هل تنجح مساعي غروندبرغ في انتزاع توسيع الهدنة اليمنية؟

تعقيدات تواجه فك الحصار عن تعز... وعراقيل أمام دفع الرواتب

المبعوث الأممي لليمن لدى وصوله في رحلة سابقة إلى مطار صنعاء في يونيو 2022 (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي لليمن لدى وصوله في رحلة سابقة إلى مطار صنعاء في يونيو 2022 (إ.ب.أ)
TT

هل تنجح مساعي غروندبرغ في انتزاع توسيع الهدنة اليمنية؟

المبعوث الأممي لليمن لدى وصوله في رحلة سابقة إلى مطار صنعاء في يونيو 2022 (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي لليمن لدى وصوله في رحلة سابقة إلى مطار صنعاء في يونيو 2022 (إ.ب.أ)

بعد مرور أكثر من 18 أسبوعاً على سريان الهدنة الإنسانية والعسكرية في اليمن وتمديدها مرتين بنفس الشروط، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أخيراً سعيه إلى تحسين الهدنة عبر توسيعها، حيث يتصدر ذلك صرف رواتب الموظفين وإنهاء الحصار على تعز وفتح الطرقات.
ومع وجود السعي الأممي والدعم الأميركي والإقليمي للمبعوث الأممي لانتزاع موافقة الحكومة الشرعية والحوثيين على المقترح الخاص بتوسيع الهدنة إلا أن التعقيدات التي تحفّ هذه المساعي لا تزال قائمة لا سيما فيما يتعلق بعدم الثقة في نيات الحوثيين، بالنظر إلى أنهم رفضوا حتى الآن كل المقترحات لتخفيف الحصار عن تعز وفتح الطرقات رغم كل البدائل التي طرحها غروندبرغ ومكتبه.
عدم الثقة في الحوثيين يقابله أيضاً الموقف الحكومي الذي يواجَه بانتقادات واسعة بسبب التنازلات المستمرة التي قدمها خلال كل جولات التفاوض مع الحوثيين منذ بدء الانقلاب وحتى الآن، وهو ما سيجعل الحكومة الشرعية هذه المرة -وفق تقديرات المراقبين- أكثر حذراً في تقديم أي تنازل جديد دون الحصول على ما يقابله.
وفوق أن إنهاء حصار تعز سيكون النافذة التي يمكن أن ينجح المبعوث الأممي من خلالها في تمرير خطته الرامية إلى توسيع الهدنة، إلا أن الاتفاق على آلية لصرف الرواتب ليس من السهولة بمكان، بخاصة في ظل الانقسام المصرفي والمالي الذي فرضه الحوثيون، وهو الانقسام الذي أدى إلى تراجع الحكومة في أوقات سابقة عن صرف رواتب قطاعات كثيرة في مناطق سيطرة الميليشيات.
وإلى جانب التساؤل عن كمية الوقت التي قد يحتاج إليها غروندبرغ للتوصل إلى اتفاق بشأن هذا الملف، تبدو نقطة توسيع وجهات السفر من مطار صنعاء إلى وجهات أكثر، عنصراً ملغوماً، بخاصة إذا ما طلب الحوثيون التوسيع إلى طهران وبغداد ودمشق وبيروت حيث البؤر التي توجد فيها أذرع المشروع الإيراني في المنطقة، وهي نقطة حساسة بالنسبة للشرعية اليمنية وحتى لدول الإقليم.
وكان المبعوث الأممي قد أعلن خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن أنه يعمل على توسيع الهدنة، من خلال أربعة عناصر تشمل: الاتفاق على آلية شفافة وفعّالة لصرف منتظم لرواتب موظفي الخدمة المدنية ومعاشات المتقاعدين المدنيين، وفتح طرق إضافية في تعز ومحافظات أخرى، وإضافة المزيد من الوجهات من وإلى مطار صنعاء الدولي، وانتظام تدفق الوقود إلى جميع موانئ الحديدة.
- تعنت متوقَّع
يتوقع الباحث والكاتب اليمني عزت مصطفى، أن تقابَل خطة غروندبرغ بتعنت حوثي متوقَّع، ويشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المبعوث فشل مطلع الشهر الحالي بتمديد الهدنة ستة أشهر إضافية واكتفى بتمديدها حتى الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل وفق شروط الهدنة السابقة دون أي بنود إضافية خاصة، مؤكداً أن الحوثيين لم يوافقوا على تمديد الهدنة لشهرين إلا في الساعات الأخيرة قبل انتهاء الهدنة السابقة.
ويتوقع مصطفى أن تلاقي الخطة الموسعة للمبعوث «تعنتاً من الحوثيين إذا ما افترضنا قبول الحكومة للخطة قياساً على موافقاتها السابقة وتعاطيها الإيجابي مع الجهود الأممية».
ويضيف: «لكن أي تطور جديد من الصعب أن ينجَز أو يعلن عنه قبل نهاية سبتمبر (أيلول) القادم نظراً لتسويف الميليشيا الحوثية في تنفيذ التزاماتها خلال الفترة الماضية مقارنةً بما قدمته الحكومة وحصل عليه الحوثيون».
ومع الممانعة الحوثية الشديدة لفتح معابر تعز والمعابر في محافظات أخرى وتعقُّد هذا الملف، وملف صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، فالمؤكد -كما يقول مصطفى- أن «الخطة الموسعة لغروندبرغ ستواجَه برفض شعبي يضغط على الحكومة بعدم قبولها وسيضع الحكومة في موقف صعب بين الضغط الشعبي والضغط الدولي الذي قد يمارَس لتقبل بالخطة».
ويرى الباحث والكاتب عزت مصطفى أن «الحوثيين استنفدوا أوراق مراوغاتهم التي استخدموا فيها تظاهرهم برفض الهدن السابقة مع حاجتهم إليها لإعادة لملمة طاقتهم العسكرية التي ضربتها انتصارات ألوية العمالقة في بيحان بشبوة مطلع العام الجاري وخشيتهم من التغيرات السياسية والعسكرية التي حدثت في الشرعية اليمنية ما يجعل غروندبرغ أقل استجابة لهذه المراوغات».
- معضلة الرواتب
إذا كانت مسألة إنهاء حصار تعز هي مربط الفرس بالنسبة لـ«الشرعية» والشارع اليمني المساند لها، فإن عملية صرف الرواتب كما يقترحه غروندبرغ سيكون، إن تم، اختراقاً محورياً في طريق السلام في اليمن.
ويعلق المحلل الاقتصادي اليمني عبد الحميد المساجدي، على هذه النقطة ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذا ما ينبغي أن تدفع باتجاهه الأمم المتحدة إن كانت جادة في مسألة الوصول إلى تسوية سياسية مستدامة في اليمن وإنهاء الحرب».
ويرى المساجدي أن «الحرب أفرزت شبكات مصالح واختلالاً في توزيع الثروة حيث تضخمت ثروات وأرصدة تجار الحروب مقابل إفقار وتجويع شريحة عريضة من اليمنيين».
ويضيف أن «الرواتب تعد واحدة من بين المنهوبات من أطراف الصراع خصوصاً من جماعة الحوثي التي ترفض صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها رغم تضخم إيراداتها الضريبية والجمركية والرسوم والموارد الأخرى كالاتصالات وإيرادات ميناء الحديدة، وهي في مجملها تفوق بأضعاف مضاعفة ميزانية الأجور والمرتبات لمن تبقى من موظفي الدولة في مناطق الحوثي»، حسب قوله.
ويشير المساجدي إلى تعقيدات إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن صرف الرواتب، ويقول: «من الناحية العملية بالإمكان صرف مرتبات الموظفين قبل حتى توحيد السياسة النقدية إذ يكفي أن تلزم الأمم المتحدة جماعة الحوثي بصرف مرتبات الموظفين من الموارد المتاحة تحت سيطرتها».
ومع وجود الانقسام المصرفي يستدرك المساجدي بالقول: «لكن إن كان هناك اتفاق على جهة صرف موحدة فمن الضرورة الاتفاق على نوع العملة التي سيتم الصرف بها ووفق أي كشوف، وآلية الصرف، وإلزام الحوثي بإنهاء حظر تداول العملة إن كان الصرف سيتم بالطبعة الجديدة، أو الاتفاق على تسوية عملية نقل الأموال وإيجاد التغذية النقدية لشركات الصرافة في مسألة التسلم بالطبعة الجديدة والصرف للموظف بالطبعة القديمة».
ويؤكد المساجدي أن هذه الأمور الفنية «بالإمكان التوصل لحلول لها إذا ما وُجدت الإرادة الصادقة للتخفيف من معاناة الموظفين والتي استمرت لسنوات وتسببت بمشكلات مجتمعية معيشية كبيرة».
- إنهاء الحصار
يجزم وكيل وزارة الإعلام اليمنية فياض النعمان، بأنه لا يمكن توسيع الهدنة قبل أن يتم إنهاء حصار تعز وفتح المعابر، بموجب الهدنة الأساسية.
ويعتقد الوكيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المبعوث الأممي يحاول جاهداً إحداث خرق في جدار الهدنة الإنسانية التي أصبحت تراوح مكانها بسبب صلف وتعنت الميليشيات الحوثية وعدم تنفيذ التزاماتها». كما يكرر اتهام الحكومة للميليشيات الحوثية بأنها استغلّت الهدنة «لتحقيق مكاسب اقتصادية ومساحة عسكرية لإعادة ترتيب صفوفها في جبهات القتال فيما المواطن اليمني في مناطق الميليشيات لم يجد أي انفراجة حقيقية ملموسة» حسب تعبيره. ويرى أن «الحديث عن توسيع الهدنة في ظل الوضع القائم الآن دون تحقيق أي نتائج إيجابية في تنفيذ بنودها المعلقة هو فشل حقيقي لإجراءات المجتمع الدولي والمبعوث الأممي في تعاطيهم مع المشكلة اليمنية».
ويعتقد النعمان أن «الميليشيات الحوثية المحاصرة لتعز منذ ثماني سنوات لا يمكن لها الانصياع لمطالب المجتمع الدولي والمبعوث الأممي الحالية». وأن استجابتها «تتطلب جهداً أكبر». كما يتوقع عدم حدوث أي انفراجة في حصار تعز أو أي مقترحات إذا استمر ما يصفه بـ«التعاطي الضعيف» مع الجماعة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.