أعاد تعرض الكاتب سلمان رشدي لاعتداء بينما كان على وشك التحدث في معهد «تشوتوكوا» بغرب ولاية نيويورك، الجمعة، تسليط الأضواء على أعمال هذا الأديب الهندي المولد، الذي يحمل أيضاً الجنسيتين البريطانية والأميركية، بالنظر إلى محاولاته الروائية الاستعادية لقضايا تاريخية وفلسفية، ليس فقط من خلال شخصيات سوريالية، بل أيضاً عبر روح دعابة.
بنى رشدي، المولود في 19 يونيو (حزيران) 1947 في مدينة بومباي، أسلوبه على النثر الميلودرامي. وجعلت معالجته للمواضيع الدينية والسياسية الحساسة منه شخصية مثيرة للجدل. وتعرض رشدي إلى تهديدات بالقتل بسبب روايته الرابعة «آيات شيطانية» التي صدرت في عام 1988، وكان أبرز التهديدات على الإطلاق الفتوى التي أصدرها المرشد الإيراني الخميني عام 1989.
تلقى رشدي، الذي كان والده رجل أعمال ناجحاً في الهند، تعليمه في مدرسة في بريطانيا حيث درس في جامعة كامبريدج، التي حصل فيها على درجة الماجستير في التاريخ عام 1968، واستقر في المملكة المتحدة، حيث بدأ حياته المهنية في الكتابة لصالح شركة إعلانات، ثم بدأ في كتابة الروايات. نشر روايته الأولى «غريموس» في عام 1975، وحصلت روايته الثانية «أطفال منتصف الليل» على جائزة «بوكر» الأدبية الأكثر شهرة في بريطانيا عام 1981. و«أطفال منتصف الليل» حكاية عن الهند الحديثة، لاقت نجاحاً نقدياً وشعبياً غير متوقع أكسبته شهرة دولية. وجرى إصدار فيلم مقتبس عنها، بعدما صاغ السيناريو له عام 2012.
عته «آيات شيطانية»، لاقت انتقاداً من جهات إسلامية عديدة، وكثير من القراء، معتبرين أنها تتضمن تجديفاً وكفراً وازدراء بالإسلام. وامتدت التظاهرات ضد الكتاب إلى باكستان في يناير (كانون الثاني) 1989، وفي 14 فبراير (شباط) من العام نفسه، ندد المرشد الإيراني وقتها الخميني بالكتاب علناً وأصدر فتوى ضد رشدي. وعُرضت مكافأة على كل من سيقوم بإعدامه. واختبأ رشدي تحت حماية جهاز الشرطة البريطاني «اسكوتلانديارد». وعلى الرغم من ظهوره في بعض الأحيان بشكل غير متوقع، وأحياناً في بلدان أخرى، اضطر إلى تقييد تحركاته.
وعلى الرغم من التهديد الدائم بالقتل، واصل رشدي الكتابة، فأنتج «الأوطان المتخيلة» لعام 1991، وهي مجموعة من المقالات والنقد، وكتب رواية الأطفال «هارون وبحر القصص» (1990)، ومجموعة القصص القصيرة «شرق وغرب» (1994)، ورواية «التنهيدة الأخيرة لمور» (1995). وفي عام 1998، بعد ما يقرب من عقد من الزمان، أعلنت الحكومة الإيرانية أنها لن تسعى إلى تطبيق فتواها ضد رشدي، وهو روى تجربته في مذكرات شخص ثالث اسمه جوزيف أنطون (2012)، ويشير عنوانه إلى اسم مستعار تبناه أثناء العزلة.
بعد عودته إلى الحياة العامة، نشر رشدي روايته «الأرض تحت قدميها» (1999) و«سخط» (2001)، وهي مجموعة من المقالات التي كتبها بين عامي 1992 و2002 حول مواضيع تراوح من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 إلى «ساحر أوز».
وفي «البيت الذهبي» (2017)، استكشف رشدي تجربة المهاجرين في الولايات المتحدة من خلال عائلة هندية ثرية استقرت في مدينة نيويورك في أوائل القرن الحادي والعشرين. روايته التالية، «كيشوت» مستوحاة من «دون كيشوت» من ثيرفانتس.
وحصل رشدي على حماية من الحكومة البريطانية على مدار الساعة، لما يقرب من 10 سنوات، كان عليه الحفاظ على سرية موقعه.
وفي النهاية، بدأ السفر بشكل أكثر انفتاحاً، وفي السنوات الأخيرة ظهر بدون حراس، حتى في الأحداث الكبيرة، مثل مهرجان الكتاب الوطني في واشنطن.
بعد فترة وجيزة من دعوة الخميني لاغتيال رشدي، أصدر الروائي بياناً قال فيه: «إنني آسف بشدة على الضيق الذي أحدثه هذا النشر لأتباع الإسلام المخلصين». في وقت لاحق، طلب من ناشره عدم إصدار كتاب ورقي الغلاف أو السماح بترجمة الرواية. لكن هذه التنازلات لم تحدث أي فرق وتم رفعها في النهاية.