صيف ماطر في الخليج وقائظ في أوروبا

تغيُّر المناخ يجعل أحداث الطقس الاستثنائية اعتيادية

الجفاف على الشاطئ الفرنسي المحاذي للأطلسي قرب مدينة نانت (رويترز)
الجفاف على الشاطئ الفرنسي المحاذي للأطلسي قرب مدينة نانت (رويترز)
TT

صيف ماطر في الخليج وقائظ في أوروبا

الجفاف على الشاطئ الفرنسي المحاذي للأطلسي قرب مدينة نانت (رويترز)
الجفاف على الشاطئ الفرنسي المحاذي للأطلسي قرب مدينة نانت (رويترز)

سجَّلت دول مجلس التعاون الخليجي وإيران خلال الأسابيع القليلة الماضية هطولات مطرية غزيرة، تسببت في حصول سيول وفيضانات في أكثر من مكان. وفي حين تشهد دول الخليج هطولات مطرية من وقت إلى آخر، فإن غزارتها في هذا الصيف كانت لافتة.
ومن غير المعروف حالياً ما إذا كانت ظروف الطقس الاستثنائية في دول الخليج تأتي ضمن اتجاه عام يرتبط بتغيُّر المناخ العالمي؛ لكن هناك دراسات حديثة تشير، في المقابل، إلى أن فرص حصول موجات حرّ كتلك التي تشهدها البلدان الأوروبية ودول جنوب شرقي آسيا ازدادت كثيراً بسبب تغيُّر المناخ.
- صيف حارّ في أكثر من مكان
وكانت درجات الحرارة قد ارتفعت إلى مستويات قياسية في معظم أنحاء أوروبا في منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي. وتسببت موجة الحرّ غير المسبوقة في بريطانيا بتأخير أو إلغاء كثير من رحلات القطارات، وسجَّلت أكثر من 20 محطة أرصاد جوية في فرنسا أعلى درجات حرارة على الإطلاق، واشتعلت حرائق الغابات في مناطق كثيرة في فرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا واليونان.
وفي القارة الآسيوية، وصلت درجة الحرارة في بعض المقاطعات الصينية إلى نحو 40 درجة مئوية، وبلغت في شنغهاي 40.9 درجة، وهي أعلى درجة حرارة تعرفها المدينة منذ بدء رصد درجات الحرارة في سنة 1873، ولم تحدث سوى مرة واحدة كانت في سنة 2017.
وتسببت الكوارث المرتبطة بالمناخ والطقس خلال السنوات العشر الماضية في موت أكثر من 400 ألف إنسان، وأثّرت على 1.7 مليار آخرين، وشرّدت نحو 25 مليون شخص كل عام في جميع أنحاء العالم. ويُعدّ كبار السن والأطفال والنساء الحوامل وأولئك الذين يعانون من حالات صحية خاصة، الأكثر تضرراً من موجات الحرّ. كما يظهر تأثير موجات الحرّ بأشكال أخرى، بما فيها انخفاض الناتج الاقتصادي، واضطراب النظم الصحية، وانقطاع التيار الكهربائي.

والفيضانات تغرق السيارات في الفجيرة بدولة الإمارات (إ.ب.أ)

ففي العراق، أدّت الحرارة التي تجاوزت مؤخراً 50 درجة مئوية إلى توقف محطات توليد الكهرباء، وتعطيل العمل في عدد من المؤسسات الحكومية. ويعمل واحد من بين كل 4 عمال في العراق في قطاع البناء وقطاع الزراعة، وهي أماكن عمل تُعتبر الأخطر خلال موجات الحرّ.
وفي قطر التي اقتربت فيها الحرارة من 50 درجة مئوية، لا تزال هناك مخاوف بشأن الحالات التي يتم فيها تجاهل التشريعات التي وضعتها البلاد حول حظر العمل في الهواء الطلق خلال منتصف النهار. وعلى سبيل المثال، لا يجد عمّال التوصيل بُدّاً من العمل أثناء وقت الغداء؛ لأن أغلب الناس لا يرغبون في مغادرة منازلهم وأماكن عملهم في الظروف الحارّة.
ويتخوّف الأوروبيون من أن تؤثر موجات الحرّ المتتالية على قطاع السياحة؛ حيث ستؤدي -إلى جانب الظواهر الجوية المتطرفة الأخرى- إلى تعطيل سبل السفر، لا سيما الرحلات الجوية التي يتم إيقافها إذا تجاوزت حرارة الجو درجات معيّنة. وما يجعل ظروف السياحة إلى أوروبا هذه السنة أكثر سوءاً، حالة الحرب في أوكرانيا التي أجبرت بعض البلدان، مثل إسبانيا، على فرض قواعد خاصة تتعلق باستهلاك الطاقة، كوضع حدٍّ على درجة التبريد المسموحة للمكيّفات، بحيث لا تقل عن 28 درجة مئوية. في حين فرضت ألمانيا ودول أخرى تدابير مشابهة؛ لكنها أقل تشدداً.
وغالباً ما تقترن الوفيات التي تحصل نتيجة موجات الحرّ بحرائق الغابات. وقد تسببت موجة الحرّ هذه السنة في إسبانيا والبرتغال بحرائق أودت بحياة أكثر من 1700 شخص. كما طالت حرائق الغابات، المعروفة بعواقبها الكارثية في دول جنوب أوروبا، معظم أراضي القارة، ووصلت إلى الدول الإسكندنافية في أقصى الشمال.
وتساهم طبقات الهواء المستقرة والراكدة في تعزيز مخاطر موجات الحرّ، عن طريق حبسها للملوثات، بما فيها الجسيمات المعلّقة، مما يؤدي إلى تدهور في نوعية الهواء، كما تؤدي أشعة الشمس إلى تكوين الأوزون الأرضي. وتُعتبر الجسيمات المعلّقة والأوزون الأرضي عامِلَي خطر على الصحة العامة؛ لا سيما بين الفئات الضعيفة، ويمتد أثرهما الضار إلى النباتات والحيوانات.
وعندما تترافق موجة الحرّ مع مستويات عالية من التلوث، فإنها تؤدي إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية؛ خصوصاً في المناطق الحضرية الكبيرة التي لا تتكيّف مع درجات الحرارة المرتفعة. وتعاني المدن على نحو خاص من ظاهرة جزر الحرارة الحضرية؛ حيث تؤدي السطوح الداكنة ضمن المدن، لا سيما طبقات الإسفلت، إلى تخزين الحرارة بدلاً من عكسها، وترتفع نتيجة ذلك الحرارة داخل المدن بضع درجات مقارنة بمحيطها.
- الاستثنائي يصبح اعتيادياً
رغم أن ظواهر الطقس الاستثنائية تحدث منذ القِدم، فإن ازدياد تكرارها وارتفاع حدّتها خلال العقود الأخيرة يشير إلى أن تغيُّر المناخ يزيد من فرص حدوثها. وعلى سبيل المثال، خلص العلماء إلى أن تغيُّر المناخ جعل موجة الحرّ خلال سنة 2022 في الهند وباكستان أكثر احتمالاً بمقدار 30 مرة. كما كانت موجة الحرّ عام 2019 في أوروبا الغربية أكثر احتمالاً بمقدار 10 مرات على الأقل، وموجة الحرارة 2019- 2020 التي أدّت إلى حرائق الغابات المدمرة في أستراليا أكثر احتمالاً بعشر مرات. كما أن الحرارة الشديدة في شمال غربي الولايات المتحدة وكندا في عام 2021 كانت مستحيلة فعلياً من دون تغيُّر المناخ.
وتُظهر التقديرات أن موجة الحرّ غير المسبوقة التي طالت الهند وباكستان في شهر مارس (آذار) الماضي، وأدّت إلى ما لا يقل عن 90 حالة وفاة، أصبحت أكثر احتمالاً بنحو 30 مرة، نتيجة لتغيُّر المناخ. ومن المتوقع أن تصبح موجات الحرّ المماثلة، أو الأسوأ، أكثر شيوعاً في المستقبل، مما يجعل آليات المواجهة غير كافية؛ حيث ستكون ظروف الطقس في بعض المناطق قاسية، بما يفوق قدرة الإنسان على البقاء.
وبينما تجاوزت الحرارة هذا الصيف في بعض مناطق بريطانيا الأربعين درجة مئوية، لأول مرة في تاريخ الأرصاد الجوية، تؤكد دراسة حديثة أجراها مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، أن احتمالية الأيام الشديدة الحرارة في المملكة المتحدة آخذة في الازدياد، وهي ستستمر على هذا المنوال خلال هذا القرن. وتشير الدراسة إلى أن فرصة تسجيل 40 درجة مئوية في المملكة المتحدة زاد احتمالها حالياً 10 مرات، مقارنة بظروف المناخ الطبيعي الذي لم يتأثر بالنشاط البشري.
ووفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ، سترتفع درجات الحرارة في المناطق الأوروبية بسرعة تفوق أي منطقة أخرى. وفي حوض البحر المتوسط، من المتوقع حدوث مزيج مثير للقلق من التغيُّرات المناخية المؤثرة (الاحترار، ودرجات الحرارة القصوى، واتساع الجفاف، وانخفاض هطول الأمطار، وزيادة حرائق الغابات، وارتفاع مستوى سطح البحر، وانخفاض الغطاء الثلجي، وانخفاض سرعة الرياح) بحلول منتصف القرن، إذا تجاوز الاحترار العالمي درجتين مئويتين.
ويُظهر تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ، أن موجات الحرّ ستكون أكثر تواتراً وأطول وأكثر شدّة في القرن الحادي والعشرين. وستكون هناك حاجة إلى أنظمة الإنذار المبكر والنظم الصحية المعززة.
ويؤكد علماء في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن هذا النوع من موجات الحرّ، كمثل الذي تشهده أوروبا حالياً، سيكون أمراً طبيعياً في المستقبل نتيجة لتغيُّر المناخ.
وتقترح منظمة الصحة العالمية عدداً من الخطوات الأساسية التي يمكن اتباعها للتقليل من مخاطر الحرارة المرتفعة. وتشمل هذه الخطوات البقاء بعيداً قدر الإمكان عن الظروف الحارّة، وتجنّب النشاط البدني الشاق، وعدم ترك الأطفال في السيارات المتوقفة. كما يجب إبقاء الجسم بارداً ورطباً، واستخدام الملابس وأغطية السرير الخفيفة، والاستحمام بالماء البارد. ويجب الحفاظ على المنزل بارداً قدر المستطاع، والاستفادة من هواء الليل لتبريد المنزل، واستخدام الستائر نهاراً لتقليل الحمل الحراري. وتحثّ المنظمة على طلب أصحاب الأمراض المزمنة، أو الذين يتناولون أدوية متعددة المشورة الطبية في ظروف الحرّ الشديد، كما تدعو إلى مساعدة الآخرين؛ خصوصاً كبار السن الذين يعيشون بمفردهم.
ويمثّل تكييف الهواء في حدّ ذاته وجهاً آخر من جوانب المشكلة؛ لأن استخدامه المتزايد واستهلاكه الهائل للطاقة يهددان بتسريع انبعاث غازات الاحتباس الحراري. كما أن إنتاج الهواء البارد في الداخل يقابله إنتاج هواء ساخن من وحدة التكييف الخارجية.
ويمكن تخفيف الحرارة من خلال طلاء الأسطح باللون الأبيض في البلدان الحارة لتعكس أشعة الشمس، وزراعة اللبلاب على الجدران في المناطق الأكثر اعتدالاً، وزراعة أشجار الظل، وتوسعة المناطق الخضراء في المدن. وتشمل تدابير التكيُّف الأكثر كلفة تغيير المواد التي نستخدمها في البناء وشبكات النقل والبنية التحتية الحيوية الأخرى. لكن هذه الإجراءات هي بمجملها إجراءات تلطيفية، أما الحل المستدام فيتطلب تخفيضات جذرية في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد حذّر من أن «نصف البشرية في منطقة الخطر»، وهي تواجه الفيضانات والجفاف والعواصف الشديدة وحرائق الغابات. وقال غوتيريش، مخاطباً قادة من أكثر من 40 دولة في حوار بطرسبرغ حول المناخ في برلين، إن هدف اتفاق باريس للحدّ من الاحتباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية «كان بالفعل في غرفة الإنعاش» عقب مؤتمر المناخ (كوب 26) الذي عُقد نهاية السنة الماضية. وأعلن الأمين العام أن «الدول تواصل إلقاء اللوم بعضها على بعض؛ بدلاً من تحمل المسؤولية عن مستقبلنا الجماعي»، داعياً البلدان إلى إعادة بناء الثقة والعمل معاً.
إن الأحوال المناخية التي يشهدها العالم هذا الصيف، ويزداد تطرفها منذ عقود، تؤكد الحاجة الماسة إلى العمل الدولي من أجل مواجهة تغيُّر المناخ على نحو فعّال. ويتطلب ذلك إظهار الحكومات الإرادة السياسية والعمل الجدّي لتنفيذ التزامات اتفاقية باريس بشأن تغيُّر المناخ.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» يتحدث خلال مؤتمر «كوب 29»... (رويترز)

الأمين العام لـ«أوبك» في «كوب 29»: النفط هدية من الله

قال الأمين العام لمنظمة «أوبك»، هيثم الغيص، الأربعاء، خلال مؤتمر المناخ «كوب 29» في باكو، إن النفط الخام والغاز الطبيعي هما «هدية من الله».

«الشرق الأوسط» (باكو)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)
أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)
TT

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)
أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

تسببت درجات حرارة المحيطات المرتفعة بشكل قياسي في زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية التي سُجّلت سنة 2024، بحسب دراسة نُشرت الأربعاء، ما يؤكد أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف.

وأظهرت هذه الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل من 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال معدّ الدراسة، دانييل غيلفورد، في حوار مع وسائل الإعلام: «لقد أثرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى على درجات حرارة سطح البحار في مختلف أنحاء العالم».

وفي خليج المكسيك، تسببت هذه الانبعاثات في ارتفاع درجات حرارة سطح البحر بنحو 1.4 درجة مئوية مما كانت عليه، لتكون في عالم لا يواجه تغيراً مناخياً.

وهذا الارتفاع في درجات الحرارة يفاقم رياح الأعاصير التي تزداد قوتها. وتحوّلت ظواهر مثل «ديبي» و«أوسكار» بشكل سريع من عواصف استوائية إلى أعاصير فعلية.

صورة تظهر الأضرار التي لحقت بمدينة أشفيل في ولاية كارولينا الشمالية الأميركية بعد مرور إعصار هيلين 29 سبتمبر 2024 (رويترز)

وارتفع مستوى أعاصير مثل «ميلتون» و«بيريل» على مقياس سافير-سيمبسون من الرابع إلى الخامس، بسبب التغير المناخي، بينما ارتفع مستوى إعصار «هيلين» من الثالث إلى الرابع.

ويُترجَم هذا الارتفاع في المستوى بزيادة القدرة التدميرية أربع مرات تقريباً.

وكان الإعصار «هيلين» مدمراً بشكل خاص، إذ أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص، وعُدّ ثاني أعنف إعصار يضرب القارة الأميركية منذ أكثر من نصف قرن، بعد إعصار «كاترينا» عام 2005.

وبحسب دراسة أخرى أجراها «كلايمت سنترال» بين عامي 2019 و2023، باتت حدّة 84 في المائة من الأعاصير أكبر بكثير بسبب احترار المحيطات الناجم عن الأنشطة البشرية.

وعلى الرغم من أن دراستيهم ركزتا على حوض المحيط الأطلسي، فإن الباحثين أكدوا أن النهج الذي اعتمدوه يمكن تطبيقه على الأعاصير المدارية على نطاق عالمي.

وحذّر علماء المناخ من احتمال تفاقم التأثيرات مع تخطي الاحترار 1.5 درجة مئوية.