استخدام العملات الوطنية في التبادلات التجارية يزداد زخماً مع قوة الدولار

أنقرة لتحويل جزء من مدفوعات الغاز الروسي إلى الروبل

قوة الدولار تزيد الأسعار على حائزي العملات الأخرى (رويترز)
قوة الدولار تزيد الأسعار على حائزي العملات الأخرى (رويترز)
TT

استخدام العملات الوطنية في التبادلات التجارية يزداد زخماً مع قوة الدولار

قوة الدولار تزيد الأسعار على حائزي العملات الأخرى (رويترز)
قوة الدولار تزيد الأسعار على حائزي العملات الأخرى (رويترز)

تتجه روسيا لتوطيد علاقاتها الاقتصادية، من خلال تعاون ثنائي مع الدول، يعتمد بالأساس على استخدام العملات الوطنية، لتقليل الاعتماد على الدولار، في الوقت الذي يزداد فيه قوة وارتفاعاً، وهو ما يزيد الضغوط على البنوك المركزية في الدول الناشئة.
وقوة الدولار ترفع قيمة السلع والخدمات على حائزي العملات الأخرى، وهو ما يدفع الدول للبحث عن بديل، ليأتي المقترح الروسي باستخدام العملات الوطنية مع الدول، ضمن الحلول الاقتصادية للدول الناشئة، حتى وإن كان مؤقتاً.
ومؤخراً، ارتفع مؤشر الدولار أمام سلة العملات الرئيسية، لأعلى مستوى في أكثر من 20 عاماً، وهو ما يزيد الضغوط على الدول التي تعاني من تراجع اقتصاداتها نتيجة تداعيات «كورونا»، والحرب الروسية، ومعدلات التضخم.
وهناك تبادلات تجارية بين الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وروسيا، من أكبر اقتصادات العالم، بالعملات الوطنية، اليوان الصيني والروبل الروسي. بالإضافة إلى بعض الدول الأوروبية التي تدفع بالروبل الروسي مقابل الغاز لتجنب وقف الإمدادات.
وأمس (السبت)، ذكر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن تركيا ستحول جزءاً من مدفوعات الغاز الروسي إلى الروبل، وتخطط لتمديد استخدام نظام الدفع الروسي (مير)، لتعميق العلاقات الاقتصادية، وذلك بعد لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ونقلت «وكالة أنباء الأناضول» عن إردوغان القول إن «خريطة طريق» جديدة لتعزيز التعاون سوف تكون بمثابة «مصدر للقوة بين تركيا وروسيا من الناحية المالية». وأدلى بذلك للصحافيين على متن رحلة العودة من سوتشي، حيث التقى بوتين، يوم الجمعة. وقال إردوغان إن خمسة مصارف تركية تعمل على تمديد استخدام نظام دفع «مير»، في تركيا، مضيفاً أن هذا سوف يسهّل الأوضاع للسياح الروس في تركيا.
وجرى استبعاد المؤسسات المالية الروسية الرئيسية من شبكة الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، «سويفت»، في إطار العقوبات الغربية، عقب غزو روسيا لأوكرانيا.
وتؤكد خطوة تركيا، العضو بحلف شمال الأطلسي (ناتو) لتعزيز التجارة مع روسيا، على اعتماد أنقرة على الطاقة والسياحة الروسيتين، بين مجالات أخرى.
وما زالت روسيا تُعدّ مورداً رئيسياً للغاز لتركيا، وتبنيان معاً أول محطة تركية للطاقة النووية. وأرسلت روسيا أيضاً ثاني أكبر عدد من السياح إلى تركيا، في النصف الأول من 2022، بعد ألمانيا.
كان نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، قد قال، في تصريحات نقلتها وكالة «نوفوستي» الروسية، مساء الجمعة، إنه «تم بحث إمدادات الغاز إلى تركيا، التي يتم توريدها بكميات كبيرة إلى حد ما (26 مليار متر مكعب سنوياً)... وأثناء المفاوضات، اتفق الرئيسان، على أن يتم دفع ثمن جزء من إمدادات الغاز بالروبل».
وأضاف نوفاك: «إننا نتحدث حول التحول إلى العملات الوطنية، بشكل تدريجي، وفي المرحلة الأولى، سيتم دفع جزء من التوريدات بالروبل الروسي».
تم طرح المقترح للمناقشة بين الرئيسين بوتين وإردوغان، خلال لقائهما في طهران، أواخر يوليو (تموز) الماضي، وبحثا بقوة استخدام العملات المحلية في تعاملاتهما التجارية، بما في ذلك مشتريات الطاقة، وهي خطوة ستساعد أنقرة في الحد من سرعة تدهور احتياطياتها من النقد الأجنبي.
تقدِّم روسيا نحو ربع ورادات تركيا من النفط الخام، ونحو 45 في المائة من واردات الغاز الطبيعي، بحسب بيانات العام الماضي، وهو ما يعطي موسكو فائضاً كبيراً في الميزان التجاري مع أنقرة.
وبلغت صادرات تركيا إلى روسيا، في العام الماضي، 5.‏6 مليار دولار في حين استوردت من الأخيرة بنحو 29 مليار دولار. كما أن ملايين الروس يقضون عطلاتهم على سواحل البحر المتوسط في تركيا، وينفقون مليارات الدولارات في هذه الرحلات سنوياً. ومن المتوقَّع أن تستخدم روسيا حصيلتها من الليرة التركية لتمويل مشترياتها من السلع والخدمات التركية.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».