الإعداد لقوة نيابية ثالثة في لبنان تضم مرشحين للرئاسة

أسئلة حول «تطعيمها» بممثلي «الكتائب» في البرلمان

TT

الإعداد لقوة نيابية ثالثة في لبنان تضم مرشحين للرئاسة

يأتي اللقاء النيابي الذي جمع عدداً من النواب المستقلين وزملاءهم من المنتمين للقوى التغييرية وحزب «الكتائب» في سياق تشكيل قوة نيابية تأخذ على عاتقها التوافق على آلية موحّدة للتعاطي مع الجلسات التشريعية التي يتحضّر لها البرلمان والمخصصة لمناقشة وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المُدرجة في دفتر الشروط الذي وضعه صندوق النقد الدولي للتفاوض على أساسه لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته الاقتصادية والمالية.
ومع أن النواب الذين اجتمعوا تحت سقف البرلمان يراهنون على انضمام زملاء لهم إلى اجتماعهم التأسيسي الثاني المقرر انعقاده الثلاثاء المقبل، فإن آخرين من غير المدعوين ولا ينتمون إلى محور الممانعة ولا إلى قوى «14 آذار» سابقاً طرحوا مجموعة من الأسئلة أبرزها: لماذا استُبعد هؤلاء من الاجتماع فيما تقرر تطعيم اللقاء النيابي بنواب من حزب «الكتائب»؟ ومدى صحة ما يتردد بأن بعض النواب المحسوبين على القوى التغييرية امتنعوا عن الحضور بذريعة أن الدعوات شملت نواباً يدورون في فلك قوى «14 آذار» سابقاً؟ كما سأل هؤلاء: لماذا استبعد النواب المنتمون إلى حزبي «التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية» من الحضور ولم تشملهم الدعوات رغم أنهم على تواصل مع زملاء لهم من المنتمين للقوى التغييرية؟
وينسحب السؤال أيضاً على تعدّد الآراء داخل القوى التغييرية، وهذا ما يعترف به النائبان مارك ضو ووضّاح الصادق، في مقابل إصرار النائبة بولا يعقوبيان على ربط حضورها بالاتفاق المسبق على جدول أعمال اللقاء وبرنامجه السياسي.
لكن اللافت على هامش اللقاء النيابي الأول إحجام الحضور عن مقاربة ملف الانتخابات الرئاسية، ليس لأن بين الحضور أكثر من مرشح للرئاسة الأولى، وأن مجرد طرحه سيؤدي إلى انقسام بين النواب المشاركين فحسب، وإنما لتقديرهم أنْ لا مبرر لحرق المراحل، وأن هناك ضرورة للتريُّث لمواكبة ما يشهده الإقليم من تطورات بدءاً بمعاودة المفاوضات في الملف النووي الإيراني واحتمال التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية اللبنانية - الإسرائيلية.
لذلك فإن قرار هؤلاء النواب بالتريُّث يبقى في محله ليكون في وسعهم أن يبنوا على الشيء مقتضاه، خصوصاً أن تلويح النواب من التغييرين من حين لآخر بالاتفاق على تسمية مرشحهم لرئاسة الجمهورية لن يكون في متناول اليد في المدى المنظور في ضوء النصيحة التي أُسديت لهم بعدم التفرّد بالتسمية إفساحاً في المجال أمام إمكانية توحّد قوى المعارضة حول مرشح توافقي ينطق باسمها شرط أن تتوحّد بدلاً من أن تبقى موزّعة على أكثرية متناثرة، فيما يترك النواب المنتمون إلى محور الممانعة أمر توحّدهم للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بالتشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ويبقى السؤال: هل يؤسس اللقاء النيابي لتشكيل قوة نيابية ثالثة في مواجهة الكتل النيابية المجتمعة تحت سقف محور الممانعة والأخرى المنتمية سابقاً إلى قوى «14 آذار»؟ مع أن تطعيم اللقاء بنواب حزب «الكتائب» ترك أكثر من علامة استفهام حول الأسباب الكامنة وراء إصدار «عفو سياسي» عن حزب شارك في السلطة إلى جانب «التقدمي» و«القوات»؟
وقد يكون من السابق لأوانه الركون إلى أن القوة النيابية الثالثة قادرة على تجاوز المطبّات السياسية وصولاً إلى توحيد موقفها حول الاستحقاق الرئاسي عندما يحين أوانه مع وقوف البلد على مشارف الدخول فيه بدءاً من سبتمبر (أيلول) المقبل، إضافةً إلى أن القوى التغييرية ما زالت في طور تفعيل دورها في البرلمان الذي لن يكتمل ما لم تقرر مد اليد إلى الأطراف النيابية الأخرى المحسوبة على المعارضة المناوئة لمحور الممانعة من دون أن تُسقط من حسابها أن يتمايز «التقدمي» من خلال «اللقاء النيابي الديمقراطي» في بعض مواقفه، رغم أن الجلسة التشريعية الوحيدة للبرلمان منذ إجراء الانتخابات النيابية لم تحمل حصول أي تباين.
وعليه تقف القوى النيابية الثالثة إذا ما انضمت إليها دفعة جديدة من النواب المستقلين أمام اختبار جدّي لمدى صمودها في مواجهة الاستحقاق الرئاسي، لأن الضرورات تفرض عليها كما على الآخرين في المعارضة أن تتحصن لمواجهة الاحتمالات كافة التي يمكن أن تترتب على الاستحقاق الرئاسي وتحديداً في حال تعثّر إنجازه، ما يُقحم البلد في فراغ لا يمكن لأحد التكهّن بنهايته، وهل سيبقى قائماً إلى أمد مديد أم أن الانتخابات الرئاسية ستجري ولو بعد طول انتظار.
هذا على صعيد التأسيس لولادة قوة نيابية ثالثة تستثني دعوة النواب ممن يدورون في فلك الحريرية السياسية من الانضمام إليها رغم انقطاع تواصلهم مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي لن يتزحزح عن قراره تعليق عمله السياسي ولم يُسجَّل له تواصله مع النواب المحسوبين عليه بعد اضطرارهم للبحث عن صيغة تنسيقية تجمعهم في تكتل نيابي واحد.
وفي هذا السياق تردّد أن هؤلاء النواب قطعوا شوطاً على طريق التحضير لعقد اجتماع لنواب الطائفة السنّية برعاية مباشرة من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، يراد منه البحث في صيغة لملء الفراغ الناجم عن إحجام الحريري عن التعاطي مع الشأن السياسي اليومي، خصوصاً أن المكوّن السنّي في البرلمان يكاد يكون بلا فاعلية بسبب الشرذمة التي أصابته.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن النائب إيهاب مطر كان قد بادر إلى التحرك باتجاه زملائه النواب من الطائفة السنّية في محاولة للوصول معهم إلى قواسم مشتركة تؤمّن لهم الحضور المطلوب في البرلمان، وهو تواصل في هذا الخصوص مع المفتي دريان الذي أبلغه دعمه للجهود الآيلة إلى جمع الشمل وتوحيد الرؤية، لكنه يترك الأمر للنواب، ما يعني أنه ليس في وارد الدعوة لاستضافتهم في دار الفتوى في ظل التباين بين النواب باعتبار أن الدار هي للجميع وتبقى على مسافة واحدة منهم، وبالتالي تفضّل ألا تكون شاهدة على انقسامهم.
لذلك فإن توزّع النواب السنة على الكتل والتكتّلات النيابية سيبقى قائماً ما لم تحصل مداخلات ليست مرئية حتى الساعة تدفع باتجاه توافقهم حول برنامج الحد الأدنى بغية استرداد دورهم في البرلمان الذي لا يزال دون المستوى المطلوب.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

وقف النار لم ينهِ متاعب الصيادين في جنوب لبنان

صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)
صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)
TT

وقف النار لم ينهِ متاعب الصيادين في جنوب لبنان

صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)
صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)

أرخت الحرب الإسرائيليّة بظلالها على صيادي الأسماك الذين يعملون في جنوب لبنان، فباتوا من دون مصدر رزق، يعانون ظروفاً معيشية صعبة للغاية، وهم في الأصل متضررين من تبعات أسوأ أزمة اقتصاديّة واجتماعية عصفت بالبلاد منذ نحو 5 سنوات، ما زاد فقرهم ومعاناتهم أكثر.

ويشكو يوسف، الصياد البحري، سوء أحواله بعد أن قضى نحو 50 سنة في مهنة الصيد، ويقول: «لم يعد القطاع منتجاً كالسابق. الظروف جميعها اختلفت. وضع الصيادين مأساوي جداً ويشبه حال المدينة راهناً، بعد أن أنهكتها الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة. لم أبحر بمركبي الصغير منذ أكثر من شهرين، فالقصف كان فوق رؤوسنا».

400 صياد يعانون

يتحدَّث أمين سرّ نقابة صيادي الأسماك في مدينة صور، سامي رزق، عن معاناة الصيادين نتيجة الحرب الإسرائيلية؛ حيث توقف نشاطهم البحري طوال الشهرين الماضيين، «حتّى باتت أحوالهم صعبةً للغاية».

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تضررنا تدريجياً، حتّى بتنا نعيش واقعاً سيئاً للغاية؛ إذ تعطّلت سبل الصيد لدى أكثر من 400 صياد، في صور وحدها، وتوقف عمل الـ(جي بي إس) الذي يُمكِّننا من تحديد مكان الصيد، كما انخفضت أسعار السمك، وأقفلت المسامك أبوابها كلياً بعد مرور أيام قليلة على بدء الحرب».

أزمة قديمة جديدة

ويتحدَّث رزق عن أزمة الصيادين المستمرة منذ سنوات قائلاً: «معاناتنا سابقة للحرب الأخيرة، تعود تحديداً إلى العام الماضي، حين بدأت أحداث غزة ومعها الاشتباكات على الحدود الجنوبيّة بين (حزب الله) وإسرائيل، لتضع إسرائيل وقتها قيوداً على حرية حركة الصيادين، وتسمح لهم بالصيد ضمن مساحة ضيقة للغاية لا تتيح لهم الصيد بشكل مناسب في البحر».

الأوضاع العامة انعكست بدورها على أسعار السمك، وفق ما يقول رزق: «انتهت الحرب لكن لا شيء يبعث للحماسة لدى الصيادين، إذ إن سعر كيلوغرام السمك لا يزال دون المستوى المطلوب، فعلى سبيل المثال، انخفض سعر الكيلو من نوع اللقز إلى 700 ألف ليرة لبنانية (نحو 8 دولارات) بعدما كان يتخطى مليوني ليرة سابقاً (نحو 22 دولاراً)، وهو رقم متدنٍ جداً لا يكفي لتغطية تكلفة الصيد نفسه».

خوف من الإبحار

قبل 23 سبتمبر (أيلول)، أي قبل توسع الحرب الإسرائيلية على لبنان، كان بحر صور يعجّ بالصيادين الذين يبحرون يومياً، لكسب رزقهم وتأمين لقمة عيشهم من بيع السمك، ويعتمدون على الموسم السياحي، إذ لا مهنة أخرى لدى غالبيتهم.

اليوم ينشغل كثير من الصيادين في صور بإصلاح مراكبهم وتجهيزها من أجل العمل مجدداً عليها، لكن يجمع غالبيتهم على أن الإبحار راهناً فيه كثير من المخاطر ما دامت الخروقات الإسرائيلية مستمرة، والمسيَّرات تحلق في الأجواء فوق رؤوسهم، بحيث إن عدداً قليلاً منهم عاد للخروج إلى البحر.

وخلال الحرب، حاصرت الإنذارات الإسرائيلية الصيادين، محذِّرة إياهم من الاقتراب من المنطقة البحرية، فامتنعوا عن الإبحار؛ حفاظاً على أرواحهم.

قيود مستمرة رغم انتهاء الحرب

من على متن قاربه الذي كان يبحر به يومياً قبل الحرب، يُخبرنا محمود أحمد، البحار منذ أكثر من 35 سنة، كيف بقي صامداً في صور ولم يغادرها طوال فترة الحرب، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «بقيت هنا، أنا وعدد صغير من الصيادين، عاونا بعضنا وتخطينا هذه المرحلة».

ويضيف: «قدّموا لنا بعض المعونات الغذائية منها المعلبات، لكنها لم تكن كافية، وهو ما اضطرنا إلى أن نصطاد السمك خلسة وبحذر كي نقتات به. كانت مهمة صعبة للغاية ومخاطرها كبيرة».

لكن اليوم وبعد وقف إطلاق النار لا تزال مجموعة من المناطق ممنوعةً على الصيادين، إذ عادت وفرضت إسرائيل قيوداً على حركتهم في البحر، لا سيّما لجهة الناقورة، التي كان بحرها يشكِّل مقصداً لصيادي صور والجنوب، يبحرون بمراكبهم وزوارقهم إلى هناك. وهو ما يتحدَّث عنه محمد، قائلاً: «لقد تفاقمت معاناة الصيادين بفعل الحرب المدمّرة. والآن يمنعوننا من الوصول إلى الناقورة والبياضة، نحن محاصرون ومقيدون».

صيادون لبنانيون يفككون شبكة الصيد في مرفأ صور بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

صامدون في صور

وحال الصياد محمد أبو العينين ليس أفضل، يُخبرنا عن فترة الحرب: «بقيت هنا في صور، وعند كل تهديد بالإخلاء، أهرب إلى الميناء، حيث نلجأ نحن الصيادين ونختبئ إلى أن تنتهي جولة القصف المكثفة، وهكذا، بقيت إلى أن انتهت الحرب. أشكر الله أن منزلي لم يتضرر». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «خلال الحرب منعونا من الصيد والإبحار. تبلَّغنا رسمياً من قبل الجيش اللبناني بعدم الإبحار، التزمنا بالأمر ولم نخرج».

وتؤمّن مئات العائلات قوتها اليومي من البحر، لكنها أخيراً وجدت نفسها فجأة دون عمل، بعد أن تعطّل الصيد البحري خلال الفترة الماضية.

ولا تختلف حال الصيادين اليوم عن أحوال كل أبناء المدينة الذين يفتقرون لمقومات الحياة، «حالنا مثل حال أبناء المدينة؛ نعاني من أزمة انقطاع المياه والكهرباء»، يقول أحمد، مضيفاً: «نطلب من الدولة أن تنظر إلى حال الصيادين. معيشتنا متواضعة، ولا نملك سوى عملنا في البحر كي نربي أولادنا، لكن حالنا كانت أفضل بكثير في مرحلة ما قبل الحرب. نتمنى أن تنتهي الأزمة قريباً».