مستهلكو بريطانيا ضحية «أزمة ثقة»... والحكومة تدمن الاقتراض

فورة للتسوق الإلكتروني مع تحذيرات من التضليل

تظهر البيانات أن ثقة المستهلك البريطاني بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق (أ.ب)
تظهر البيانات أن ثقة المستهلك البريطاني بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق (أ.ب)
TT

مستهلكو بريطانيا ضحية «أزمة ثقة»... والحكومة تدمن الاقتراض

تظهر البيانات أن ثقة المستهلك البريطاني بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق (أ.ب)
تظهر البيانات أن ثقة المستهلك البريطاني بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق (أ.ب)

وسط مؤشرات واسعة النطاق تشير إلى انحدار حاد لثقة المستهلكين في المملكة المتحدة تزامنا مع التضخم التاريخي، أظهرت بيانات رسمية أن بريطانيا اقترضت أكثر من المتوقع في يوليو (تموز) الماضي، مما يبرز التحديات التي تواجه رئيس الوزراء المقبل كي يقدم المزيد من الدعم للمستهلكين الذين تأثروا بارتفاع أسعار الطاقة.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الجمعة إن اقتراض القطاع العام باستثناء البنوك الحكومية بلغ 4.944 مليار جنيه إسترليني (5.89 مليار دولار). وكانت المالية العامة حققت فائضاً 0.9 مليار جنيه إسترليني في يوليو 2019، قبل جائحة كوفيد - 19 التي أدت إلى زيادة تاريخية في الاقتراض الحكومي.
وكان اقتصاديون قد توقعوا في استطلاع أجرته رويترز أن يبلغ اقتراض الحكومة 2.8 مليار إسترليني في يوليو، وهو عادة شهر تتدفق فيه مدفوعات ضريبة الدخل على الخزينة العامة. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة المالية 2022 - 2023 التي بدأت في أبريل (نيسان)، اقترضت بريطانيا 55 مليار جنيه إسترليني، بانخفاض قدره 12.1 مليار جنيه عن نفس الفترة من العام الماضي، لكن بزيادة قدرها 32.6 ملياراً عن الفترة بين أبريل ويوليو 2019. كما زاد الاقتراض بنحو ثلاثة مليارات جنيه عما توقع مكتب مسؤولية الميزانية، وهو هيئة الرقابة المالية الحكومية، في مارس (آذار) الماضي.
ويتعهد المرشحان لخلافة رئيس الوزراء بوريس جونسون بتقديم المزيد من المساعدات المالية للأسر. وقالت وزيرة الخارجية ليز تراس إنها ستخفض الضرائب، الأمر الذي يراه المنافس الآخر، وزير المالية السابق ريشي سوناك، مخاطرة ستؤدي إلى زيادة التضخم ويفضل تقديم المزيد من الدعم المباشر.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية أن إجمالي إنفاق الحكومة البريطانية في يوليو ارتفع بنسبة 4.6 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، بينما زادت الإيرادات 8.4 في المائة. وخلال الفترة من أبريل إلى يوليو، ارتفع الإنفاق بنسبة 1.5 في المائة بينما ارتفعت الإيرادات بنسبة 12.7 في المائة.
ويتزامن الاقتراض الحكومي التاريخي مع تراجع ثقة المستهلك في بريطانيا بوتيرة غير مسبوقة، وسط مخاوف من حدوث ركود اقتصادي وارتفاع معدلات التضخم على نحو يضغط على أنفاق الأسر في البلاد.
وذكرت مؤسسة «جي. إف. كيه» للدراسات الاقتصادية أن مؤشرها لثقة المستهلك تراجع ثلاث نقاط إلى سالب 44 في أغسطس (آب) الجاري، في أدنى معدل له منذ انطلاق المؤشر عام 1974.
ونقلت بلومبرغ عن جوي ستاتن مدير قسم استراتيجية العملاء في «جي. إف. كيه» قوله إن «الشعور بالسخط بشأن الاقتصاد في بريطانيا هو المحرك الرئيسي لهذه النتائج». وأضاف أن «أزمة الثقة سوف تتفاقم خلال أيام الخريف المظلمة وشهور الشتاء الأكثر برودة». وعلى صعيد متصل، يتوقع بنك إنجلترا (المركزي) ارتفاع الأسعار بنسبة 13 في المائة خلال الشهور المقبلة، ليزيد من معاناة المستهلكين الذي تراجعت أجورهم الحقيقية بمعدل غير مسبوق.
لكن في مقابل تهاوي الثقة، حققت مواقع التسوق عبر الإنترنت في بريطانيا قفزة غير متوقعة في مبيعات التجزئة الشهر الماضي، بعد أن قدمت عروضاً وخصومات لجذب المستهلكين الذين يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة.
وذكر المكتب الوطني للإحصاء أن حجم البضائع التي بيعت عبر المتاجر ومواقع التسوق الإلكتروني ارتفع بنسبة 0.3 في المائة الشهر الماضي، وأن هذه الزيادة جاءت مدفوعة بارتفاع نسبته 4.8 في المائة في مبيعات التجزئة لمواقع التسوق على الإنترنت.
ونقلت بلومبرغ عن هيلين ديكنسن رئيس اتحاد تجارة التجزئة في بريطانيا قولها إن «شمس الصيف جلبت ارتفاعا طفيفا في المبيعات»، وأوضحت أن «الملابس الصيفية وأجهزة التكييف وتناول المأكولات في الخارج كلها استفادت من الارتفاع القياسي للحرارة، وإن كان معظم تجار التجزئة ما زالوا يواجهون تراجعا في المبيعات في مواجهة ارتفاع التضخم».
وأظهرت البيانات أيضاً ارتفاع قيمة المبيعات بوتيرة حادة مع ركود حجم المبيعات، في مؤشر على أن ارتفاع الأسعار يؤدي إلى أن المستهلكين يدفعون قيمة أكبر نظير الحصول على نفس الكمية من السلع.
في ذات الوقت، حذرت سلطة الرقابة على الأسواق في بريطانيا الشركات التي تقدم خدمات «اشترِ الآن وسدد لاحقا» من نشر إعلانات مضللة للمستهلكين. وذكرت هيئة السلوك المالي البريطانية في بيان أنها «تتابع بشكل استباقي» الأسواق، وسوف تستخدم سلطاتها الرقابية والجنائية إذا ما وجدت أن الدعاية، بما في ذلك المنشورات التي يضعها المؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تتضمن تحذيرات واضحة بشأن المخاطر التي تنطوي عليها هذه النوعية من الخدمات المالية.
وذكرت الهيئة أنها عقدت مؤخراً اجتماع مائدة مستديرة مع الشركات التي تقدم خدمات «اشترِ الآن وسدد لاحقا» لمناقشة «الضوابط الجديدة ودعوة الشركات لبذل المزيد من أجل دعم المقترضين الذين يتعرضون لصعوبات مالية، بما في ذلك نشر نصائح وتوجيهات مالية، وتقديم المشورة للتعامل مع الديون».


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
TT

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

حذر بنك إنجلترا يوم الجمعة من أن زيادة الحواجز التجارية قد تؤثر سلباً على النمو العالمي وتزيد من حالة عدم اليقين بشأن التضخم، مما قد يتسبب في تقلبات في الأسواق المالية.

وقال بنك إنجلترا، دون الإشارة بشكل خاص إلى فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إن النظام المالي قد يتأثر أيضاً بالاضطرابات في تدفقات رأس المال عبر الحدود وانخفاض القدرة على تنويع المخاطر، وفق «رويترز».

وأضاف أن «انخفاض التعاون الدولي في مجال السياسات قد يعوق تقدم السلطات في تحسين مرونة النظام المالي وقدرته على امتصاص الصدمات المستقبلية».

وفي حين أظهرت الأسر والشركات والبنوك في المملكة المتحدة أنها في حالة جيدة، فإن القطاع المالي في البلاد يواجه مخاطر «ذات أهمية خاصة» نظراً لانفتاح الاقتصاد البريطاني.

ومن بين التهديدات الأخرى ارتفاع مستويات الدين العام في العديد من الاقتصادات في مختلف أنحاء العالم. وقال التقرير إن «حالة عدم اليقين والمخاطر التي تهدد التوقعات قد زادت».

وأضاف بنك إنجلترا أنه لا يزال يعتقد أن التقييمات والعوائد في الأسواق المالية «عرضة لتصحيح حاد» بسبب المخاطر التي تهدد النمو والتضخم وعدم اليقين بشأن أسعار الفائدة. وحذر من أن مثل هذا التصحيح قد يتفاقم بسبب نقاط الضعف المستمرة في التمويل القائم على السوق وقد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للأسر والشركات في المملكة المتحدة.

وأشار إلى أن أحدث اختبارات المرونة التي أجراها على البنوك البريطانية أظهرت أنها تتمتع برأس مال جيد وسيولة وفيرة. لكن المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل صناديق التحوط، لا تزال عرضة لصدمات مالية مفاجئة، وأنه ليس بإمكان جميع هذه المؤسسات الوصول إلى التمويل الضروري في أوقات الأزمات. وأوضح أن القطاع المتنامي للمؤسسات المالية غير المصرفية قد عزز من مرونته، إلا أن اعتماده على التمويل البنكي في أوقات الأزمات قد يؤدي إلى «مخاطر أكبر على الاستقرار المالي».

وعلى خلاف اختبارات الضغط التقليدية التي تركز على كيفية تأثر ميزانيات البنوك والمؤسسات المالية الأخرى خلال الأزمات، استعرض اختبار بنك إنجلترا الشامل كيف يمكن لتصرفات شبكة كاملة من المؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك وصناديق التحوط وشركات التأمين والمقاصة المركزية، أن تُفاقم الصدمات الاقتصادية.

وتصور السيناريو الافتراضي حالة من «تفاقم التوترات الجيوسياسية» التي تؤدي إلى صدمة سوقية مفاجئة وشديدة. وقد يصبح هذا السيناريو أكثر احتمالاً بعد فوز ترمب، حيث هدد مراراً بفرض رسوم جمركية على الواردات الأجنبية، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات التجارية والسياسية مع دول مثل الصين.

وقد أظهرت نتائج اختبار بنك إنجلترا المخاطر المستمرة في قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية، حيث تتوقع العديد من هذه المؤسسات أن تتمكن من الاعتماد على تمويل «الريبو» من البنوك، وهو أمر قد يكون غير متاح في حالات الأزمات.

كما أشار إلى أن سوق سندات الشركات بالجنيه الاسترليني ستواجه ضغطاً كبيراً، حيث ستضطر الصناديق التي تحاول جمع السيولة إلى بيع السندات في سوق متهالك، مما يؤدي إلى «قفزة نحو عدم السيولة» مع قلة المشترين.

ورغم أن هذا الاختبار الشامل كان يهدف بشكل أساسي إلى توعية المؤسسات المالية بالمخاطر المحتملة بدلاً من اتخاذ إجراءات سياسية مباشرة، أكد بنك إنجلترا أن استنتاجاته تدعم الجهود الدولية لفهم وتنظيم القطاع غير المصرفي المتنامي. ويشمل ذلك المراجعات المتزايدة من قبل المنظمين في مختلف أنحاء العالم للقطاع الذي يمثل الآن حوالي نصف النظام المالي العالمي، بعد عدة حوادث تطلبت دعماً لهذه المؤسسات في السنوات الأخيرة.

وفي المستقبل، يخطط البنك المركزي لإجراء اختبارات مرونة كاملة للبنوك كل عامين اعتباراً من عام 2025، وذلك لتقليل العبء الإداري على المقرضين والسماح للبنك بالتركيز على المخاطر المالية المحتملة الأخرى. وسيتم إجراء اختبارات معيارية أقل تفصيلاً حسب الحاجة بين تلك السنوات.

واحتفظ بنك إنجلترا بمتطلب رأس المال المعاكس للتقلبات الدورية (CcyB)، أو متطلب رأس المال «للأيام الممطرة» للبنوك التي يمكن السحب منها في الأوقات العصيبة، عند مستوى محايد بنسبة 2 في المائة.