح الأولوية لهذا اللقاح في حالة الحوامل، نظراً للتبعات السلبية لمرض «كوفيد-19» في أثناء الحمل من جهة، وما يمتاز به لقاح «فالنيفا» على صعيد السلامة والأمان من جهة أخرى.
وشدد المنظري على أن جائحة «كوفيد-19» لم تضع أوزارها بعدُ، والفيروس ليس في طريقه إلى الزوال، مؤكداً أنه «سيتعين علينا أن نتعلم كيفية التعايش مع الفيروس، ولكن ذلك لا يعني تجاهل تدابير الحماية».
ولفت هيوتن إلى أنه من الأخبار السارة عام 2022 أن دول الإقليم لديها من اللقاحات ما يكفي لتحقيق الهدف الذي أعلنته المنظمة بتطعيم 70 في المائة من السكان؛ لكن الخبر السيئ هو أنه لا يوجد إقبال كافٍ من المواطنين على التطعيم.
وحصل في الوقت الراهن ما يقرب من 46 في المائة من الأشخاص في إقليم شرق المتوسط على التطعيم كاملاً، بإجمالي جرعات وصل إلى 790 مليون جرعة، ولا يزال كثير من الناس لم يتلقوا اللقاح حتى الآن، وما زالوا معرضين لخطر المرض الشديد أو الوفاة؛ حيث لا تقدم لقاحات «كوفيد-19» حماية كاملة من الإصابة؛ لكنها فعالة في الوقاية من التعرض للمضاعفات الشديدة والوخيمة والوفيات.
وأبلغ إقليم شرق المتوسط عن أكثر من 23 مليون حالة إصابة منذ بداية الجائحة، وما يقرب من 350 ألف حالة وفاة. وشهد الأسبوع الماضي وحده إصابة أكثر من 80 ألف شخص بالعدوى، ووفاة ما يزيد على 600 شخص، بينما أُبلغ عن أكثر من 5.4 مليون حالة جديدة و15 ألف وفاة على مستوى العالم.
ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول دور العدوى البكتيرية المصاحبة لـ«كوفيد-19» في هذا العدد من الوفيات، لم ينكر بيرنان تسجيل عدوى بكتيرية مصاحبة للفيروس في الحالات الشديدة من الإصابة؛ لكنه شدد على أن ذلك ليس الأساس. وقال: «الإصابات معظمها بسبب الفيروس وحده، لذلك ليس هناك مبرر لوصف المضادات الحيوية ضمن بروتوكولات العلاج».
وأشار بيرنان إلى أن المنظمة رصدت إسرافاً في استخدام المضادات الحيوية خلال جائحة «كوفيد-19»، وهذا من شأنه أن يزيد من وباء مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، ويضعف من كفاءتها في مواجهة الأمراض التي تستدعي بالفعل استخدامها.
«الصحة العالمية» تخشى تكرار أزمة «الإيدز» مع طارئة «جدري القردة»
اعتمدت لقاحاً جديداً لـ«كوفيد ـ 19» يناسب الحوامل
«الصحة العالمية» تخشى تكرار أزمة «الإيدز» مع طارئة «جدري القردة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة