«الرئاسي اليمني» يشدد على استقلالية السلطة القضائية غداة تغييرات واسعة

دعا إلى تحقيق العدالة وسيادة القانون وعدم تعطيل مصالح المواطنين

جانب من اجتماع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي مع قيادات السلطة القضائية في عدن الأحد (سبأ)
جانب من اجتماع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي مع قيادات السلطة القضائية في عدن الأحد (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يشدد على استقلالية السلطة القضائية غداة تغييرات واسعة

جانب من اجتماع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي مع قيادات السلطة القضائية في عدن الأحد (سبأ)
جانب من اجتماع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي مع قيادات السلطة القضائية في عدن الأحد (سبأ)

شدد مجلس القيادة الرئاسي في اليمن على أهمية استقلالية السلطة القضائية غداة صدور تغييرات واسعة في مختلف الأجهزة القضائية، داعيا إلى تحقيق العدالة وسيادة القانون وعدم تعطيل مصالح الناس، بحسب ما جاء في توجيهات رئيس المجلس رشاد العليمي خلال اجتماع عقده في عدن مع أعضاء السلطة القضائية وبحضور عدد من نوابه.
وذكرت المصادر الرسمية أن العليمي عقد بحضور نوابه عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، والدكتور عبد الله العليمي، وعثمان مجلي، اجتماعاً هو الأول بقيادات السلطة القضائية التي أدت يمينها القانونية.
وخلال اللقاء الذي جرى في عدن الأحد، تحدث العليمي خلال كلمة لقيادات السلطة القضائية، أكد فيها حرص مجلس القيادة الرئاسي على تعزيز استقلالية القضاء، وتعظيم دوره في تحقيق العدالة وسيادة القانون، والذود عن النظام الدستوري والهوية الوطنية.
كما هنأ نساء اليمن بوجود امرأة في أعلى هرم السلطة القضائية للمرة الأولى في تاريخ البلاد، في إشارة إلى تعيين القاضية صباح العلواني في عضوية المجلس الأعلى للقضاء.
ونقلت وكالة «سبأ» عن العليمي قوله «إن استقلال القضاء هو السياج الحصين لسيادة القانون، وأحد الضمانات الهامة للشرعية الدستورية، وتعزيز هيبة الدولة، ومكافحة الفساد، وردع أي محاولة لإساءة استخدام السلطة».
ونوه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني بدور رجال العدالة المخلصين في درء الفتن، ورفع المظالم، وتعزيز ثقة الشعب بمؤسساته الدستورية، والتفافه حول مشروع استعادة الدولة، وحقها الأصيل باحتكار السلطة والقوة.
كما لفت العليمي إلى أهمية مراعاة الظروف الاستثنائية التي تعيشها بلاده، وعدم تعطيل مصالح الناس، والبت العاجل في قضايا المواطنين، المدنية، والجنائية، ومصالحهم التجارية، وكل ما من شأنه التخفيف من وطأة الحرب التي أشعلتها «القوى الإمامية الانقلابية المدعومة من النظام الإيراني» في سعيها البائس لتكريس التمييز، والرفض المطلق لمبدأ المواطنة المتساوية بين البشر. في إشارة إلى الميليشيات الحوثية.
وشدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني على «ضرورة الإسراع بتفعيل هيئة التفتيش القضائي، ودوائر المحكمة العليا، واعتماد آليات عمل مزمنة وأكثر فعالية، مشدداً على الدور الأصيل للسلطة القضائية في المراجعات الدستورية ليمتد ذلك إلى مراجعة قرارات وأنشطة السلطات المركزية والمحلية، وتسوية أي نزاعات على هذا الصعيد بين مستويات الحكم المختلفة».
وأكد العليمي «التزام مجلس القيادة الرئاسي، بالاستجابة مستقبلاً لطلب إعادة النظر في القرارات التي ينطبق عليها عدم الدستورية بموجب أحكام باتة ونهائية»، معرباً عن ثقته وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بالقضاة في تقدير حقيقة الوضع، ومراعاة الظروف الاستثنائية، وأهمية العمل سوياً لحماية التوافق القائم وسد الثغرات القانونية والمعرفية التي تواجهها السلطات التنفيذية خلال المرحلة الراهنة، وتقديم المشورات اللازمة بهذا الشأن.
وبحسب ما أوردته المصادر الرسمية، تبادل رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، النقاش مع قيادات السلطة القضائية، واستمعوا من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي محسن يحيى طالب إلى شرحٍ وافٍ حول أوضاع القضاة والمؤسسات العدلية ومتطلبات تعزيز حضورها في مختلف المحافظات.
ووجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال الاجتماع الجهات المعنية في الحكومة، بتسهيل العقبات التي تعترض عمل السلطة القضائية، بما في ذلك توفير الحماية الأمنية والموازنات التشغيلية الضرورية، كما وجه بتكريم أسر القتلى والجرحى من أعضاء السلطة القضائية وتوفير الرعاية، والتسويات الوظيفية المعتمدة بموجب اللوائح والقوانين النافذة.
وسبق الاجتماع أداء اليمين القانونية من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي محسن يحيى طالب أبوبكر، وأعضاء المجلس، وهم القاضي علي عطبوش عوض، أمين عام مجلس القضاء الأعلى، والقاضي ناظم حسين سالم باوزير رئيس هيئة التفتيش القضائي، والقاضية صباح أحمد صالح العلواني، والقاضي عبد الكريم سعد شرف النعماني والقاضي محمد علي أبكر كديش.
كما أدى اليمين القانونية، القاضي سهل محمد حمزة نائب رئيس المحكمة العليا، والقاضي حيدان جمعان حيدان نائب رئيس المحكمة العليا، إلى جانب بقية أعضاء المحكمة وهم: القاضي هزاع عبد الله عقلان اليوسفي، والقاضي شفيق أحمد زوقري، والقاضي فهيم عبد الله محسن الحضرمي، والقاضي محمد مهدي العولقي، كما أدى اليمين القانونية القاضي فوزي علي سيف المعين في منصب المحامي العام الأول.
وقبل أيام، كان مجلس القيادة الرئاسي اليمني أقر، إجراء إصلاحات وتعديلات في السلطة القضائية، بما في ذلك مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة العليا، وهيئة التفتيش القضائي.
ويرى مراقبون أن الهدنة التي تم تمديدها للمرة الثانية، تمثل فرصة لمجلس الحكم اليمني لإعادة بناء مؤسسات الشرعية في المناطق المحررة وإعادة ترتيب أوضاع الهيئات المدنية والعسكرية في سبيل الاستعداد لمعركة السلام أو الحرب مع الميليشيات الحوثية.
ومن أول القرارات الرئاسية التي كان العليمي أصدرها بعد تسلم المجلس الذي يقوده السلطة في السابع من أبريل (الماضي) قراره بتعيين نائب عام للجمهورية.
وإلى جانب هذه الإصلاحات الواسعة في السلطة القضائية، يترقب اليمنيون إصلاحات أوسع في الأجهزة الأمنية والعسكرية، بخاصة بعد تشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة التي من مهامها إعادة هيكلة القوات وتنظيمها تحت قيادة واحدة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.