6 أشهر على حرب أوكرانيا تتزامن مع عيد استقلالها

TT

6 أشهر على حرب أوكرانيا تتزامن مع عيد استقلالها

عندما أطلقت روسيا غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، كان الكرملين يأمل بأن ينفذ اجتياحاً خاطفاً لكييف وأن يطيح سريعاً بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأن يصبح محرراً في نظر بعض لأوكرانيين، إلا أن خطته فشلت؛ إذ تكبد الجيش الروسي خسائر كبيرة وأُرغم على الانسحاب من منطقة كييف وتحول النزاع إلى حرب استنزاف. وجعلت روسيا من السيطرة على منطقة دونباس شرقاً، أولوية، فيما لا تزال المقاومة الأوكرانية تعتمد إلى حد بعيد على المساعدة التي يقدمها حلفاء كييف الغربيون. بعد ستة أشهر على اندلاع الحرب، رصدت وكالة الصحافة الفرنسية أبرز محطاتها وتداعياتها في العالم. كما يصادف غداً (الأربعاء) يوم الاستقلال في أوكرانيا، وهو 24 أغسطس (آب).
في 24 فبراير أعلن فلاديمير بوتين إطلاق «عملية عسكرية خاصة» للدفاع عن «جمهوريتي» لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين في دونباس في شرق أوكرانيا، بعدما أقر باستقلالهما. وقال الرئيس الروسي إنه يريد «اجتثاث النازية» من أوكرانيا طالباً ضمانات بأن تحجم كييف تماماً عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). ودوت انفجارات قوية في كييف حيث قرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي البقاء، وفي مدن أوكرانية عديدة في شرق البلاد وجنوبها. وأعلن الاتحاد الأوروبي تسليم أسلحة لأوكرانيا في خطوة غير مسبوقة، وفرضت الدول الغربية عقوبات اقتصادية صارمة شددتها تدريجياً.
في الأيام الأولى للغزو، سيطر الجيش الروسي بشكل شبه كامل على منطقة خيرسون الاستراتيجية في جنوب أوكرانيا. وتعتبر المنطقة منطقة رئيسية للزراعة الأوكرانية، واستراتيجية لأنها تقع عند حدود شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014، وفي الثالث من مارس (آذار)، أصبحت خيرسون أول مدينة أوكرانية كبرى يستولي عليها الجيش الروسي. وواجهت القوات الروسية مقاومة أوكرانية شرسة عندما حاولت تطويق كييف والاستيلاء على خاركيف ثاني مدن أوكرانيا شمال شرقي البلاد.
وفي نهاية مارس بدأت موسكو تنفيذ إعادة انتشار لقواتها في اتجاه حوض دونباس في الشرق والذي يسيطر عليه جزئياً انفصاليون مدعومون من روسيا منذ 2014 وفي اتجاه الجنوب. وبعد انسحاب القوات الروسية من مدن قريبة من العاصمة أثار اكتشاف عشرات الجثث التي تعود إلى مدنيين، وخصوصاً في بوتشا، ردود فعل دولية قوية. وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً. ومنذ بدء الغزو حاصرت القوات الروسية ماريوبول في جنوب شرقي أوكرانيا. تسمح السيطرة على المرفأ الاستراتيجي على بحر آزوف لموسكو بربط شبه جزيرة القرم التي ضمتها بالمناطق الانفصالية الموالية لروسيا في دونباس.
وعَلِق نحو 2500 مقاتل أوكراني ونحو ألف شخص من المدنيين في أنفاق تحت مجمع آزوفستال الصناعي وقاوموا حتى منتصف مايو (أيار) قبل أن يستسلموا. وبحسب كييف، دُمرت ماريوبول بنسبة 90 في المائة وقُتل فيها ما لا يقل عن 20 ألف شخص. وأكد الاتحاد الأوروبي أنها «جريمة حرب كبرى». في 30 مارس اتهمت الأمم المتحدة موسكو بالتسبب بـ«أزمة غذاء عالمية». ومنع الحصار البحري الذي فرضته روسيا على البحر الأسود أوكرانيا المصدر الرئيسي للحبوب من تصدير نحو 20 مليون طن من الحبوب المخزنة في صوامعها.
وتم التوصل أخيراً إلى اتفاق في 22 يوليو (تموز) برعاية الأمم المتحدة وبوساطة تركيا. وفي مطلع أغسطس غادرت أول شحنة محملة بـ26 ألف طن من الذرة ميناء أوديسا الأوكراني. وتتهم الدول الغربية روسيا باستخدام سلاح الطاقة رداً على العقوبات المفروضة عليها. وتشهد صادرات الغاز الروسي الحيوية بالنسبة لأوروبا، تراجعاً مطرداً لا سيما إلى ألمانيا وإيطاليا. كذلك علقت غازبروم شحناتها لعدد من العملاء الأوروبيين الذين رفضوا الدفع بالروبل.
في 3 يوليو أكدت القوات الروسية السيطرة على منطقة لوغانسك بعد استيلائها على مدينتي سيفيرودونيتسك وليسيتشأنسك. وتسعى إلى السيطرة على دونيتسك لاحتلال منطقة دونباس بأكملها.
وتعتمد موسكو سياسة إضفاء الطابع الروسي في المدن التي سيطرت عليها مع فرض اعتماد الروبل وإصدار جوازات سفر روسية للسكان. وتعتزم تنظيم استفتاءات لضم هذه المناطق.
تشن القوات الأوكرانية منذ أسابيع هجوماً مضاداً في جنوب البلاد. وأكدت كييف استعادة عشرات القرى والجسور الاستراتيجية المدمرة في منطقة خيرسون، في حين كثفت الولايات المتحدة والدول الأوروبية شحنات الأسلحة الثقيلة إلى البلاد. وألحقت انفجارات غير محددة المصدر، رجح خبراء أن تكون ناجمة عن ضربات بعيدة المدى أو أعمال تخريب، أضراراً بمطار عسكري ومستودع ذخيرة روسيين في شبه جزيرة القرم.
في 5 أغسطس تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بشأن قصف استهدف محطة زابوريجيا النووية في جنوب أوكرانيا التي استولت عليها القوات الروسية منذ مارس، ما أثار مخاوف من وقوع كارثة كبرى في أوروبا. واتهمت الشركة الأوكرانية المشغلة للمحطة الأكبر في أوروبا القوات الروسية بالعمل على وصل المحطة بشبه جزيرة القرم وإلحاق الضرر بشبكة الكهرباء.
ووافق فلاديمير بوتين في 19 أغسطس على أن ترسل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعثة إلى الموقع. وفي 20 من الشهر ذاته أصيب 12 شخصاً على الأقل بقصف روسي على بعد 12 كيلومتراً من محطة بريفدينوكراينسك، ثاني أكبر محطة نووية في أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

أميركا ودول أوروبية تندد بتوطيد العلاقات العسكرية بين موسكو وبيونغ يانغ

الولايات المتحدة​ ازدياد القلق من أيّ دعم سياسي أو عسكري أو اقتصادي قد تقدّمه روسيا لبرنامج التسلّح غير القانوني لكوريا الشمالية (إ.ب.أ)

أميركا ودول أوروبية تندد بتوطيد العلاقات العسكرية بين موسكو وبيونغ يانغ

حذّرت الولايات المتحدة وحلفاؤها من أن الدعم «المباشر» الذي تقدّمه كوريا الشمالية لروسيا في أوكرانيا يشكّل «توسّعاً خطراً» للنزاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث خلال اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع في موسكو الاثنين (أ.ب)

بوتين يحدد أولويات بلاده... مواصلة الحسم العسكري وتعزيز التحالفات في مواجهة أميركا

أوجز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، مجريات العام الحالي على خطوط المواجهة في أوكرانيا وعدّه «عاماً تاريخياً».

رائد جبر (موسكو)
أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».