ملف «جزيرة الوراق» في مصر... محاولات للتهدئة وتأكيد الالتزام بالتعويض

دافعت الحكومة المصرية عن خطتها لتطوير منطقة «جزيرة الوراق»، وسط النيل، نافية أي اتجاه لـ«إخلاء السكان قسرياً»، مؤكدة «التزامها بتعويض الأهالي». يأتي ذلك وسط وجود ما وصفه مسؤولون رسميون بأنه «مقاومة للتغيير»، من جانب سكان بعض المناطق الخاضعة «للتطوير».
وفي يوم واحد أدلى كل من وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، ومساعده، بتصريحات تلفزيونية لمحاولة شرح وجهة النظر الحكومية في ملف «الوراق».
واعتبر وزير الإسكان الدكتور عاصم الجزار، أن هناك ما وصفه بـ«ادعاءات من (قوى الشر)، تتكرر بصورة شبه دورية، منذ بداية تنفيذ أعمال التطوير بالجزيرة».
وشرح الجزار في تصريحات تلفزيونية عقب اجتماع مجلس الوزراء (الخميس) أن «مشروع الجزيرة هو جزء من خطة تطوير المناطق ذات الخطورة أو المناطق المتدهورة».
وأكد الوزير أن «كل ما يثار حول (إخلاء السكان قسرياً) غير صحيح»، لافتاً إلى أن «حجم التعويضات التي تم دفعها حتى الآن لسكان الجزيرة بلغ 6 مليارات جنيه (الدولار 19.10 جنيه)، منها 5 مليارات تعويضات عن الأراضي فقط، إضافة إلى ملياري جنيه تكلفة بناء السكن البديل».
وبعد ساعات قليلة من تصريحات للوزير، قال مساعده الدكتور عبد الخالق إبراهيم، في تصريحات تلفزيونية، إنه «دائماً ما تحدث بعض المشكلات في هذا النوع من المشروعات، حيث تكون هناك (مقاومة شديدة للتغيير) وعدم ثقة من الأهالي في عودتهم إلى مكانهم مرة أخرى»، ضارباً المثل بما حدث عند تطوير منطقتي «روضة السيدة» (وسط القاهرة)، و«مثلث ماسبيرو» (ملاصقة لمقر الخارجية المصرية، ومبنى التلفزيون الرسمي).
وأضاف مساعد الوزير: «واجهنا مشاكل في مثلث ماسبيرو، لكن الأمر تغير، والأهالي سيعودون إلى المنطقة خلال شهرين»، لافتاً إلى أن «المسألة قد تكون أكبر بعض الشيء في جزيرة الوراق، لأن أطرافها أكثر، نحن نتحدث عن جزيرة مساحتها 1295 فداناً».
وخلال الأسبوع الماضي تفقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري منطقة «مثلث ماسبيرو». وقال إنها «كانت تمثل إحدى المناطق العشوائية غير الآمنة»، مدافعاً عن المسار الذي انتهجته حكومته تجاه سكان المنطقة وطريقة تعويضهم. وقال: «الدولة أوفت بوعودها بتطوير المنطقة، دون إلحاق أي ضرر بساكنيها، أو مُلاكها، أو المستأجرين... فالجميع استفاد، سواء الذين حصلوا على تعويض نقدي، أو من حصلوا على سكن بديل، وكذلك من ستتم إعادة تسكينهم قريباً».
وبدأت الحكومة المصرية تطبيق «خطة تطوير» في منطقة «جزيرة الوراق»، عام 2017 وقوبلت فور إعلانها بانتقادات، ووجهت النيابة اتهامات لبعض السكان بـ«ممارسة أعمال عنف ضد قوات الأمن».
وقضت محكمة مصرية في عام 2020 بأحكام بالسجن تراوحت بين 5 سنوات و25 سنة على 35 متهماً في قضية «أحداث جزيرة الوراق»، فيما ينظر القضاء راهناً إجراءات إعادة محاكمة 19 متهماً في القضية، وتجددت الانتقادات مؤخراً مع إعادة طرح الموضوع إعلامياً، والبدء في التنفيذ على الأرض.
ورداً على الانتقادات. قال وزير الإسكان إن «جزر النيل تعتبر محميات طبيعية»، مشيراً إلى «الزحف العمراني على الجزيرة الذي زاد من 60 ألف فدان عام 1996 إلى 400 فدان عام 2019، ما يعكس حجم النمو غير المخطط». وأضاف الجزار أن «هناك 25 فداناً يتم انتهاكها والبناء عليها بشكل غير منظم وغير مرخص، إلى جانب مشكلة تدهور البيئة الطبيعية لمجرى النهر، وخصوصاً أن هذه المباني بلا خدمات صرف صحي، ما يجعلها تصرف في نهر النيل».
وتعتمد الحكومة المصرية في مشروع التطوير على ما أسمته «سياسة الشراء الرضائي»، والتي تم بموجبها شراء 888.6 فدان، أي نحو 71 في المائة من مساحة الجزيرة، بسعر «6 ملايين جنيه للفدان الواحد» بحسب وزير الإسكان، الذي أشار إلى أن «الدولة وفرت أراضي زراعية بديلة لمن يريد، من خلال مبادلة الفدان الواحد بـ19 فداناً في مدينة السادات».
ويصل عدد المنازل بالجزيرة إلى نحو 5956 منزلاً، وفقاً للبيانات الرسمية، وهي منشآت «غير مرخصة»، بحسب الحكومة.
وقال وزير الإسكان إن «الحكومة تتبع نفس السياسة السابقة التي اتبعتها في مناطق ماسبيرو، ومجرى العيون، وروضة السيدة، والتي تعتمد على تعويض السكان»، موضحاً أن «حائز الوحدة السكنية، إذا كان مستأجراً، يتم تعويضه، في حين المالك يعوض عن ملكيته، ومالك الأرض يعوض عن الأرض، وفقاً لتقدير جهات التقييم، في اللجنة الرباعية، إضافة إلى تعويض اجتماعي لكل وحدة».
وأكد الوزير المصري أن «سكان الجزيرة أمامهم فرصة الحصول على وحدات سكنية بديلة تم طرحها في المدن الجديدة، انتقل إليها بعض المستحقين بالفعل، أما من لا يرغب في الانتقال، فيمكنه الحصول على وحدة بديلة في المشروعات التي سيتم تنفيذها، أسوة بما حدث في (مثلث ماسبيرو)، لكن هذا سيستغرق وقتاً».
وفي إطار مخطط «التطوير»، تم تخصيص مساحة 61 فداناً على الجزيرة، لإنشاء سكن بديل قوامه 4 آلاف، وفقاً للبيانات الرسمية.
نقطة أخرى أشار إليها وزير الإسكان تتعلق «بوجود قراريْ نزع ملكية خاصين بالجزيرة»، أحدهما يتعلق بخط تهذيب النيل، والذي يبلغ طوله 30 متراً، ويعدُ ملكاً لوزارة الري، موضحاً أنه يجري «تعويض السكان مقابل كل غرفة سكنية، وليس مقابل الأرض، لأنهم لا يمتلكونها»، أما القرار الثاني فيتعلق بـ«تأمين محور (تحيا مصر)»، حيث «صدر قرار بنزع ملكية 91 فداناً، منها 67 فداناً تم التعامل معها رضائياً بالفعل، و550 منزلاً، تم التعامل رضائيا مع 330 منزلاً منها»، وفقاً للوزير.