الأمم المتحدة تحذر من تضييع فرصة انسحاب الجيش السوداني من السياسة

الخرطوم: استمرار الاحتجاجات المناهضة للعسكر

متظاهرون سودانيون في العاصمة الخرطوم الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون سودانيون في العاصمة الخرطوم الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تحذر من تضييع فرصة انسحاب الجيش السوداني من السياسة

متظاهرون سودانيون في العاصمة الخرطوم الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون سودانيون في العاصمة الخرطوم الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بريتس، إن إعلان الجيش السوداني الانسحاب من العمل السياسي، «فرصة يجب على المدنيين اغتنامها للتعامل مع الأزمة السياسية الراهنة»، وفي الوقت ذاته تتسيد المبادرة التي أطلقها أحد شيوخ الطرق الصوفية، والتفت حولها قوى حليفة للجيش، المشهد السياسي، لكنها تجد تأييداً من القوى المعارضة للحكم العسكري. وبدأ فلوكر تحركات جديدة لإعادة إحياء مسار العملية السياسية التي توقفت عقب انسحاب الجيش من الحوار مع القوى المدنية في مطلع يوليو (تموز) الماضي، وقال في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «على المدنيين قبول التحدي، وتكوين حكومة مدنية». وفي غضون ذلك، اندلعت أمس احتجاجات متفرقة في مدن العاصمة الخرطوم، دعت إليها «لجان المقاومة» التي ترفع شعارات تنادي بإسقاط العسكريين من السلطة. وتجمدت العملية السياسية لحل الأزمة السودانية، التي تقودها الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الأفريقية الحكومية (إيقاد)، قبيل عيد الأضحى، وبرزت خلافات داخلها، على خلفية إعلان الجيش انسحابه من العملية السياسية، الذي برر ذلك بغرض «إتاحة الفرصة للقوى السياسية لتشكيل حكومة مدنية من كفاءات مستقلة». وقال فولكر إن الآلية الثلاثية، «ستواصل دعمها غير المحدود لكل الجهود السودانية، وتقديم المساعدة الفنية لتجسير الآراء المتباينة التي تهدف لتجاوز الأزمة والوصول إلى حل». وأضاف أن «الوقت ليس في صالح السودان. وحالة الانسداد السياسي ستؤدي إلى خسارة المزيد من المكاسب الوطنية التي تحققت مؤخراً». ودعا القوى الرئيسية والأحزاب بما فيها «لجان المقاومة لإظهار المزيد من الالتزام والإرادة السياسية للمشاركة في العملية السياسية لضمان أكبر قدر ممكن من التشاور بين الفاعلين وأصحاب المصلحة». وقال مبعوث الأمين العام، إن «بيان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في 4 يوليو الماضي، حمل إشارات إيجابية حول استعداد المكون العسكري لقبول حكومة بقيادة مدنية تدير التحول الديمقراطي». وأضاف أن «هذه الخطوة تمثل تحدياً للقوى المدنية، ونشجعها على قبول التحدي»، مشيراً إلى أن انسحاب القوات المسلحة من السياسة والعودة للحكم المدني «ظل مطلب الشارع وغالبية الأحزاب والقوى السياسية المدنية». وكشف مبعوث الأمم المتحدة «عن تقدم يسير في الحوار بين القوى السياسية التي أطاح بها الجيش من السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والقوى المدنية الأخرى، وعلى كل هذه الأحزاب أن تضع على رأس أولوياتها العودة لانتقال ديمقراطي ذي مصداقية».
وقال فولكر، إن هناك حالياً العديد من المبادرات السياسية التي تقترح حلولاً «ولقد ذكرنا أكثر من مرة أن المِلكِية السودانية للعملية السياسية هي حجر الزاوية لنجاحها». وذكر أن «الانسداد السياسي الحالي يحد من تحركات الأمم المتحدة في المساعدة على حشد التمويل الدولي لدعم الاستقرار والتنمية وتنفيذ اتفاقات السلام، كما أنه يضيع على السودان فرصة إعفائه من ديونه الخارجية البالغة 56 مليار دولار». ومن جهة، خرج الآلاف من السودانيين في مظاهرات لا مركزية في مدن العاصمة المثلثة «الخرطوم بحري وأم درمان»، تلبية لدعوة «لجان المقاومة» لمواصلة الحراك الجماهيري «لإسقاط الإجراءات العسكرية التي يسيطر بها الجيش على السلطة في البلاد». وردد المتظاهرون شعارات تنادي بعودة الجيش للثكنات، وحل قوات الدعم السريع التي يقودها نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي). وترفع «لجان المقاومة»، وهي تنظيمات شعبية في المدن والأحياء تنضوي في تنسيقيات موحدة، شعار «لا تفاوض ولا شرعية ولا اعتراف» مع قادة الجيش الحالي. وفي موازاة ذلك جدد ائتلاف المعارضة «قوى الحرية والتغيير» تمسكه بموقفه السياسي القائم على «إنهاء وهزيمة انقلاب 25 أكتوبر، واستعادة الانتقال الديمقراطي، وبناء مؤسسات حكم دستورية انتقالية مدنية».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.