«النيابة المصرية» تدعو إلى «تحجيم» التداول الإعلامي للجرائم الجنائية

في الوقت الذي قررت فيه النيابة العامة المصرية، حبس المتهم بقتل فتاة عرفت بـ«فتاة الشرقية» بعد طعنها علناً في جريمة صادمة تكررت للمرة الثانية خلال شهرين، دعت سلطات التحقيق إلى «تحجيم التداول الإعلامي للجرائم الجنائية».
وقرر النائب العام المصري، أمس، حبس شاب أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات لاتهامه بقتل الفتاة سلمى بهجت (فتاة الشرقية) عمدًا مع سبق الإصرار والترصد.
وفي حين جددت النيابة العامة التأكيد على «حظر تداول أي مواد متعلقة بالجرائم الجنائية بمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والصحافة المختلفة، إلا ما تفصح عنه في بياناتها الرسمية»، فإنها دعت المؤسسات المعنية بالصحافة والإعلام إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحجيم (اللهث الإعلامي) غير المبرر الذي أصبح ناقوس خطر ينذر بعواقب الأمور إذا لم يتحجم، وفق النيابة.
وواقعة «فتاة الشرقية» تأتي بعد نحو شهرين على أخرى مماثلة عرفت بـ«مقتل فتاة المنصورة»، والتي شهدت قتل شاب لزميلته أمام الجامعة عبر طعنها في جريمة مروعة، وقضت محكمة مصرية بإعدام الجاني، غير أنه تقدم بنقض للحكم لم يفصل فيه بعد. وبحسب بيان النيابة المصرية، فإن المتهم في جريمة «الشرقية» لاحق المجني عليها لفترة «هددها فيها وذويها بالإساءة لسمعتها، وقتلها على إثر رفضهم خطبته لها؛ لسوء سلوكه وتعاطيه المواد المخدرة وشذوذ أفكاره ومعتقداته». ونقل البيان المصري عن شهود العيان بشكل تفصيلي، ملابسات الجريمة وكيفية التحضير لها من قبل المتهم، عبر «الاستماع إلى أحد عشر شاهدًا منهم خمسة رأوا المتهم حال ارتكابه الجريمة». وأفاد بأن أقوال الشهود «تواترت حول رؤيتهم المتهم وهو يطعن المجني عليها بمدخل العقار بعدما سمعوا صوت صراخها»، وأن «المتهم كان يجول بمحيط العقار محل الواقعة قبل ارتكاب الجريمة بساعة، وكان يسأل عن مكان مكتب جريدة كائنة بالعقار هي التي كشفت التحقيقات عن سابق تلقي المجني عليها تدريبًا فيها».
كما استمعت النيابة العامة لشهادة والدي المجني عليها وخالها، وأشارت أقوالهم إلى أن «المتهم وابنتهم كانا زميلين بالجامعة نفسها، وسبق أن تقدم المذكور لخطبتها فرُفِضَ وقتها لحين استكمال الدراسة، ثم لاحظت المجني عليها سوء سلوكه وتعاطيه المواد المخدرة، فقطعت تواصلها معه، مما دفعه إلى التعرض لها وتهديدها بالإيذاء والقتل وتتبعها في كل مكان».
كما قالت النيابة في بيانها إن المتهم «أقر بارتكابه جريمة قتل المجني عليها عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، وأوضح أنه بعد رفض ذويها خطبتها إليه استمر تواصلهما ثم اختلفا لمحاولاته منعها من العمل أو لقاء صديقاتها بدعوى حرصه عليها، وانقطعت عن تواصلها معه بعدما اتهمته بالكفر والإلحاد لما رسمه على جسده من وشوم، قرر أن قصده منها لفت الانتباه إليه»، وفق ما نقلت النيابة.
وأوضحت النيابة أنها «تمكنت من التحفظ على عدة أدلة رقمية على هاتف المتهم تؤكد تخطيطه لارتكابه الجريمة وتنفيذها، والتي واجهت المتهم بها وأقر بصحتها، ومنها التهديدات المشار إليها بأقوال ذوي المجني عليها، والمقاطع المرئية المتداولة بمواقع التواصل الاجتماعي».
وحذرت النيابة العامة مما وصفته بـ«التهافت واللهث الإعلامي غير المبرر خوضًا في تفصيلات الواقعة وتحليلها وتحليل شخصية المجني عليها والمتهم، وبواعث ارتكابه الجريمة، دون سند لديهم أو حق لهم يبيح ذلك، الأمر الذي يصدر صورة غير حقيقية عن اختلال التوازن الاجتماعي باضطراب العلاقات بين الشباب والفتيات وإتيانهم سلوكيات غريبة على هذا المجتمع وقيمه ومبادئه».
ورأت أن «البعض يحاول استغلال هذه الوقائع واهتمام المجتمع بمتابعة تفاصيلها وكأنها معبرة عن حال المجتمع بأسره»، وزادت: «ليس المتهمون في تلك الجرائم معبرين عن طائفة الشباب كلهم، وليست جميع العلاقات بينهم وبين الفتيات يشوبها مثل هذا الاضطراب، أو يكون منتهاها ارتكاب مثل تلك الجرائم».