حرب المحاكم بين وزير الداخلية الفرنسي وبين داعية إسلامي يريد ترحيله

اتهامات بمعاداة السامية والتحريض على العنف ورفض المساواة بين الرجل والمرأة

جيرالد دارمانان، وزير الداخلية وشؤون العبادة ( رويترز )
جيرالد دارمانان، وزير الداخلية وشؤون العبادة ( رويترز )
TT

حرب المحاكم بين وزير الداخلية الفرنسي وبين داعية إسلامي يريد ترحيله

جيرالد دارمانان، وزير الداخلية وشؤون العبادة ( رويترز )
جيرالد دارمانان، وزير الداخلية وشؤون العبادة ( رويترز )

منذ منتصف الأسبوع الماضي، فرغت الدولة الفرنسية من مسؤوليها الذين توجهوا إلى المنتجعات الصيفية داخل البلاد وخارجها باستثناء وزير واحد، هو جيرالد دارمانان، وزير الداخلية وشؤون العبادة وأراضي ما وراء البحار. فهذا الوزير القادم من صفوف اليمين له كل يوم موقف وقرار وتصريح. وأمس، كان في مدينة مرسيليا المتوسطية الساحلية المعروفة في فرنسا بارتفاع نسبة العنف والجريمة فيها، بسبب تفشي تجارة المخدرات والتهريب وخلافهما. لكن تركيز دارمانان هذه الأيام منصب على الداعية الإسلامي والمواطن المغربي حسن إيكويسن، الذي يريد ترحيله إلى بلاده، بعد أن كان قد تخلى سابقاً عن جنسيته الفرنسية، محتفظاً فقط بجنسيته المغربية. ويؤكد دارمانان أن الرباط قبلت عودة إيكويسن إلى المغرب، ما يعد شرطاً ضرورياً لتنفيذ الترحيل.
بيد أن عملية الطرد التي يتيحها القانون الفرنسي تخضع لضوابط قانونية، وللشخص المعني الحق في مراجعة المحاكم الفرنسية، وأيضاً المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبعد أن حصل دارمانان على موافقة السلطات المغربية ووقَّع قرار الإبعاد، أجازت له محكمة فرنسية تنفيذ القرار. كذلك خسر إيكويسن الدعوة التي تقدم بها أمام المحكمة الأوروبية؛ لكن محامية الدفاع نقلت القضية إلى المحكمة الإدارية الابتدائية في باريس، التي قضت يوم الجمعة الماضي بتعليق قرار الطرد: «لأنه يمس حياته الخاصة والأسرية بشكل غير متناسب». وجاء في قرار المحكمة أن إيكويسن «مولود في فرنسا؛ حيث يعيش مع زوجته وأولاده الخمسة وأحفاده الخمسة عشر، وكلهم فرنسيون». وجاء رد دارمانان سريعاً؛ إذ أعلن استئناف الحكم ونقل الدعوى إلى مستوى أعلى، هو مجلس شورى الدولة الذي تعد أحكامه قاطعة.
وبانتظار أن يصدر المجلس حكمه، فإن حسن إيكويسن المعروف بقربه من «الإخوان المسلمين»، ما زال على الأراضي الفرنسية. ولا شك أن الحرب القائمة بينه وبين دارمانان سوف تتواصل فصولها.
ما الذي يؤخذ على الداعية المغربي؟ كثرت في الأيام الأخيرة اتهامات دارمانان لهذا الرجل الذي ينشط شمال فرنسا. وقال الوزير الفرنسي يوم الخميس الماضي، إن إيكويسن أدلى بتصريحات «معادية للسامية بشكل علني، ومعادية للأجانب بشكل علني، ومعادية للمثليين بشكل علني، ومناهضة لحقوق المرأة بشكل علني»، مضيفاً أن «هذا الداعية ألقى منذ سنوات خطاب كراهية ضد قيم فرنسا يتعارض مع مبادئنا العلمانية والمساواة بين المرأة والرجل». وخلاصة دارمانان أنه «ليس هناك من سبب يبرر بقاءه على التراب الوطني» (الأراضي الفرنسية).
وأمس، في مدينة مرسيليا، أكمل دارمانان المضبطة الاتهامية بحق إيكويسن؛ إذ أكد أن الأخير موجود على ما تسمى «اللائحة إس» التي تضم أسماء من تنظر إليهم الأجهزة الفرنسية على أنهم يشكلون خطراً على الأمن والسلامة العامة. وقال دارمانان إنه اتخذ قرار الطرد كما اتخذ قرارات مماثلة بحق 74 شخصاً آخرين كانوا يطلقون خطباً «انفصالية»، في إشارة إلى قانون صوَّت عليه مجلس النواب في العام الماضي، ويتناول محاربة أصحاب الدعوات الانفصالية التي تعني أنهم يروجون لقيم ومبادئ لا تتوافق مع قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية.
ومجدداً، اتُّهم إيكويسن بأنه «إمام راديكالي، يتلفظ بعبارات معادية للسامية وتروج للحقد». واستباقاً لما قد يصدر عن مجلس شورى الدولة، فقد أكد دارمانان أنه إذا خسر هذه القضية: «فإننا سوف نتداول مع النواب بخصوص الوسائل التي تمكننا من تمكين الدولة من الدفاع عن نفسها بشكل أفضل، ولذا يمكن أن نعدل القوانين». وأعرب الوزير المعني عن «أسفه» لقرار المحكمة الإدارية الابتدائية في باريس.
ويعمل دارمانان على إعداد مشروع قانون حول الهجرة سوف يطرح في الخريف القادم. ويعكس الأخير صورة الوزير المتشدد الذي لا يهادن في موضوع الهجرات، ولا يتردد في معاقبة من يراهم يتجاوزون القوانين الفرنسية، أو لا يحترمون قيم ومبادئ الجمهورية. ويعد دارمانان الذراع الضاربة للرئيس ماكرون وضمانته إزاء تصاعد الخطابات المتشددة الصادرة عن اليمين التقليدي واليمين المتطرف.
ورواية دارمانان عن خطورة إيكويسن تقابلها روايات مختلفة تماماً. فالرجل البالغ من العمر 57 عاماً أب لخمسة أولاد. وبعد أن ذاع قرار الطرد، صدر عن 31 مسجداً في شمال فرنسا بيان دعم له يعتبر أنه كان «ضحية خطأ واضح في التقييم».
وينشط إيكويسن كثيراً على وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث يتابعه 169 ألفاً على منصة «يوتيوب»، و42 ألفاً على منصة «فيسبوك».


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.