تصاعد نشاطات «داعش» في أفغانستان

أعلن مسؤوليته عن 300 هجوم إرهابي منذ سيطرة الحركة على كابل

مشيعون يحملون جثة ضحية تفجير مسجد في العاصمة كابل الخميس أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً من بينهم رجل دين بارز، وإصابة أكثر من عشرين (أ.ب)
مشيعون يحملون جثة ضحية تفجير مسجد في العاصمة كابل الخميس أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً من بينهم رجل دين بارز، وإصابة أكثر من عشرين (أ.ب)
TT

تصاعد نشاطات «داعش» في أفغانستان

مشيعون يحملون جثة ضحية تفجير مسجد في العاصمة كابل الخميس أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً من بينهم رجل دين بارز، وإصابة أكثر من عشرين (أ.ب)
مشيعون يحملون جثة ضحية تفجير مسجد في العاصمة كابل الخميس أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً من بينهم رجل دين بارز، وإصابة أكثر من عشرين (أ.ب)

تشهد الفترة الحالية تصاعداً في أنشطة تنظيم «داعش» في أفغانستان، مع سعي التنظيم نحو ترسيخ وجوده في كل مكان داخل البلد الذي مزقته الحرب. ومنذ أغسطس (آب) 2021، عندما استولت جماعة «طالبان» على السلطة في كابل، أعلن «داعش» مسؤوليته عن أكثر من 300 هجوم إرهابي، حسب تقديرات الأمم المتحدة.
وجرى تنفيذ معظم هذه الهجمات ضد تجمعات لـ«طالبان» في مناطق متفرقة من أفغانستان. وتصنف 30 من هذه الهجمات باعتبارها هجمات كبرى.
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، قالت ديبورا ليون، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان، أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إن أنشطة «داعش»، «كانت تقتصر في وقت مضى على عدد قليل من المقاطعات وكابل، لكن يبدو الآن أن (داعش) موجود في جميع المقاطعات تقريباً، وينشط على نحو متزايد». وارتفع عدد الهجمات التي نفذها التنظيم بشكل كبير من العام الماضي إلى العام الحالي، ذلك أنه عام 2020، وقع 60 هجوماً، بينما حتى الآن من هذا العام، وقع 334 هجوماً منسوباً إلى «داعش»، أو أعلن التنظيم مسؤوليته عنها.
جدير بالذكر هنا أنه بعد شهر واحد من سيطرة «طالبان» على كابل في سبتمبر (أيلول) 2021، استضافت الاستخبارات الباكستانية مؤتمراً إقليمياً لرؤساء عدد من الوكالات الاستخباراتية في إسلام آباد، حيث تركز الموضوع محل المناقشة على التهديد الذي يمثله وجود «داعش» في المقاطعات الشمالية والشرقية في أفغانستان. واتفق رؤساء وكالات الاستخبارات من إيران والصين وروسيا وباكستان ودول آسيا الوسطى على تنسيق جهودهم ضد أنشطة «داعش» في أفغانستان، ومساعدة نظام «طالبان» في التعامل مع التهديد الذي يشكله التنظيم.
حالياً، تتحدث وسائل الإعلام الغربية عن تعاون الأجهزة الأمنية الباكستانية مع «طالبان» الأفغانية في مواجهة تهديد «داعش»، الذي صعد خلال العامين الماضيين.
الواضح أن الوضع الأمني داخل أفغانستان وفي المنطقة الحدودية على الحدود الباكستانية - الأفغانية ليس بالأمر الهين. وأشار تقرير للأمم المتحدة، في وقت قريب، إلى صلات بين «طالبان» و«القاعدة».
من ناحية أخرى، ترتبط «طالبان» الباكستانية بصلات بجميع المنظمات الإرهابية الأم الثلاث: «القاعدة»، والفرع المحلي لـ«داعش»، و«طالبان» الأفغانية. وثمة مؤشرات واضحة على أن «داعش»، التي عززت نفسها داخل أفغانستان والمناطق الحدودية مع باكستان في الفترة بين 2014 و2016 تعمل الآن مرة أخرى على تعبئة مجموعة من المسلحين والإرهابيين داخل المدن والبلدات الباكستانية. ويعد مقتل قس في بيشاور بمثابة مؤشر مروع على هذا الأمر. وقبل أسبوع واحد فقط من مقتل القس، وصف قائد الشرطة الإقليمية، تنظيم «داعش»، بأنه يشكل تهديداً أكبر للمنطقة عن «طالبان» الباكستانية. ويشير خبراء منذ فترة طويلة إلى وجود مجموعة من المسلحين والإرهابيين المدربين والمتحمسين داخل المنطقة التي تسعى جميع الجماعات الإرهابية إلى تجنيد عناصر منها.
في مثل هذا الوضع، تبدو «طالبان» الأفغانية المفتاح لاستراتيجية الأمن الباكستانية. وإذا انهار نظام «طالبان»، أو ثبت عجزه عن استكمال الانتقال من جماعة إرهابية إلى دولة، فإن استراتيجية باكستان وخططها الأمنية سيصبحان محكوماً عليهما بالفشل. الواضح أن هذه المنطقة كانت وستبقى بؤرة للتشدد والإرهاب السني، وسيكون المجتمع الباكستاني أول من يتلقى الضربة.
ودخلت روسيا وإيران والصين في تعاون مع «طالبان» الأفغانية، لمجرد اعتقادهم بأنها تشكل حصناً في مواجهة الجماعات السنية الأشد تطرفاً مثل «داعش». إلا أن هذا لا يكفي للتعامل مع مقاتلي «طالبان» الأفغانية، باعتبارهم عناصر فاعلة بمجال مكافحة الإرهاب.
في الواقع، حقيقة دعم «طالبان» الأفغانية لـ«طالبان» الباكستانية وعملها كأب روحي لها، يكفيان لأن يخيما بظلال قاتمة عليها كدولة مستقرة وجديرة بالثقة فيها داخل المنطقة. بجانب ذلك، فإن تواطؤ «طالبان» الباكستانية مع الفرع المحلي لـ«داعش» في تنفيذ عدة هجمات طائفية في باكستان يثبت أن «طالبان» الأفغانية و«داعش» جزء من منظومة إرهابية أكبر في المنطقة. من جانبها، تعتقد الدولة الباكستانية وقادتها أن «طالبان» الأفغانية شركاء مهمون في تحقيق الاستقرار في المنطقة. في تلك الأثناء، قتل شرطيان كانا يتوليان حراسة فريق التطعيم ضد شلل الأطفال في شمال غربي باكستان على أيدي مهاجمين مجهولين أمس.
تجدر الإشارة هنا إلى أن باكستان وأفغانستان المجاورة البلدان الوحيدان اللذان لا يزال شلل الأطفال مستوطناً بهما. ومع ذلك، يجري استهداف الفرق المسؤولة عن التطعيم ضد المرض منذ سنوات من قبل مسلحين في كلا البلدين. وقُتل العشرات من العاملين في مجال شلل الأطفال والمسؤولين الأمنيين الذين يتولون حراستهم منذ عام 2012 على أيدي مسلحين يزعمون أن برامج التطعيم جزء من مؤامرة غربية لإصابة المسلمين بالعقم، بينما ترى نظرية مؤامرة أخرى أن اللقاحات تحتوي على دهن الخنزير، وبالتالي فهي محرمة على المسلمين.


مقالات ذات صلة

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».