حملات حوثية استهدفت صغار الباعة في إب وذمار

بائع متجول بالقرب من ملعب الكبسي وسط مدينة إب الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية (الشرق الأوسط)
بائع متجول بالقرب من ملعب الكبسي وسط مدينة إب الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية (الشرق الأوسط)
TT

حملات حوثية استهدفت صغار الباعة في إب وذمار

بائع متجول بالقرب من ملعب الكبسي وسط مدينة إب الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية (الشرق الأوسط)
بائع متجول بالقرب من ملعب الكبسي وسط مدينة إب الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية (الشرق الأوسط)

وسّعت الميليشيات الحوثية، منذ مطلع الأسبوع الجاري، من حجم ابتزازها بحق صغار التجار وبائعي الأرصفة في شوارع وأسواق محافظتي إب وذمار، إذ فرضت عليهم دفع جبايات مالية تحت مسميات غير قانونية. حسبما أكدته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».
وكشفت المصادر عن مواصلة الجماعة منذ مطلع الأسبوع الجاري تنفيذ نزولات ميدانية بهدف البطش والتنكيل بالمئات من ملاك المتاجر وصغار الباعة في شوارع وأسواق المحافظتين لمطالبتهم بدفع جبايات جديدة تحت مسميات مختلفة.
وأشارت المصادر إلى أن ذلك التعسف الحوثي يأتي في ظل ما وصفته بـ«العشوائية وغياب أي رؤية» لدى مكاتب الأشغال التي تديرها حاليا قيادات بارزة في الجماعة الانقلابية.
وشكا بائعو أرصفة في إب طالهم مؤخرا التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز بحقهم، وأكدوا أن الانقلابيين يشنون حملات متكررة لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة تحت أسماء متعددة؛ أبرزها تمويل جبهاتهم العسكرية.
وأفادوا بأن الجماعة داهمت في اليومين الماضيين مستخدمة عربات عسكرية أسواقا يعملون بنطاقها وباشروا بالاعتداء على الكثير منهم واختطاف آخرين، إلى جانب هدم وجرف بسطات تجارية ومصادرة عربات باعة مع بضائعها، بحجة ارتكابهم مخالفات وعدم تسديد أخرى سابقة.
وذكروا أن ما يتعرضون له حاليا من حرب شعواء عمل مقصود من قبل الجماعة الحوثية، لافتين إلى تكبدهم نتيجة ذلك خسائر مادية كبيرة، نتيجة تلك الحملة التي اقتلعت عربياتهم وبسطاتهم.
في غضون ذلك، تحدث مالك بسطة في سوق وسط مدينة إب لـ«الشرق الأوسط»، عن إجبار مسلحي الجماعة ملاك أسواق وبسطات وباعة في سياق تلك الحملة على دفع جبايات مضاعفة كعقوبة لهم لمخالفاتهم، وكذا لتأخرهم عن تسديد ما عليهم من مخالفات سابقة، مشيرا إلى مباشرة الجماعة بالاعتداء على الممتنعين واحتجاز البعض منهم بصورة تعسفية.
وعبر ناشطون حقوقيون من إب من جانبهم عن غضبهم الشديد من تجدد الاستهداف الحوثي ضد البسطاء الذين يعملون على عرباتهم وبسطاتهم. وطالبوا بوضع حد لمثل تلك الممارسات الحوثية، وكذا إيجاد حل دائم لمثل هذه الشريحة المجتمعية المهمة التي تعول عشرات آلاف الأسر.
وتأتي عملية الدهم الأخيرة لأسواق محافظات إب واعتداءات الجماعة على العاملين فيها، بالتزامن مع مناشدات عاجلة أطلقها مواطنون في مدينة جبلة (جنوب المحافظة) بالتدخل لإنقاذهم من أعمال بطش وتنكيل يمارسها منتسبو أحد المراكز الأمنية التابعة للميليشيات بحقهم. وشكا سكان في جبلة لـ«الشرق الأوسط»، من اعتداءات لا تزال ترتكب بحقهم من قبل مسلحي الميليشيات الحوثية في ذات المدينة، مشيرين إلى أن آخر تلك الاعتداءات تمثل بقيام عناصر حوثية بالاعتداء بشكل عنيف على مواطن وسط سوق المدينة قبل اقتياده إلى سجونهم.
وفي محافظة ذمار (100 كلم جنوب صنعاء) كشف مصدر محلي عن استعانة الميليشيات مؤخرا بجرافات وهي عادتها كل مرة عند تنفيذ أي نزولات ميدانية، لإزالة متاجر باعة الأرصفة إلى جانب مصادرة عربات باعة متجولين وإتلاف ممتلكاتهم في شوارع وأسواق عدة تنتشر بنطاق مركز المحافظة. وتحدثت المصادر عن استمرار الجماعة منذ مطلع الأسبوع الجاري بتنفيذ نزولات ميدانية للتنكيل بالمئات من ملاك المتاجر بهدف إجبارهم على دفع جبايات مالية تحت مسميات مختلفة. مشيرة إلى أن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام الجاري الذي تستهدف فيها الميليشيات صغار الباعة.
وكشف شهود عيان بذمار لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقال مسلحي الجماعة مؤخرا بسياق حملتهم العشرات من صغار الباعة عقب رفضهم الانصياع لأوامرهم مع عدم قدرتهم على دفع مبالغ «تأديبية» فرضت عليهم.
وكان باعة الأرصفة والباعة الجائلون طالبوا سابقا سلطات الانقلاب في ذمار بتوفير أسواق بديلة لهم، بدلاً من الحملات التي تشن عند كل مناسبة طائفية بهدف جمع أكبر قدر من المال.
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية كانت خلال الفترة الماضية ضاعفت من حجم الإتاوات والجبايات المفروضة على السكان والتجار في مناطق سيطرتها، وسنَّت تشريعات غير قانونية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية؛ بهدف تغطية نفقات حربها من جانب، بالإضافة إلى تكوين ثروات لقادتها ومشرفيها.
ووصف مراقبون محليون تلك السلسلة من الاستهدافات بالإغلاق والتعسف بحق ما تبقى من النشاط التجاري في مناطق سيطرة الجماعة بأنها تندرج في إطار النهج الحوثي المنظم والواسع للقضاء على ما بقي من القطاعات الحيوية بمناطق سيطرتها، وتمكين موالين لها من الهيمنة التجارية.
وكان تقرير صادر عن مسؤولي الجماعة المعينين في مكتب الصناعة والتجارة في صنعاء، كشف في وقت سابق عن تنفيذ سلسلة طويلة من حملات الجباية طالت نحو 13 ألفاً و939 منشأة تجارية.
ومن بين تلك الاستهدافات، إغلاق الجماعة نحو 235 منشأة ومحلاً تجارياً، وإحالة أكثر من 615 تاجراً معارضاً للجماعة إلى النيابة الانقلابية، وتغريم ملاك أكثر من 3 آلاف و931 متجراً.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.