باحثون: فيروسات «العاثيات» العملاقة قد تساعدنا بمحاربة مقاومة المضادات الحيوية

باحثون: فيروسات «العاثيات» العملاقة قد تساعدنا بمحاربة مقاومة المضادات الحيوية
TT

باحثون: فيروسات «العاثيات» العملاقة قد تساعدنا بمحاربة مقاومة المضادات الحيوية

باحثون: فيروسات «العاثيات» العملاقة قد تساعدنا بمحاربة مقاومة المضادات الحيوية

الفيروسات التي تسمى «العاثيات» تصطدم بالبكتيريا منذ فترة طويلة قبل أن نوجد. لذلك ألقى باحثون من جامعة كاليفورنيا بسان دييغو نظرة فاحصة على بعض العاثيات (الجامبو) الأقل دراسة، وتحديداً 201phi2-1، والتي تصيب بكتيريا «Pseudomonas chlororaphis».
تمت تسميتها بالعاثيات لجينومها الكبير الذي يزيد على 200000 زوج قاعدي (معظم العاثيات التي تصيب Pseudomonas لها جينومات أقل من 100000 زوج قاعدي)، كما تمتلك العاثيات (الجامبو) ترسانة من التقنيات لمواجهة آليات الدفاع البكتيري. وقد وجد بحث سابق أن زراعة درع حول مادتها الجينية كان أحد هذه الأساليب، ما يجعل دورة حياة هذه الفيروسات فريدة من نوعها.
من جانبه، كتب عالم الأحياء الجزيئية توماس لافلين وزملاؤه في بحثهم الجديد «فصل المادة الجينومية عن بقية محتويات الخلية عن طريق تغليفها كان يُعتقد سابقًا أنها تطورت مرة واحدة فقط في تاريخ الحياة، لكن اتضح أن هذه العاثيات العملاقة الصغيرة هزمتنا». فيما تقول عالمة الفيزياء الحيوية إليزابيث فيلا «إنها مقصورة على نوع مختلف؛ على عكس أي شيء رأيناه في الطبيعة على الإطلاق»، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن مجلة «نيتشر» العلمية.
وعادة ما تقوم العاثيات بحقن مادتها الجينية في البكتيريا حيث تطفو بحرية في المادة اللزجة الداخلية للخلية (السيتوبلازم)؛ حيث يقوم الفيروس باختطاف معدات البكتيريا لتكرار نفسها. لكن هذه العاثيات (الجامبو) تبني حجرة منفصلة حول حمضها النووي بعد وقت قصير من دخوله إلى مضيفه، يشبه إلى حد ما كيف تمتلك خلايانا نواة لحماية حمضنا النووي؛ إذ يمنع هذا جسديًا نظام المناعة للبكتيريا كريسبر (إنها نفس الأنظمة التي اخترناها نحن البشر لأغراض التلاعب بالجينات الخاصة بنا) والأنزيمات الدفاعية الأخرى من العبث بالحمض النووي الفيروسي.
واستخدم لافلين وفريقه الفحص المجهري الإلكتروني بالتبريد والتصوير المقطعي لفحص هذه الحجرة وصولاً إلى المقياس الذري. وتم بناء الغلاف الواقي من نوع واحد فقط من البروتين أطلق عليه الباحثون اسم «شيمالين» بعد درع الأزتك القديمة.
وبمساعدة النمذجة الحاسوبية، وجد الباحثون أن نواة العاثية تسمح بشكل انتقائي للجزيئات بالمرور عبر مسام صغيرة؛ مرة أخرى على غرار الطريقة التي تتحكم بها الخلايا في البيئة المحيطة بموادنا الجينية، ما يجعل هذا مثالًا رائعًا للتطور المتقارب عندما ينتهي الأمر بكائنات غير مرتبطة تمامًا مع حل مشابه لنفس المشكلة البيولوجية.
ويبين الباحثون «ان المسام النووية هي بنية عملاقة ومعقدة لها طرق مميزة للغاية لإبعاد معظم البروتينات. لكن ما ننظر إليه على الأرجح مع العاثية الجامبو هو طريقة أبسط بشكل كبير لحل نفس المشكلة».
ويشرح عالم الكيمياء الحيوية كيفن كوربيت «انه حل إبداعي مذهل (مشابه ولكنه أبسط) لحماية الجينوم الخاص به من العالم الخارجي من خلال بناء جدار لفصله عن الدفاعات البكتيرية».
يمكن أن تنمو هذه الدرع أيضًا مع تكاثر جينوم العاثية بشكل لا يصدق؛ فالباحثون ليسوا متأكدين تمامًا من كيفية تعامل العاثيات مع هذا حتى الآن، لكنهم يشكون في أن المقصورة ربما تنفتح للسماح لمزيد من وحدات الكيمالين بالانضمام إليها، والتي يتم إنتاجها بكثرة عند الإصابة.
بدوره، يقول عالم الأحياء الخلوي جو بوجليانو «الآن بعد أن علمنا أن بعض العاثيات لديها درع، يمكننا إعطاؤها لعاثيات أخرى وصنع عاثيات فائقة أفضل في علاج العاثيات والتغلب على الدفاعات البكتيرية... الخطوة الأولى في هذه العملية هي فهم بنية بروتين الكيمالين الذي يتكون من الدرع، وهذا أحد أسباب أهمية هذا العمل».
جدير بالذكر، يتم بالفعل استخدام العاثيات لعلاج المرضى المصابين بعدوى بكتيرية خارقة بنجاح.


مقالات ذات صلة

الأطعمة فائقة المعالجة قد تتسبب في ظهور أسنان بارزة لدى الأطفال

علوم الأطعمة فائقة المعالجة قد تتسبب في ظهور أسنان بارزة لدى الأطفال

الأطعمة فائقة المعالجة قد تتسبب في ظهور أسنان بارزة لدى الأطفال

تقود إلى عيوب في ابتسامة الطفل تعرضه للتنمر

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)
صحتك توصي جمعية القلب الأميركية بالحصول على ما لا يقل عن 30 غراماً من الألياف يومياً (رويترز)

«الارتباط المباشر» بين تناول الألياف وتأثيرات مكافحة السرطان - أي الأطعمة هي الأفضل؟

تؤكد دراسة جديدة أجريت في كلية الطب بجامعة ستانفورد الأميركية على أهمية الألياف الغذائية، حيث قد تقلل من خطر الإصابة بالسرطان بتغيير نشاط الجينات.

يوميات الشرق آلام الظهر المزمنة مشكلة صحية شائعة تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم (جامعة سيدني)

برنامج علاجي شامل لتخفيف آلام الظهر المزمنة

كشفت دراسة أسترالية عن فاعلية برنامج علاجي شامل في تخفيف آلام الظهر المزمنة، وتحسين جودة حياة المرضى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك يحذر العلماء من مخاطر تناول بعض الأطعمة بسبب تأثيرها المحتمل على الصحة (دورية ميديكال نيوز توداي)

هل تؤثر الأطعمة فائقة المعالجة على شكل الفك؟

يحذر العلماء حالياً من مخاطر تناول الأطعمة فائقة المعالجة بسبب تأثيرها المحتمل على صحة الإنسان، لكن، الأخطر من ذلك هو تأثيرها المحتمل على كيفية تطور أجسامنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شرب الشاي الأخضر يخفض عدد آفات الدماغ المرتبطة بالخرف (أرشيفية - رويترز)

الشاي الأخضر قد يقلل من خطر الإصابة بالخرف

ربطت دراسة يابانية جديدة بين شرب الشاي الأخضر وانخفاض عدد آفات الدماغ المرتبطة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

يحتفل الأمازيغ حول العالم وخاصة في المغرب العربي بعيد رأس السنة الأمازيغية في 12 أو 13 من يناير (كانون الثاني)، التي توافق عام 2975 بالتقويم الأمازيغي. ويطلق على العيد اسم «يناير»، وتحمل الاحتفالات به معاني متوارثة للتأكيد على التمسك بالأرض والاعتزاز بخيراتها.

وتتميز الاحتفالات بطقوس وتقاليد متنوعة توارثها شعب الأمازيغ لأجيال عديدة، في أجواء عائلية ومليئة بالفعاليات الثقافية والفنية.

وينتشر الاحتفال ﺑ«يناير» بشكل خاص في دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر ومالي وسيوة بمصر.

أمازيغ يحتفلون بالعام الجديد من التقويم الأمازيغي في الرباط بالمغرب 13 يناير 2023 (رويترز)

جذور الاحتفال

يعود تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات الشعبية والأساطير في شمال أفريقيا، ويمثل الرابطة بين الأمازيغ والأرض التي يعيشون عليها، فضلاً عن ثروة الأرض وكرمها. ومن ثمّ فإن يناير هو احتفال بالطبيعة والحياة الزراعية والبعث والوفرة.

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول.

وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أهمية إضافية كوسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية حية.

ومصطلح «يناير» هو أيضاً الاسم الذي يُطلق على الشهر الأول من التقويم الأمازيغي.

خلال احتفال لأمازيغ جزائريين برأس السنة الأمازيغية الجديدة «يناير» في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر (رويترز)

متى رأس السنة الأمازيغية؟

إن المساء الذي يسبق يناير (رأس السنة الأمازيغية) هو مناسبة تعرف باسم «باب السَنَة» عند القبائل في الجزائر أو «عيد سوغاس» عند الجماعات الأمازيغية في المغرب. ويصادف هذا الحدث يوم 12 يناير ويمثل بداية الاحتفالات في الجزائر، كما تبدأ جماعات أمازيغية في المغرب وأماكن أخرى احتفالاتها في 13 يناير.

يبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ في 13 يناير وهو مستوحى من التقويم اليولياني الذي كان مهيمناً في شمال أفريقيا خلال أيام الحكم الروماني.

يمثل يناير أيضاً بداية فترة مدتها 20 يوماً تُعرف باسم «الليالي السود»، التي تمثل واحدة من أبرد أوقات السنة.

أمازيغ جزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 2975 في قرية الساحل جنوب تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائر 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ما التقويم الأمازيغي؟

بدأ التقويم الأمازيغي في اتخاذ شكل رسمي في الستينات عندما قررت الأكاديمية البربرية، وهي جمعية ثقافية أمازيغية مقرها باريس، البدء في حساب السنوات الأمازيغية من عام 950 قبل الميلاد. تم اختيار التاريخ ليتوافق مع صعود الفرعون شيشنق الأول إلى عرش مصر.

وشيشنق كان أمازيغياً، وهو أحد أبرز الشخصيات الأمازيغية في تاريخ شمال أفريقيا القديم. بالنسبة للأمازيغ، يرمز هذا التاريخ إلى القوة والسلطة.

رجال أمازيغ يرتدون ملابس تقليدية يقدمون الطعام خلال احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

كيف تستعد لرأس السنة الأمازيغية؟

تتركز احتفالات يناير على التجمعات العائلية والاستمتاع بالموسيقى المبهجة. تستعد معظم العائلات لهذا اليوم من خلال إعداد وليمة من الأطعمة التقليدية مع قيام الأمهات بتحضير الترتيبات الخاصة بالوجبة.

كما أصبح من المعتاد ارتداء الملابس التقليدية الأمازيغية والمجوهرات خصيصاً لهذه المناسبة.

وتماشياً مع معاني العيد المرتبطة بالتجديد والثروة والحياة، أصبح يناير مناسبة لأحداث مهمة لدى السكان مثل حفلات الزفاف والختان وقص شعر الطفل لأول مرة.

يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي وكذلك أجزاء من مصر بعيد «يناير» أو رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

ما الذي ترمز إليه الاحتفالات؟

يتعلق الاحتفال بيوم يناير بالعيش في وئام مع الطبيعة على الرغم من قدرتها على خلق ظروف تهدد الحياة، مثل الأمطار الغزيرة والبرد والتهديد الدائم بالمجاعة. وفي مواجهة هذه المصاعب، كان الأمازيغ القدماء يقدسون الطبيعة.

تغيرت المعتقدات الدينية مع وصول اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقاً إلى شمال أفريقيا، لكن الاحتفال ظل قائماً.

تقول الأسطورة إن من يحتفل بيوم يناير سيقضي بقية العام دون أن يقلق بشأن المجاعة أو الفقر.

نساء يحضّرن طعاماً تقليدياً لعيد رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

يتم التعبير عن وفرة الثروة من خلال طهي الكسكس مع سبعة خضراوات وسبعة توابل مختلفة.

في الماضي، كان على كل فرد من أفراد الأسرة أن يأكل دجاجة بمفرده للتأكد من شبعه في يوم يناير. وترمز البطن الممتلئة في يناير إلى الامتلاء والرخاء لمدة عام كامل.

ومن التقاليد أيضاً أن تأخذ النساء بعض الفتات وتتركه بالخارج للحشرات والطيور، وهي لفتة رمزية للتأكد من عدم جوع أي كائن حي في العيد.