السعودية: صراع التسويق بين الشركات الكبرى يجتاح «تويتر» بأساليب «طريفة»

طرق ترويجية مبتكرة لمزاحمة المنافسين وإثارة الجدل بين المستهلكين

السعودية: صراع التسويق بين الشركات الكبرى يجتاح «تويتر» بأساليب «طريفة»
TT

السعودية: صراع التسويق بين الشركات الكبرى يجتاح «تويتر» بأساليب «طريفة»

السعودية: صراع التسويق بين الشركات الكبرى يجتاح «تويتر» بأساليب «طريفة»

تشهد شبكة «تويتر» الإلكترونية صراعًا شرسًا بين الشركات الكبرى في السعودية، التي تتنافس فيما بينها على جذب العملاء والترويج لمنتجاتها، واللافت أن معظم هذه الأساليب يغلب عليها الأفكار الطريفة والكتابات خفيفة الظل، التي تحاول استمالة العملاء بطرق غير تقليدية وخارج نسق الرسمية، وهي أساليب لاقت اهتمامًا من قبل المستهلكين وأثارت الجدل بينهم.
وقد تحقق الشركات الكبرى من وراء تغريدة واحدة على «تويتر» ما يضاهي ما تدفعه في تكلفة إعلان تصل قيمته لألوف الريالات؛ الأمر الذي فتح شهية قطاعات الأعمال الكبرى لخوض هذه التجربة والنزول لمنصة التفاعل الاجتماعي بصورة شبابية وأكثر حيوية من جمود الإعلانات المدفوعة، ومن خلال حساباتها الرسمية الموثقة في «تويتر».
ومن الأساليب الحديثة، المنافسة التي حملت شعار «أسرع، عليك الحصول على أكثر (ريتويت) لكي تكون الفائز»، والتي أطلقتها إحدى وكالات السيارات الكبرى في السعودية على «تويتر»، وتقوم فكرتها على تصوير المشترك بجانب السيارة ومن ثم طلب إعادة التغريدة من مشتركي «تويتر»، وهي منافسة تقفل أبوابها اليوم، بعد أن تجاوز عدد المشاركة فيها حدود الـ82 ألف إعادة للتغريدة المتصدرة، حتى الآن.
ويوضح لـ«الشرق الأوسط» طارق متولي، وهو مدير عام التسويق الإلكتروني في «تويوتا» السعودية، أن «الشركات الكبرى توجهت مؤخرًا ناحية شبكات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية، على اعتبار أنها أسرع وسيلة للتواصل مع العملاء»، وعن فكرة «تحدي كامري» الذي أطلقته «تويوتا» على «تويتر»، يقول: «لدينا منتج جديد سينزل قريبًا في السوق، وكانت هذه هي الفكرة الترويجية له».
ويضيف متولي: «نحاول أن تكون هناك وسيلة تواصل سهلة وبسيطة مع العملاء، ونستخدم شبكة مثل (تويتر) للإعلان عن المنتج الجديد»، مشيرًا إلى أن الشركات عادة ما تتجه للإعلانات التلفزيونية أو إعلانات الصحف أو إعلانات الطرق. ويضيف: «بينما حاولنا نحن أن نجد طريقة أسهل وأسرع وبتكلفة أقل من غيرها، وبما يضمن التواصل المباشر مع العملاء». وفي حادثة أخرى، أحدثت ضجة بين مستخدمي «تويتر» في السعودية، جاء حضور مجموعة من الشركات الكبرى لافتًا في تغريدة كتبها أحد المستخدمين حول افتتاح فرع جديد لأحد المراكز الصحية، فانهالت عليه التغريدات الطريفة من الشركات الكبرى، التي حاولت التسويق لنفسها بخفة ظل عبر حساباتها الرسمية، ومنها: «موبايلي»، و«ماكدونالدز»، و«التعاونية للتأمين»، و«بورش» السعودية، و«طيران ناس»، و«فولكس واجن»، و«دومينوز بيتزا»، وغيرها من قطاعات الأعمال التي تجاوز عددها الـ50 جهة ضمن تغريدة واحدة جمعتها كلها.
أمام ذلك، يرى مطلق البقمي، وهو إعلامي اقتصادي ورئيس تحرير صحيفة «مال» الإلكترونية، أن «هذه الخطوات المبتكرة تساير متطلبات العصر»، قائلاً: «بدأت وسائل التواصل مع الجمهور المستهدف تتغير بشكل أو بآخر، حتى طريقة التواصل ذاتها تغيرت، بالتالي توجهت بعض الشركات لمسايرة هذا التوجه».
ويستشهد البقمي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأحدث التجارب التسويقية التي أحدثت ضجة كبيرة بين الجمهور، قائلاً: «هذه الأساليب التسويقية الحديثة غير مكلفة مقارنة بالأساليب التقليدية التي بدأت تتراجع، فالشركات الآن وجدت في (تويتر) أسرع وسيلة للوصول إلى الشريحة المستهدفة بشكل كبير جدًا، وأعتقد أنه في الفترة المقبلة ستظهر أفكار جديدة وشركات أخرى تتنافس في تقديم رسائل إعلانية بشكل غير مباشرة وبأساليب ترفيهية وفيها دغدغة مشاعر الشباب، لاستقطاب أكبر شريحة منهم».
ويشير البقمي إلى أنه في الآونة الأخيرة أصبحت معظم الشركات الكبرى تركز على فئة الشباب لتعيينهم كمدراء تسويق، على اعتبار أنهم الأكثر تمكنًا من محاكاة متطلبات العصر؛ مما أصبح يعكس وجود فئة جديدة من مسؤولي التسويق بأعمار صغيرة نسبيًا، مؤكدا أن هناك أدوارًا هامة تعكسها الأساليب المبتكرة في التسويق الإلكتروني، على رأسها «تعزيز الهوية التجارية، بأسلوب غير مكلف»، بحسب قوله.
يأتي ذلك في حين تكشف دراسة حديثة أن نسبة انتشار «تويتر» بين مستخدمي الإنترنت في السعودية تعتبر الأعلى في العالم؛ إذ تبلغ 40 في المائة، مع معدل نمو سنوي يصل إلى 45 في المائة، مشيرة إلى أن السعوديين ومن يقيم على أرضهم يغردون 150 مليون مرة شهريًا. وأوضحت الدراسة التي أجرتها شركة «واي تو دي» المتخصصة في التسويق الإلكتروني أن أربعة من كل 10 مستخدمين للإنترنت في السعودية يملكون حسابًا في «تويتر»، لافتة إلى أن عدد مستخدمي هذا الموقع في السعودية بلغ نحو 7 ملايين.
وتتفوق السعودية، وفق دراسة أخرى أجراها قسم الإحصائيات في موقع «بيزنس إنسايدر»، على دول مثل الولايات المتحدة الأميركية، التي بلغت نسبة مستخدمي «تويتر» فيها 23 في المائة من مستخدمي الإنترنت، والصين التي بلغت النسبة فيها نحو 19 في المائة فقط، في حين جاءت إندونيسيا والفلبين في المرتبتين الثانية والثالثة بعد السعودية، لكن بنسب متقاربة معها تقع بين 40 في المائة و41 في المائة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».