حركة الشباب الصومالية «تتمدد» داخلياً وخارجياً (تحليل إخباري)

عقب تصاعد هجماتها مؤخراً

عناصر من «حركة الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «حركة الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
TT

حركة الشباب الصومالية «تتمدد» داخلياً وخارجياً (تحليل إخباري)

عناصر من «حركة الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «حركة الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)

رغم الآمال باستقرار الأوضاع، التي صاحبت وصول حسن شيخ محمود إلى سدة الحكم في الصومال، فإن «تصاعد» هجمات «حركة الشباب» (فرع تنظيم «القاعدة» في شرق أفريقيا)، جدد المخاوف من «توتر الإقليم»، فيما وصف من جانب خبراء بأنه «اتجاه لتمدد نشاط الحركة في القرن الأفريقي».
هذا الاتجاه ظهر بوضوح عبر «تصاعد وتيرة الهجمات داخل وخارج الصومال»، كان آخرها مساء (الجمعة) عندما اقتحم متطرفون من «حركة الشباب» أحد الفنادق، في هجوم أسفر عن مقتل 12 شخصاً، بحسب البيانات الرسمية الصادرة (السبت)، في استمرار لسلسلة من الهجمات استهدفت الداخل الصومالي، من بينها استهداف سيارة عسكرية بوسط العاصمة مقديشو من خلال لغم أرضي، بداية الشهر الجاري، واشتباكات في إقليم «هيران»، والهجوم الذي أدى إلى مقتل وزير العدل بولاية جنوب غربي الصومال، حسن إبراهيم لوغبور، نهاية الشهر الماضي.
عمليات «حركة الشباب» امتدت خارج حدود الصومال، حيث نفذت الحركة مؤخراً هجمات في العمق الإثيوبي، أسفرت عن مقتل 17 من رجال الشرطة الإثيوبيين، كما شنت هجوماً على قاعدة للجيش الكيني بمدينة مانديرا، وأوقعت عدة إصابات بالجيش، وفق البيانات الرسمية، وامتدت هجمات «حركة الشباب» لتشمل قواعد بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال.
وتعتبر «حركة الشباب» من «أهم» التحديات التي تواجه الرئيس الصومالي، بحسب الدكتورة نرمين توفيق، الباحثة في الشأن الأفريقي، والمنسق العام لمركز «فاروس» للاستشارات والدراسات الاستراتيجية في مصر، التي أوضحت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الجميع كان يعلق الآمال على استقرار الأوضاع في الصومال في أعقاب انتخاب شيخ محمود، والذي جاء بعد فترة سياسية صعبة مرت بها البلاد»، مشيرة إلى أن «حركة الشباب نشطت في الفترة الأخيرة، وبدأت توسيع عملياتها داخل وخارج الصومال في محاولة واضحة للفت الانتباه، حيث نفذت عمليات في الصومال وفي العمق الإثيوبي».
الهجوم على الحدود الصومالية - الإثيوبية، يعتبر «الأكثر جرأة»، من جانب الحركة منذ سيطرتها على جنوب وسط الصومال في عام 2007، بحسب تحليل منشور في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، للدكتور حمدي عبد الرحمن،  أستاذ العلوم السياسية في جامعتي زايد والقاهرة، أشار فيه إلى أن «التوغل عبر الحدود من قبل (الشباب) يظهر طموح الحركة وانتهازيتها في خضم بعض التحولات الأكثر أهمية في المشهد الأمني الإقليمي منذ أكثر من عقد»، مرجحاً أن «تروج حركة الشباب لتوغلها في إثيوبيا على أنه انتصار رمزي».
هذا التصعيد من جانب «حركة الشباب» جاء «رداً على الاستراتيجية الجديدة للرئيس الصومالي، التي تستهدف حشد دعم دولي وإقليمي لإطلاق حرب شاملة لإضعاف الحركة، وتحفيف منابع تمويلها»، بحسب ما أورده تقرير نشره مؤخراً مركز «المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة» ومقره أبوظبي، أشار أيضاً إلى «دور عودة القوات الأميركية إلى مقديشو، في دفع الحركة للتصعيد، إضافة إلى تبني (حركة الشباب) لاستراتيجية جديدة، منذ نحو العام، تسعى إلى التوسع في الإقليم، واستهداف المصالح الغربية في القرن الأفريقي».
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، قد أمرت بسحب 700 جندي أميركي من الصومال عام 2020 لكن إدارة خلفه جو بايدن تراجعت عن القرار، وأعلنت في مايو (أيار) الماضي عودة الجنود الأميركيين للمنطقة، وبدأت شن هجمات على الحركة.
لكن توفيق تشير إلى عامل آخر أدى إلى تصعيد هجمات الحركة خلال الفترة الأخيرة، ألا وهو «مقتل زعيم تنظيم (القاعدة) أيمن الظواهري». وتقول الباحثة في الشأن الأفريقي إن «(الشباب) هي أقوى الحركات الأفريقية المبايعة لـ(القاعدة)، ومقتل زعيم التنظيم، في ظل البحث عن قيادة جديدة له، يدفع الحركة إلى محاولة لفت الانتباه، وإثبات الوجود في القرن الأفريقي بشكل عام».
وقد لا تكون هجمات الحركة على دول الجوار الصومالي جديدة، بحسب توفيق، حيث نفذت الحركة هجمات مماثلة خلال السنوات العشر الأخيرة، لكن الفترة الأخيرة تشهد «تصاعداً في وتيرة الهجمات في فترة قليلة نسبياً». مشيرة إلى «هجوم ويست جيت في كينيا».
وعام 2013 شنت «حركة الشباب» هجوماً على مجمع «ويست جيت» التجاري في نيروبي، أسفر عن مقتل 67 شخصاً، بعد عملية احتجاز رهائن استمرت عدة أيام.
وتتوقع توفيق أن «تتزايد وتيرة الهجمات في الفترة المقبلة، ما يسفر بتفجر الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي ككل». بينما يشير عبد الرحمن إلى أن «الهجوم الأخير لحركة الشباب هو بداية لمبادرة استراتيجية كبرى لتأسيس وجود قتالي نشط للشباب في إثيوبيا».
وبحسب مركز «المستقبل للأبحاث» فإنه «من المتوقع أن تكثف الحركة هجماتها في كينيا، مع مساعٍ واضحة لتعزيز وجودها في إثيوبيا»، وسط تحذيرات من «تمدد نشاط الحركة لخارج القرن الأفريقي، على غرار التنظيمات الإرهابية في نيجيريا وموزمبيق».


مقالات ذات صلة

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

العالم العربي الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

أعلن الجيش الصومالي نجاح قواته في «تصفية 60 من عناصر حركة (الشباب) المتطرفة»، في عملية عسكرية مخططة، جرت صباح الثلاثاء، بمنطقة علي قبوبي، على مسافة 30 كيلومتراً جنوب منطقة حررطيري في محافظة مذغ وسط البلاد. وأكد محمد كلمي رئيس المنطقة، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية، أن «الجيش نفذ هذه العملية بعد تلقيه معلومات عن سيارة تحمل عناصر من (ميليشيات الخوارج) (التسمية المتعارف عليها حكومياً لحركة الشباب المرتبطة بالقاعدة) وأسلحة»، مشيراً إلى أنها أسفرت عن «مقتل 60 من العناصر الإرهابية والاستيلاء على الأسلحة التي كانت بحوزتهم وسيارتين عسكريتين». ويشن الجيش الصومالي عمليات عسكرية ضد «الشباب» بدعم من مقات

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار

رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

(حوار سياسي) بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إليها مستقبلاً...

خالد محمود (القاهرة)
العالم رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار حمزة بري أكد ضرورة القضاء على أزمة الديون لإنقاذ وطنه من المجاعة والجفاف بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إ

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

رفض مجلس النواب الأميركي مشروع قانون، قدمه أحد النواب اليمينيين المتشددين، يدعو الرئيس جو بايدن إلى سحب جميع القوات الأميركية من الصومال في غضون عام واحد. ورغم هيمنة الجمهوريين على المجلس، فإن المشروع الذي تقدم به النائب مات غايتس، الذي لعب دوراً كبيراً في فرض شروط الكتلة اليمينية المتشددة، قبل الموافقة على انتخاب كيفن مكارثي رئيساً للمجلس، رفضه غالبية 321 نائباً، مقابل موافقة 102 عليه. وعلى الرغم من أن عدد القوات الأميركية التي تنتشر في الصومال، قد تراجع كثيراً، عما كان عليه في فترات سابقة، خصوصاً منذ عام 2014، فإن البنتاغون لا يزال يحتفظ بوجود مهم، في الصومال وفي قواعد قريبة.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم العربي الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

عقدت الدول المشاركة في بعثة قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في الصومال (أتميس)، اجتماعاً (الثلاثاء)، بالعاصمة الأوغندية كمبالا، لبحث «سبل تعزيز العمليات العسكرية الرامية إلى القضاء على (حركة الشباب) المتطرفة». ويأتي الاجتماع تمهيداً للقمة التي ستعقد في أوغندا خلال الأيام المقبلة بمشاركة رؤساء الدول المنضوية تحت بعثة «أتميس»، وهي (جيبوتي، وأوغندا، وبوروندي، وكينيا، وإثيوبيا)، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية الرسمية. وناقش الاجتماع «سبل مشاركة قوات الاتحاد الأفريقي في العمليات العسكرية الجارية للقضاء على فلول (حركة الشباب)، كما تم الاستماع إلى تقرير من الدول الأعضاء حول ذلك»، مشيدين بـ«سير العمليات

خالد محمود (القاهرة)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».