شيخ الأزهر أمام مجلس اللوردات البريطاني: «الإسلاموفوبيا» لا تزال تغذي الصراع الحضاري بين الغرب والشرق

مسؤول بالمشيخة يكشف كواليس اللقاء.. ويؤكد: الطيب حذر من انتشار «داعش» في أي مكان في العالم

شيخ الأزهر وحوار مع أعضاء «اللوردات البريطاني» في لندن («الشرق الأوسط»)
شيخ الأزهر وحوار مع أعضاء «اللوردات البريطاني» في لندن («الشرق الأوسط»)
TT

شيخ الأزهر أمام مجلس اللوردات البريطاني: «الإسلاموفوبيا» لا تزال تغذي الصراع الحضاري بين الغرب والشرق

شيخ الأزهر وحوار مع أعضاء «اللوردات البريطاني» في لندن («الشرق الأوسط»)
شيخ الأزهر وحوار مع أعضاء «اللوردات البريطاني» في لندن («الشرق الأوسط»)

أكد شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، خلال كلمة ألقاها الليلة قبل الماضية، أمام مجلس اللوردات البريطاني في لندن، أن ظاهرة «الإسلاموفوبيا» لعبت ولا تزال تلعب دورًا بالغ السوء والخطر في تغذية الصراع الحضاري بين الغرب والشرق، مشيرًا إلى أهمية تلاقح الأفكار وتلاقي وجهات النظر واستقرارها على ما ينفع الناس في الغرب والشرق.
بينما كشف مصدر مسؤول في مشيخة الأزهر بالقاهرة، عن كواليس لقاء الطيب ببعض أعضاء اللوردات البريطاني، قائلاً إن الطيب ووفد الأزهر أكدا للأعضاء أننا «جئنا إليكم وفي نفوسنا رغبة صادقة لتحقيق فهم متبادل وتعاون وثيق واحترام كامل للخصوصيات الدينية والحضارية والثقافية من أجل تدعيم سلام عالمي نحلم بأن ينعم به الفقراء والأغنياء على السواء».
وأضاف المسؤول لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطيب أكد لمجلس اللوردات البريطاني، أنه ليس صحيحًا ما يتردد من أن الحركات الإرهابية المسلحة حركات ولدت من رحم الإسلام، وأن تعاليم هذا الدين هي من صنعت تنظيم داعش الإرهابي وغيرها»، لافتًا إلى أن شيخ الأزهر قال: «علينا أن نستيقظ.. إلى (داعش)، وإن كانت تتمدد (اليوم) في الشرق الأوسط، فإنها سوف تطل برأسها (غدًا) في أي مكان في العالم؛ إذا لم تكن هناك إرادة عالمية جادة للتصدي لهذا الوباء المدمر».
ويصف الأزهر عناصر «داعش» بأنهم «خوارج وبغاة» يسعون إلى تشويه الدين الإسلامي. ودعا «ولاة الأمر» إلى قتالهم ودحرهم. وأكد أن «الحملات التي يطلقها التنظيم الإرهابي لاستقطاب شباب المسلمين حملات ضالة ومضلة».
وكان الطيب قد بدأ جولة أوروبية شارك خلالها في ملتقى «حكماء الشرق وعدد من مفكري الغرب نحو حوار الحضارات»، الذي انعقد في فلورنسا بإيطاليا.
وأكد الطيب، الذي يرأس مجلس حكماء المسلمين، في كلمته بمجلس اللوردات البريطاني في لندن عقب مغادرته إيطاليا، أنه «من الضروري أن تتحول العلاقة بين الشرق والغرب إلى علاقة سلام وتعارف يقوم على الاحترام المتبادل للخصوصيات والعقائد والهويات والثقافات المختلفة، ولا بد قبل كل ذلك من الشعور بالأخوة العالمية والإنسانية»، مشيرًا إلى أن الأزهر مؤسسة علمية وتعليمية تحمل أمانة التعريف بهذا الدين وتبليغ رسالته العلمية والروحية نقية خالصة، وأن منهج التعليم الذي يتلقاه الطلاب في الأزهر، منهج يقوم على تعدد الآراء واختلاف وجهات النظر، ودراسة المذاهب المختلفة، والرأي والرأي الآخر الذي قد يصل إلى درجة التعارض.
وأجرى الطيب حوارًا مفتوحًا مع أعضاء المجلس البريطاني عن سماحة الإسلام وموقفه وجهود الأزهر في مكافحة التطرف والإرهاب، ثم التقى عددًا من سفراء الدول الإسلامية والعربية، وتطرق اللقاء إلى الحديث عن جهود الأزهر الشريف وخطته في مواجهة الفكر الشاذ والمتطرف، في تعزيز ثقافة التعايش والحوار بين الأديان.
من جانبه، قال المصدر المسؤول في مشيخة الأزهر في اتصال مع «الشرق الأوسط» أمس، إن «الطيب أكد لأعضاء المجلس البريطاني أنه ليس من الإنصاف أن نحاكم الأديان بإرهاب بعض المجرمين المنتسبين لهذه الأديان، ذلك لأن تعاليم الأديان هي أول من يتبرأ من هؤلاء المجرمين ومن جرائمهم البشعة اللا إنسانية، وأن الإسلام – كدين - لا يبيح للمسلمين أن يشهروا السلاح، إلا في حالة دفع العدوان عن النفس والأرض والوطن».
وأضاف أن «شيخ الأزهر قال إنه لا سبيل للبشرية في تطويق صراعاتها الدولية، إلا بتحقيق زمالة عالمية بين الأمم كافة، وأن الأزهر يضع على رأس أولوياته في الفترة الراهنة، كشف القناع عن زيف الفكر المنحرف وانحرافه الشديد عن شريعة الإسلام».
في السياق نفسه، أكدت مشيخة الأزهر في بيان لها، أمس، أن «الجولة الأوروبية للطيب قد حظيت باحترام وإشادة دولية من الجميع».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.