دخلت بعثة الأمم المتحدة في العراق، عبر ممثلتها جينين بلاسخارت، على خط الأزمة المتفاقمة بين «التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي» الشيعي، في وقت أدى عشرات الآلاف من أنصار مقتدى الصدر صلاة الجمعة، في ساحة الاحتفالات الكبرى في قلب المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد.
ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت التقت زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في مكتبه في مدينة النجف. وقالت للصحافيين إن اللقاء «كان إيجابيا» وإنها «ناقشت مع الصدر الأزمة السياسية في العراق» من دون مزيد من التفاصيل.
وكانت بلاسخرت التقت أول من أمس رئيس «تحالف الفتح» هادي العامري الذي قال مكتبه في بيان إن البحث «تناول آخر مستجدات الوضع السياسي وسبل معالجة الانسداد الحاصل وضرورة استمرار الحوارات والتفاهمات للوصول إلى نتائج واقعية مقبولة تعتمد الأطر الدستورية». فيما أكدت بلاسخارت «على ضرورة استقرار الوضع السياسي في العراق والوصول إلى حلول مشتركة ترضي جميع الأطراف».
وعلى الرغم من دعوة الحوارالوطني التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ولقيت ترحيبا واسعا من مختلف الأوساط، فضلا عن الترحيب الدولي من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، فإن الصدر وبعد يوم واحدة من دعوة الكاظمي اشترط لإجراء حوار حل البرلمان والتوجه إلى انتخابات مبكرة.
وأمام حشد كبير من الصدريين في المنطقة الخضراء، وجه مهند الموسوي، ممثل الصدر في خطبة الجمعة ، انتقادا لاذعا إلى الطبقة السياسية الشيعية في العراق، قائلا: «العراق أصبح أسير الفساد والفاسدين، ويتصدر قوائم الفساد في العالم بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة والمحاصصة والتقاسم وتردي الخدمات والصحة والتعليم والأمن وغيرها، ووصلت أعداد كبيرة جدا من الشعب العراقي إلى ما دون خط الفقر».
واتهم الموسوي الأحزاب السياسية بالعمل لصالح جهات خارجية قائلا: «تلك الأحزاب خلت من أي رابط من روابط البلد حتى وصل الحال إلى هذه النتائج وخاصة الطبقة السياسية الشيعية التي انعدم الثقة بها وتم رفضها من قبل المرجعية في النجف حتى أغلقت بابها في وجه تلك الطبقة، وأعلنت مرارا أن المجرب لا يُجرب».
وبالتزامن مع لقاء الصدر مع بلاسخارت أعلنت مصادر عراقية مقربة من «الإطار التنسيقي» أفادت بأن لقاء سيجمع الصدرمع كل من زعيم «تحالف الفتح» هادي العامري ورئيس هيئة «الحشد الشعبي» فالح الفياض لبحث الأزمة بين «التيار» و«الإطار».
وعلى الرغم من تباين مواقف الأحزاب السياسية من حراك الصدر، أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تأييده لدعوة الصدر إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. وقال الحلبوسي في تغريدة على «تويتر» إن «مجلس النواب ممثل الشعب، وتلك الجماهير التي احتشدت هي جزء من كيانه وضميره، والتي لا يمكن بأي حال إغفال إرادتها في انتخابات مبكرة التي دعا إليها السيد مقتدى الصدر... نؤيد المضي في انتخابات نيابية ومحلية خلال مدة زمنية متفق عليها للشروع مجدداً بالمسيرة الديمقراطية تحت سقف الدستور والتفاهم بما ينسجم مع المصلحة الوطنية العليا للبلاد».
ويعد تأييد الحلبوسي تحولا مهما على صعيد الموقف السني من هذه الدعوة والمتوقع أن تعزز فرص الصدر في مواجهته مع الإطار التنسيقي.
وكان رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض أعلن أن «قوى الإطار التنسيقي خولت هادي العامري زعيم تحالف الفتح إجراء مفاوضات مع الصدر لكن القرار النهائي يبقى بيد قيادة الإطار التنسيقي». وبخصوص الموقف من دعوة الصدر قال الفياض إن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال وبالتالي لا تملك صلاحية حل البرلمان، مشيرا إلى أن «الإطار التنسيقي لم يتخذ بعد موقفه الرسمي من موضوع إجراء انتخابات برلمانية مبكرة». وأوضح العامري أن «حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة سيكونان حلا في حال اتفاق جميع الكتل والأطراف السياسية الأخرى»، ورأى أن «حل البرلمان قضية كبيرة لا يمكن القبول بها عندما تطرح من قبل جهة واحدة».
وفيما أعلن «تحالف السيادة» السني موقفه المؤيد من دعوة الصدر فإن «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني اعتبر بلسان سكرتيره العام فاضل ميراني أن الدعوة لحل البرلمان ليست مسألة سهلة. وقال ميراني خلال كلمة له أمس الخميس: «جميع الأطراف والقوى السياسية لديها اعتراض على قانون الانتخابات، وإذا لم يكن هناك برلمان فمن سيعدل هذا القانون»؟، مشيرا إلى أنه «ينبغي تشكيل لجنة أو هيئة تشريعية تقوم بتعديل هذا القانون، وتشكل مفوضية جديدة للانتخابات». الخبير القانوني فيصل ريكان قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعوة إلى الانتخابات المبكرة خطوة سليمة وقد تؤدي إلى الإصلاح المنشود في حال توفرت الشروط المطلوبة لذلك». وأوضح أن من بين الشروط «أن تجري وفق أحكام المادة 64 من الدستور التي نصت على أن مجلس النواب يحل بالأغلبية المطلقة أعضاءه بإحدى الحالتين بطلب من ثلث أعضائه وموافقة الأغلبية وبطلب من رئيس مجلس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية». وأضاف: «الدستور لم يتحدث عن نوع الحكومة هل هي حكومة تسيير أعمال أو حكومة كاملة الصلاحيات». وأكد أيضا أن المطلوب «ضمان مشاركة واسعة للجماهير بمختلف انتماءاتهم وميولهم». وأوضح أن «من بين ما يتطلبه إجراء انتخابات هو تعديل قانون الانتخابات وكذلك قانون الأحزاب».
ويرى أستاذ الإعلام في جامعة «أهل البيت» الدكتور غالب الدعمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «عامل الجمهور والضغط الشعبي سيكون هو المحرك الأساسي في كل شيء والإ لما كانت قد استقالت حكومة عادل عبد المهدي ولا تغير قانون الإنتخابات... العملية السياسية قلقة وقادة هذه العملية السياسيون قلقون وليسوا واثقين ولذلك فإنهم يبحثون عن أي فرصة لإنقاذ أنفسهم». وقال: «إني لا أستبعد إقامة انتخابات جديدة كما لا أستبعد عودة نواب التيار الصدري وإن كان ذلك ليس من صالح التيار الصدري ولكن ربما هناك من يبادر إلى ذلك لكون عودة النواب الصدريين قد تكون جزءا من الحل». وأشار إلى أن «الإطار التنسيقي غير متفاعل كليا مع مبادرة الصدر بل هم راغبون بإقصاء التيار الصدري وإبعاده كليا عن ممارسة دوره بأي وسيلة بل حتى مجاراتهم لدعوة الصدر هي ليست حبا به وإنما خشيتهم من انفلات الأوضاع لغير صالحهم».
صلاة جمعة موحدة حاشدة في ساحة الاحتفالات بالمنطقة الخضراء
الأمم المتحدة تدخل على خط الأزمة العراقية... والحلبوسي يؤيد انتخابات مبكرة
صلاة جمعة موحدة حاشدة في ساحة الاحتفالات بالمنطقة الخضراء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة