السجن مدى الحياة لعضو في خلية «البيتلز الداعشية»

والدة إحدى الضحايا: جرائمك المليئة بالحقد لم تربح وأشفق عليك

الشافعي الشيخ عضو خلية «البيتلز» التابعة لتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)
الشافعي الشيخ عضو خلية «البيتلز» التابعة لتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)
TT

السجن مدى الحياة لعضو في خلية «البيتلز الداعشية»

الشافعي الشيخ عضو خلية «البيتلز» التابعة لتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)
الشافعي الشيخ عضو خلية «البيتلز» التابعة لتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)

حكمت محكمة أميركية اليوم (الجمعة)، بالحبس مدى الحياة على الشافعي الشيخ عضو خلية «البيتلز» التابعة لتنظيم «داعش»، لإدانته بقتل أربعة أسرى أميركيين في سوريا.
وعرفت خلية «البيتلز» باحتجاز رهائن غربيين وتعذيبهم وإعدامهم، وصدرت الأحكام الثمانية بالحبس مدى الحياة بحق الشافعي الشيخ البالغ 34 عاماً، بعدما أدين في أبريل (نيسان) باتخاذ أشخاص رهائن، والتآمر لقتل مواطنين أميركيين ودعم منظمة إرهابية.

وسائل الإعلام انتظرت صدور الحكم على الشافعي الشيخ أمام محكمة ألكسندريا (أ.ف.ب)

وقال قاضي محكمة ألكسندريا في ولاية فرجينيا توماس سيلبي إيليس إن سلوك الشيخ «لا يمكن وصفه إلا بأنه مروع وهمجي ووحشي وقاسٍ وبالطبع إجرامي».
ولم يبد الشيخ الذي وضع نظارتين كبيرتين وقناعاً للوجه وارتدى زياً للسجناء باللون الأخضر الداكن، أي رد فعل لدى صدور الحكم.
ومحاكمة هذا البريطاني السابق التي استمرت أسبوعين، تخللتها شهادات مؤثرة لرهائن سابقين وذوي ضحايا، وتعد أبرز ملاحقة قضائية في الولايات المتحدة لعضو في تنظيم «داعش».
وفي بيان للمحكمة توجهت دايان فولي، والدة الرهينة جيمس فولي، إلى الشيخ بالقول: «جرائمك المليئة بالحقد لم تربح... لقد تمت معاقبتك على انحرافك... المحبة أقوى من الحقد. أشفق عليك يا (الشيخ) لاختيارك الحقد».

ديان فولي والدة جيمس فولي تحدث إلى المراسلين خارج محكمة (أ.ف.ب)

وأجرت هيئة المحلفين المؤلفة من 12 شخصاً مداولات لأقل من ست ساعات خلصت إلى أن الشيخ مذنب لضلوعه في مقتل أربعة أميركيين هم الصحافيان جيمس فولي وستيفن سوتلوف وعاملا الإغاثة بيتر كاسيغ وكايلا مولر.

كارل مولر والدا كايلا مولر يتحدث إلى المراسلين (أ.ف.ب)

وكان فصيل كردي مسلح قد ألقى القبض على الشافعي الشيخ مع عضو آخر في خلية «البيتلز»، هو أليكسندا كوتي، المواطن البريطاني السابق البالغ 38 عاماً، في يناير (كانون الثاني) 2018.
وسُلم الرجلان للقوات الأميركية في العراق ثم أُرسلا إلى الولايات المتحدة في عام 2020 ليخضعا للمحاكمة.
وأقر أليكسندا كوتي بذنبه في أيلول سبتمبر (أيلول) 2021، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة في أبريل الماضي من قبل القاضي تي. إس. إيليس، الذي أصدر الحكم الجمعة ضد الشافعي الشيخ.

أليكسندا كوتي (أ.ف.ب)

ومثُل عضو آخر مفترض في خلية «البيتلز»، هو آين ديفيس البالغ 38 عاماً، أمام محكمة بريطانية الأسبوع الماضي في لندن، بعد ترحيله من تركيا، ولا يزال قيد التوقيف بتهم على صلة بالإرهاب.
وقتلت طائرة أميركية من دون طيار أشهر أعضاء الخلية، البريطاني محمد إموازي الملقب بـ«الجهادي جون»، في سوريا في عام 2015، وظهر الأخير في عدة مشاهد مصورة وهو يذبح الضحايا.
ويُتهم أعضاء «البيتلز» الأربعة الذين نشطوا في سوريا بين عامي 2012 و2015 بعدما كانوا قد تبنوا أفكاراً متطرفة في لندن، بالإشراف على احتجاز ما لا يقل عن 27 صحافياً وعاملاً في المجال الإنساني قدموا من الولايات المتحدة وأوروبا وبلجيكا واليابان ونيوزيلندا وروسيا.
وأطلق رهائن غربيون لقب «البيتلز» على مجموعة المتطرفين هذه التي يتحدث أعضاؤها بلكنة بريطانية.
واكتسبت هذه المجموعة سمعة سيئة من خلال نقل مشاهد إعدام الأسرى في مقاطع فيديو مروعة.
ووصف عشرة رهائن أوروبيين وسوريين سابقين في محاكمة الشافعي الشيخ، الفظائع التي تعرضوا لها على أيدي «البيتلز»، مثل محاكاة الغرق أو الصعق بالصدمات الكهربائية أو الإعدام الوهمي.
وقتل إموازي فولي وسوتلوف وكاسيغ بقطع الرأس، وقد نشر التنظيم الفيديوهات لأغراض الدعاية السياسية.
وكانت مولر محتجزة لدى خلية «البيتلز» لكنها سلمتها إلى زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، الذي أفادت تقارير بأنه اغتصبها مراراً.
وأعلن التنظيم مقتل مولر في فبراير (شباط) 2015، وقال إنها قتلت بضربة جوية أردنية، ما تشكك فيه السلطات الأميركية.
وقُتل البغدادي في عملية لقوات أميركية خاصة في عام 2019.
من جهتها، كشفت الشرطة البريطانية هذا الأسبوع أن تحضير القضية ضد «البيتلز» كان بمثابة بناء «أحجية من القطع الصغيرة جداً» لمدة عشر سنوات.
وقال ريتشارد سميث رئيس شعبة مكافحة الإرهاب في شرطة لندن للصحافيين الأربعاء: «كنا نتبع مسار فتات الخبز الصغيرة، هي شظايا في الواقع، من كمية هائلة من التحقيقات الأخرى».
والجمعة رفض الشيخ مخاطبة المحكمة لكن وكلاءه قالوا إنه يعتزم استئناف الحكم بحجة «عدم فاعلية فريق الدفاع عنه».


مقالات ذات صلة

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لعناصر من الميليشيات الإيرانية

الحساسيات العشائرية السورية تهدد النفوذ الإيراني في البوكمال

تفجر التوتر في البوكمال في وقت تعمل فيه إيران على إعادة تموضع ميليشياتها في سوريا على خلفية الاستهداف الإسرائيلي لمواقعها داخل الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية ديفيد كاردين يتفقد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في قرية بحورة بمحافظة إدلب السورية يوم 14 مايو الماضي (أ.ب)

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

قال المنسق الأممي بدمشق إن «خطة التعافي» تغطي كل المحافظات السورية، وتشمل قطاعات الصحة والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحي، و«من دون الكهرباء لا يمكن إنجاز شيء».

«الشرق الأوسط» (دمشق )
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

تشاد تنفي استهداف مدنيين خلال عملية ضد «بوكو حرام»

نفت الحكومة التشادية «بشدة» استهداف مدنيين خلال عمليتها ضد جماعة «بوكو حرام» في حوض بحيرة تشاد

«الشرق الأوسط» (نجامينا)

إلى أين ستقود سياسة ترمب «أميركا أولاً»؟

مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
TT

إلى أين ستقود سياسة ترمب «أميركا أولاً»؟

مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)
مسؤولة صينية تمر أمام عَلمَي الولايات المتحدة والصين خلال مباحثات بين البلدين عُقدت في غوانغزو (أ.ف.ب)

رغم أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لا يخفي اعتزامه تبني نهج متشدد مع الصين بدءاً من التلويح بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60 في المائة على المنتجات الصينية، وحتى اختيار شخصيات مناوئة للصين في حكومته؛ يمكن أن تمثل إدارة ترمب فرصة كبيرة أمام الصين لتعزيز نفوذها دولياً والاقتراب من قيادة العالم.

الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ خلال لقائهما بكاليفورنيا في نوفمبر 2023 (رويترز)

فاستراتيجية «أميركا أولاً» التي يتبناها ترمب في السياسة الخارجية يمكن أن تؤدي إلى انسحاب الولايات المتحدة كلياً أو جزئياً من العديد من المنظمات الدولية والمبادرات العالمية التي شكلت أحجار زاوية في هيمنتها العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. هذا الانسحاب سيولّد فراغاً لن تتردد الصين في السعي لملئه. وستسعى بكين وراء الحصول على مساحة حركة أوسع لضمان دور قيادي في العالم وصياغة نظام دولي متعدد الأطراف يخدم مصالحها.

فريق صيني للاستعراضات الجوية يحلّق في السماء ضمن معرض الصين الدولي الـ15 للطيران والفضاء (أ.ب)

وفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس» البريطاني، قال ويليام ماتيوس الباحث الزميل البارز في برنامج آسيا والمحيط الهادئ في المعهد، إن رؤية الرئيس الصيني شي جينبينغ هي ضرورة وجود نظام دولي وليس فوضى. لكن هذا النظام لا يلتزم بالمعايير وأنظمة التحالف القائمة على القيم العالمية لصالح شراكات غير ملزمة تقوم على المصالح المشتركة، وهو ما يعني من الناحية العملية حصول الصين على نفوذ كبير في العالم بفضل حجم اقتصادها الكبير، وريادتها التكنولوجية، وقوتها العسكرية المتنامية.

وتسعى الصين لتحقيق هذه الرؤية من خلال إعادة تشكيل الأمم المتحدة وإطلاق مبادراتها الدولية، وتحديد الشروط والأحكام المنظمة للتكنولوجيات الجديدة وسلاسل الإمداد. وفي هذا السياق، أطلقت الصين منذ 2021 ثلاث مبادرات عالمية مرتبطة بنفوذها في الأمم المتحدة، وهي مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية.

وتشير الصين إلى ميثاق الأمم المتحدة باعتباره «جوهر» النظام الدولي في ورقتها الخاصة بمبادرة الأمن العالمي، وربطت مبادرة الحضارة العالمية بتشجيع الحوار بين الحضارات الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) التي قرر الرئيس ترمب في ولايته الأولى انسحاب بلاده منها.

طائرة مقاتلة صينية من طراز «J-15» تظهر في معرض الصين الدولي الـ15 للطيران والفضاء (أ.ب)

كما أصبحت الأمم المتحدة أداة أساسية تحاول من خلالها الصين بناء دورها كوسيط عالمي، بما في ذلك الترويج لخطة سلام في أوكرانيا بالتعاون مع البرازيل.

ويرى ويليام ماتيوس خبير العلاقات الخارجية الصينية والمتخصص في دراسة الآثار الجيوسياسية للصين كقوة صاعدة، كما جاء في تحقيق الوكالة الألمانية، أن مبادرة التنمية العالمية تمثل تطويراً لنهج التنمية الدولية الذي تتبناه الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق، والتي أكدت دور الصين كشريك تنموي أساسي بالنسبة للعديد من الدول في عالم الجنوب، مضيفاً أن المبادرتين الأخريين للأمن العالمي والحضارة العالمية تستحقان المتابعة.

وتمثل مبادرة الأمن العالمي إطار عمل للتعاون الأمني الدولي في مواجهة التحالفات العسكرية الأميركية. وفي حين ما زالت الصين متأخرة للغاية عن الولايات المتحدة من حيث القوة العسكرية، فإن مبادرة الأمن العالمي مصممة لكي تناسب نقاط قوة الصين مع التركيز على التعاون في مجالات تشمل الأمن الداخلي وأمن البيانات.

سيارات صينية مُعدة للتصدير في ميناء يانتاي شرق البلاد (أ.ف.ب)

ومن شأن خفض الالتزامات الأميركية أن يساعد بكين في استخدام مبادرة الأمن العالمي لنشر معايير الأمن الصينية مع حماية مصالحها الاقتصادية أيضاً.

وبالفعل أثبتت الصين أنها شريك أمني جذاب بالنسبة لشركاء عسكريين للولايات المتحدة. فباكستان المصنفة حليفاً رئيسياً من خارج «الناتو» للولايات المتحدة، تكثف تعاونها الأمني مع الصين لحماية المواطنين الصينيين الذين يعملون في مشروعات مبادرة الحزام والطريق. كما أن هناك تقارير عن اعتزام مصر المصنفة أيضاً حليفاً رئيسياً من خارج «الناتو» للولايات المتحدة، الاستعانة بالمقاتلات الصينية من طراز «جيه-20» بدلاً من المقاتلات الأميركية من طراز «إف-16». في الوقت نفسه، تستهدف مبادرة الحضارة العالمية تقديم بديل لمنظومة قيم حقوق الإنسان المستندة إلى القيم الغربية. وتشجع المبادرة الصينية إقامة نظام يستند إلى تعدد الحضارات، وأن لكل منها قيمها وأنظمتها السياسية الخاصة التي يجب احترام سيادتها وسلطتها.

طائرة «سوخوي سو-57» روسية تهبط خلال معرض الصين الجوي (إ.ب.أ)

لذلك، فإن وجود إدارة أميركية تميل إلى الانفصال عن قضايا العالم قد تسمح بسهولة لخطاب القيم «الحضارية» الذي تتبناه بكين بأن يصبح الإطار المفضل للدبلوماسية الدولية، خاصة مع تزايد النفوذ الصيني في الأمم المتحدة.

ورغم أهمية هذه المبادرات، سيظل المصدر الأقوى للنفوذ الصيني هو التجارة والتكنولوجيا، خاصة في المجالات التي أصبح لها فيها دور رئيسي. فالمنهج المنتظم للصين في تطوير التكنولوجيا الخضراء بدءاً من إنتاج الطاقة إلى السيارات الكهربائية، منحها السيطرة على سلاسل إمداد هذا القطاع في العالم.

مشاة على شاطئ ميناء «فيكتوريا هاربور» في هونغ كونغ في حين تنذر السحب بهبوب عاصفة (د.ب.أ)

ومع قدراتها التقنية المتقدمة، ومكانتها كشريك تنموي وتكنولوجي أساسي بالنسبة لعالم الجنوب، سوف تصبح باقي دول العالم معتمدة بصورة متزايدة على الصين في سلاسل إمداد التكنولوجيا الخضراء. ونتيجة لانتشار التكنولوجيا الصينية في العالم، من المحتمل أن تصبح المعايير الصينية الحاكمة لاستخدام هذه التكنولوجيا هي المعايير السائدة.

في المقابل، فإن عدم رغبة إدارة ترمب في الانخراط في التعاون الدولي في مجال المناخ سيجعل الصين أكبر لاعب فيه بما لديها من تكنولوجيات ومنتجات يحتاجها باقي العالم للتحول الأخضر.

ولا يجب التقليل من أهمية النفوذ الدولي الذي ستحققه الصين من خلال هذا الملف. فقد شهد منتدى التعاون الصيني - الأفريقي الأخير مجموعة من التعهدات بزيادة التعاون في مجال التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة. كما شهد المنتدى تعهدات بتعميق التعاون في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وفي غياب الولايات المتحدة يمكن أن تحدد الصين المعايير الدولية لاستخدام الذكاء الاصطناعي. لذلك، فحرص الصين على أن تصبح لاعباً رائداً في حوكمة الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم يمثل تحدياً خطيراً للولايات المتحدة التي ربما ترغب إدارتها الجديدة في الانكفاء على الداخل تحت شعار: «أميركا أولاً».

أخيراً، فإن توازن النفوذ الدولي للولايات المتحدة والصين لا يعتمد على العلاقات الثنائية بينهما، وإنما على علاقات كل منهما مع باقي دول العالم.

وتزايد نفوذ الصين داخل الأمم المتحدة مع مبادراتها الدولية وريادتها التكنولوجية، سيجعلها في موقف جيد للاستفادة من الغياب الأميركي المحتمل عن المسرح العالمي تحت حكم ترمب، ويجعلها أكثر قدرة على صياغة القواعد العالمية الجديدة، من اللجوء لأي سبيل أخرى.

خط إنتاج للسيارات الكهربائية في مصنع شركة «ليب موتور» بمدينة جينهوا الصينية (أ.ف.ب)

في المقابل، لن يكون أمام حلفاء الولايات المتحدة خيارات كثيرة لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد، ما دام البيت الأبيض لا يهتم كثيراً بالقضايا الدولية ولا بقيادة أميركا للنظام العالمي. وإذا كانت أي حرب تجارية بين بكين وواشنطن يمكن أن تدمر أجندة ترمب الداخلية، فإن استراتيجية «أميركا أولاً» هي أفضل خدمة للصين الساعية إلى إيجاد نظام عالمي متعدد الأقطاب ولا يستند إلى القواعد التي أرستها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بعد الحرب العالمية الثانية. لذلك، فإن أفضل استراتيجية لحلفاء الولايات المتحدة هي التكيّف مع حقائق عالم يتزايد فيه النفوذ الصيني على المدى الطويل.