المعارضة السودانية بصدد الإعلان عن دستور انتقالي

يضمن تصفية نظام الرئيس المعزول البشير

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 31 يوليو (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 31 يوليو (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السودانية بصدد الإعلان عن دستور انتقالي

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 31 يوليو (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 31 يوليو (أ.ف.ب)

اقترب ائتلاف المعارضة السودانية «قوى الحرية والتغيير» من طرح إعلان دستوري انتقالي لإدارة الفترة الانتقالية، يؤسس لسلطة مدنية ديمقراطية ترتكز على إنهاء الإجراءات العسكرية التي تحكم البلاد منذ 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ومن المقرر أن تدفع «قوى التغيير» بالإعلان الدستوري للنقاش مع القوى المدنية المؤيدة للثورة، للتوافق على إعلان دستوري موحد لجميع فصائل المعارضة.
واطَّلعت «الشرق الأوسط» على مسودة أولية للإعلان الدستوري الانتقالي ستخضع للنقاش والتعديلات، قبل إجازتها من المجلس المركزي لـ«قوى الحرية والتغيير»، أعلى جهاز سياسي بالائتلاف، ومن ثم الدفع بها بشكل نهائي. وحددت المسودة بعض المهام في الفترة الانتقالية لمعالجة الأزمة الاقتصادية، وتصفية نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وإجراءات 25 أكتوبر التي اتخذها قادة الجيش ضد السلطة المدنية السابقة، وإصلاح القوات المسلحة من خلال بناء جيش قومي، وإخضاعها بالكامل للسلطة المدنية. كما شدد الإعلان على الإصلاح القانوني والعدلي، بما يضمن استقلال القضاء، وسيادة حكم القانون، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات.
ونص على إعادة تشكيل لجنة التحقيق في قضية فض الاعتصام الشهير أمام القيادة العامة للجيش السوداني، في 3 من يونيو (حزيران) 2019، ومنحها سلطات النائب العام في توجيه الاتهام والإحالة للمحكمة.
وتقترح المسودة الأولية أن تتشكل أجهزة السلطة الانتقالية من مجلس سيادة يمثل رأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها، ويتولى قيادة القوات المسلحة. ومنح الإعلان مجلس السيادة صلاحيات اختيار رئيس الوزراء وأعضائه من قوى الثورة، وتعيين رئيس القضاء والنائب العام وقضاة المحكمة العليا، ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، إلى جانب اعتماد تعيين أعضاء المجلس التشريعي.
ويملك المجلس الحق في إعلان الحرب، بناءً على توصية من مجلس الوزراء ومصادقة المجلس التشريعي خلال 15 يوماً، والتوقيع على القوانين المجازة من «التشريعي»، ويجوز له إبداء الملاحظات وإعادة القانون للمجلس.
واقترحت المسودة تكوين مجلس وزراء من رئيس ووزراء، على ألا يتجاوز العدد 25 وزيراً من الكفاءات الوطنية، تختارهم قوى الثورة الموقعة على الإعلان الدستوري، ومهامه تنفيذ مهام الفترة الانتقالية الواردة في الإعلان الدستوري. ومن اختصاصات مجلس الوزراء تعيين حكام الأقاليم، والعمل على وقف الحرب وتحقيق السلام، وتشكيل المفوضيات القومية المستقلة، بالإضافة إلى إعفاء وتعيين قادة الخدمة المدنية.
وبحسب المسودة الأولية للإعلان الدستوري، لا يجوز لرئيس وأعضاء مجلس السيادة والوزراء وحكام الولايات والوزراء في حكومات الأقاليم، الترشح في الانتخابات العامة التي تلي الفترة الانتقالية.
ونصت المسودة على تشكيل مجلس تشريعي انتقالي بالتوافق، يراعي تمثيل كافة قوى الثورة، ويباشر مهامه فور اعتماد وتعيين عضويته، على ألا تقل مشاركة النساء عن نسبة 40 في المائة. ويختص المجلس التشريعي بسن القوانين والتشريعات، ومراقبة أداء مجلس الوزراء، وإجازة الموازنة العامة للدولة، بجانب المصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات الثنائية الإقليمية والدولية والقروض. ومنح المجلس التشريعي في حالة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء سلطة تسمية رئيس وزراء جديد، يُعتمد تعيينه من مجلس السيادة، وينتهي أجل المجلس بانتهاء الفترة الانتقالية.
كما نصت المسودة على اختيار سلطة قضائية مستقلة، ونائب عام يعمل وفق القوانين المنظمة، ويتم تعيينه بعد الترشح من قبل مجلس السيادة.
وفي يوليو (تموز) الماضي، نظمت «قوى الحرية والتغيير» ورشة لتقييم تجربتها السابقة في الحكم، أقرت فيها بتحمل جزء من المسؤولية والتقصير الذي سهل للجيش الانقضاض على السلطة المدنية.
وأوصت الورشة «قوى الحرية والتغيير» بإجراء مشاورات مع كل قوى الثورة، للوصول إلى إعلان دستوري، مبني على مواثيق لجان المقاومة، ويتجاوز القصور في الوثيقة الدستورية السابقة. ودعت إلى تعريف الانتقال، باعتباره مهمة سياسية بامتياز، يتطلب ممن يتولون قيادة الانتقال في كل المواقع، أن يكون لديهم التزام بالثورة والتحول المدني الديمقراطي والكفاءة والقدرات القيادية.
ومن بين التوصيات تشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية: المجلس التشريعي، والمحكمة الدستورية، ومجلس القضاء العالي، والمفوضيات، وضمان توسيع المشاركة والمحاسبة، والضبط والتوازن، وتوفير آليات مؤسسية لحسم الخلافات.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».