الأردن: تغييرات حاسمة مرتقبة تربك النخب السياسية

TT
20

الأردن: تغييرات حاسمة مرتقبة تربك النخب السياسية

يقف رؤساء السلطات الدستورية في البلاد على رؤوس أصابعهم بعد تداول حديث صاخب عن قرارات ملكية حاسمة مرتقبة، قد تطال مصير الحكومة وإعادة تشكيل مجلس الأعيان، الغرفة الثانية من السلطة التشريعية، بالتزامن مع انتخابات رئاسة مجلس النواب المتوقعة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
تأتي الأنباء المتواترة من مصادر قريبة من مركز القرار، لتتحدث عن قرار وشيك بتشكيل «مجلس الأمن القومي» للمرة الأولى، الذي جاء استحداثه بمقترح قدمته الحكومة للبرلمان ضمن منظومة تشريعية وتعديلات دستورية جديدة، دخلت جميعها حيز التنفيذ مطلع العام الحالي، قبل أن تُحدث جدلاً واسعاً إثر الصلاحيات الممنوحة للمجلس القومي، على حساب الولاية العامة للسلطة التنفيذية في البلاد.
وتترافق حالة الترقب هذه، مع توجه محتمل لمراكز قرار، أيضاً، حسب مصادر سياسية متعددة، لإجراء سلسلة من التنقلات من شأنها أن تطال قيادات أجهزة ومواقع أمنية، في حين أن حركة انتقال بعض القيادات الأمنية إلى مواقع سياسية، تحمل في طياتها رسائل في أكثر من اتجاه، خصوصاً بعد ما يُعتقد أنه «تراجع في وتيرة تنفيذ الخطط الملكية وضعف الترويج لها حكومياً»، ومنها منظومة التطوير الإداري التي أعلنت عنها الحكومة وتضمنت قرارات مفاجئة أثارت حفيظة منظمات المجتمع المدني وأوساط عمالية، لاعتبارات عدة يتعلق بعضها بإلغاء وزارة العمل في البلاد.
وعلى الطرف الآخر من المشهد، تنشط حركة التحزب في البلاد مع دخول قانون الأحزاب الجديد حيز السباق الزمني، إذ يواجه 56 حزباً أردنياً، استحقاق اشتراط تصويب أوضاعها وفق القانون، وذلك قبل شهر مايو (أيار) العام المقبل، وقبل أن تُعدّ منحلة حكماً، في حال لم تستجب لشروط «ألف عضو مؤسِّس، وعقد مؤتمر تأسيسي بنصاب النصف زائد واحد، وأن يكون ما نسبته 20 في المائة من الأعضاء نساءً وشباباً من ست محافظات».ومن محددات قانون الأحزاب الجديد، نظام المساهمة المالية لدعمها، والمشروط بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة المتوقع إجراؤها في خريف عام 2024، وهي مرهونة بانتهاء العمر الدستوري للبرلمان المحدد بأربع سنوات شمسية، بدأت في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2020 الماضي. كما زاد مشروع نظام حكومي وُصف بالمقيِّد لتنظيم العمل الحزبي في الجامعات الأردنية وتسربت أبرز تفاصيله للصحافة قبل أيام، من الانتقادات الموجهة للحكومة، إذ لم يحاكِ المشروع مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، في الشق المتعلق بإطلاق العنان للعمل الحزبي للطلاب داخل حرم الجامعات. في الأثناء، يرجح مراقبون أن عدد الأحزاب سيشهد انخفاضاً أمام استحقاق القانون الجديد، بعد ما تسرب من مساعي أحزاب اللون الواحد للاندماج، استجابةً لشروط التنافس على قانون الانتخاب الجديد الذي خصص 41 مقعداً للأحزاب المرشحة على نظام القائمة النسبية المغلقة، في حين أن باقي مقاعد البرلمان لقوائم الدوائر المحلية والمخصص لها 97 مقعداً، ستوزع على 18 دائرة انتخابية مخصص للنساء فيها أيضاً 18 مقعداً، كما تستطيع الأحزاب التنافس عليها.
ومع انتظار استقرار المشهد الحزبي لوناً وعدداً، يتسرب عن مراكز القرار، حسب مصادر مطلعة تحدثت «لـ«الشرق الأوسط»، طرح سيناريوهين اثنين يحددان مصير الحكومة الحالية، برئاسة بشر الخصاونة، ففيما تدعم عناصر مؤثرة بقاء الرئيس الحالي ومنحه فرصة إعادة التشكيل لترميم الفريق الوزاري بكتاب تكليف ملكي يعيد إنتاج الخطط والمسارات الحكومية وتقوية الفريق الاقتصادي، يذهب رأي آخر نحو ترجيح اللجوء إلى خيار تشكيل حكومة جديدة برأس جديد، لغايات شراء الوقت في العلاقة مع مجلس النواب الحالي التي توصف بـ«المتصدعة»، على خلفية فردية العمل النيابي وضعف الكتل وبرامجها. ويضاف إلى ذلك احتمالية استجابة الشارع لفرص تغيير الأشخاص لصالح امتلاك رواية الدفاع عن الخطط المستقبلية التي تغطي الأعوام وصولاً إلى 2030.
ويعزز مشهد رفع أسعار الوقود في البلاد، وتزايد الهواجس أمام وصول البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، وتسجيل عدة جرائم أسرية قضّت مضاجع الأردنيين مؤخراً، احتمالات حدوث تغييرات جذرية وعاصفة في مواقع مختلفة، على أن تحديد الموعد لن يتأخر عن نهاية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وسط زحام إعلامي لأبرز كبار المسؤولين الأردنيين، يذكّر بميدانيتهم وإشرافهم المباشر على العمل والاحتكاك المباشر بالمواطن.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعتقل نائباً أردنياً بتهمة تهريب سلاح وذهب

شؤون إقليمية إسرائيل تعتقل نائباً أردنياً بتهمة تهريب سلاح وذهب

إسرائيل تعتقل نائباً أردنياً بتهمة تهريب سلاح وذهب

أكدت مصادر أردنية، اليوم (الأحد)، اعتقال نائب حالي في إسرائيل بتهمة تهريب كميات كبيرة من السلاح والذهب بسيارته التي تحمل رقم مجلس النواب ورخصته، إلى الداخل الفلسطيني عبر الحدود، وسط تقديرات رسمية بأن تأخذ القصة أبعاداً سياسية. وفيما تحفظت المصادر عن نشر اسم النائب الأردني، إلا أنها أكدت صحة المعلومات المتداولة عن ضبط كميات من السلاح والذهب في سيارته التي كانت تتوجه إلى فلسطين عبر جسر اللنبي، وسط مخاوف من استغلال الجانب الإسرائيلي للقصة قضائياً، في وقت تشهد فيه العلاقات الأردنية الإسرائيلية توتراً أمام التصعيد الإسرائيلي، والانتهاكات المستمرة من قبل متطرفين للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس

«الشرق الأوسط» (عمّان)
المشرق العربي ولي العهد السعودي يلتقي العاهل الأردني

ولي العهد السعودي يلتقي العاهل الأردني

التقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، اليوم في جدة، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، على مائدة السحور. وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، كما تم بحث عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
المشرق العربي الصفدي رداً على مداخلات نيابية: الأردن وحده لن يقلب المعادلات الدولية

الصفدي رداً على مداخلات نيابية: الأردن وحده لن يقلب المعادلات الدولية

قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، إن الدبلوماسية الأردنية تُدرك حجم الخطر المُتمثل فيما تقوم به إسرائيل من إجراءات واعتداءات وانتهاكات، ليس فقط فيما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك، لكن أيضاً فيما يتعلق بكل الأراضي الفلسطينية، وإنه لولا الأوقاف الأردنية، لقوضت إسرائيل هوية المقدسات الإسلامية والمسيحية، مشددا على أن تحقيق السلام العادل والشامل، لن يتحقق، إلا إذا تحررت القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المُستقلة على التراب الوطني الفلسطيني بخطوط عام 1967. وأضاف الصفدي خلال جلسة برلمانية رقابية، الأربعاء، أن الدبلوماسية الأردنية تعمل ليس فقط ردة فعل على الإجراءات الإسرائي

المشرق العربي اجتماع طارئ لـ«الجامعة العربية» اليوم لبحث الاقتحام الإسرائيلي للأقصى

اجتماع طارئ لـ«الجامعة العربية» اليوم لبحث «اقتحام الأقصى»

قالت الجامعة العربية إنها ستعقد اجتماعا طارئا بعد ظهر اليوم (الأربعاء)، لبحث مداهمة الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ودعا الأردن لعقد الاجتماع بالتنسيق مع مسؤولين مصريين وفلسطينيين. ونددت الجامعة العربية في وقت سابق بالمداهمة التي تمت قبل الفجر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي ولي عهد الأردن يصل إلى جدة

ولي عهد الأردن يصل إلى جدة

وصل الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي عهد الأردن، إلى جدة اليوم (الأحد). وكان في استقباله في مطار الملك عبد العزيز الدولي، الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة، وأمين محافظة جدة صالح التركي، ومدير شرطة منطقة مكة المكرمة اللواء صالح الجابري، وقنصل عام مملكة الأردن بجدة جعفر محمد جعفر، ومدير المراسم الملكية بمنطقة مكة المكرمة أحمد بن ظافر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

لبنان: التعيينات الأمنية بالتوافق... والإدارية بآلية جديدة

اجتماع سابق بين الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)
اجتماع سابق بين الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)
TT
20

لبنان: التعيينات الأمنية بالتوافق... والإدارية بآلية جديدة

اجتماع سابق بين الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)
اجتماع سابق بين الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)

تنصب الجهود في لبنان حالياً لإنجاز التعيينات العسكرية والأمنية، وبالتحديد تلك التي تطال قادة الأجهزة، خلال الأسبوع الجاري. وتحصل هذه التعيينات عادة بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي. لكن، بحسب المعلومات، فإن الاسم الذي لا يزال يؤخر عقد جلسة مجلس الوزراء لإقرار هذه التعيينات، هو اسم مدير عام الأمن العام. وتشير مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إلى تجاذب بعيد عن الأضواء بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي بخصوص هذا الاسم الذي درج العرف أن يكون مارونياً قبل أن تؤدي تسوية سياسية في عام 1998 لإعطاء الموقع للطائفة الشيعية، مقابل تخلي الشيعة عن منصب مدير عام أمن الدولة.

وتشير المعلومات إلى أن قيادة الجيش حُسمت لصالح مدير العمليات في الجيش العميد رودولف هيكل، في حين يتنافس اسمان على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وهما العميد محمود قبرصلي، والعميد رائد عبد الله.

آلية شفافة للتعيينات الإدارية

وتختلف التعيينات الأمنية والعسكرية عن التعيينات الإدارية؛ إذ يُنتظر أن تُقر في الأيام المقبلة آلية جديدة لإنجاز هذه التعيينات، بحيث تلحظ دوراً أساسياً لمجلس الخدمة المدنية ووزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية.

وقال وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية الدكتور فادي مكي لـ«الشرق الأوسط» إن وزارته تعمل على «آلية جديدة للتعيينات الإدارية، وستكون بتنسيق تام مع رئيس مجلس الوزراء ومجلس الخدمة المدنية، وهي ترتكز بالأساس على ما أقرّه قانون عام 2020، مع الأخذ بملاحظات المجلس الدستوري الذي كان قد أبطل القانون بعد الطعن فيه»، لافتاً إلى أن «الآلية المنشودة ستكون مبتكرة؛ لأنها ستراعي صلاحيات الوزير المختص كما صلاحيات مجلس الوزراء».

من لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام (الرئاسة اللبنانية)
من لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام (الرئاسة اللبنانية)

وكان مجلس النواب أقرّ في مايو (أيار) 2020 قانوناً للتعيينات الإدارية، إلا أن رئيس الجمهورية السابق ميشال عون طعن فيه أمام المجلس الدستوري الذي قبل الطعن في وقته، وأبطل القانون بحجة مخالفته الدستور.

وكان رئيس الحكومة نواف سلام أعلن أخيراً بعد اجتماع مجلس الوزراء أنه «تم الاتفاق على اعتماد آلية شفافة بشأن ملف التعيينات»، في حين قال رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء إن هذا المجلس هو الذي «يملك مرجعية القرار وليس الأحزاب أو الطوائف».

«آلية الوزير فنيش»

يوضح الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مالك أن «التعيينات الأمنية لا تجري ضمن آلية محددة، إنما بالاتفاق بين الرؤساء الثلاثة. فقيادة الجيش مثلاً من المواقع المحسوبة على رئيس الجمهورية، فهو الذي يختار الاسم الذي يُعين من قبل مجلس الوزراء. حتى بقية قادة الأجهزة الأمنية يخضعون للاتفاق السياسي، ولا آلية على الإطلاق يتوجب اعتمادها».

ويشير مالك في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بالنسبة للتعيينات الإدارية، فهناك آلية كانت قد اعتُمدت من قبل حكومة الرئيس سعد الحريري في عام 2010 وعُرفت بـ(آلية الوزير فنيش)، وتمر عبر مجلس الخدمة المدنية ووزير شؤون التنمية الإدارية والوزير المختص، بحيث تُستقبل الطلبات ويتم إجراء مقابلات شفهية مع الناجحين حتى يُصار إلى اختيار اسمين، يضيف إليهما الوزير المعنيّ اسماً، وتُعرض على مجلس الوزراء ليختار منها واحداً». ولفت مالك إلى أن «أكثرية الحكومات لم تعتمد هذه الآلية؛ لأنها ليست بقانون».

المراكز الشاغرة

تنقسم التعيينات في وظائف الفئة الأولى مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وفق ما ينصّ عليه «اتفاق الطائف». وبحسب «الدولية للمعلومات»، فإنه يبلغ عدد مراكز الفئة الأولى الشاغرة نحو 47 مركزاً، في حين تشير الإحصاءات إلى أن «هناك نحو 270 مركزاً شاغراً من أصل 600 مركز في الفئتين الثانية والثالثة». كما تعاني 69 سفارة لبنانية في العالم من فراغ في مركز السفير.

ولا تقل التعيينات المرتقبة في السلطة القضائية أهمية عن تلك الإدارية والأمنية؛ إذ باتت هذه السلطة شبه معطلة جرّاء الفراغ الذي يعمّ أهم المواقع فيها.