تراجع معدل انعدام الغذاء في اليمن من 60 % إلى 42 %

3 عوامل حسّنت تأمين الطعام من بينها الهدنة

جانب من عملية توزيع المساعدات السعودية في تعز (واس)
جانب من عملية توزيع المساعدات السعودية في تعز (واس)
TT

تراجع معدل انعدام الغذاء في اليمن من 60 % إلى 42 %

جانب من عملية توزيع المساعدات السعودية في تعز (واس)
جانب من عملية توزيع المساعدات السعودية في تعز (واس)

أرجع تحليل جديد عن الأمن الغذائي في اليمن، أصدرته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، تحسن حالة الأمن الغذائي خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى ثلاثة عوامل، وهي موسم الأمطار وبدء الموسم الزراعي، وتأثير الهدنة على توسيع نطاق المساعدات الإنسانية، وانتعاش إمدادات القمح العالمية من أوكرانيا.
تسع محافظات يمنية من أصل 22 محافظة صُنفت على أنها في حالة تأهب عالٍ لانعدام الأمن الغذائي، بينما استقرت 11 محافظة عند حالة التأهب فقط، وفقاً للتقرير الذي كشف أن انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن «لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر ومتقلب بشكل خطير»، رغم الانخفاض التاريخي في النزاع المسلح، حيث حققت الهدنة مكاسب إيجابية من خلال تحسين الوصول، وتوافر الوقود، وتنقل رأس المال البشري.
وأفاد التحليل الصادر عن منظمة «الفاو» بأن تكلفة المعيشة آخذة في الارتفاع بشكل مطرد بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية المدفوعة بشكل أساسي بالأحداث العالمية.
ومن بين المحافظات التسع المصنفة في حالة التأهب العالي، أربع محافظات هي الحديدة والجوف وحجة وصعدة، وكان بها أكثر من ثلثي السكان في المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي للفترة من بداية العام وحتى مايو (أيار) الماضي، مما يشير إلى استمرار انعدام الأمن الغذائي الشديد.
ورجح التحليل الأممي أن يتم خلال الفترة حتى سبتمبر (أيلول) المقبل تقليل انعدام الأمن الغذائي نتيجة العديد من العوامل المخففة، بما في ذلك الموسم الزراعي الذي بدأ الشهر الماضي مع بداية هطول الأمطار، رغم كثافته العالية، مما أدى إلى حدوث فيضانات في الأراضي المنخفضة، وتوافر الدخل من العمالة الزراعية العرضية، وتأثير الهدنة، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية.
وتعتقد منظمة «الفاو» أن انتعاش إمدادات القمح العالمية من أوكرانيا سيؤثر بشكل إيجابي على تكلفة المعيشة مع توقع استقرار وانخفاض أسعار السلع الغذائية والوقود.
وفي الربع الثالث من هذا العام تم تصنيف خمس محافظات على أنها عالية التأهب، و14 محافظة أخرى على أنها في حالة تأهب، وثلاث على أنها دنيا، ومن المتوقع أن تنتقل المحويت وذمار وإب وصعدة وصنعاء من حالة التأهب القصوى إلى حالة التأهب، أما سقطرى فصنفت على أنها المحافظة الوحيدة المتوقع أن ترتفع من أدنى مستوى إلى حالة تأهب عالية «بسبب موسم الرياح الذي يعيق الوصول إلى الجزيرة»، وخلص إلى أن التوقعات للربع الثالث «إيجابية».
وبموجب هذه التقييمات، تراجع معدل الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي من 60‎ في المائة إلى ما يقرب من 40 في المائة من اليمنيين، بناءً على تقييم وطني حديث يظهر أن 42 في المائة من الأسر عانت من انعدام الأمن الغذائي بما يعادل المرحلة «3» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
ويدعم ذلك، حسب التحليل الأممي، مؤشرات استهلاك الغذاء الأخرى، إذ يواجه واحد في المائة من السكان جوعاً شديداً، وهو ما يعادل كارثة المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي لانعدام الأمن الغذائي.
وطبقا لما أورده التقرير، فإن آثار الحرب الروسية - الأوكرانية، تسببت في نقص الغذاء العالمي، وأثرت على العديد من الأسر في اليمن، حيث أصبحت أسعار المواد الغذائية، خصوصاً الحبوب، باهظة الثمن بالنسبة للأسر الضعيفة، حيث أدى حظر التصدير الذي تفرضه دول الاستيراد البديلة إلى تفاقم زيادة أسعار المواد الغذائية.
وفي مايو وصل مؤشر «الفاو» لأسعار الحبوب إلى مستوى قياسي، وانخفض بشكل طفيف (4.1 في المائة) في يونيو (حزيران) بسبب انخفاض أسعار القمح العالمية، كما شهد التجار في اليمن زيادة في عمليات الشراء بالجملة مما أدى إلى اكتناز البضائع وزيادة الأسعار.
التقرير الأممي ذكر أن تكلفة المعيشة زادت بشكل مطرد، مع ارتفاع كلفة السلة الغذائية المسجلة في عام 2022، حيث كان متوسط الكلفة للربع الثاني 112 ألف ريال يمني، وأرجع الارتفاع الأخير بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار الحبوب في السوق الدولية (الدولار يساوي 600 ريال يمني).
كما يؤثر تغير المناخ على سبل العيش - حسب التقرير - حيث سجل العام الحالي باعتباره ثالث أكثر الأعوام جفافاً في العقود الأربعة الماضية، بعد 2014 (الأكثر جفافاً) وعام 2000، وتناقص هطول الأمطار بمعدل 0.3 ملم في السنة، وأنماط متطرفة، والمزيد من حالات الجفاف، والمزيد من الفيضانات المتوقعة، ففي النصف الأول من العام، فقد معظم المزارعين الموسم الأول من الزراعة، حيث أبلغ ثلث الأسر عن انخفاض المساحة المزروعة.
ووصف مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في تقرير منفصل النصف الثاني من يوليو (تموز) والأسبوع الأول من أغسطس (آب) بأنه متميز بأمطار غزيرة وسيول واسعة النطاق في أنحاء البلاد. وأن كثيراً من المناطق لا يزال يعاني من آثار الأمطار الغزيرة والفيضانات المدمرة التي خلفت آلاف العائلات النازحة المتضررة وعشرات الضحايا المدنيين وتدمير الممتلكات، حيث تضررت 32 ألف أسرة أو أكثر في جميع أنحاء البلاد (معظمها في مواقع ومستوطنات النزوح) مع تضرر ملاجئهم وسبل عيشهم ومصادر المياه.
وتوقع التقرير أن يستمر هطول الأمطار الغزيرة حتى 20 من الشهر الحالي، وفقاً للإنذار المبكر للأرصاد الجوية الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، مما يهدد الأجزاء المتضررة بالفعل من اليمن، ويتسبب في مزيد من النزوح وفقدان سبل العيش.
من المتوقع - وفق التقرير - أن يتأثر ما يقرب من 20 ألف شخص بالفيضانات في الأراضي المنخفضة في محافظات الحديدة والمحويت وحضرموت وحجة ولحج وريمة وصعدة وصنعاء وشبوة وتعز.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).