تهديد إيران لإسرائيل بصواريخ «حزب الله» يحرج لبنان

اهتمام دبلوماسي في بيروت بالهجوم على غزة... وأسئلة عن ترسيم الحدود

صورة نشرتها قوات {يونيفيل} لحفظ السلام على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية
صورة نشرتها قوات {يونيفيل} لحفظ السلام على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية
TT

تهديد إيران لإسرائيل بصواريخ «حزب الله» يحرج لبنان

صورة نشرتها قوات {يونيفيل} لحفظ السلام على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية
صورة نشرتها قوات {يونيفيل} لحفظ السلام على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية

بادر عدد من السفراء الأجانب المعتمدين لدى لبنان إلى تشغيل محركاتهم فور بدء العدوان الإسرائيلي على غزة باتجاه الأطراف السياسية الرئيسة، في محاولة وقائية لاستيعاب ما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات على الساحة الداخلية تتجاوز إعلان التضامن مع الفلسطينيين إلى تحريك جبهة الجنوب في ضوء المواقف التي أعلنها قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي وقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني وخلاصتها أن صواريخ «حزب الله» ستفتح أبواب جهنم في تصديها للعدوان الإسرائيلي، أم أن توازن الرعب سيفعل فعله في الحفاظ على قواعد الاشتباك وعدم المس بها.
فإعلان التضامن الإيراني مع حركة «الجهاد الإسلامي» التي تتصدى للعدوان الإسرائيلي على غزة ليس بجديد، خصوصاً مع وجود زعيمها زياد النخالة في طهران، لكن سلامي وزميله قاآني لم يكونا مضطرين لإطلاق تهديداتهما مستعينين بصواريخ «حزب الله»، وكان سبق لأمينه العام حسن نصر الله، كما يقول مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»، أن أعلن عن امتلاكه لأكثر من ألف صاروخ من صنع إيراني.
ويلفت المصدر الدبلوماسي الذي فضل عدم ذكر اسمه إلى أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين لم تكن في محلها وإن كانوا يتوقعون منها توجيه رسالة مزدوجة لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بأن حركة «الجهاد الإسلامي» ليست متروكة وحدها، ويقول إن تضامنهم شكل إحراجاً للدولة اللبنانية أمام المجتمع الدولي لأنهم أوحوا بأن أمر عمليات مساندة الجهاد الإسلامي يصدر من طهران وأن حليفها «حزب الله» يتولى التنفيذ برغم أنه لن «يقصر»، وهو كان ولا يزال على جاهزية تامة لردع أي عدوان إسرائيلي على لبنان.
ويؤكد أن الرعاية الإيرانية المباشرة لـ«الجهاد الإسلامي» تأتي هذه المرة بالتلازم مع احتمال استئناف المفاوضات غير المباشرة حول الملف النووي في ضوء تبادل الرسائل بالواسطة بين واشنطن وطهران برعاية المجموعة الأوروبية، ويقول إن طهران بدعمها المطلق لـ«سرايا القدس» الذراع العسكرية لـ«الجهاد الإسلامي» تراهن على قدرتها بمنع إسرائيل من الإخلال بقواعد الاشتباك وإحباط مخططها من عدوانها على غزة، فيما تقف الآن على مشارف إجراء انتخابات مبكرة.
ويدعو المصدر نفسه إلى ضبط النفس في لبنان وعدم توفير الذرائع لإسرائيل، خصوصاً إذا ما أرادت إعادة خلط الأوراق وصولاً إلى تهديد استقراره الذي من شأنه أن يرفع من منسوب التأزم الذي يحاصره، وبالتالي يقطع الطريق على المجتمع الدولي الذي يبدي كل استعداد لانتشاله من قعر الهاوية التي وصل إليها، شرط أن يبادر اللبنانيون إلى مساعدة أنفسهم لأن من دونها لا يمكن التوجه إلى الخارج طلباً لوقف انهياره.
ويقول إن مبادرة لبنان الرسمية بلسان وزارة الخارجية إلى إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة كانت أكثر من ضرورية، ويؤكد أن إجماع اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم على إدانته من شأنه أن يقطع الطريق على من يراهن على إحداث شرخ بينهم، مع أن الموقف الإيراني لم يكن مطلوباً وأن طهران كانت في غنى غنه بدلاً من أن يشكل إحراجاً مجانياً للدولة لشعور هذا الفريق أو ذاك بأن إيران تستخدم الساحة اللبنانية لإدارة الصراع مع إسرائيل، خصوصاً أن الصمود الفلسطيني في وجه عدوانها حال حتى الساعة دون تمكينها من قلب موازين القوى.
ويعتبر المصدر نفسه أن إطالة أمد العدوان الإسرائيلي على غزة لن يكون لمصلحة تل أبيب لأنه سيؤدي حتماً إلى استقدام التدخلات أكانت عربية أو دولية لوقف إطلاق النار، ولم يغب عن باله السؤال عن مصير مهمة الوسيط الأميركي بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية، خصوصاً أنه كان قد أطلق لدى اجتماعه بالرؤساء الثلاثة مجموعة من الإشارات الإيجابية والمشجعة لإنجاز الاتفاق، وإن كانت العبرة تكمن في استئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة التي ما زالت عالقة على الجواب النهائي لتل أبيب على المقترحات اللبنانية لتسوية النزاع البحري؟
كما يسأل ما إذا كانت الظروف ذات الصلة المباشرة بالوضع الداخلي في إسرائيل المرتبط بمصير الانتخابات المبكرة التي ستجري قريباً، ستسمح باستئناف المفاوضات غير المباشرة، أم أنها سترحل إلى ما بعد الانتخابات لإخراج عملية الترسيم من المزايدات التي بدأت ترافق الحملات الانتخابية؟
لذلك يقف لبنان الآن في عين العاصفة السياسية التي تجتاح المنطقة بدءاً بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وهذا من شأنه أن يعيد خلط الأوراق ويفتح الباب أمام السؤال عن مصير الانتخابات الرئاسية في حال تقرر تعليق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية إلى ما بعد تمرير القطوع الانتخابي في إسرائيل، وهل أن الاستحقاق الرئاسي أصبح متلازماً مع نجاح الوسيط الأميركي في مهمته؟
ومع أن الاهتمام الدولي بانتخاب رئيس جمهورية جديد لا يزال دون المستوى المطلوب ويقتصر حالياً على تحرك عدد من السفراء باتجاه الناخبين الكبار في الداخل في مهمة استطلاعية تأتي في سياق تجميع المعلومات ليكون في وسعهم أن يبنوا على الشيء مقتضاه في إعدادهم لتقاريرهم التي سيرفعونها إلى المعنيين في بلدانهم بالملف الانتخابي، فإنهم في المقابل يصرون في لقاءاتهم المفتوحة مع المعنيين بالاستحقاق الرئاسي على التأكيد بعدم تدخلهم لمصلحة هذا المرشح أو ذاك بذريعة أنه شأن داخلي.
ويُنقل عن مصادر دبلوماسية مواكبة للاستحقاق الرئاسي قولها بأن انتخاب الرئيس يجب أن يكون محطة للانتقال بلبنان من التأزم إلى الانفراج شرط وقوفه على مسافة واحدة من جميع الأطراف وعدم انحيازه لفريق على حساب الآخر لئلا يؤدي انتخابه إلى تمديد الأزمة.
وعليه، تأمل المصادر نفسها بألا ينعكس تهديد إيران بصواريخ «حزب الله» على الوضع الداخلي، خصوصاً أنها تسببت بإحراجه على المستويين الداخلي والخارجي بتقديم نفسها على أنها هي من تتخذ قرار الحرب والسلم في لبنان وتترك لحليفها «حزب الله» مهمة التنفيذ.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الإدارة الجديدة في سوريا تعتزم رفع رواتب القطاع العام 400 %

حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)
حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)
TT

الإدارة الجديدة في سوريا تعتزم رفع رواتب القطاع العام 400 %

حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)
حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

قال وزير المالية السوري محمد أبازيد، الأحد، إن الحكومة ستزيد رواتب العديد من موظفي القطاع العام 400 في المائة الشهر المقبل بعد استكمال إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات لتعزيز الكفاءة والمساءلة.

وتقدَّر تكلفة زيادة الرواتب بنحو 1.65 تريليون ليرة سورية (نحو 127 مليون دولار بسعر الصرف الحالي)، وستُمول من خزانة الدولة الحالية، ومساعدات إقليمية واستثمارات جديدة والجهود الرامية إلى فك تجميد الأصول السورية الموجودة حالياً في الخارج.

وقال الوزير لوكالة «رويترز»، إن هذه هي «الخطوة الأولى باتجاه الحل الإسعافي للواقع الاقتصادي في البلد»، مضيفاً أن رواتب موظفي القطاع العام هذا الشهر ستُصْرَف، هذا الأسبوع.

وتشكل هذه الإجراءات جزءاً من استراتيجية أوسع للحكومة المؤقتة الجديدة في سوريا لتحقيق الاستقرار في اقتصاد البلاد، بعد صراع وعقوبات امتدا لنحو 13 عاماً.

وقال أبازيد: «الحد الأعلى لرواتب الموظفين 25 دولاراً... فهذا يدل على أنه غالب العاملين في القطاع الخاص والعام أو غالب السكان ضمن سيطرة النظام سابقا كان تحت خط الفقر».

وسيتم إقرار الزيادة في الرواتب بعد تقييم شامل لما يصل إلى 1.3 مليون موظف مسجل في القطاع العام، بهدف حذف أسماء موظفين وهميين من كشوف الرواتب، وهو ما سيعود بالنفع على أولئك الذين يتمتعون بالخبرات الكافية والمؤهلات الأكاديمية والمهارات اللازمة لإعادة الإعمار.

وقال الوزير: «المبلغ الموجود في المركزي اليوم كافٍ لفترة البناء الأولى، الشهر أو الشهرين وثلاثة شهور. فترة تصريف العمل».

وأضاف: «نعاني مشكلات بالسيولة. شيء طبيعي، خرجنا للتو من الحرب. وعدنا بمساعدات من دول، من دول إقليمية وعربية، وعدنا بافتتاح استثمارات ضمن المنطقة في الفترة المقبلة. وهذا طبعاً شيء طبيعي أنه يعود بمنافع على خزينة الدولة، ونحن نستطيع تمويل هذه الزيادة (في الرواتب)».

وتتوقع الحكومة استرداد ما يصل إلى 400 مليون دولار من الأصول السورية المجمدة في الخارج، والتي يمكن أن تشارك في تمويل النفقات الحكومية الأولية.

وتبحث الحكومة السورية المؤقتة أيضاً إعفاء دافعي الضرائب، قدر الإمكان من غرامات وفوائد، والعمل على إصلاح النظام الضريبي خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لتحقيق العدالة الضريبية لجميع دافعي الضرائب، مع توقُّع صدور مسودة أولى للنظام الضريبي في غضون 4 أشهر.

وقال أبازيد: «خلال الفترة المقبلة، أي 3 شهور أو 4 شهور كحد أقصى، يبصر النور نظام ضريبي جديد يحقق العدالة الضريبية للمكلفين بشكل عام».