مجدي السميري لـ«الشرق الأوسط»: كاميرتي تشبه رقصة تحاور الممثل

أخرج مسلسلات عدة... أحدثها «من... إلى»

مجدي السميري مع بطل مسلسل «من ... إلى» قصي الخولي
مجدي السميري مع بطل مسلسل «من ... إلى» قصي الخولي
TT

مجدي السميري لـ«الشرق الأوسط»: كاميرتي تشبه رقصة تحاور الممثل

مجدي السميري مع بطل مسلسل «من ... إلى» قصي الخولي
مجدي السميري مع بطل مسلسل «من ... إلى» قصي الخولي

تترجم كاميرا مجدي السميري عنوان المسلسل الذي يخرجه «من..... إلى» بامتياز. فهي تتنقل بين أحداث العمل في حركة دائمة، فتأخذ المشاهد برحلة درامية تلونها الغرابة. ومن مشاهد أكشن وإثارة إلى مشاهد تشبه هدوء البركان الذي على وشك الانفجار، يطبعك المخرج التونسي بعدسة كاميرا متخمرة بتجارب متراكمة. فهذه الشراكة الحاضرة بينه وبين الكاميرا بشكل لافت، تأتي من خلفية غنية بناها في أعمال نفذها بين الغرب والشرق.
«من... إلى»، الذي يعرض على منصة شاهد هو من بطولة قصي الخولي وفاليري أبو شقرا ومن كتابة بلال شحادات وإنتاج شركة «الصبّاح». ويتصدر حالياً نسب المشاهدة على المنصة المذكورة بعد تحقيقه نجاحاً ملحوظاً. فما سر هذه الغرابة التي تلون كاميرا مجدي السميري؟ يرد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هي نتاج ما حاولت بناءه عبر سنوات العمل. أضف إليها خبرات تزودت بها من أعمال نفذتها في تونس وأميركا وأبوظبي وروسيا وغيرها. كل ذلك أسهم في ولادة أسلوب خاص لي في فن الإخراج. ويستطيع المشاهد الإدراك بسرعة، بأني من أقف وراء الكاميرا وأديرها».
دمغة مجدي السميري هذه التي يتحدث عنها يلحظها المشاهد بالفعل في أي عمل ينفذه. فمن تابع مسلسل «8 أيام» أو «النحات» و«القضية 460» لا بد أن يعرف ما نحن بصدد التحدث عنه. فهو يملك قدرة على المزج بين ثقافته الدرامية الغربية وهويته العربية بشكل جيد. ويعلق: «لا شك أني تأثرت بثقافتي الغربية التي تزودت بها من دراستي وعملي في بلاد أوروبية وأميركية. ومنذ صغري جذبتني الأعمال الأجنبية، فكنت أتابعها بنهم الولد الجائع للمعرفة والانفتاح. لم أكن مع الأسف أعرف الكثير عن الدراما العربية، إذ كنت أميل بشكل أكبر إلى الأولى. وما أقوم به اليوم هو خلطة غربية بنكهة عربية. وهذا الـ«ميكس» بين الاثنين يميزني، فنحن ندرك أن الدراما الأجنبية تتفوق علينا بحدوتتها الذكية وتقنيتها الحديثة. ولكن إلى متى سنبقى نتطلع إلى الغرب كونه يتفوق علينا في صناعة الدراما أو السينما؟ يوضح في سياق حديثه: «ليس من باب التفوق، لأننا اليوم نعيش التغيير بفضل العولمة. ولكن بعض المنتجين العرب لا يزالون يتعلقون بنوع من الفولكلور الدرامي التقليدي. فالغرب ليس متفوقاً علينا بقدر ما هو أجرأ منا في عملية الطرح. وهذا التردد الذي يسكن بعض المنتجين العرب يؤخر التطور في الدراما العربية».
يؤكد السميري أن أعماله عالمية بآفاقها وعربية بروحها. وهذه الأخيرة هي التي تولد العلاقة بينه وبين المشاهد. «هي الروح التي تحلق في أي عمل فني لدى رسام ومخرج وممثل وغيرهم. لا شك أن التقنية تلعب دورها في هذه الأعمال، ولكننا في النهاية نستخدم نفس الريشة والعدسة والألوان، ولكن الروح التي يولدها الفنان في أعماله هي التي تحدث هذه العلامة الفارقة التي نتحدث عنها».
المخرج مجدي السميري يتمتع بمواهب عدة إلى جانب الإخراج. فهو مغني راب معروف في تونس ويمارس الرقص منذ أكثر من 19 عاماً. كما أنه كاتب وممثل ومخرج سينمائي، حائز على جائزة أفضل إخراج عن المسلسل التلفزيوني «ليلة الشك» من قبل مهرجان «موزاييك إف إم» في تونس.
وعما إذا مواهبه المتعددة تركت أثرها على مهنته في عالم الإخراج يوضح: «أنا راقص منذ 19 عاماً، وهذا الفن بالنسبة لي نوع من التهذيب والانضباط. الموسيقى بحد ذاتها ترقص بنوتاتها، لذلك وأنا أقوم بالإخراج أتحرك وكأني ضمن لوحة راقصة. حتى حركة كاميرتي هي بالنسبة لي رقصة تداعب الممثل في حوار بينها وبينه». أسأله: «هل ثمة نوع من الفلسفة تمارسه في عملك؟» العمل الفني بشكل عام مبني على الفلسفة والخيال، وإذا ما مارسناه من بشكل عادي يصبح مملاً.
يلحظ متابع مسلسل «من... إلى» التفاصيل الصغيرة التي تعتري كل مشهد والتي يزودها السميري بمساحة لا يستهان بها، كي تحاكي المشاهد بلغة عميقة، فأي تفاصيل يهتم بها أكثر من غيرها؟ يقول مجدي السميري: «الأهم بالنسبة لي هي التي يتضمنها قلم الكاتب ونصه، وخاصة فيما يتعلق بكيفية توجيهي للمثل كي يتملكها بدقة. في غالبية المشاهد أنا من أمسك الكاميرا وأصور، فأشعر بأني أتقرب بشكل أفضل من الممثل وأرى ملامحه وتعابيره كما أشتهي تماماً، فأكون عينه الثالثة التي يمكنها أن تلحظ أي خطأ يشوب مشهداً ما، لأن لا أحد منا معصوم عنه».
في أعمال الدراما العربية الأخيرة تسودها موضوعات الأكشن والإثارة. وهو خط كان من النادر مقاربته في سنوات خلت. فهل نحن اليوم نقوم بهذه الأعمال على المستوى المطلوب؟ برأي مجدي السميري أن هذا النوع من الدراما الرائج عربياً، استطعنا التفوق به لأننا انفتحنا على الغرب بصورة أكبر من خلال المنصات الإلكترونية. فعين المشاهد اعتادت عليه من ناحية، وهناك مخرجون وجدوا فيها مساحة حرة يخرجون فيها أفكارهم الإبداعية بطلاقة من ناحية ثانية. «التقنية لهذا النوع من الأعمال موجودة، ولكن يلزمها ميزانية كبيرة. وإذا ما توفرت للمخرج شركة إنتاج تأخذ بعين الاعتبار هذا الأمر، كشركة الصباح التي تخصص مساحة أكبر للوقت والميزانية المادية، يتم طبخ العمل على نار هادئة».
وماذا عن «من... إلى» فهل كان من الممكن اختصاره بوقت وحلقات أقل بدلاً من تطويله إلى 30 حلقة؟ يرد: «الوقت لم يساعدنا في (من... إلى). كنا على عجلة من أمرنا لتنفيذه، إذ كان مقرراً عرضه في شهر رمضان الماضي. أنا شخصياً من محبذي المسلسلات القصيرة، ولكن في (من... إلى) قمنا بعمل متكامل، وجاءت النتيجة كما نشتهي. تفاعل المشاهد مع العمل كان ملحوظاً، وحقق نسب مشاهدة عالية مما يعني أنه عمل ناجح».
يؤكد مجدي السميري أنه لم يرض ولا مرة عن عمل أخرجه، فهو ناقد قاس مع نفسه. وعادة ما يوجه لنفسه ملاحظات مختلفة «وأقول يا ليتني أضفت هذا الأمر أو قصرت هذا المشهد. ولكن مسلسل (من... إلى) جاء متماسكاً بشكل جيد مقارنة بغيره».
سبق وتعاون مجدي السميري مع نجوم الشاشة العربية أمثال باسل خياط وماكسيم خليل، ومؤخراً مع قصي الخولي. فهل يشعر بنوع من الارتباك في توجيههم، سيما وأنهم يملكون خبرات رفيعة المستوى؟ يرد: «كان الفنان التونسي لطفي الدزيري أستاذي في الجامعة وهو من علمني كيفية توجيه الممثل. وفي أول عمل درامي قمت به وقف أمام كاميرتي مع عدد كبير من نجوم آخرين كظافر العابدين. هذه التجربة كسرت عندي أي ارتباك يمكن أن يصيبني في توجيهي للممثل الذي أتعاون معه. وعلى فكرة، فإن أي مشروع فني نقوم به لا يبنى على شخص واحد، بل على فريق بأكمله. ومن هنا يجب أن تكون العلاقة بين الممثل والمخرج بمثابة شراكة متبادلة».
عنوان مسلسل «من... إلى» يترك علامات استفهام كثيرة لدى قارئه، ولكن مجدي السميري يترجمه قائلاً: «المسلسل يحكي عن الظروف التي يمكنها أن تتحكم بالإنسان فتنقله مرات من ضفة إلى أخرى من دون أن تسأله عن رأيه أو أن تترك له مجال الاختيار. فبطل العمل وليد قصي الخولي) يتعرض لمواقف ومحطات تقلب حياته رأساً على عقب، فينتقل من إنسان صاحب شخصية هادئة ومسالمة إلى آخر عنيف وقاس».
وعن الدم الشبابي الذي يلون في الفترة الأخيرة الأعمال الدرامية يختم مجدي السميري لـ«الشرق الأوسط»: «أنا معجب بمخرجين كثر من شباب اليوم، ويلفتني بينهم سدير مسعود، الذي يملك لغة سينمائية متمكنة في أعماله. وعندما ألمس نجاح هؤلاء أفرح لأن نجاحهم يقويني ويحفزني على تقديم الأفضل».


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

مدير عام «آي بي إم» لـ«الشرق الأوسط»: الذكاء الاصطناعي قادر على جني 4 تريليونات دولار سنوياً

تتوافق مبادرات «آي بي إم» في مجال الذكاء الاصطناعي مع «رؤية 2030» مما يضع المنطقة في موقع رائد في مجال الابتكار (أدوبي)
تتوافق مبادرات «آي بي إم» في مجال الذكاء الاصطناعي مع «رؤية 2030» مما يضع المنطقة في موقع رائد في مجال الابتكار (أدوبي)
TT

مدير عام «آي بي إم» لـ«الشرق الأوسط»: الذكاء الاصطناعي قادر على جني 4 تريليونات دولار سنوياً

تتوافق مبادرات «آي بي إم» في مجال الذكاء الاصطناعي مع «رؤية 2030» مما يضع المنطقة في موقع رائد في مجال الابتكار (أدوبي)
تتوافق مبادرات «آي بي إم» في مجال الذكاء الاصطناعي مع «رؤية 2030» مما يضع المنطقة في موقع رائد في مجال الابتكار (أدوبي)

تبرز منطقة الشرق الأوسط لاعباً رئيسياً في تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطويرها. من تعزيز الإنتاجية إلى دفع الاستدامة وتحسين الحوكمة، أصبح الذكاء الاصطناعي محورياً للاستراتيجيات الإقليمية للنمو والابتكار. تلتقي «الشرق الأوسط» سعد توما، المدير العام لشركة «آي بي إم» في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ لتسليط الضوء على الدور الذي تلعبه شركته لدعم استراتيجيات الذكاء الاصطناعي في المنطقة ومعالجة تحديات، مثل فجوات المهارات والحوكمة والاستدامة.

سعد توما المدير العام لشركة «آي بي إم» في الشرق الأوسط وأفريقيا متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (آي بي إم)

الذكاء الاصطناعي تحولٌ تكنولوجي

يقول توما إن الذكاء الاصطناعي «هو تحول تكنولوجي أساسي على قدم المساواة مع (الترانزستور) أو الإنترنت». ويؤكد أن إمكانات الذكاء الاصطناعي ستطلق العنان لمكاسب الإنتاجية السنوية البالغة 4 تريليونات دولار». ويرى أن ذلك يكمن في قدرة الذكاء الاصطناعي على أن يكون مفتوحاً وهجيناً وموثوقاً به. تُعَد «آي بي إم» في طليعة الشركات التي تركز على الذكاء الاصطناعي من أجل الابتكار والإنتاجية عبر منصتها المتطورة «واتسون إكس». كما تؤمن الشركة أن تقنيتها «واتسون إكس» تمكّن المؤسسات من تدريب ونشر وإدارة نماذج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع. تعالج مكونات «آي بي إم» المعيارية وهي «watsonx.ai» و«watsonx.data» و«watsonx.governance» دورة حياة الذكاء الاصطناعي الكاملة، وتمكّن الشركات من إطلاق القيمة من بياناتها. يسلط توما الضوء على أهمية الشراكات في هذا النظام البيئي قائلاً: «نحن نتبنى نهج النظام البيئي المفتوح، ونعمل مع «AWS» و«مايكروسوفت» و«غوغل» و«سايلز فورس» و«ساب» لتقديم حلول الذكاء الاصطناعي الشاملة.

بالإضافة إلى تعزيز الإنتاجية، يسهل «واتسون إكس» أيضاً تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تخلق قيمة هائلة للشركات. من خلال تمكين الشركات من أتمتة العمليات وتبسيط سير العمل وتعزيز تفاعلات العملاء، أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي محركاً أساسياً للكفاءة والابتكار.

الذكاء الاصطناعي التوليدي ميزةٌ تنافسية

وفقاً لبحث «IBM»، ينظر 75 في المائة من الرؤساء التنفيذيين العالميين إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي باعتباره عاملاً تنافسياً مميزاً. في الشرق الأوسط، يتم تبني هذه التكنولوجيا لتحسين خدمة العملاء وتحديث التطبيقات وتبسيط العمليات.

يوضح توما أن الذكاء الاصطناعي التوليدي «ليس مجرد أداة أخرى، بل إنه ورشة العمل بأكملها». لقد أظهرت منصة «واتسون إكس» نتائج ملحوظة، بما في ذلك تقليل أوقات انتظار مكالمات خدمة العملاء بنسبة تصل إلى 30 في المائة وزيادة درجات الرضا بنسبة 40 في المائة على حد قوله. في الشرق الأوسط، وفّرت «آي بي إم كونسلتينغ» نحو 50000 ساعة سنوياً باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لعمليات الموارد البشرية، في حين تم تسريع سير عمل العقود المدعومة بالذكاء الاصطناعي بنسبة 80 في المائة.

توضح هذه التطبيقات كيف يمتد الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى ما هو أبعد من حالات الاستخدام التقليدية. على سبيل المثال، في صناعة الطيران في المنطقة، تتعاون «آي بي إم» مع «طيران الرياض» لتحسين تجارب العملاء وتبسيط العمليات. من خلال الاستفادة من مساعدي الاستشارات من «آي بي إم» المدعومين من «واتسون إكس»، تعمل «طيران الرياض» على إنشاء تجارب ضيوف رقمية سلسة مع تحسين سير العمل الداخلي.

تؤكد «آي بي إم» على حوكمة الذكاء الاصطناعي الأخلاقية لضمان الشفافية والإنصاف والتوازن المجتمعي (أدوبي)

الذكاء الاصطناعي من أجل الاستدامة

تستفيد «آي بي إم» من الذكاء الاصطناعي لمعالجة تحديات الاستدامة الملحة. ويسلط توما الضوء على مركز الملك عبد الله المالي في الرياض مثالاً رئيسياً، قائلاً: «باستخدام مجموعة تطبيقات (آي بي إم ماكسيمو) الخاصة بنا، نعمل على تحسين الصيانة لأكثر من 100000 أصل عبر 94 مبنى؛ مما يقلل التكاليف والتأثير البيئي».

تمتد حلول الاستدامة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي من «IBM» أيضاً إلى التنمية الحضرية. تستخدم منصة «Open Building Insights» التي تم تطويرها بالشراكة مع «Sustainable Energy for All (SEforALL)» الذكاء الاصطناعي لتحديد استخدام المباني، بينما تتنبأ أداة «Modeling Urban Growth» بتوسع المدينة. توجه هذه التقنيات التخطيط المستدام للمدن في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط.

من خلال منصة «Envizi» تراقب الشركة وتقلل من استهلاك الطاقة عبر 600 موقع؛ مما يعزز إمكانات الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحقيق الأهداف البيئية. بالإضافة إلى تطبيقاتها المباشرة، تدعم أبحاث الذكاء الاصطناعي من «IBM» الجهود العالمية لمكافحة تغيّر المناخ. يقول سعد توما إن شركته ساعدت النماذج الجغرافية المكانية في الإمارات في تقليل تأثيرات جزيرة الحرارة الحضرية بأكثر من 3 درجات مئوية؛ مما يبرز إمكانات الذكاء الاصطناعي في خلق بيئات حضرية مستدامة. لا يدعم هذا التعاون استراتيجيات الحكومة فحسب، بل يسلط الضوء أيضاً على دور الذكاء الاصطناعي في تحسين نوعية الحياة، على حد وصفه.

الحواجز أمام تبني الذكاء الاصطناعي

على الرغم من إمكاناته التحويلية، يواجه تبني الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط عقبات كبيرة. يحدّد مؤشر تبني الذكاء الاصطناعي العالمي لشركة «IBM» أربعة حواجز رئيسية، هي:

1. فجوات المهارات: يؤكد توما أن مهارات الذكاء الاصطناعي وخبراته تظل التحدي الأكبر.

2. تعقيد البيانات: يجب على الشركات وضع استراتيجيات بيانات قوية وتبسيط الوصول إلى البيانات من خلال هياكل مثل نسيج البيانات الخاص بشركة «IBM».

3. التكاليف: في حين تظل التكلفة مصدر قلق، إلا أن توما يؤكد أن التقدم في أدوات الذكاء الاصطناعي والحلول الجاهزة يجعل التبني أكثر سهولة.

4. الحوكمة: تعدّ ممارسات الذكاء الاصطناعي الجديرة بالثقة أمراً بالغ الأهمية.

ويوضح توما أن على الشركات دمج حوكمة الذكاء الاصطناعي منذ البداية لضمان الشفافية والإنصاف والخصوصية.

يقلل نظام «واتسون إكس» من أوقات مهام الموارد البشرية بنحو 50 ألف ساعة سنوياً ويسرع من إنجاز العقود بنسبة 80 % (شاترستوك)

تطوير المواهب والمهارات المحلية

تؤكد «IBM» التزامها بتدريب مليوني متعلم للذكاء الاصطناعي على مستوى العالم بحلول عام 2026 و30 مليوناً في المهارات الرقمية بحلول عام 2030. في الشرق الأوسط، يشمل هذا الجهد شراكات مع مؤسسات مثل جامعة الملك سعود وجامعة زايد. يتماشى برنامج «همة» في المملكة بشكل مباشر مع «رؤية 2030»، حيث يزود المواهب المحلية بالمهارات اللازمة لدفع مستقبل البلاد التكنولوجي.وتعهد البرنامج برفع مهارات 100 ألف شاب سعودي في السحابة الهجينة والذكاء الاصطناعي والمهارات الأساسية.

يحذر توما خلال حديثه الخاص لـ«الشرق الأوسط» من «أن تصبح المهارات ذات الصلة اليوم قديمة في غضون سنوات فقط». ويؤكد على أهمية التعلم المستمر والقدرة على التكيف مع تطور الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى برامج التدريب الرسمية، يشير توما إلى منصة «SkillsBuild» التي تقدم فرصاً تعليمية عبر الإنترنت يمكن الوصول إليها. مع توفر الدورات التدريبية بلغات متعددة، بما في ذلك اللغة العربية، تم تصميم «SkillsBuild» لتمكين المتعلمين من خلفيات متنوعة من الحصول على شهادات رقمية معترف بها في الصناعة.

ريادة الذكاء الاصطناعي التوليدي في الشرق الأوسط

تعمل منصة الذكاء الاصطناعي التوليدي من «واتسون إكس» على إضفاء «الطابع الديمقراطي» على الوصول إلى الذكاء الاصطناعي عبر الصناعات. وقد دخلت «IBM» في شراكة مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» (SDAIA) لتطوير «علاّم» ( ALLaM) وهو نموذج لغة عربية كبير. يتيح «علاّم» للكيانات الحكومية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي المصمم خصيصاً لتلبية الاحتياجات الإقليمية؛ مما يسمح للمستخدمين بالاستعلام باللغة العربية عبر مجالات مختلفة. ويعدّ توما أن أهمية «علاّم» تكمن في كونه نموذجاً مفتوح المصدر متاحاً على منصة السحابة «ديم» ( Deem) التابعة لـ«سدايا»؛ ما يمكّن المؤسسات من إطلاق العنان لإمكانات البيانات بمرونة وكفاءة وثقة».

«آي بي إم»: فجوات المهارات وتعقيد البيانات والتكاليف والحوكمة تشكل تحديات رئيسية أمام الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط (شاترستوك)

بناء الثقة في الذكاء الاصطناعي

تظل الثقة حجر الزاوية في استراتيجية الذكاء الاصطناعي لشركة «IBM». يحكم مجلس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في الشركة نهجها؛ مما يضمن الاتساق مع قيمها. ويؤكد توما أن «تنظيم الذكاء الاصطناعي الذكي الذي يوازن بين الابتكار والاحتياجات المجتمعية أمر ضروري». تساعد أداة «watsonx.governance» الشركات على تبني ممارسات الذكاء الاصطناعي المسؤولة، وإعدادها للتنظيمات العالمية الناشئة.

خريطة طريق للذكاء الاصطناعي

تتجلى الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط في المشروعات التي تتراوح بين التنمية الحضرية المستدامة وابتكارات الذكاء الاصطناعي التوليدية. ومع ذلك، فإن معالجة الحواجز مثل فجوات المهارات وتعقيد البيانات والحوكمة أمر بالغ الأهمية للنمو المستدام. يقول توما: «إن نجاح الذكاء الاصطناعي لا يتعلق بالتكنولوجيا فحسب، بل بتمكين الناس من تسخيرها بشكل فعال». من خلال تعزيز المواهب المحلية وتطوير نماذج مفتوحة المصدر ودمج الذكاء الاصطناعي في الممارسات المستدامة، تساعد «IBM» المنطقة على التنقل في رحلتها نحو الذكاء الاصطناعي بثقة.