في إطار عمليات التطوير التي تشهدها وزارة العدل السعودية، وعلى وجه الخصوص خطط التحول الرقمي، تظهر على السطح منصة «تراضي» الرقمية التي تعد من أهم الممكنات في تفعيل منظومة المصالحة وإدارة جميع الإجراءات المتعلقة بطلبات المستفيدين التابعة لـ«برنامج المصالحة» في الوزارة.
وسجلت المنصة أرقاماً لافتة مؤخراً رغم عمرها الصغير نسبياً، باقتراب عدد المستفيدين من مليوني مستفيد، وإصدار ما يزيد على 12 ألف وثيقة صلح، وعقد 620 ألف جلسة صلح افتراضية.
اعتبار محاضر الصلح سندات تنفيذية
وتعد المصالحة والوساطة من أهم الوسائل البديلة عالمياً لفض النزاعات. وساهم صدور الموافقة على اعتبار محاضر الصلح الصادرة عن المنصة سندات تنفيذية، في تعزيز الإجراءات التنفيذية في إطار النظام العدلي والقضائي، كما ساهمت في تعزيز ثقافة الصلح في المجتمع السعودي ولجأ إليها كثير من المتخاصمين في قضايا متفرقة.
https://twitter.com/MojKsa/status/1554796047196717057?s=20&t=8zs-4WQF1Goa1QS4HDmevA
كفاءات متخصّصة
«عبر مصلحين مؤهلين يمارسون أعمالهم في منصة (تراضي) وفق معايير مهنية وقيم شاملة» تعوّل وزارة العدل عليهم في تعزيز ثقافة الصلح في المجتمع والإصلاح بين أطراف النزاع.
وكشفت الوزارة لـ«الشرق الأوسط» أنها عملت على توفير كفاءات متخصصة في جميع مسارات الصلح والوساطة وتسوية الخلافات، واصفةً المصلح بأنه «من يمارس عملية الوساطة والتفاوض بين أطراف النزاع وفقاً لأحكام قواعد العمل بمكاتب المصالحة بشكل نظامي ورسمي تابع لوزارة العدل»، ويكون اختيارهم وتأهيلهم لمهنة الصلح وفق معايير وشروط من أبرزها: «مؤهل علمي لا يقل عن درجة البكالوريوس في أهم التخصصات العلمية التي تخدم مجال الصلح من الشريعة والقانون وعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، كما يخضع المتقدم إلى مقابلة شخصية لمعرفة مدى ملائمته للمهنة وتصنيفه للعمل في أحد المسارات الملائمة لمقوماته وقدراته».
تدريب المصلحين وتأهيلهم
وأضافت الوزارة أن المصلح بعد اختياره، يتم إلحاقه ببرنامج التدريب والتأهيل لتطوير المهارات العلمية والعملية لديه ليمارس عمله وفق معايير وقيم مهنية شاملة، وبأحدث الوسائل المتبعة عالمياً في مجال الصلح والوساطة عبر منصة «تراضي».
«بالتراضي بين الطرفين» تتم عملية المصالحة، وفقاً لنظام المنصة، كما يحق لأحد الطرفين المتنازعين أو كليهما رفض الصلح وعدم قبوله سواءً في مرحلته الأولى أو مراحله الأخيرة، ويؤكد ذلك أن المصالحة هي وسيلة رضائية يتولاها المصلح لتسوية النزاع، باعتبار المصالحة هي الخيار الأفضل للمستفيد، لكونها لا تفرض حلّاً واحداً؛ فهي تتيح وتفتح المجال لمناقشة حلول إبداعية تخدم مصالح جميع الأطراف المتنازعة.
تخفيف العبء على المحاكم
وأوضحت الوزارة أن منصة «تراضي» أسهمت في «تخفيف العبء على المحاكم وتقليل القضايا المطروحة أمام القضاء»، خصوصاً بعدما تم إقرار عدّة تصانيف للدعاوى من ضمنها «الشخصية والحقوقية والمرورية والجزائية» التي يلزم إحالتها للصلح قبل اللجوء إلى القضاء والمحاكم.
ضرورة تفعيل ميزة الوقت
وحسب أحد المستفيدين من «تراضي» الذي أبان لـ«الشرق الأوسط» أنه لجأ إلى المنصة مرتين متتاليتين لقضايا مالية، وحقق الاستفادة الكاملة من المنصة عندما توصّل إلى صيغة تراضٍ مع خصمه والتوافق على تسوية حفظت حقوق الطرفين، من خلال جهود المصلح الذي كان يقوم بالوساطة وتقريب وجهات النظر، لكنه لاحظ افتقاد الإجراءات إلى عامل الزمن الوجيز، «حيث احتاجت، كغيرها من بعض خدمات وإجراءات الوزارة، إلى زمن طويل نسبيّاً واتصالات متكررة ومراجعات، حتى توصلنا إلى النتيجة وحصلنا على السند التنفيذي». حسب قوله.
وحول من له الحق في تقديم طلب صلح عبر منصة «تراضي»، يفيد المحامي محمد الناجم، من واقع تجربته المتكررة مع المنصة، بأن «تقديم الطلب عبر منصة (تراضي) يكون لمن يرغب في التسوية والحل الودي بالتالي هي متاحة لمن يطلبها في أي دعوى، علاوة على إلزاميتها لبعض تصانيف الدعاوى المعلنة من الوزارة». واستطرد الناجم مشيداً بأن «نظام عقد جلسات التراضي عبر التقنية الافتراضية أتاح للمستفيدين اختصار الوقت والزمن وكذلك للمحاكم، حيث إن الوضع السابق كان يتطلب مثول المدعين أمام القاضي ثم يُعرض عليهم الصلح في أثناء الجلسات أو يحيلهم إلى لجان الصلح وهيئات النظر والخبراء في المحكمة، وأتاحت أيضاً للوزارة الدفع بخدماتها الرقمية الجديدة إلى الأمام، كما عالجت مشكلات التكدس والازدحام للمراجعين والدعاوى في الوزارات، علاوة على الأبعاد الاجتماعية التي عززتها المنصة».
جدير بالذكر أن إنشاء منصة «تراضي» التابعة لمركز المصالحة في وزارة العدل هدف إلى إنهاء النزاعات في زمن قياسي برضا جميع الأطراف دون الحاجة إلى حضورهم بعد أتمتة الإجراءات من بداية تقديم الدعوى وانتهاءً بوثيقة الصلح، تعزيزاً للسرّية في جلسات المصالحة، ولتحديد الخلافات بين الأطراف والتوصل بعد ذلك إلى تسوية مرضية تسجل كوثيقة صلح ملزمة لجميع الأطراف.