قلة النوم تغير شكل المخ لدى الأطفال

قلة النوم تغير شكل المخ لدى الأطفال
TT

قلة النوم تغير شكل المخ لدى الأطفال

قلة النوم تغير شكل المخ لدى الأطفال

من المعروف أن النوم الكافي يعتبر ضرورة صحية خاصة للأطفال؛ لأن فترة النوم لا تكون للراحة والاسترخاء فقط، ولكن يحدث فيها نمو وتطور حقيقي لخلايا المخ. وكلما قلت ساعات النوم في المراحل العمرية الأولى أثر ذلك سلباً على صحة الطفل العضوية وقدراته الذهنية وتحصيله الدراسي والعكس صحيح.
وقد أكدت أحدث دراسة تناولت هذا التأثير طويل المدى على صحة الطفل ونمو المخ في الولايات المتحدة، أن الأثر السلبي يمكن أن يغير شكل خلايا المخ أيضاً.

النوم والذاكرة
أجرى الباحثون تحليلا للمعلومات التي تم جمعها من أكثر من 8300 طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات كانوا جميعاً قد شاركوا في دراسة لوظائف المخ للمراهقين (ABCD) لمعرفة التطور المعرفي والإدراكي وديناميكية المخ عن طريق استخدام أشعات الرنين المغناطيسي. وأيضا تمت مراجعة البيانات الطبية الخاصة بهؤلاء الأطفال لمعرفة التاريخ المرضي لهم وإذا كانوا تعرضوا لأمراض عصبية من عدمه. وقام الباحثون بعمل استطلاع رأي حول النوم والأنشطة المختلفة والأداء الدراسي للأطفال وأولياء الأمور عند بداية الدراسة وأيضا مرة أخرى بعدها بعامين عندما كان الأطفال في أعمار بين 11 و12 عاما (بداية المراهقة).
كانت الدراسة التي نفذها علماء من جامعة ميرلاند ببالتيمور بالولايات المتحدة ونشرت في النسخة الإلكترونية من مجلة لانست الطبية لصحة الأطفال والمراهقين The Lancet Child & Adolescent Health في نهاية شهر يوليو (تموز) من العام الجاري قد توصلت إلى أن أطفال المدارس الابتدائية الذين ينامون أقل من تسع ساعات كل ليلة يظهرون اختلافات كبيرة في بعض مناطق المخ خاصة المسؤولة عن الذاكرة والذكاء واليقظة، مقارنة بأولئك الذين يحصلون على ساعات تتراوح بين 9 إلى 12 ساعة من النوم.
وجد الباحثون في بداية الدراسة أن الأطفال الذين لم يتمتعوا بساعات نوم كافية (أقل من تسع ساعات في الليلة) كانت مساحة وحجم الجسم الرمادي grey matter الموجود في مناطق معينة في المخ أقل لديهم من الأطفال الآخرين الذين ينامون بشكل صحي وكاف أثناء الليل. ومن المعروف أن مناطق الجسم الرمادي هي المناطق المسؤولة بشكل أساسي عن الانتباه والذاكرة والتحكم في العواطف المختلفة والمزاج والشعور بالسعادة والحزن والتعاطف مع الآخرين.
أوضح الباحثون أن الاختلافات العضوية في شكل المخ استمرت بعد عامين من بداية الدراسة، وهو الأمر الذي يعتبر مؤشرا بالغ الخطورة لأهمية الضرر الذي يحدث للأطفال الذين لا يتمتعون بقسط كاف من النوم على المدى الطويل. ولاحظ العلماء أن هذه التغيرات في نسيج المخ ارتبطت بمشاكل صحية نفسية وعقلية أكثر خطورة مثل الاكتئاب والقلق والانخراط في سلوكيات متهورة وخطيرة بجانب أن هؤلاء الأطفال عانوا من صعوبات إدراكية سواء على المستوى الشخصي في حل المشكلات المختلفة واتخاذ القرارات الصائبة أو على المستوى الدراسي من تراجع الأداء المدرسي وصعوبة التركيز في الفصول الدراسية، كما تأثرت علاقتهم الاجتماعية مع الأقران.

سنوات التكوين
واكتشف الباحثون أن الأطفال الذين تمتعوا بقسط كاف من النوم كانوا في الأغلب يميلون إلى النوم لساعات أو دقائق أقل بشكل تدريجي على مدار العامين، وهو ما يمكن اعتباره أمرا طبيعيا مع وصول الأطفال إلى مرحلة المراهقة، إذ وكلما قل العمر احتاج الطفل لساعات أطول من النوم. وفي المقابل كان الأطفال الذين عانوا من قلة النوم لم يتغير نموذج النوم الخاص بهم بشكل يمكن ملاحظته.
وقام العلماء بالوضع في الاعتبار العوامل التي يمكن أن تؤثر في النوم لكل فريق؛ مثل دخل الأسرة والوضع الاجتماعي وتوفر مكان مريح للنوم من عدمه والهدوء الكافي، وأيضا فرق الجنس بين الذكور والإناث وعمر كل منهم، وإذا كان البلوغ قد حدث لهم من عدمه؛ لأنه يحدث في عمر مختلف لكل طفل ويضع ضغوطا نفسية وجسدية يمكن أن تؤثر على ساعات النوم.
أوضح الباحثون أن الأمر يحتاج للمزيد من الدراسات لمعرفة النتائج الأكيدة لخطورة عدم النوم الكافي لفترات طويلة في سنوات التكوين الأولى والنمو العصبي والإدراكي، ومعرفة لأي مدى يمكن معالجة الخلل العصبي عن طريق تحسين نموذج النوم.
ومن المعروف أن الأكاديمية الأميركية لطب النوم American Academy of Sleep Medicine تنصح بضرورة أن ينام الأطفال أقل من عمر 12 عاما لساعات تتراوح بين 9 و12 ساعة. ويجب على الآباء القيام بغرس عادات نوم صحية في أطفالهم مثل النوم بشكل مبكر، وضرورة أن ينام جميع أفراد الأسرة لفترات كافية والحفاظ على ميعاد ثابت للنوم وممارسة النشاط البدني أثناء النهار مما يؤدي إلى النوم بشكل تلقائي وعميق. وأيضا يجب أن يكون هناك وقت معين لمشاهدة الشاشات المختلفة، ويفضل أن يكون قبل النوم بساعة كاملة على الأقل حتى لا يضع ضغوطاً عصبية على الأطفال أو الآباء.
حذر الباحثون من الاعتماد على التصور بأن النشاط البدني للطفل هو مؤشر لصحته النفسية والعقلية في حالة عدم النوم لساعات كافية. وتبعاً للدراسة فإن التأثير يظهر بشكل تدريجي على مدى أعوام، ولا يشترط أن يبدو الطفل مجهداً لكي يذهب للنوم، ويجب أن تحرص الأسرة على الساعات المقررة للنوم حتى في حالة عدم تمكن جميع أفرادها من النوم في وقت معين، ويمكن الالتزام بطقوس معينة قبل النوم، مثل تناول مشروب دافئ أو كوب حليب؛ لأن النوم ليس نوعاً من الرفاهية، ولكنه ضرورة صحية.

*استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، على منصته «تروث سوشيال»، إن القضايا القانونية ضده «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها»، في إشارة إلى تحرك وزارة العدل الأميركية من أجل إسقاط القضية المقامة ضده بشأن التدخل في انتخابات 2020 بعد فوزه في انتخابات الرئاسة الأخيرة.

وأضاف: «لقد تم إهدار أكثر من مائة مليون دولار من أموال دافعي الضرائب في معركة الحزب الديموقراطي ضد خصمهم السياسي، الذي هو أنا»، مشدداً على أن «أمراً كهذا لم يسبق أن حدث في بلدنا»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وفي خطوة مفاجئة، قرر المدعون الفيدراليون التخلي عن قضية الوثائق السرية ضد الرئيس الأميركي المنتخب في ضوء سياسة وزارة العدل الأميركية الراسخة التي تقول إن الرؤساء الأميركيين أثناء رئاستهم لا يمكن أن يواجهوا ملاحقة جنائية.

وجاء الإعلان في ملف قدمته محكمة الاستئناف في فلوريدا بعد وقت قصير من تقديم المدعين العامين في العاصمة واشنطن ملفاً مماثلاً، إذ طلبواً رفض القضية التي تتهم ترمب بالتخطيط لقلب نتائج انتخابات 2020، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وترقى هذه الخطوة إلى استنتاج متوقع لقضية جنائية كانت تعد قبل عام واحد فقط أخطر تهديد قانوني يواجه ترمب. وهي تعكس النتائج العملية لفوز ترمب بالانتخابات، مما يضمن دخوله منصبه خالياً من التدقيق بشأن تخزينه لوثائق سرية للغاية وسلوكه الذي قال المدعون العامون إنه عرّض التدقيق الوطني للخطر.

تقول آراء قانونية لوزارة العدل يعود تاريخها إلى عقود من الزمان إنه لا يمكن توجيه الاتهام إلى الرؤساء الحاليين أو محاكمتهم أثناء وجودهم في مناصبهم.

وطلب المستشار الخاص جاك سميث من قاضٍ فيدرالي، يوم الاثنين، رفض القضية التي تتهم ترمب بالتخطيط لقلب انتخابات عام 2020، مشيراً إلى سياسة وزارة العدل القديمة التي تحمي الرؤساء من الملاحقة القضائية أثناء وجودهم في مناصبهم. وتمثل الخطوة التي أُعلن عنها في أوراق المحكمة نهاية الجهود البارزة التي بذلتها وزارة العدل لمحاسبة ترمب على ما سمّاه المدعون مؤامرة إجرامية للتشبث بالسلطة في الفترة التي سبقت هجوم أنصار ترمب على مبنى الكابيتول الأميركي في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، حسب «أسوشييتد برس».

وقال ممثلو الادعاء في وزارة العدل، مستشهدين بتوجيهات الوزارة القديمة التي تقضي بعدم إمكانية محاكمة الرئيس الحالي، إن موقف الوزارة هو أن «الدستور يتطلب رفض هذه القضية قبل تنصيب المدعى عليه».

وكان القرار متوقعاً بعد أن بدأ فريق سميث في تقييم كيفية إنهاء قضية التدخل في انتخابات عام 2020 وقضية الوثائق السرية المنفصلة في أعقاب فوز ترمب على نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية.

وصف ترمب القضيتين بأن وراءهما دوافع سياسية، وتعهد بطرد سميث بمجرد توليه منصبه في يناير.