رد إيران على الورقة الأوروبية يتأرجح بين «نعم... ولكن»

فريق التفاوض الحالي يريد إظهار أنه أفضل من السابق

ممثل ايران الدائم لدى المنظمة الدولية في فيينا لدى خروجه من المفاوضات (أ.ب)
ممثل ايران الدائم لدى المنظمة الدولية في فيينا لدى خروجه من المفاوضات (أ.ب)
TT

رد إيران على الورقة الأوروبية يتأرجح بين «نعم... ولكن»

ممثل ايران الدائم لدى المنظمة الدولية في فيينا لدى خروجه من المفاوضات (أ.ب)
ممثل ايران الدائم لدى المنظمة الدولية في فيينا لدى خروجه من المفاوضات (أ.ب)

ما بين 26 يوليو (تموز) يوم قدم مسؤول السياسة الخارجية والوسيط في الملف النووي الإيراني جوزيب بوريل «خطته» المعدلة إلى الأطراف المعنية بهذا الملف، والنص النهائي غير قابل للتفاوض مجددا الذي نقله مساعده أنريكي مورا إلى المفاوضين المجتمعين في قصر «كوبورغ» المشيد على الطراز النيو-كلاسيكي ما بين العام 1840 و1845، مر أسبوعان بينها أربعة أيام للتفاوض غير المباشر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية لغرض التوصل إلى عودة الطرفين إلى الاتفاق النووي للعام 2015. ومجددا، أكد بوريل أول من أمس أن «ما يمكن التفاوض عليه تم التفاوض عليه وهو الآن نص نهائي». بيد أن المسؤول الأوروبي استدرك واستبق التعقيدات القادمة بقوله إن «خلف كل قضية فنية وفقرة يكمن قرار سياسي يجب اتخاذه» من قبل الأطراف المعنية.
لا شك أن التجربة التفاوضية بين واشنطن وطهران علمت بوريل الحذر، إذ سارع «المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني» عبر موقع «نور نيوز» التابع له إلى «تنبيه» بوريل و«تحذيره» من أنه بصفته منسق المفاوضات «لا يمتلك سلطة أو صلاحية لتقديم مقترحاته كنص نهائي». واعتبر الموقع أن الهدف هو «إجبار إيران على قبول النص تحت الضغط» مضيفا أنه «عندما لا تقبله إيران بصفتها أحد الأطراف المشاركة في المفاوضات كنص نهائي، لا يمكن لأي سلطة أخرى أن تتحدث عن الانتهاء من النص». وبكلام آخر، يؤكد الطرف الإيراني الذي قال مندوبوه إلى فيينا من أن النص «سيخضع لعملية تقييم شاملة»، وأنه ما زال يتمتع بحق إدخال تعديلات أو تغييرات في النص المقترح، وغير مقيد بأي مهلة زمنية طالت أم قصرت إذ أن هدفه الأسمى هو «المحافظة على المصالح الإيرانية». وبذلك تكون طهران قد ردت سريعا جدا على ما جاء على لسان مسؤول أوروبي كبير، والمقصود به أنريكي مورا، الذي قطع الطريق على إدخال أي تعديلات على النص المقترح بقوله إن المطلوب «الرد بنعم أو لا. إذ لا يمكنك الموافقة على الصفحة 20 ورفض الموافقة على الصفحة خمسين» علما بأن النص المقترح يتشكل من 25 صفحة. وفي أي حال، اعتبر المسؤول الأوروبي أن القرار النهائي الذي ينتظره متوقع «خلال أسابيع قليلة» وثمة مصادر في باريس تتحدث عن نهاية الشهر الجاري. وفي أي حال، قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتقليديا، يقع أسبوع رؤساء الدول المشاركين في الأيام العشرة الأخيرة من شهر سبتمبر (أيلول).
ويمكن توصيف الموقف الذي عبر عنه المسؤولون الإيرانيون بالتأرجح بين «نعم... ولكن» بعكس الموقف الذي صدر عن الطرف الأميركي الذي يبين الاستعداد للتوقيع على النص الأوروبي. وفيما ترجح مصادر أوروبية معنية بالملف النووي أن إيران، لأسباب عديدة، ستعمد في نهاية المطاف إلى التوقيع على النسخة الأوروبية والمرجح مع تعديلات طفيفة. وهي تريد أن تأخذ الوقت اللازم لإظهار أنها لم تخضع للضغوط الدولية وأن الكلمة النهائية تعود إليها، فضلا عن أن موافقتها لم تحصل إلا بعد التأكد من أن مصالح البلاد مؤمّنة. كذلك يريد الفريق الموجود في السلطة إبراز أنه، بعكس الفريق السابق الذي كان يقوده الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، انتزع من واشنطن ومن شركائها الغربيين شروطا أفضل مما كان معروضاً في السابق علما بأن ما تسرب من مجريات المفاوضات أن طهران لم تحصل على ما كانت تريده لجهة رفع اسم «الحرس الثوري» عن لائحة الإرهاب الأميركية، لا بل إن المسألة رحلت إلى مرحلة لاحقة. كذلك، فإن طهران التي كانت تريد انتزاع ضمانات سياسية وقانونية من واشنطن لعدم الانسحاب لاحقا من الاتفاق، حصلت على وعود بالحصول على تعويضات مالية. وفي المقابل، فإن الغربيين، وفق مصادر فرنسية رسمية، قدموا لطهران ثلاثة تنازلات مهمة: الأول، قبولهم بعدم انضمام أطراف جديدة معنية بالملف النووي والملفات الأخرى المصاحبة إلى المفاوضات وتحديدا الدول الخليجية برغم مطالباتها المتواترة. والثاني، بقاء برنامج إيران الصاروخي - الباليستي خارج النقاش. والثالث عدم طرح سياسة إيران الإقليمية المزعزعة للاستقرار والمتدخلة في شؤون الجوار على طاولة البحث.
ويقول المسؤولون الإيرانيون إن طهران قدمت «ردودا أولية» وأنها، بعد مناقشات وافية للورقة الأوروبية، سوف تقدم «مقترحات ورؤى إضافية» ما يعني أن مفاوضات إضافية ليست مستبعدة برغم تأكيدات العكس من قبل الطرفين الأوروبي والأميركي. وفي أي حال، وبعد التغلب على العقبات السابقة أو تنحيتها، ثمة ملف ما زال يهدد بالإطاحة بآمال المستعجلين على عودة طهران وواشنطن إلى اتفاق 2015 ويتمثل بفشل طهران حتى اليوم في التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ثلاثة مواقع غير معلنة، عثر فيها مفتشو الوكالة بين العامين 2003 و2004 على آثار لأنشطة نووية. وثمة شكوك قوية بخصوص طبيعتها إذ لا يستبعد المراقبون أن تكون من ضمن برنامج نووي عسكري إيراني خفي. وحتى اليوم، ما زالت هذه المسألة بمثابة السيف المسلط على رقبة طهران وآخر تجلياتها القرار الذي صدر عن مجلس محافظي الوكالة في شهر يونيو (حزيران) الماضي الذي أدان عدم تعاون طهران مع الوكالة ويمكن أن يفضي، في لحظة ما، إلى نقل الملف مجددا إلى مجلس الأمن الدولي.
ويقوم الدفاع الإيراني على اتهام الوكالة بـ«التسييس» واعتبار أنها تعمل بفعل الضغوط الأميركية والإسرائيلية... وما تريده طهران، إغلاق هذا الملف نهائيا. وهي ترى، بلا أدنى شك، أن اللحظة مناسبة لذلك. ولم يتردد وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في التواصل مع بوريل من جهة ومع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من جهة أخرى، ليشكو الوكالة الدولية.
وتتخوف طهران من أن بقاء هذا الملف مفتوحا سيكون مصدر إزعاج لها في المستقبل وبالتالي فإن رهانها يقوم على أن الغربيين «سيقبلون في نهاية المطاف إغلاق ملف عمره 19 عاما مقابل استعادة المفتشين الدوليين لكامل دورهم في فرض الرقابة على برنامج طهران النووي» الذي لن يبقى، كما هو اليوم، متفلتا إلى حد كبير من الرقابة.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.