جدل في فرنسا حول إعطاء الاجانب حق الاقتراع في الانتخابات المحلية

جلسة سابقة للبرلمان الفرنسي (إ.ب.أ)
جلسة سابقة للبرلمان الفرنسي (إ.ب.أ)
TT

جدل في فرنسا حول إعطاء الاجانب حق الاقتراع في الانتخابات المحلية

جلسة سابقة للبرلمان الفرنسي (إ.ب.أ)
جلسة سابقة للبرلمان الفرنسي (إ.ب.أ)

اختار النائب عن الحزب الرئاسي ساشا هوليه فرصة العطلة الصيفية وغياب الرؤساء الأربعة (الجمهورية، الحكومة، البرلمان ومجلس الشيوخ) وكذلك الوزراء والنواب عن باريس، ليطرح فكرة قانون مثير للجدل لأنه يتناول إعطاء حق التصويت للأجانب في الانتخابات المحلية (البلدية) على غرار ما هو متاح للمواطنين الأوروبيين.
اللافت في خطوة النائب هوليه الذي يرأس لجنة القوانين في البرلمان أمران: الأول، أنه اختار التاسع من أغسطس (آب) ليرفع اقتراحه إلى مكتب المجلس، أي في اليوم الذي أغلق فيه المجلس أبوابه وتوجه أعضاؤه إلى منتجعاتهم الصيفية. والثاني، أن الفكرة ليست جديدة بل إن أول من طرحها كان الرئيس الاشتراكي الأسبق فرنسوا ميتران (1981 - 1995) ثم الرئيس الاشتراكي الآخر فرنسوا هولند (2012 – 2017). والحال، أن الاثنين لم يسعيا حتى النهاية لوضع فكرتهما موضع التنفيذ على الرغم من تمتع كل منهما بأكثرية مريحة في البرلمان. الأول، اتُهم بأنه طرح فكرته لإعطاء دفعة لليمين المتطرف وإضعاف منافسه اللدود أي اليمين التقليدي. أما الثاني، فإنه لم يرغب في إثارة المعارضة ضد مشروعه، ولذا فضّل وضعه في الدرج بانتظار أوقات أكثر ملاءمة وهي لم تأت قط.
حقيقة الأمر أن النائب المعني الذي انتُخب على لائحة الحزب الرئاسي «فرنسا إلى الأمام» الذي تغير اسمه إلى «النهضة»، له خلفية اشتراكية يسارية. وفي تبريره لاقتراحه الذي يمكن أن يفضي إلى قانون دستوري، تساءل ساشا هوليه عن الأسباب التي تجعل الفرنسيين لا يبدون أي اعتراض إزاء مشاركة الإسبانيين أو الألبانيين في الانتخابات المحلية، بينما يرفضون مشاركة الأجانب الآخرين، ما يعني أن القانون الفرنسي «تمييزي» وبعيد عن مبدأ المساواة في التعامل مع الأجانب.
وبحسب هوليه، فإن معركته سوف تكون «طويلة وجميلة»، و«سوف تعزز فرنسا نموذجها الساعي إلى انخراط الأجانب»، كما أنها ستحارب «النزعات الطوائفية» (الانفصالية) التي تتغذى من التهميش.
إلا أنه أبدى تخوفه من الانزلاق نحو جدل «شعبوي»، سببه الأول انحراف فرنسا يميناً، لا بل إلى اليمين المتطرف. والدليل على ذلك أن حزب «التجمع الوطني» يتمتع بـ89 نائباً في البرلمان الجديد، الأمر الذي لم يعرفه سابقاً. وتجدر الإشارة إلى أن الأوروبيين لهم الحق في المشاركة في الانتخابات المحلية اقتراعاً وانتخاباً منذ عام 1992.
يبدو واضحاً أن النائب المعني لم يستشر قيادة حزبه ولا الحكومة. فالاقتراح لم يكن قط من بين تعهدات الرئيس إيمانويل ماكرون الإنتخابية في حملتيه الرئاسيتين (2017 و2022). وقد سارع وزير الداخلية جيرالد درامانان إلى الإعلان عن معارضته الشديدة لهذا الاقتراح. علما أنه سوف يطرح في الخريف القادم مشروع قانون جديد عن الهجرة والمهاجرين، وينتظر أن يأتي أكثر تشدداً من القوانين السابقة في هذا الخصوص. كذلك، لم تصدر عن رئاسة «النهضة» أي تصريحات مؤيدة لخطة رئيس لجنة القوانين. وجلّ ما صدر، أن رئيسة كتلته البرلمانية النائبة أورور بيرجيه أعلنت أنها ستعمل على تشكيل «مجموعة عمل» لتنكب على دراستها.
وفي المقابل، فإن اليمين، بجناحيه الكلاسيكي والمتطرف، لم يتردد في التنديد بالخطة ومهاجمتها بعنف، معتبراً أنها «فضيحة». وقال النائب عن حزب «الجمهوريون» أريك سيوتي الذي يعد من صقوره، إنه سيعارض «بكل قواه» هذا المشروع. فيما اعتبر رئيس حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف الذي تقوده المرشحة الرئاسية مارين لوبن، إن مشروعا كهذا يعني «سلب الفرنسيين نهائياً من وطنهم».
وإذا كان الحزب الرئاسي «فاتراً»، واليمين «هائجاً»، فإن اليسار تلقى بارتياح مشروعاً يدعو إلى تنفيذه منذ سنوات إن لم يكن منذ عقود. وكان هذا حال حزب «فرنسا المتمردة» والبيئويين وجميع المنضوين تحت جناح «التجمع الشعبي الاجتماعي والبيئوي» الذي يتمتع بـ150 نائباً في الندوة البرلمانية.
بيد أن كثيرين يراهنون على أن المشروع المذكور لا يمكن أن يصوت البرلمان لصالحه لسبب حسابي بالدرجة الأولى، خصوصا إذا كانت الحكومة والرئاسة تعارضانه، حيث إن الأكثرية تتطلب موافقة 289 نائباً، وهي غير متوافرة. ولسبب سياسي، ثانياً، باعتبار أن المزاج الشعبي الفرنسي ليس إيجابياً إزاء المهاجرين. فالتوجه اليوم إلى التشدد إزاء المهاجرين على غرار ما هو حاصل في غالبية البلدان الأوروبية. كذلك، فإن النواب (ومعهم أيضا أعضاء مجلس الشيوخ) سوف يأخذون في الاعتبار ردة فعل ناخبيهم قبل السير في مشروع يراه كثيرون «متفجراً».


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.