مصادر: اختلاف حول مصير الأسد واتفاق على وحدة الدولة في مشاورات دي ميستورا

مقترح مرفوع للإدارة الاميركية: «قوة استقرار» سورية من 50 ألف رجل مهمتها المحافظة على المؤسسات وتوفير الأمن

طفل سوري يعرض رسما بينما ينتظر النزول إلى رصيف ميناء أوغوستا الإيطالي ضمن مجموعة من مهاجري البحر أنقذتهم ناقلة بحرية بلجيكية (رويترز)
طفل سوري يعرض رسما بينما ينتظر النزول إلى رصيف ميناء أوغوستا الإيطالي ضمن مجموعة من مهاجري البحر أنقذتهم ناقلة بحرية بلجيكية (رويترز)
TT

مصادر: اختلاف حول مصير الأسد واتفاق على وحدة الدولة في مشاورات دي ميستورا

طفل سوري يعرض رسما بينما ينتظر النزول إلى رصيف ميناء أوغوستا الإيطالي ضمن مجموعة من مهاجري البحر أنقذتهم ناقلة بحرية بلجيكية (رويترز)
طفل سوري يعرض رسما بينما ينتظر النزول إلى رصيف ميناء أوغوستا الإيطالي ضمن مجموعة من مهاجري البحر أنقذتهم ناقلة بحرية بلجيكية (رويترز)

بينت بعض التفاصيل التي تسربت عن لقاءات المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في جنيف وجود فجوات في الرؤية، ليس فقط بين الجهات الداعمة للنظام السوري، مثل إيران وروسيا من جهة ومجموعة أصدقاء الشعب السوري و«نواتها الضيقة» من جهة أخرى، بل داخل المعسكرين نفسيهما، وذلك حول نقطتين أساسيتين: مصير الرئيس الأسد وأولويات الحرب القائمة في هذا البلد. وبالمقابل، فإنها سلطت الضوء على وجود «توافقات» تتناول بقاء بنية الدولة السورية وتلافي تقسيمها خصوصا التركيز على الحاجة لمحاربة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش.
وكشفت مصادر دبلوماسية اطلعت على مضمون المحادثات، لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف الولايات المتحدة الأميركية كما نقله مسؤول الملف السوري في الخارجية الأميركية دانيال روبنشتاين، ما زال يتميز بـ«التحفظ» لجهة رحيل نظام الأسد الذي ما زالت الإدارة الأميركية ترى فيه «رافدا» في الحرب التي تقوم بها في العراق وسوريا على «داعش». ورغم الوهن البادي على قوى النظام السوري الذي تتسارع خسائره في جنوب البلاد وفي الشمال الشرقي والوسط، فإن الجانب الأميركي ما زال يرى للأسد «دورا» في العملية السياسية الانتقالية. أما «الهاجس» الأكبر لواشنطن، وهو ما عبر عنه كذلك المندوب البريطاني الذي التقى دي ميستورا، فهو وقوع العاصمة دمشق بأيدي داعش.
وبالنظر لأولوية الحرب على «داعش» فإن المواقف الأميركية والروسية أصبحت «متقاربة»، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عقب لقائه نظيره الأميركي جون كيري في منتجع سوتشي على البحر الأسود في 12 مايو (أيار) الماضي. وبحسب الملومات المتوافرة، فإن روبنشتاين قام بزيارة بعيدة عن الأضواء إلى موسكو عقب اجتماعه في جنيف مع دي ميستورا، نقل فيها إلى نائب وزير الخارجية بوغدانوف تصورا أميركيا لحل سياسي في سوريا لا يستبعد الأسد في مراحله الأولى. وفي المناسبة عينها، أبدى روبنشتاين مخاوف من رفض حلفاء إقليميين لواشنطن صورة الحل كما تراه الإدارة الأميركية خصوصا بالنسبة لدور الأسد في المرحلة الانتقالية.
بالمقابل، فإن مصادر أخرى في العاصمة الفرنسية ترى أن التطورات الميدانية المتمثلة بسقوط «قلاع» حصينة للنظام الذي تتراجع رقعة المساحات الجغرافية التي يسيطر عليها «ستدفع بالدبلوماسية الأميركية إلى تغيير نهجها لأن النظام لم يعد قادرا على الصمود، وبالتالي يتعين على واشنطن أن تبلور خططا أخرى». وتفيد هذه المصادر بأن «الرياض وأنقرة والدوحة وباريس وغيرها من العواصم لا تتبنى المقاربة الأميركية» رغم دعوتها إلى «عدم الاستهانة» بما بقي للنظام من قوات ودعم، وبالتالي «تلافي الوقوع مجددا في خطأ استعجال توقع سقوط النظام كما حدث في عامي 2011 و2012».
ما قاله روبنشتاين لدي ميستورا سمعه الأخير من المندوب الروسي في جنيف، ومن مسؤول الملف السوري في الخارجية البريطانية. وفيما طالب الأول بـ«احترام إرادة الشعب السوري في اختيار رئيسه وممثليه»، دعا بموازاة ذلك إلى إدخال تعديلات على بيان جنيف الذي صدر نهاية يونيو (حزيران) من عام 2012، والذي قام على أساسه مؤتمر جنيف الفاشل نهاية عام 2013 وبداية عام 2014. ورغم أن المندوب الروسي ألكسي بورودافكين جدد القول إن بلاده «غير متمسكة بشخص» في إشارة للأسد، فإنه أضاف أنه «يتعين احترام نتيجة الانتخابات» الرئاسية التي أجريت في سوريا العام الماضي والتي منحت الأسد ولاية جديدة. لكن ثمة قناعة تقوى يوما بعد يوم في الدوائر الدبلوماسية الغربية، أنه «ربما حان الوقت» للعمل اليوم بشكل أوثق مع موسكو لإيجاد مخرج سياسي للحرب الدائرة في سوريا، وأن موسكو هي «الجهة الوحيدة القادرة على لعب دور مؤثر»، خصوصا إذا اقتنعت بأمرين: الأول، أن النظام السوري «لن يكون قادرا بعد اليوم على الحفاظ على مصالحها» بعد الإنهاك الذي يعاني منه. والثاني، وجود اختلاف في الأهداف القريبة والبعيدة بين روسيا وبين إيران حيث إن طهران تلعب الورقة السورية كجزء من مجموعة وسائل ضاغطة لفرض أجندتها الخاصة على المنطقة وفي عملية لي الذراع بينها وبين الغربيين، وعلى رأسهم الطرف الأميركي.
كان المبعوث الدولي بادي الاهتمام بما سيسمعه من مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، الذي عاد، وفق المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، للتسويق لخطة قديمة طرحتها طهران سابقا وتقوم على وقف النار وإطلاق حوار وطني يتبعه تشكيل حكومة وطنية واسعة التمثيل والتركيز على معالجة الوضع الإنساني الناتج عن الحرب. وواضح من نزع الغبار عن خطة لا تأتي لا من قريب ولا من بعيد على مصير النظام والأسد، أن طهران ما زالت «متمترسة» عند مواقفها السابقة الداعمة من غير حدود للنظام السوري ولرئيسه. لكن طهران سعت لإغراء الاتحاد الأوروبي أو الدول الرئيسية المهتمة داخله بالأزمة السورية عن طريق الإعراب عن استعدادها للتعاون معه لإيجاد حل، وللقيام بدور «الوسيط»، ولكن من غير طرح أفكار جديدة.
الجديد جاء به فريدريك هوف، المبعوث الأميركي السابق والمسؤول عن الملف السوري، الذي أعد تقريرا رفع إلى الإدارة الأميركية، وفيه ينصح بإنشاء ما يسميه «قوة استقرار» سورية تسهم واشنطن في تدريبها وتأهيلها وتتشكل من 50 ألف رجل، وتكون مهمتها المحافظة على المؤسسات وتوفير الأمن، وليس فقط محاربة «داعش» مثلما تريد الإدارة. وتدعو خطة هوف، بالتوازي، إلى إقامة منطقة حظر جوي أو مناطق آمنة، وهو ما تطالب به تركيا وترفضه واشنطن حتى الآن لعدم رغبتها في الاصطدام بقوى النظام أو حتى بإيران. لكن هوف لا يبدو متفائلا لجهة تغير السياسة الأميركية في سوريا، حيث إن أولويات واشنطن اليوم في المنطقة لها عنوانان: توقيع الاتفاق النووي مع طهران وهزيمة «داعش» في العراق. أما ما خلا ذلك فهو قابل للانتظار رغم تداخل الملفات.



اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

واشنطن تشن ضرباتها ضد الحوثيين منذ بداية السنة لإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن (إكس)
واشنطن تشن ضرباتها ضد الحوثيين منذ بداية السنة لإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن (إكس)
TT

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

واشنطن تشن ضرباتها ضد الحوثيين منذ بداية السنة لإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن (إكس)
واشنطن تشن ضرباتها ضد الحوثيين منذ بداية السنة لإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن (إكس)

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومحافظات الحديدة وذمار والبيضاء، وذلك غداة غارتين ضربتا موقعاً في الحديدة، في سياق العمليات التي تقودها واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، تحت مسمى «حارس الازدهار»؛ للحد من قدرة الجماعة على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وتشنّ الجماعة هجماتها ضد السفن، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدّعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها، إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد على أثر ضربات غربية استهدفت معسكراً حوثياً في صنعاء (رويترز)

وأقرّت وسائل الجماعة الحوثية بتلقي الضربات التي وصفتها بـ«الأميركية البريطانية» في صنعاء والحديدة وذمار والبيضاء، حيث استهدفت 4 غارات معسكر الصيانة في منطقة الحصبة شمال صنعاء، كما استهدفت 7 غارات منطقة الكثيب في مدينة الحديدة الساحلية ومطارها، إضافة إلى غارة ضربت موقعاً عسكرياً جنوب مدينة ذمار، الواقعة على بُعد نحو 100 كيلومتر جنوب صنعاء، إلى جانب 3 غارات ضربت مواقع في مديرية مكيراس بمحافظة البيضاء المتاخمة للمحافظات اليمنية الجنوبية المحرَّرة (جنوب شرقي صنعاء).

وجاءت الضربات الغربية غداة غارتين قالت الجماعة الحوثية إنهما استهدفتا، مساء الخميس، منطقة الجبانة في مدينة الحديدة (غرب)، التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشنّ الهجمات البحرية ضد السفن.

وذكر شهود عيان في صنعاء سماع سيارات الإسعاف المتجهة إلى «معسكر الصيانة»، ولم تتحدث الجماعة، على الفور، عن أثر هذه الضربات الغربية التي استهدفت مواقع سبق استهدافها أكثر من مرة، خلال الأشهر الماضية. كما لم يتبنَّ الجيش الأميركي هذه الضربات، على الفور.

720 غارة

أطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض، في 12 يناير الماضي، بمشاركة من بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

دخان يتصاعد على أثر ضربات غربية استهدفت معسكراً حوثياً في صنعاء (رويترز)

ووزّعت الجماعة، الجمعة، مشاهد لاستهداف ناقلة النفط البريطانية «كورديلا مون»، التي كانت قد هاجمتها، الثلاثاء الماضي، بزورقٍ مفخّخ وطائرات مُسيرة وصواريخ باليستية، وهي العملية التي أفادت مصادر بحرية أمنية بريطانية بأنها لم تسفر عن سقوط ضحايا، حيث واصلت السفينة مسارها إلى الميناء التالي.

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

استمرار التصعيد

كانت الجماعة الحوثية قد تبنّت إطلاق عدد من الطائرات المُسيرة باتجاه تل أبيب، الخميس، وأشار زعيمها عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، إلى استمرار التصعيد، وأفرد مساحة واسعة للحديث عن الهجمات الإيرانية الصاروخية الأخيرة على إسرائيل.

وفي حين زعم الحوثي أن مقتل حسن نصر الله لن يؤثر على «حزب الله» اللبناني، قال إن جماعته هاجمت 188 سفينة، منذ بدء التصعيد في نوفمبر 2023.

وادّعت الجماعة إطلاق 3 صواريخ مجنّحة باتجاه تل أبيب، الأربعاء الماضي، دون تأكيد إسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، وذلك غداة مهاجمة الجماعة سفينتين في البحر الأحمر.

الحوثيون استهدفوا الثلاثاء الماضي ناقلة نفط بريطانية (إ.ب.أ)

ويوم الثلاثاء الماضي، كانت الجماعة قد زعمت مهاجمة هدف عسكري في تل أبيب بطائرة مُسيرة من نوع «يافا»، ومهاجمة أهداف عسكرية أخرى في إيلات بأربع مُسيرات من نوع «صماد 4»، وهي الهجمات التي لم يُشِر الجيش الإسرائيلي إلى آثار ناجمة عنها.

وفي 15 سبتمبر (أيلول)، كانت الجماعة قد أطلقت صاروخاً «فرط صوتي» من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب، حيث أدت عملية اعتراضه إلى إشعال حرائق في أماكن مفتوحة، دون تسجيل أي إصابات بشرية. كما تبنّت، في 27 سبتمبر الماضي، إطلاق صاروخ من النوع نفسه باتجاه تل أبيب، وإطلاق مُسيرة من نوع «يافا» باتجاه منطقة عسقلان.

وإزاء الهجمات التي تبنّتها الجماعة الحوثية ضد إسرائيل، كان أول رد للأخيرة، في 20 يوليو (تموز) الماضي، حيث استهدفت مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية، الأحد الموافق 29 سبتمبر الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقرّ به الحوثيون.