دراسة: تحفيز الدماغ يحسِّن الذاكرة لدى كبار السن

مريضة تخضع لتحفيز كهربائي للدماغ (أرشيفية- رويترز)
مريضة تخضع لتحفيز كهربائي للدماغ (أرشيفية- رويترز)
TT
20

دراسة: تحفيز الدماغ يحسِّن الذاكرة لدى كبار السن

مريضة تخضع لتحفيز كهربائي للدماغ (أرشيفية- رويترز)
مريضة تخضع لتحفيز كهربائي للدماغ (أرشيفية- رويترز)

أفادت دراسة جديدة أجراها فريق من جامعة بوسطن، بأن تحفيز الدماغ عن طريق إرسال تيارات كهربائية إلى جزأين بها معروفين بتخزين واسترجاع المعلومات، يمكن أن يحسِّن الذاكرة لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً.
ووفقاً لشبكة «سي إن إن» الأميركية، فإن هذه العملية التي استخدمها فريق الدراسة الجديدة تعرف باسم «تحفيز التيار المتردد عبر الجمجمة (TACS)»، وتقوم بتعزيز وظائف الدماغ عن طريق وضع أقطاب كهربائية على مناطق معينة من الرأس، وإرسال تيارات كهربائية تشبه الموجة إليها.
ويمكن لهذه الموجات الكهربائية أن تحاكي أو تغير نشاط الموجات الدماغية لتحفيز نمو المخ وتطور وظائفه.
وسبق أن تمت الموافقة على نسخة بديلة تستخدم المجالات المغناطيسية، وتسمى «التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS)»، من قبل هيئة الغذاء والدواء الأميركية، لعلاج الاكتئاب.
وحلل باحثو جامعة بوسطن تأثير استخدام «تحفيز التيار المتردد عبر الجمجمة» على كل من الذاكرة طويلة المدى والذاكرة قصيرة المدى في تجربتين، تم إجراؤهما على مجموعتين مختلفتين من الأشخاص، كل مجموعة تتكون من 20 شخصاً، تتراوح أعمارهم جميعاً بين 65 و88 عاماً.
وتلخصت التجارب في إرسال موجات «غاما» وموجات «ثيتا» إلى مركزين في الدماغ يلعبان أدواراً رئيسية في الذاكرة.
وموجات «غاما» هي الموجات الأقصر والأسرع التي تنتجها الخلايا العصبية بالمخ، ويتراوح ترددها بين 30 و80 هرتز.
وغالباً ما يتم إنتاج هذه الموجات بالمخ بشكل مكثف، حين يتعرض الأشخاص لضغوط ما أو يحتاجون للتركيز أثناء إجراء اختبار ما أو حل مشكلة معقدة.
أما موجات «ثيتا» فتتشكل بشكل أبطأ بكثير، ويبلغ ترددها من 3 إلى 8 هرتز. ويتم تحفيز هذ الموجات في الأغلب عند القيام بالمهام التلقائية، مثل تنظيف الأسنان والاستحمام.
وفي التجربة الأولى، أرسل العلماء موجات «غاما» عالية التردد (60 هرتز) إلى قشرة الفص الجبهي، والتي تقع مباشرة خلف العينين والجبهة، وتساعد في تخزين الذكريات طويلة المدى.
أما في التجربة الثانية، فقد تلقت مجموعة مختلفة من 20 شخصاً موجات «ثيتا» منخفضة التردد (4 هرتز) للقشرة الجدارية، وهي المنطقة التي تقع خلف الفص الجبهي، وفوق الحُصين، وهو جزء آخر من الدماغ يلعب دوراً رئيسياً في التعلم والذاكرة.

وعقدت هذه الجلسات على مدى 4 أيام متتالية، خضع كل مشارك خلالها أيضاً إلى 5 اختبارات لتذكر واستدعاء 20 كلمة مختلفة مرتين، مرة بعد سماع الكلمات مباشرة خلال عملية تحفيز المخ، ومرة أخرى بعد 20 دقيقة من التحفيز.
وقام فريق البحث بتقييم الأداء بطريقتين: الأولى تتمثل في مدى جودة تذكر المشاركين للكلمات، وعدد الكلمات التي تذكروها أثناء الاختبار وبعده بـ20 دقيقة (لقياس الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى).
وأظهرت النتائج أن 17 من أصل 20 شخصاً تلقوا تحفيز «غاما» عالي التردد، كانت لديهم قدرة مميزة على تذكر الكلمات بشكل جيد بنهاية الاختبار، ما يشير إلى أن التحفيز عزز ذاكرتهم طويلة المدى بشكل جيد.
ومن جهة أخرى، فإن 18 من 20 مشاركاً خضعوا لتحفيز «ثيتا» منخفض التردد، كانت لديهم قدرة مميزة على تذكر الكلمات التي سمعوها للتو أثناء إجراء التحفيز، ما يشير إلى أن التحفيز عزز ذاكرتهم العاملة قصيرة المدى.
وبعد شهر واحد من التدخل، طُلب من المشاركين إجراء اختبار آخر لاسترجاع الكلمات، لمعرفة ما إذا كانت تحسينات الذاكرة قد استمرت أم لا.
بشكل عام، أظهرت النتائج أن تأثير تيارات «ثيتا» ذات التردد المنخفض في تحسن الذاكرة العاملة قصيرة المدى استمر لمدة شهر واحد، بينما لم يحدث ذلك مع تيارات «غاما» عالية التردد.
وكتب الباحثون في دراستهم التي نشرت يوم الاثنين في مجلة «Nature Neuroscience»: «اعتاد العلماء على الاعتقاد أنه في نقطة معينة في بداية مرحلة البلوغ، يكون الدماغ ثابتاً وغير قادر على النمو أو التغيير. أما اليوم، فنحن مقتنعون بأن الدماغ لديه القدرة على إعادة تنظيم بنيته أو وظائفه أو اتصالاته في أي مرحلة من مراحل العمر».
وقال عدد من خبراء الصحة الذين لم يشاركوا في الدراسة، إن هذا الاكتشاف أولي ولكنه «واعد»؛ حيث يشير إلى إمكانية استخدام الأساليب الإلكترونية الحيوية لعلاج اضطرابات عقلية، مثل مرض «ألزهايمر».
ولفتوا إلى أنه، في المستقبل، قد يتم تصميم العلاج بشكل يناسب كل شخص على حدة، بناءً على نقاط القوة والضعف لدى ذلك الفرد، وهو أمر لا يستطيع العلاج الدوائي القيام به.


مقالات ذات صلة

لماذا يصبح النوم أكثر صعوبة مع التقدم في السن؟

صحتك  النوم مفيد للصحة  (جامعة فيرمونت)

لماذا يصبح النوم أكثر صعوبة مع التقدم في السن؟

سلَّطت شبكة «سي بي إس» الأميركية الضوء على ظاهرة عدم حصول كبار السن على قدر كافٍ من النوم ليلاً بشكل منتظم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأكل خلال الصيام يحتاج إلى نظام خاص (بابليك دومين)

نصائح للحفاظ على الوزن الصحي أثناء الصيام

قدم موقع «هيلث سايت» نصائح للحفاظ على الوزن خلال الصيام في شهر رمضان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك من المفاهيم الخاطئة الشائعة أن ممارسة التمارين الرياضية على معدة فارغة تحسن الأداء أو تحرق مزيداً من السعرات الحرارية (أ.ب)

قبل ممارسة الرياضة أم بعدها أم خلالها... متى يجب أن تأكل؟

إذا استمعت إلى بعض خبراء التمارين الرياضية على وسائل التواصل الاجتماعي، فسوف تجد أنهم يشجعون على ممارسة التمارين الرياضية على معدة فارغة بهدف حرق الدهون.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل مسن يرتدي قناع وجه بينما يسير في أحد شوارع بكين (إ.ب.أ)

مرض نادر قتل زوجة الممثل جين هاكمان... ما هو فيروس «هانتا»؟

توفيت بيتسي أراكاوا، زوجة الممثل الأميركي جين هاكمان، بسبب آثار فيروس «هانتا»، وهو مرض نادر يحدث غالباً بسبب ملامسة فضلات القوارض المصابة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لقاح الحصبة (رويترز) play-circle

السلطات الصحية الأميركية تخطط لدراسة الروابط بين اللقاحات والتوحّد

تخطط مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة لدراسة كبيرة حول الروابط المحتملة بين اللقاحات والتوحّد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».