حرب أوكرانيا تزيد الاهتمام بـ «اقتصاد الهيدروجين»

في ظل جهود لخفض الانبعاثات ومواجهة أوروبية ـ روسية

يتزايد الاهتمام في أرجاء أوروبا بالهيدروجين الأخضر لدواعٍ مناخية ومع تزايد مخاوف أمن الطاقة على خلفية الحرب الأوكرانية (رويترز)
يتزايد الاهتمام في أرجاء أوروبا بالهيدروجين الأخضر لدواعٍ مناخية ومع تزايد مخاوف أمن الطاقة على خلفية الحرب الأوكرانية (رويترز)
TT

حرب أوكرانيا تزيد الاهتمام بـ «اقتصاد الهيدروجين»

يتزايد الاهتمام في أرجاء أوروبا بالهيدروجين الأخضر لدواعٍ مناخية ومع تزايد مخاوف أمن الطاقة على خلفية الحرب الأوكرانية (رويترز)
يتزايد الاهتمام في أرجاء أوروبا بالهيدروجين الأخضر لدواعٍ مناخية ومع تزايد مخاوف أمن الطاقة على خلفية الحرب الأوكرانية (رويترز)

يتوقف كيفن كيندال بسيارته في محطة للتزود بالوقود الصديق للبيئة هي الوحيدة في برمنغهام، ثاني أكبر مدينة في بريطانيا، ويملأها بسرعة بالطاقة النظيفة.
ويحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام كبير؛ إذ تسعى الحكومات إلى خفض انبعاثات الكربون وسط ارتفاع قياسي لدرجات الحرارة، ولحماية إمدادات الطاقة التي تضررت من جراء غزو منتج النفط والغاز روسيا، لأوكرانيا.
لكن عجلة «اقتصاد الهيدروجين» لم تبدأ بالدوران بشكل كامل في انتظار تبنيها من قبل القطاعات الأكثر تسبباً للتلوث مثل الصلب والطيران. وبالنسبة لكيندال، فكونه مستخدماً مبكراً للهيدروجين الأخضر يعني أنه ليس مضطراً للوقوف في طابور خلال رحلته في فترة الغداء إلى ما يشبه محطة البنزين. وقال أستاذ الهندسة الكيميائية لوكالة الصحافة الفرنسية: «القليل جداً من الهيدروجين الأخضر ينتج في بريطانيا حالياً»، مضيفاً: «يتعين الآن المضي قدماً في ذلك».
في برمنغهام، وسط إنجلترا، يدفع كيندال نحو 50 جنيهاً إسترلينياً (60 دولاراً) لملء سيارته وهي من طراز تويوتا ميراي بالهيدروجين الأخضر الذي يتم إنتاجه في منشأة قرب محطة التزود. ويوازي المبلغ قرابة نصف فاتورة ملء سيارة مشابهة تعمل بالديزل، عقب الحرب في أوكرانيا التي تسببت في ارتفاع صاروخي لأسعار الطاقة الأحفورية.
ورغم الفائدة السعرية، توجد في بريطانيا حوالي 12 محطة فقط للتزود بوقود الهيدروجين. وبينما يعد الهيدروجين العنصر الأكثر وفرة على الأرض، فإنه محتجز في الماء والهيدروكربونات مثل الغاز الطبيعي، ما يعني «صعوبة تصنيعه»، وفقاً لابنة كيندال، ميكايلا كيندال.
أسس كيندال وابنته شركة صغيرة الحجم هي أديلان لإنتاج خلايا وقود على شكل صندوق تشبه الأجهزة المغلفة بالمعدن المستخدمة في شحن سيارات تويوتا ميراي. وأنشئت أديلان قبل 26 عاماً، وهي شركة التصنيع الأطول عمراً لخلايا الوقود في بريطانيا، والتي تعمل أيضاً بغاز البترول المسال. وتوفر الشركة أيضاً خدمة تأجير سيارات الهيدروجين اليابانية الصنع.
- أكثر جذباً - وبرأي رئيس أبحاث الهيدروجين لدى شركة رايستاد للوقود مينه كوي لي، فإنه «منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبح اقتصاد الهيدروجين الأخضر أكثر جذباً».
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «إلى جانب العديد من الحوافز في النصف الثاني من 2022 على مستوى العالم، يسعى الهيدروجين الأخضر إلى إرضاء ثلاثية نظام الطاقة: أمن الطاقة والقدرة على تكبد التكلفة والاستدامة».
دفعت تداعيات الحرب الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز احتياطياته من الغاز عن طريق خفض الاستهلاك بنسبة 15 في المائة.
ويسعى الاتحاد أيضاً إلى زيادة إمدادات الهيدروجين الأخضر، المصنوع من الماء عن طريق التحليل الكهربائي والطاقة المتجددة، بشكل كبير. ويُقارن ذلك بالهيدروجين الأزرق المتوفر بشكل أكبر، والذي يعارضه بعض علماء البيئة لأنه يُنتج من الغاز الطبيعي في عملية تتسبب بإطلاق ثاني أكسيد الكربون في الجو.
وفي ورشة أديلان في برمنغهام، وهي مبنى طوب جذاب تحيط به منازل، يختبر الموظفون ما يسمى بخلايا وقود الأكسيد الصلب التي تحل محل مولدات الديزل. وقالت الرئيسة التنفيذية للشركة ميكايلا كيندال المشرفة على العمل، إنها تتوقع «زيادة قدرة الهيدروجين حقاً، لكن الأمر سيستغرق وقتاً». وأضافت: «ستظل الهيدروكربونات مستخدمة في المستقبل المنظور لأن اقتصاد الهيدروجين لم يتطور حقاً، إنه في مرحلة مبكرة فحسب».
وتقول الحكومة البريطانية إن هناك حاجة إلى استثمار 9 مليارات جنيه إسترليني «لجعل الهيدروجين حجر الزاوية لمستقبل المملكة المتحدة الأكثر مراعاة للبيئة»؛ لأنها تسعى لتحقيق انبعاثات صفر كربون بحلول منتصف القرن. والخطة في برمنغهام هي إنشاء نحو عشر محطات لوقود الهيدروجين في السنوات القليلة القادمة بعد وصول 120 حافلة تعمل بالهيدروجين إلى المدينة في 2023، وتسير مدن بريطانية أخرى، بما في ذلك أبردين في اسكتلندا على نفس المسار... لكن «وحدها لوس أنجليس حققت نجاحاً معقولاً مع ما يقرب من 9000 مركبة تعمل بالهيدروجين و40 محطة هيدروجين»، وفق كيفن مؤكداً: «هذا ما نود أن تكون عليه برمنغهام».
وسيارة التويوتا، الشبيهة بسيارة عادية من الداخل والخارج، تعمل بالكهرباء المنتجة عن طريق مزج الهيدروجين الأخضر مع الأكسجين في خلية وقود. والنفايات الوحيدة المنبعثة من السيارة القادرة على قطع مسافة 640 كلم، هي بخار الماء. وتوصف خلية وقود الأكسيد الصلب التي تنتجها أديلان بأنها «جهاز كهربائي» يولد الطاقة للبطاريات.
وتقول ميكايلا: «إنها جاهزة للهيدروجين، لكننا نميل إلى استخدام الوقود الهيدروكربوني لسهولة الحصول عليه الآن». وتضيف: «نستخدم الوقود المُنتج بطريقة منخفضة (انبعاثات) الكربون» مثل غاز البترول المسال الحيوي.
ويعني الافتقار إلى البنية التحتية الخاصة بالهيدروجين، أن الأشخاص الراغبين في بديل للبنزين أو الديزل صديق للبيئة، سيستمرون على الأرجح في شراء السيارات الكهربائية. ورغم فترات الشحن الطويلة لبطاريات السيارات الكهربائية والارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء هذا العام، يتخلى البريطانيون بسرعة عن السيارات المسببة للتلوث قبل حظر المملكة المتحدة مبيعات السيارات الجديدة التي تعمل بالديزل والبنزين اعتباراً من 2030.
ويأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه شركة «بي بي» BP العملاقة للنفط والغاز مؤخراً عن خطط لمنشآت إنتاج للهيدروجين الأخضر في المملكة المتحدة.


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.